قامت مجموعة من أحفاد الجزائريين المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة بزيارة إلى ولاية قالمة مساء الأربعاء، لتعقب تاريخ هؤلاء الأبطال و البحث عن أحفادهم عبر الوطن، لإحياء الذاكرة الوطنية و تاريخ المقاومة، و تسليط الضوء على الحقب و الصفحات المنسية من تاريخ الأمة الجزائرية العريقة، التي تعرضت للاحتلال و جرائم ضد الإنسانية على مر الزمن.
الزيارة التي قادها المجاهد حسان بلعربي المدعو حسن آيت وعراب أويحيى رئيس الجمعية الوطنية لأحفاد المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة سنة 1874 كانت إلى بلدية بني مزلين الواقعة شرقي قالمة، حيث موطن أحد الأجداد الفارين من منافي كاليدونيا البعيدة، محمد أمزيان بن حداد، الذي قطع البر و البحر على مسافة 44 ألف كلم و عبر دولا و مجتمعات بشرية كثيرة قبل الوصول إلى الجزائر عن طريق البحر بين ليبيا و تونس ثم برا إلى الجزائر، و حط الرحال بمنطقة بني مزلين، و بالتحديد بجبال العادر و قلعة فيالة التاريخية، متخفيا بهوية أخرى حتى لا يقع بين أيدي العدو الفرنسي.
و بموطنه الجديد اشترى الأراضي و صارت له ذرية مازالت تعيش بالمنطقة إلى اليوم و بألقاب مختلفة، و عندما اندلعت ثورة التحرير المقدسة كان أحفاد الشيخ الحداد بقالمة في مقدمة المجاهدين، و سقط الكثير منهم في معارك ضارية، بينها معركة قلعة فيالة الشهيرة.
و قال رئس الجمعية الوطنية لأحفاد المنفيين إلى كاليدونيا للنصر، بأن ما اكتشفه بقالمة من معلومات حول الأجداد القدامى العائدين من المنافي البعيدة يعد مكسبا كبيرا للذاكرة الوطنية، مؤكدا بأن الجمعية تزداد قوة و عددا بمرور الزمن، حيث يلتحق بها المزيد من الأحفاد الذين يسعون إلى إحياء الذاكرة المنسية، و ربط الأجيال بماضيها التاريخي بكل تفاصيله و أحداثه و مراحله.
و توجد اليوم مساحات واسعة من الأراضي التي اشتراها البطل الجزائري الهارب من منافي كاليدونيا الجديدة، ببلدية بني مزلين شرقي قالمة، بعضها حوله إلى وقف بينها زاوية الشيخ الحفناوى بديار بقرية الناظور الواقعة جنوبي بلدية بني مزلين.
و شارك في زيارة الاستكشاف ما لا يقل عن 7 أحفاد بينهم امرأة، من عائلات بلعربي من ولاية تيزي وزو، و بوفناش من ولاية قسنطينة، و لعمايرية من ولاية قالمة، مؤكدين للنصر بأن هدفهم الأول هو لم شمل أحفاد المنفيين الجزائريين إلى كاليدونيا، و إحياء الذاكرة الوطنية، و ربط الأجيال بماضيها البعيد.
و وجه رئيس الجمعية حسان بلعربي من قالمة، نداء إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتسليط الضوء على تاريخ الجزائريين المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة، و ربط الاتصال الوثيق بأبنائهم و أحفادهم الذين يعيشون اليوم بكاليدونيا الجديدة، و منحهم جوازات سفر جزائرية و تمكينهم من زيارة وطن أجدادهم، و تشجيع الجزائريين على زيارة كاليدونيا الجديدة للتعرف عن هؤلاء الأبناء و الأحفاد الذين أبعدتهم الجغرافيا و التاريخ الجائر عن موطنهم، لكنهم مازالوا يتوقون إليه.
و قال حسان بلعربي، بأنه اكتشف الكثير من تاريخ الجزائر المنسي عندما زار كاليدونيا سنة 2016 و بقي هناك في ضيافة أحفاذ الشيخ الحداد أياما طويلة، يزور المعتقلات و الزنزانات الرهيبة، و ينتقل بين مدينة و قرية، و من بيت إلى بيت و من أسرة إلى أخرى مرحبا به أين ما حل، و كأنه بين ذويه و أهله هنا في الجزائر.
فريد.غ