أجمع سفراء وممثلو بعثات دبلوماسية من 15 دولة إفريقية، أمس بوهران، أن للجزائر دورا محوريا في القارة السمراء على جميع الأصعدة منها المجال الاقتصادي والتجاري، وأن مجهودات الجزائر في هذا الإطار من مشاريع على غرار طريق الوحدة الإفريقية وخط السكة الحديدية و فتح خطوط جوية ورحلات بحرية وغيرها من الإنجازات لتشجيع المبادلات البينية وخاصة مساعيها من أجل سوق حرة إفريقية، تجعلهم يتفقون بأن مستقبل القارة السمراء لا يبنى إلا مع الجزائر.
و أكدت سعيدة نغزة رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، أن الصالون الإفريقي للأعمال هو إنجاز آخر يأتي للتعريف بمنتوجات والإمكانيات الوطنية ، وهو فرصة لاكتشاف سبل التعاون مع الشركاء الاقتصاديين الأفارقة، لأن المبادلات الحالية بينهم تعد جد ضعيفة، مشيرة أن موعد الصالون يأتي متزامنا والسياسة المنتهجة من طرف الحكومة طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية الرامية لتشجيع الاستثمار والتعاون مع الشركاء الأفارقة، حيث «أن الدولة الجزائرية عازمة على الرفع من مستوى المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية، وأن تجسيد هذه التوجيهات بدءا بفتح خط بحري مع موريتانيا وفتح خطوط جوية مع عدة دول إفريقية، وكذا الإسراع في وتيرة إنجاز طريق الوحدة الإفريقية».
وأكدت المتحدثة أنه يوجد عدة مجالات للتعاون والتكامل بين الأفارقة يجب استغلالها مثل الصناعات التحويلية للمنتجات الفلاحية والصناعة الصيدلانية بالإضافة للإلكترونية والكهرومنزلية والسياحة والبناء وغيرها، وقالت أيضا إنه يجب إعادة النظر في الإجراءات المصرفية و الجبائية لجعل السوق الوطنية أكثر استقطابا للمستثمرين الأجانب وتشجيع رجال الأعمال الوطنيين ومرافقتهم في ولوج السوق الإفريقية.
وفي مستهل كلمته، أشاد سفير كوتديفوار بالجزائر و التزامها بالقضايا الإفريقية مؤكدا أن الجزائر لها تاريخ كبير وأن مستقبل إفريقيا يبنى مع الجزائر، كما استعرض كل القدرات ومقومات بلاده ، والتي تبقى مبادلاتها مع الجزائر لا تتعدى 0,5 بالمائة، وهنا دعا السفير الإيفواري لضرورة العمل والسعي بقوة لتطوير هذه المبادلات بين البلدين وسد الهوة الكبيرة في هذا المجال، مشيرا أن بلاده تعتمد على دعم الجزائر لسد هذا التباين، مبرزا في حديثه قدرات بلاده الجغرافية والإستراتيجية والموارد الطبيعية الممكن استغلالها لتطوير استثمارات ثنائية مع الجزائر ومع دول إفريقية أخرى.
و أكد أن أنه حان الوقت للتغيير والتوقف عن تصدير المواد الأولية لأوروبا ثم استيرادها مصنعة، مما «أنهك قدرات الكثير من الدول الإفريقية»، وهي استراتيجية يلمسها، مثل ما قال، في التوجيهات السياسية التي يتبناها رجال الأعمال الجزائريين ، أي الاعتماد على التصنيع وتصدير مواد جاهزة وهذا ما يساعد، حسبه، الأفارقة على تشجيع المبادلات البينية، ولكن يجب، «وجود سوق ومستهلك مناسب ومنشآت قاعدية مواكبة».من جهته، حرص سفير الكاميرون بالجزائر على التذكير بأهمية منطقة التبادل الحرة الإفريقية التي قال إنها تحتاج لإرادة سياسية قوية وتنسيق بين الدول الإفريقية وإنجاز مشاريع مشتركة وإعادة النظر في القوانين والتشريعات الصناعية والتجارية وغيرها من الإجراءات التي من شأنها، كما قال، تفعيل وترقية منطقة التبادل الحر الإفريقية. واعتبر، ذات المتحدث، أن الصالون فرصة تمنحها الجزائر للأفارقة ولخلق سوق إفريقية مشتركة حقيقية لتطور وتنمية إفريقيا بالاعتماد على الصناعة و الاقتصاد من أجل تقوية إمكانياتها التنموية وتقوية الاستثمارات والعمل على تطوير تبادلات تجارية مشتركة، وهذا لخلق سياسة إفريقية مشتركة للتنمية والتطور من شأنها مساعدة دول القارة على الدفاع عن الاهتمامات المشتركة في المحافل الدولية والتحدث بصوت واحد.و أضاف أن السوق الإفريقية حاليا متكونة من قطبين أساسيين، أولها القطب المهيمن والناشئ الذي يعتمد على إنتاج المواد المصنعة ذات القيمة المضافة وقاعدته الصناعية في طريق التطور ومنشآت وهياكل قيد العصرنة، وهو القطب الذي تنتمي إليه الدول المغاربية وجنوب إفريقيا وبعض الدول الإفريقية، أما القطب الثاني، حسبه، فهو مصدر المواد الأولية ويصدر مواد نصف مصنعة والمنتوج الريعي، ويشمل هذا القطب، يضيف، دول جنوب الصحراء، داعيا الأفارقة لرص الصفوف والتضامن بينهم من أجل تطوير المبادلات البينية ورفع الكثير من العراقيل والقيود عن السوق الإفريقية لتقليص الهوة بين القطبين أيضا، وهذا يكون وفق المتحدث، بتطوير المنشآت القاعدية وبمطابقة التشريعات الجمركية بينهم وكذا مطابقة عمليات المبادلات.
وذكر سفير الكاميرون أنه يوجد 237 موقعا إفريقيا للتبادل التجاري فيه إعفاءات ضريبية وجمركية وتسهيلات في الإجراءات الإدارية، هدفها استقطاب المستثمرين الأجانب وخلق مناصب عمل بتطوير نشاطات جانبية، وأن الاتحاد الإفريقي قسم القارة إلى عدة تجمعات جهوية منذ أكثر من 50 سنة، ولكن هذه التجمعات تطورت بصفة فردية مما لم يسمح بخلق تنسيق وانسجام بينهم.
للتذكير، انطلقت أمس فعاليات الطبعة الأولى «للصالون الإفريقي للأعمال» في فندق الميريديان بوهران، والذي يلتقي فيه المتعاملون الاقتصاديون الجزائريون بنظرائهم من 13 دولة إفريقية، تحت رعاية وزارة التجارة وترقية الصادرات، و تشرف على تنظيمه «الكنفيدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية» بالتعاون مع وكالة «ياسين للإنتاج»، حيث سيناقش المشاركون على مدى ثلاثة أيام مواضيع اقتصادية.
بن ودان خيرة