تواصلت أمس ولليوم الثاني، جهود فرق الإنقاذ المشتركة للغابات، الحماية المدنية، الحظيرة الوطنية للقالة والدرك الوطني، في إخماد الحريق المهول الذي شب بغابات أملاك الدولة بمنطقة عين برقوقاية بين بلديتي أم الطبول والعيون الحدوديتين بولاية الطارف، وهذا تم أشراف الوالي وأعضاء اللجنة الأمنية الذين تابعوا عملية السيطرة على النيران وظروف التكفل بإجلاء وحماية السكان بالجوار، وكذا الوقوف على الإمكانيات المسخرة لإخماد بؤر النيران المشتعلة منذ الخميس الفارط.
وقد واجهت فرق التدخل صعوبات كبيرة في تطويق الحريق بسبب صعوبة التضاريس وبعض المسالك ونقص نقاط المياه، فضلا عن ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة التي زادت من اشتعال الحرائق وانتشار ألسنتها نحو المساحات الأخرى مخلفة وراءها خسائر فادحة في الثروة الغابية والغطاء النباتي المميز والنادر الذي تمتاز به الجهة التابعة للحظيرة الوطنية للقالة ومحمياتها الطبيعية.
و سُجلت عدة حالات إغماء في أوساط أعوان الغابات والحماية المدنية بسبب الدخان الكثيف، حيث تم إسعافهم بعين المكان من قبل الفرق المختصة، علاوة على نجاة أعوان آخرين من الحرائق بعد أن حاصرتهم النيران من كل جهة، كما تم إجلاء عدد من الأشخاص بالجوار بعد وصول النيران لمنازلهم وممتلكاتهم دون وقوع أي خسائر في الأرواح، في الوقت الذي شهدت فيه المنطقة وصول تعزيزات معتبرة من الوسائل للسيطرة على النيران الذي لم تجري عملية إخماده دون انقطاع منذ ما يقارب 3 أيام حسب مصادر مسؤولة من إدارة الغابات، ذكرت أن الوضع تحت السيطرة بعد أن تم إخماد عدة بؤر كانت وراء اتساع رقعة الحريق المهول بغابات عين برقوقاية.
وتسببت النيران في انفجار عشرات الألغام المضادة للأفراد والجماعات والتي تعود للحقبة الإستعمارية وتم غرسها على خط شال موريس الذي يمر بالجهة، ورغم ذلك واصلت فرق التدخل بعزيمة كبيرة وإصرار مهمتها في الحد من انتشار ألسنة اللهب إلى المساحات الغابية المجاورة المعروفة بغطائها النباتي الكثيف،على غرار الصنوبر الحلبي، الفلين والكاليتوس.
وخلف الحريق بحسب مصادرنا، أضرارا كبيرة بعد أن أتت النيران على مساحات من الحظيرة الوطنية للقالة وما تزخر به من تنوع بيئي وإيكولوجي وأصناف الحيوانات النادرة إقليميا منها الأيل البربري والضبع المنقط والثدييات وأصناف الأشجار والغابات التي تنفرد بها المنطقة عن غيرها من المناطق الأخرى وطنيا ودوليا، في حين سجل توافد عشرات المواطنين في هبة تضامنية لمد يد المساعدة لفرق الإنقاذ، خاصة لإحكام السيطرة بالمناطق الوعرة والمواقد القريبة من التجمعات السكانية والطريق الوطني المؤدي لأقصى الحدود الشرقية مع تونس.
إجلاء عائلات بمنطقة لوليجة
وتمكنت صبيحة أمس، فرق الإنقاذ بعد جهود كبيرة دامت لساعات من إخماد الحريق المهول الذي شب بين بلديتي الزيتونة وعين الكرمة الحدوديتين والذي تسبب في خسائر معتبرة بالأملاك الغابية تجاوزت 200 هكتار، إضافة إلى تضرر مساحات معتبرة من الأشجار المثمرة وخلايا النحل ونفوق عدد من رؤوس المواشي والدواجن، خصوصا بمنطقة لوليجة التي كانت المتضرر الأكبر من هذا الحريق الذي وصل إلى السكان بالجوار مما استدعى تدخل أعوان الغابات الذين قاموا بإجلاء 3 عائلات قبل إعادتها إلى منازلها بعد إخماد النيران والاطمئنان على وضعيتهم، في حين تم إسعاف بعض السكان بعد تعرضهم لصعوبة في التنفس والاختناق جراء دخان النيران المشتعلة.
كما عرفت بلدية الزيتونة انفجار حوالي 110 ألغام أخرى مضادة للأفراد والجماعات تم زرعها على خط شال إبان الفترة الاستعمارية، ورغم ذلك واصلت فرق الإنقاذ بحذر شديد إخماد الحريق المهول والسيطرة عليه نهائيا مع إجلاء السكان القريبين من النيران تحت متابعة ميدانية للوالي، إلى جانب تدخل الجيش الوطني الشعبي الذي سجل حضوره القوي بمساهمته الفعالة في مكافحة الحريق وعدد من الحرائق الأخرى والتي كان أهمها الذي شب بالغابات القريبة من محطة توليد الكهرباء بكدية الدراوش ببلدية بالريحان.
وذكر محافظ الغابات بالطارف، مندر ونادة، للنصر يوم أمس، أن الوضع تحت السيطرة بعد أن تمكنت فرق الإنقاذ خلال الـ 24 ساعة الماضية من إخماد 19 حريقا عبر 7 بلديات، منها الذي شب بالزيتونة، وحريق عين برقوقاية الذي تتجه فرق الإنقاذ إلى إخماده نهائيا في غضون الساعات القليلة القادمة. وسُجل أمس، نشوب 3 حرائق بالعصفور وشيحاني، حيث تستمر عملية إطفائها، وذكر محافظ الغابات أن جل الحرائق إجرامية وأودعت بشأنها شكاوى لدى الجهات المعنية التي باشرت تحرياتها.
وقالت مصالح الحماية المدنية أنها جندت كل إمكانياتها للسيطرة على الحرائق أين تم إخماد 16 حريقا عبر نقاط متفرقة من الولاية، أهمها تلك التي شبت ببلديات الزيتونة، عين الكرمة، العيون، أم الطبول، بالريحان، حمام بني صالح، بوقوس وشيحاني، فيما تتدخل على مستوى 5 حرائق تم إطفاء 3 منها نهائيا بينما اثنان في طور الإخماد.
وأمام اتساع رفعة الحرائق بالولاية أرسلت ولاية قالمة قافلة محملة بالمساعدات التضامنية لفائدة العائلات والمناطق المتضررة، خاصة الحدودية منها، فيما أطلق نشطاء وجمعيات على مواقع التواصل الإجتماعي حملات لجمع المساعدات للسكان المتضررين من الحرائق وهي المبادرة التي لاقت تجاوبا كبيرا لدى المواطنين والتجار وكل الفاعلين، فيما تعكف مصالح الغابات على عملية إحصاء الأضرار.
نوري.ح