بث التلفزيون العمومي الخميس الماضي وثائقيا خاصا حول الزيارات الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى كل من قطر والصين وتركيا، حيث تطرق إلى المحطات الهامة في هذه الزيارات، كما تم تسليط الضوء على أهم تصريحات الرئيس بالمناسبة، فيما حمل الوثائقي تأكيدا على أهمية هذه الجولة الدبلوماسية الأطول للرئيس تبون منذ توليه سدة الحكم، و التي كللت بنجاح باهر على جميع الأصعدة و كذا تعزيز العلاقات السياسية و الاقتصادية.
تطرق التلفزيون العمومي في الوثائقي، بداية إلى زيارة رئيس الجمهورية إلى قطر، مؤكدا أنه و برؤية متبصرة وهمة عالية ضبط رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بوصلة جولته الدبلوماسية الأطول منذ توليه منصبه إلى دول شقيقة وصديقة رفقة وفد وزاري هام، حيث توافقت في هذه الجولة المواقف مع المصالح و امتزج الاقتصاد فيها بالسياسة.
رئيس الجمهورية أسس لعلاقات متينة مع دولة قطر
و تمت الإشارة إلى الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها رئيس الجمهورية من قبل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بمطار الدوحة، حيث "تؤكد هذه الحفاوة الكبيرة عمق وقوة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين، كما أبان هذا الاستقبال عن حجم الود والتقدير الذي يكنهما قائدا البلدين لبعضهما البعض".
و أوضح الإعلامي جلال بوعاتي، خلال هذا الوثائقي، أن بين الجزائر وقطر علاقات شراكة مهمة أسس لها الرئيس تبون منذ مجيئه الى الحكم في 2019 ، حيث اعتمد سياسة المحاور التي تقوم على تنمية العلاقات في المنطقة و أضاف أن الجزائر وقطر تربطهما عدة اتفاقيات هي الآن في طور التجسيد. كما ذّكر التلفزيون العمومي، بأن جلسة العمل، أثمرت بيانا ختاميا مشتركا كان البارز فيه التعبير عن بالغ الارتياح لمستوى التشاور والتنسيق بين البلدين وتجديد العهد على تعزيز التعاون في شتى المجالات مع التأكيد على التوافق التام حول مختلف الملفات الدولية والإقليمية ، و لفت الوثائقي أيضا ، إلى أنه وعلى هامش الزيارة استقبل رئيس الجمهورية، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاستثمار القابضة لدولة قطر معتز الخياط وهو اللقاء الذي تم فيه تشريح واقع الاستثمار، ليغادر الرئيس دولة قطر بعد توديع أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي عبر عن سروره بالزيارة عبر تغريدة له في حسابه بتوتير.
بروز الرئيس تبون كشخصية مؤثرة عالميا
ومن قطر شدّ رئيس الجمهورية الرحال إلى جمهورية الصين الشعبية الشريك الاقتصادي الأول للجزائر، و قد أوضح الإعلامي جلال بوعاتي ، أن الصين تعتبر عاصمة عالمية وقطبا اقتصاديا عالميا يحتاج إلى تنويع شركائه في كل القارات، وأضاف أن الجزائر التي تعتبر بوابة إفريقيا وقوة اقتصادية نامية في المنطقة المتوسطية والعربية والإفريقية تحتاج أيضا إلى تعزيز هذا المحور الذي يربط الجزائر ببكين منذ عقود.
وأفاد التلفزيون أن وجهة رئيس الجمهورية شدّت اهتمام المتابعين قبل أن تطأ قدما الرئيس بلاد ماو تسي تونع ليتضاعف الانتباه عقب الاستقبال الحار الذي خص به رئيس الجمهورية من طرف نظيره الصيني شي جين بينغ بقصر الشعب، مبرزا مراسم الاستقبال المهيبة التي صاحبها 21 طلقة مدفعية ترحيبا برئيس الجمهورية.
و أكد، هدير محمد، أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة، في تدخل له ضمن هذا الوثائقي، ظهور صورة رئيس الجمهورية كشخصية مؤثرة عالميا والدليل على ذلك " حفاوة الاستقبال التي حظي بها رئيس الجمهورية منذ الوصول إلى استقباله من طرف الرئيس الصيني باعتباره شخصية مرموقة ومؤثرة ولها توجهات فكرية تخدم المصلحة الوطنية والمصلحة العالمية"، مشيرا إلى أن وجود الأطفال خلال عزف نشيد جزائرنا ، يعطي لنا الرابطة التاريخية والثقافية التي تربط الصين تاريخيا بتأسيس الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية.
كما أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية زهير بوعمامة في تصريحه، أن الجزائر بالنسبة إلى بيكين، الآن الدولة المحورية في كل المنطقة والدولة التي لا غنى عنها بالنسبة للصين وهي تنطلق في تطبيق استراتيجية إعادة انتشار دبلوماسي واستراتيجي في العالم منذ سنوات قليلة، وأضاف "لا شك أن هذا الأمر يعود إلى أن الصينيين يدركون أن البلد لديه كل مقومات الريادة الإقليمية".
ونقل وثائقي التلفزيون تصريحات رئيس الجمهورية، لافتا أن الزيارة إلى الصين تأتي بعد أشهر قليلة من التوقيع نهاية السنة الماضية على خطط هامة تؤطر التعاون الثنائي وتعكس مدى الحرص على تعميق العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين، منوها بعمق الأواصر التي تربط البلدين.
اتفاقيات هامة و تعزيز للعلاقات الاقتصادية مع الصين
وتجلت الإرادة القوية بين البلدين، حسب ما أشار إليه الوثائقي، في التوقيع على 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم، كما تم الكشف عن اتفاقيات ونوايا لعقد اتفاقات أخرى خلال المحادثات الثنائية بين الرئيسين، ومنها إبداء الصين اهتمامها بخط السكك الحديدية غار جبيلات بشار وخط السكك الحديدية لنقل الفوسفات، وكذا الاتفاق على توسيع ميناء عنابة، كما أعلنت بكين اهتمامها بإقامة أحد أكبر مصانعها لبطاريات الليتيوم بالجزائر، وكان لافتا أيضا اتفاق القيادتين على فتح السوق الصينية أمام المنتوج الجزائري ما يتيح آفاقا واسعة للمستثمرين الجزائريين، كما تم الاتفاق على تعميق التعاون في مجال الدفاع والتأكيد على مساندة الصين المطلقة لعضوية الجزائر في منظمة "بريكس".
وسلط الوثائقي الضوء، على ثالث أيام الزيارة، حيث التقى رئيس الجمهورية، بكل من رئيس مجلس الدولة ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الصيني، وأعقب اللقاء وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لأبطال الشعب ليفسح الرئيس المجال بعدها أمام الوفد الوزاري المرافق له للإشراف على منتدى الأعمال الجزائري الصيني الذي حضره أزيد من 300 رجل أعمال وممثل شركة قرأ فيها وزير الخارجية أحمد عطاف رسالة رئيس الجمهورية والتي أكد فيها أن " الجزائر تتمتع اليوم بمزايا عديدة جعلت منها وجهة استثمارية واعدة في ميادين حيوية مثل الزراعة والطاقة والصناعات الغذائية والصيدلانية والسياحة والمواصلات وقطاع الخدمات والطاقات المتجددة والمنشآت القاعدية وذلك بفضل القرارات والإجراءات التي باشرناها لتحرير المبادرة وفسح المجال أمام المنافسة" وأضاف أن "المجال مفتوح للشراكة والاستثمار أمام رجال الأعمال الصينيين في كل القطاعات والاستفادة من التسهيلات الممنوحة للمتعاملين الاقتصاديين". وقد كلل المنتدى أيضا بإبرام اتفاقيات بين شركات جزائرية وصينة عمومية و خاصة، حسب ما عاد إليه التلفزيون في هذا الوثائقي.
كما لم يفوت معدو الوثائقي الإشارة إلى لقاء الرئيس تبون المثمر مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالصين، "تأكيدا على اهتمامه وحرصه على معرفة انشغالاتهم و تلبية مطالبهم".
و اشتمل العمل المنجز من طرف التلفزيون العمومي، على متابعة باقي أطوار الزيارة، التي توجه خلالها الرئيس جنوبا إلى مدينة شنزان، حيث استقبل في مقر إقامته نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي بمقاطعة قواندونغ، و قام بعدها الرئيس بزيارة مؤسسة "بي واي دي" المختصة في صناعة السيارات الكهربائية، حيث أبدى إعجابه بالتكنولوجيات المعتمدة في هذه الصناعة، داعيا المستثمرين الصينيين للاستفادة من فرص الاستثمار الكبيرة التي يتيحها قانون الاستثمار الجديد، كما زار أيضا مقر عملاق التكنولوجيات الحديثة "هواوي "، أين قدم مسؤولو المؤسسة عرضا عن أحدث التكنولوجيات في مجال الرقمنة وما تم التوصل إليه في إدارة البنية التحتية للمدن الذكية. و قد أبرز الوثائقي نجاح هذه الزيارة، معلقا بأنها أثارت اهتمام الصحافة المحلية والدولية، خاصة بعد أن اختتمت من خلال حوار للرئيس مع قناة" cctv" الصينية.
فرصة جديدة لتعزيز العلاقات بين الجزائر و تركيا
وتطرق الوثائقي، إلى المحطة الثالثة من الجولة الدبلوماسية للرئيس تبون و التي كانت اسطنبول التركية، مؤكدا أن حفاوة الاستقبال من طرف نظيره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم تختلف عن تلك التي كانت في الصين وقطر، مشيرا في الأخير أن هذه المحطة كانت فرصة لقيادتي البلدين لبحث سبل تعزيز التعاون والانتقال بها إلى مجالات أخرى، حيث تقرر في المحادثات الثنائية التي تمت بحضور وزيري خارجية البلدين توجيه الأخيرين لضبط موعد لقمة بين الرئيسين في أقرب الآجال يتحدد خلالها البرنامج الجديد للتعاون بين البلدين.
مراد - ح