أعلن أمس 23 عالما جزائريا أعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تعليق عضويتهم فيه إلى حين انعقاد المؤتمر القادم، و قرروا عدم المشاركة في أي نشاط تحت رئاسة أحمد الريسوني إلا إذا أعفي من رئاسة الاتحاد إما بالاستقالة أو الإقالة.
وجاء هذا القرار تبعا للتصريحات المعادية للجزائر الصادرة عن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، والانحراف الخطير الذي بدر منه تجاه الجزائر وموريتانيا أيضا، و حمل بيان العلماء الجزائريين المنخرطين في الاتحاد أمس توقيع 23 عالما، منهم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الرزاق قسوم و الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم وعضو مجلس الأمة حاليا أبوجرة سلطاني، و آخرين.
وقد قرر هؤلاء تعليق عضويتهم في الاتحاد إلى حين انعقاد مؤتمره القادم، وعدم المشاركة في أي نشاط له مادام تحت رئاسة الريسوني إلى غاية إعفائه من الرئاسة إما بالاستقالة أو الإقالة.
وحرص العلماء الجزائريون في بيانهم على توضيح الأسباب التي جعلتهم يتخذون هذا القرار، فقالوا إن ما أدلى به الريسوني من تصريحات تجاوزت روابط الإخاء التي تفرضها الشريعة الإسلامية بموجب الكتاب والسنة، وعبروا عن تفاجئهم من انسياقه في حديث يضفي فيه المشروعية على حرب مشتعلة بين المسلمين ، ويبيح بذلك الإغارة على الأراضي واستحلال الدماء و الأرواح، وراح يغوص في قضايا غائرة في التاريخ والجغرافيا، من شأنها إغارة الصدور وتفتيت وحدة الأمة.
ويضيف البيان بأنه كان حريا بالريسوني- وهو الذي يشغل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي طالما نظر لتحصين الأمة دينا ونفسا وعرضا ومالا- كان حريا به أن لا ينصهر في بوتقة الصراع السياسي الضيق، أو الاصطفاف في مشروع التوسع الجغرافي لمملكة بلاده، فمقامه يقتضي منه أن ينظر في القضايا المصيرية الكبرى من زاوية العالم الرباني الذي يجمع ولا يفرق يبني ولا يهدم.
وسجل العلماء الجزائريون أن ما آلمهم أكثر هو أن الريسوني رضي لنفسه أن ينخرط في تلك الرؤية الضيقة ويتجاوز السياسيين أنفسهم بتصريحاته غير الموفقة، ويتحول إلى ناطق بلسان سلطة بلاده بدل أن ينظر إلى منصبه كمتحدث باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لافتين إلى أنه يتعذر الفصل بين الصفة الشخصية والصفة الرئاسية في المناصب الكبرى، بل إن ذلك موهم و ملبس وكثيرا ما يستعمل لإيهام الرأي العام أن المتحدث وبحكم منصبه المرموق على حق وصواب.
كما يوضح البيان سالف الذكر أن علماء و دعاة الجزائر في الاتحاد تحلوا بمبدأ ضبط النفس على أمل أن يتراجع المعني عن خطئه الفادح، ويقدم اعتذاره إلى الشعبين الجزائري والموريتاني، لكن للأسف جاءت توضيحاته كلها لتؤكد انخراطه التام في أطروحة الصراع السياسي التي يتبناها نظام بلاده.
كما علقوا الأمل على أن يؤثر أعضاء في قيادة الاتحاد على الرئيس لتدارك الأمر لكنهم اصطدموا بتصلبه وإصراره على جوهر مواقفه كما جاء في البيان التوضيحي له.
وأمام هذا التعصب من الريسوني و تخندقه الضيق في الصراع القطري ينبه علماء الجزائر ودعاتها من أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن الأخوة بين الشعبين الجزائري و المغربي تبقى أقوى من أن تهزها عواصف عابرة أو تصريحات آنية أو مواقف غير مسؤولة، وذلك لعمق الروابط بين الشعبين القائمة على وحدة العقيدة والتاريخ المشترك وحق الجوار والأخوة الإسلامية.
كما حرصوا على التذكير بالمبادئ الثابتة في القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي وفي ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية من قبله، التي تنص على احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال ومنع اللجوء إلى القوة أو التهديد باستخدامها من الدول الأعضاء والعمل على مبدأ التعايش السلمي.
ودعوا في الأخير إلى ضرورة الحفاظ على الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كمؤسسة علمائية عالمية منافحة عن العقيدة الإسلامية بنقائها، وخادمة للشريعة الإسلامية بشمولها، وأن ينأى الاتحاد بنفسه عن جميع الصراعات الهامشية والاصطفافات القطرية الضيقة.
ونشير فقط أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كانت قد قررت قبل أيام قليلة تجميد نشاطها في الاتحاد العالمي إلى غاية تنحية الريسوني من
منصبه. إ-ب