السبت 21 سبتمبر 2024 الموافق لـ 17 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

الرئيس الفرنسي يستعمل ملف «الحركى» لاستفزاز الجزائريين: العداء للجزائر وقود الحملة الانتخابية لماكرون واليمين


 تتجه العلاقات بين الجزائر وفرنسا نحو مزيد من التعقيد والاحتقان بسبب الاستفزازت الفرنسية المتكررة بشأن ملف الذاكرة، حيث يعتزم البرلمان الفرنسي مناقشة ملف الحركى الذي قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقا الاعتذار لهم وتعويضهم. في الوقت الذي تزايدت فيه التصريحات العدائية الصادرة عن اليمين المتطرف وأغلب المترشحين للرئاسيات الفرنسية حيث يعمد أغلب الباحثين عن مفاتيح قصر الاليزيه إلى استهداف الجزائر.
لم تعمر «عبارات الأسف» التي أعلنها قصر الإليزيه طويلا، أمام رغبة اليمين المتطرف من جهة والرئيس الفرنسي في تعفين العلاقات المتأزمة أصلا بين الجزائر وفرنسا، والتي قد تنحدر إلى مزيد من التعقيد مع مباشرة البرلمان الفرنسي ابتداء من اليوم  مناقشة مشروع قانون “اعتذار” من الحركى، تجسيدا لخطاب إيمانويل ماكرون في 20 سبتمبر بالإليزيه في حضور ممثلين عن الحركى، في محاولة من الرئيس الفرنسي لكسب ورقة انتخابية مسبقة للرئاسيات المقبلة.
وعكس الرغبة التي أعلنها قصر الاليزيه الجمعة الماضية، بشأن رغبة ماكرون في ترميم العلاقات مع الجزائر بعد إعرابه عن «أسفه للجدل وسوء التفاهم»، يسير الرئيس الفرنسي في اتجاه تلغيم ملف الذاكرة بين البلدين من خلال استغلال الملف لأغراض سياسية وانتخابية بدأت بتكريم الحركى والاعتذار لهم، وصولا للمساس بالأمة الجزائرية، مع تراجع جد محتشم قبل أن يعود لملف الحركى الذي اعتاد عدد من مترشحي الإليزيه استعماله كورقة كسب أصوات في الداخل الفرنسي وورقة ضغط واستفزاز في علاقة فرنسا مع الجزائر خارجيا.
ويسعى ماكرون عبر القانون إلى المضي أبعد من أسلافه منذ عهد جاك شيراك، عبر الاعتراف بـ”الدين” تجاه الحركى وعائلاتهم التي عاشت إثر وصولهم إلى فرنسا في “ظروف غير لائقة”. كما يعتبر ماكرون أول رئيس فرنسي طلب “الاعتذار” من الحركى وعائلاتهم، ما يؤكد التوتر الأخير بين باريس والجزائر على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي المثيرة للجدل حول الأمة الجزائرية.
ورُصدت خمسون مليون يورو (أكثر من 56 مليون دولار أمريكي) في مشروع موازنة العام 2022 لصرف التعويضات للحركى. وعلقت الوزيرة المنتدبة المكلفة بشؤون الذاكرة وقدامى المحاربين، جينيفيف داريوسيك، على ظروف حياتهم في فرنسا بعد نهاية حرب التحرير وقالت إنها “صفحة قاتمة لفرنسا”، وأوضحت في تصريحات صحافية أن “نحو نصف الحركيين الجزائريين تم ترحيلهم إلى مخيمات وضِياع” أنشئت خصيصا لهم.
وينص مشروع القانون أيضا على “التعويض” عن هذا الضرر مع مراعاة طول مدة الإقامة في تلك الأماكن. ويشمل التعويض “المقاتلين الحركيين السابقين وزوجاتهم الذين استقبلوا بعد عام 1962 في ظروف غير لائقة، وكذلك أطفالهم الذين جاؤوا معهم أو ولدوا في فرنسا”، وفق ما أوضحت مقررة مشروع القانون باتريسيا ميراليس، المنتمية لحزب الرئيس “الجمهورية إلى الأمام”.
وتجدر الإشارة إلى أنه في أوت 2001 أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن يوم 25 سبتمبر لتكريم الحركى والمتعاونين مع فرنسا. وفي 23 فيفري 2005، صدر قانون في فرنسا ينص على منح اعتراف بـ “الحركى والأقدام السوداء”. كما اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 25 سبتمبر 2016 بـمسؤوليات الحكومات الفرنسية في التخلي عن الحركى، وظروف استقبالهم في المعسكرات في فرنسا.
   ماكرون واليمين في حملة انتخابية وقودها العداء للجزائر
ويبدو أن الرئيس الفرنسي وضع مستقبله الانتخابي على رأس أجندته السياسية حتى لو كان ذلك على حساب مصالح بلاده الدبلوماسية والخارجية، وفق منطق الفوز أولا ثم البحث عن رأب الصدع خارجيا، وهو أمر قد يكون صعب المنال هذه المرة خاصة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا ومن المتوقع أن يزيد هذا القرار في توتر العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا والتي تعيش أسوأ مراحلها.
ولخصت الجريدة الالكترونية “ميديا بارت” الاستقصائية المشهد السياسي في فرنسا وهي تهاجم ماكرون بالقول: “بعد أن خدعه عمى حقيقة النظام، وخيبة أمله لرؤية عقبات غير متوقعة تقف ضد إرادته لطي صفحة الذاكرة، مضللاً بنصيحة خلية دبلوماسية منتشرة في كل مكان، فتح الرئيس للتو مع الجزائر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة”.
ولم يقتصر الخطاب العدواني ضد الجزائر والجالية الجزائرية في فرنسا على الرئيس ماكرون بل تعداه الى كل المترشحين للانتخابات خاصة الوجوه البارزة في التيار اليميني المتشدد، ووصفت إذاعة “فرانس إنتر” ما يحدث بين الفرقاء السياسيين في فرنسا بشأن التعاطي مع الجزائر بـ”الأمر الفظيع”. وكتبت عبر موقعها على الأنترنيت: “اليسار المناهض للاستعمار يرفض زيف الحقيقة التاريخية عن القمع، واليمين يرفض ما يسميه سياسة التوبة التي من شأنها أن تضعفنا”، في معرض تعليقها على موقف ماكرون من الماضي الاستعماري لبلاده.
 وقالت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، في تصريح لإذاعة “فرانس إنفو”، إن الأمور لا تجري كما “يجب” مع الجزائر وأضافت بأنه في مقابل الوضع الحالي “يجب على الجزائر أن تحترم فرنسا” من خلال “احترام القرارات المتخذة بشأن المواطنين الجزائريين الذين لا ترغب فرنسا في وجودهم على أراضيها لأسباب تعود سواء لكونهم غير شرعيين أو لارتكابهم جرائم في فرنسا”.
 وأضافت: “الجزائر دولة عظيمة واجهت صعوبات كبيرة كالإرهاب، وبما أنها دولة عظمى حصلت على استقلالها، فيجب عليها أن تتصرف كأمة عظيمة، وأن تحترم القانون الدولي”. وأضافت لوبان قائلة أنه “في حال قوبلت فرنسا بالرفض فلن تمنح تأشيرات للجزائريين بعد ذلك بتاتا، وليس فقط اللجوء إلى تقليص عددها إلى النصف كما فعلت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون”. وتابعت: “لن تكون هناك تحويلات مالية من قبل الخواص باتجاه الجزائر في حال استمرت هذه الأخيرة في رفض استعادة مواطنيها غير المرغوب بهم في فرنسا”.
من جانبه قال كزافييه برتراند، المرشح اليميني للرئاسيات الفرنسية، إنه في حال فوزه بكرسي الإليزيه سيقوم بقطع العلاقات مع الجزائر. وبحسب ما صرحه كزافييه برتراند، خلال ظهوره في برنامج المناظرة الكبيرة على القناة الفرنسية lci فإن فرنسا لم تعد تُحترم من قبل الجزائر. وقال “لم يعد القادة الجزائريون يحترموننا. والدليل أنهم منعونا من التحليق فوق أجوائهم للوصول إلى منطقة الساحل “.
وأضاف كزافييه “إذا أصر القادة الجزائريون، فإنني أنوي في حالة فوزي بالرئاسيات التراجع عن الاتفاقات الثنائية لعام 1968. والتي تمنح الجزائريين المزيد من التسهيلات في الحصول على تصاريح الإقامة وحرية التنقل في فرنسا. ويواصل كزافييه القول “لن أكون رئيس جمهورية تائبًا، أقول ذلك بوضوح شديد. لن أطلب الاعتذار عن جرائم فرنسا مثلما وعد به ماكرون”. قبل ذلك، هاجم اليميني المتطرف اريك زمور الجزائر. ورد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال مقابلة أجراها مع اسبوعية دير شبيغل الألمانية، على تصريحات الرئيس الفرنسي، حيث أكد أن ما صرح به الرئيس ماكرون خطير جدا. حيث شكك في تاريخ وجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي. وقال الرئيس تبون “لانقبل المساس بتاريخ شعب ولن نسمح بأن يهان الجزائريون”.
وقررت الجزائر عقب تلك التصريحات استدعاء سفيرها بفرنسا للتشاور وحظرت تحليق الطائرات الفرنسية في الأجواء الجزائرية في إطار عملية “برخان” في الساحل. وأكدت الجزائر على لسان وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن اعتراف فرنسا بجرائمها مطلب لا يمكن التراجع عنه، كون “الجرائم المرتكبة في حق الجزائريين إبان حقبة الاحتلال جرائم ضد الإنسانية وبمفهوم القانون الدولي جرائم ثابتة قائمة ولا تسقط بالتقادم.”   ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com