* نحو رفع المبادلات مع تركيا إلى 10 مليار دولار * اتفاق الرئيسين تبون وأردوغان على فتح الاستثمار في ميادين جديدة * 36 مليار دولار استثمارات صينية في الجزائر * تسريع وتيرة المشاريع القطرية ببلادنا
أكدت الجولة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الأسبوع الماضي، إلى قطر، ثم الصين وأخيرا تركيا، عودة الجزائر إلى الساحة الدولية كلاعب إقليمي وحليف استراتيجي في مجال الأمن الطاقوي والاستقرار في إفريقيا، كما عكست توجه الجزائر نحو الانضمام إلى تجمعات إقليمية جديدة وهي منظمة شنغهاي بالإضافة إلى مجموعة بريكس وكسر محاولات فرض الهيمنة والاستقطاب الدولي.
أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر تتقدم بثبات لتحقيق تفوق على مستوى القارة الأفريقية في المجالات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، وهو التقدم الذي عكسته الزيارات التاريخية التي قام بها الرئيس تبون والتي شملت 3 دول تصنف من بين أهم الشركاء الاستراتيجيين بالنسبة للجزائر، من حيث قيمة الاستثمارات المشتركة اقتصاديا وتوافق المواقف سياسيا، إضافة إلى التقارب الكبير بشأن عديد الملفات المطروحة على الساحة الدولية.
وتعكس زيارات الرئيس تبون بوضوح توجه الجزائر نحو شراكات مبنية على الثقة السياسية مع الدول الثلاث، حيث تعد هذه الدول «الأكثر استعداداً للمساعدة في تنفيذ مخطط التنمية الذي أقره الرئيس تبون، خاصة وأن الرئيس وصف الدول الثلاث، قطر وتركيا والصين، بأنها بلدان صديقة، إضافة إلى دولتين في الضفة الشمالية للمتوسط هما إيطاليا والبرتغال، وتعتبرهما الجزائر نافذتين مفتوحتين على الغرب، لتسويق موارد الطاقة.
وأظهرت الزيارات التي قام بها الرئيس تبون، رغبة الجزائر في الانخراط ضمن التكتلات الاقتصادية الجديدة، والتي اعتبرها الرئيس بأنها «مهمة لتحقيق التوازن»، موضحاً «نحن نناضل مع الصين منذ سنوات من أجل عالم متعدد الأقطاب، أكثر عدالة، ومساعدات أكبر للدول الفقيرة، وإصلاح المؤسسات الدولية التي لم تعد تؤدي دورها، كصندوق النقد والبنك الدوليين».
التأسيس لمرحلة جديدة في العلاقات مع تركيا
وأنهى الرئيس تبون، السبت الماضي، جولته التي كانت الأطول منذ توليه سدة الحكم، من تركيا حيث أعرب رئيس الجمهورية ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بإسطنبول ، عن ارتياحهما لمستوى العلاقات بين البلدين.
وخلال المحادثات بين الرئيسين التي جرت بحضور وزيري خارجية البلدين، أعرب الرئيسان عن ارتياحهما لمستوى العلاقات التي وصل إليها البلدان لاسيما على الصعيد الاقتصادي حيث بلغت المبادلات التجارية بين البلدين 5 مليار دولار فيما بلغ حجم الاستثمارات التركية بالجزائر 6 مليار دولار، ويسعى الطرفان لرفعها إلى 10 مليار دولار على المدى المتوسط .
ولتقوية الشراكة بين الجزائر وتركيا ، اتفق الرئيسان على فتح مجال الاستثمار في ميادين جديدة وهو ما من شأنه أن يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين خاصة مع إعادة انتخاب السيد رجب طيب أردوغان رئيسا لجمهورية تركيا الشقيقة لعهدة رئاسية جديدة. وخلال محادثاتهما، وجه الرئيسان وزيرا خارجية البلدين بعقد اجتماع في أقرب الآجال لتحديد الأولويات التي تم الاتفاق عليها وتحضير قمة تجمع بين الرئيسين قريبا من أجل تحديد البرنامج الجديد للتعاون بين البلدين الشقيقين . وخلال هذا اللقاء شكر الرئيس التركي أخاه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون نظير الدور الذي اضطلع به للحفاظ على نوعية العلاقات العربية التركية.
استثمارات مع الصين تصل إلى الفضاء
قبل ذلك ، زار رئيس الجمهورية، بكين و هي الزيارة التي دامت 5 أيام، حيث كشف الرئيس تبون على أن الصين ستستثمر 36 مليار دولار في الجزائر. ولفت إلى أن الجزائر تعمل على إقامة مشاريع مشتركة مع الصين في كل الميادين، بالإضافة إلى إقامة مشاريع في مجال السكك الحديدية والمناجم. وأفاد الرئيس تبون أن قانون الاستثمار الجديد في الجزائر يفتح آفاقاً واسعة لكل المستثمرين، مشيراً إلى أن الجزائر تتطلع إلى شراكة جزائرية صينية في مجال الفضاء.
واعتبر تبون، أن الجزائر «تُعد وجهة استثمارية واعدة في ميادين حيوية، وهذا بفضل المزايا التي تتمتع بها». وأضاف: «الجزائر تتمتع اليوم بمزايا عديدة تجعل منها وجهة استثمارية واعدة، بفضل القرارات والإجراءات التي باشرناها لتحرير المبادرة وفسح المجال أمام المنافسة، في ميادين حيوية مثل الزراعة والطاقة والصناعات الغذائية والصيدلانية، وكذا السياحة والمواصلات وقطاع الخدمات والطاقات المتجددة والمنشآت التحتية «. وأضاف تبون أن الجزائر «تواصل تطوير قطاع الطاقة من خلال عمليات الاستكشاف وإنتاج البترول والغاز، وتعمل على تثمين واستغلال قدراتها في القطاع المنجمي، بتوفير مناخ استثماري محفز قائم على النجاعة والتنافسية الاقتصادية، عبر تشجيع المقاولاتية واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة وإصلاح المنظومة المصرفية والمالية». وحثّ الرئيس تبون، رجال الأعمال من البلدين على تنسيق التعاون عبر مجلس رجال الأعمال الجزائري – الصيني الذي أُنشئ في مارس الماضي لـ»تحقيق شراكات واستثمارات متبادلة ومنتجة للثروة».
وفي اليوم الأخير له في الصين، زار تبون مؤسسة «بي واي دي» المختصة بصناعة السيارات الكهربائية بمدينة شينزن جنوبي الصين. ودعا تبون خلال لقائه مسؤولي الشركة الصينية إلى الاستثمار في الجزائر، مبدياً استعداده «لتوفير التسهيلات للانطلاق في مشروع استثماري مماثل في الجزائر، بحكم مزايا عديدة تمنح للمستثمرين الأجانب بمن في ذلك مصنعو السيارات». وأضاف أن الجزائر «مؤهلة لأن تكون قطباً لصناعة السيارات، لاسيما وأن موقعها استراتيجي بالنسبة لأفريقيا وقربها من أوروبا». كما زار الرئيس تبون المؤسسة الصينية العملاقة في مجال التكنولوجيات الحديثة «هواوي»، واستمع لعرض عن تكنولوجيا الشركة. وحث الرئيس تبون، الشركة على الاستثمار في الجزائر، مشيراً إلى الاهتمام بمسار الرقمنة الذي باشرته الجزائر منذ 2019 في كافة القطاعات.
وتم خلال الزيارة التوقيع بين الجزائر والصين على حزمة اتفاقات حكومية، بلغ عددها 19 في عدة قطاعات حيوية، كالنقل والسكك الحديدية والمناجم والطاقة والهيدروجين والفضاء ونقل التكنولوجيا، إضافة إلى 12 اتفاقية بين الشركات والمؤسسات الجزائرية ونظيرتها الصينية، كإقامة مصنع للمواد الأولية التي تدخل في صناعة الأنسولين، ومصنع للسيارات الصينية في الجزائر، ومصنع لبطاريات الليثيوم.
الجزائر تطلب الانضمام إلى بنك شنغهاي كمساهم
وأعلن رئيس الجمهورية، بأن الجزائر تقدمت بطلب للانضمام إلى بنك شنغهاي، كبلد مساهم، بقيمة مليار ونصف المليار دولار. وقال الرئيس تبون في حوار للقناة الرسمية الصينية: «طلبنا رسمياً الانضمام إلى بنك البريكس (شنغهاي)، وقد راسلنا السيدة المديرة الرئيسة السابقة للبرازيل، للانضمام كمساهمين إلى بنك بريكس بمقدار مليار ونصف مليار دولار»، مشيراً إلى أن الطلب الجزائري يهدف لتحقيق توازن في النظام الاقتصادي العالمي.
وأكد خبراء أن انضمام الجزائر إلى تكتل البريكس يعتبر فرصة كبيرة لتعزيز النمو الإقتصادي والتموقع على الصعيد الدولي. وأوضح المحلل الإقتصادي جلول سلامة في تصريح إذاعي، أن «دور الجزائر بالنسبة لروسيا والصين كقوتين اقتصاديتين عالميتين صانعتين للقطبية الجديدة، يعتبر مهما، نظرا للدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به في هذه المعادلة». كما أضاف المتحدث ذاته أن «الجزائر تملك القدرات التي تجعل منها كاملة العضوية في البريكس».
من جهته يرى المحلل السياسي حسام حمزة أن «إلحاح الخطاب الرسمي الجزائري وتكرار مطلب الانضمام إلى البريكس على لسان رئيس الجمهورية هو تأكيد على النية الراسخة للجزائر في أن تكون عضوا في هذا التكتل وبأنها تعمل من أجل الاستجابة للشروط التي تجعلها عضوا في هذا التكتل».
ويؤكد الخبراء، بأن الانضمام إلى البريكس مطلب إقتصادي تسبقه توافقات جزائرية صينية روسية جيو سياسية، كما أنه سيسمح للجزائر مستقبلا الإستفادة من الميزات التجارية والأنظمة المالية والنقدية العالمية خلال السنوات المقبلة في ظل توفر إرادة قوية للجزائر في تعزيز قدراتها الطاقوية وتنويع تواجدها في أسواق إفريقيا والعالم.
وكانت دولة قطر، المحطة الأولى في الجولة التي قام بها الرئيس تبون، للتأكيد على العلاقات الإستراتيجية والأخوية التي تربط البلدين، خاصة في الشق الاقتصادي الذي شهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، لاسيما مع توسع الاستثمارات القطرية بالجزائر، على غرار إنشاء المستشفى الجزائري ـ القطري ـ الألماني وكذلك الدخول إلى أسواق إنتاج الحليب، وكذا توسيع نشاط الشركة الجزائرية ـ القطرية للحديد والصلب بالمنطقة الصناعية بلارة. وبذلك انتقلت العلاقات الجزائرية - القطرية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، خاصة بعد أن فتحت الجزائر أبوابها أمام عدد من الاستثمارات من الدوحة أهمها في قطاع الغاز والنفط. وتم الاتفاق على تسريع وتيرة انجاز المشاريع الاستثمارية القطرية بالجزائر.
ع سمير