شدد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس بالعاصمة، على ضرورة تعزيز البديل العلمي والموضوعي الوطني في كتابة التاريخ وحفظ الذاكرة الوطنية حتى يتمكن الباحثون والمؤرخون من مواجهة محاولات الأقلام الخارجية الاستيلاء على التاريخ الوطني والسطو عليه، مبرزا الاهتمام الذي توليه الجزائر للذاكرة الجماعية وبالتاريخ الوطني باعتبارها إحدى الركائز التي يوليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، اهتماما بالغا واعتباراً سامياً.
وفي كلمة ألقاها خلال إشرافه على افتتاح الملتقى الوطني الأول الموسوم بـ: ''الذاكرة وإشكالية كتابة التاريخ الوطني"، بشعار : للأمجاد أعلام... وللتاريخ أقلام بالنادي الوطني للجيش، أكد السيد ربيقة أن حرص قطاعه الوزاري على عقد الملتقيات والندوات والأيام الدراسية ونقل فعالياتها للمؤسسات الجامعية، يأتي بهدف '' العمل على مواجهة ما يتم تداوله من أفكار ورؤى حول تاريخنا عامة بنظرة الآخر أو محاولات الاستيلاء والسطو عليه، وتعزيز ما يتوفر من بديل علمي وموضوعي مؤسس على حجج ودلائل ومرتكز إلى مناهج عصرية ومقدم بوسائل متطورة.
وأبرز الوزير في هذا الصدد أهمية هذا الملتقى الوطني ''الخاصة'' وأبعاده الاستراتيجية بما سيطرحه أهل الاختصاص من أفكار، وما ستحتويه ورشاته من مناظرات ومناقشات، تميط اللثام عن العديد من الآليات العلمية الأكاديمية '' بعيدا – كما قال - عن محاولات تسطيح القضايا المتعلقة بالتاريخ والذاكرة.
وأبرز في ذات السياق أهمية وضع مناهج دقيقة لترقية الخطاب التاريخي بما يتوافق مع العمق التاريخي والأهداف المحددة للدولة بنظرة استشرافية مؤسسة على قاعدة متينة من القيم الراسخة والمبادئ الثابتة، مبرزا بأن '' بناء التاريخ لا يكتمل إلا بتكامل الأجيال وتوارث الأفكار والقيم، وتثمين المناقب ضمن رؤية واعية''.
وبعد أن أكد بأن التاريخ هو حياة مشتركة ثابتة الحضور في النفس والمخيال وفي كل ما يعيشه الإنسان كفرد ومجتمع باعتباره يتضمن كافة إنجازات الأمة وحضارتها، أبرز وزير المجاهدين وذوي الحقوق، أن اهتمام الجزائر بالذاكرة الجماعية وبالتاريخ الوطني يأتي باعتبارها إحدى الركائز التي يوليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، اهتماما بالغا واعتباراً سامياً لما في هذه الذاكرة من وحدة الوجود للأمة ووحدة المصير بكل أبعاده المادية والنفسية والعقدية.
وأشار في ذات السياق إلى أن الثورة التحريرية المجيدة، ستبقى رمزاً وقدوة يتأسى بها كل المستضعفين في سبيل استرجاع حقوقهم وليس غريبا على جزائر القيم الموروثة من تاريخنا المجيد –كما أضاف - أن تظل وفية للمبادئ الإنسانية الكبرى كالدفاع عن حق مصير الشعوب وعن حريتها واستقلالها وكراماتها، وقال بأنه لا أدل على ذلك، المواقف المشرفة للجزائر ومصداقيتها المشهودة في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية والصحراء الغربية ومن قبلهما وبعدهما كل القضايا العادلة في العالم.
وأهاب السيد ربيقة في ختام كلمته '' كل الباحثين والأساتذة والمؤرخين إلى مرافقة القطاع فيما يتطلع إليه وبما يوفّره من إمكانيات مادية وقانونية وتنظيمية التي من شأنها ضمان تبليغ الرسالة التاريخية على أكمل وجه وأصدق نهج".
تجدر الإشارة إلى أن المشاركين في هذا اللقاء الذي يدوم يومين سيتدارسون مدى مساهمة الدراسات التاريخية الجزائرية في بناء وترسيخ الوعي الوطني والدور الذي يمكن أن تلعبه المدرسة التاريخية الجزائرية في مرافقة التحولات الحاصلة والتوجهات العامة في مجالي التاريخ والذاكرة الوطنية.
وتندرج الإشكالية العامة للملتقى في كون أن التاريخ الوطني وبعد مرور ما يقارب ستة عقود على استعادة الجزائر لسيادتها الوطنية "ما يزال لم يحض بالدراسة الأكاديمية العلمية اللائقة، وذلك اعتمادا على المصادر الأساسية وعلى نقد الكتابات الأجنبية والاستفادة من مناهج العلوم الحديثة".
وتمت الإشارة من قبل المؤطرين إلى أن هذا الملتقى يهدف إلى بناء إطار عام لتطور الدراسات التاريخية الجزائرية ومعرفة بنية المدرسة التاريخية الوطنية ودور المؤرخ في صناعة القناعات والتوجهات الوطنية، إضافة إلى إبراز مكانة التاريخ الوطني في المنظومة التربوية الجزائرية.
وحضر مراسم الافتتاح الرسمي لهذا الملتقى، وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، والشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، و المستشار لدى رئيس الجمهورية، المكلف بالتربية والتعليم العالي والتكوين المهني والثقافة، السيد محمد الصغير سعداوي والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون السياسية والعلاقات مع الشباب والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، السيد محمد شفيق مصباح، وممثلي عدة هيئات، إلى جانب مجاهدات ومجاهدين وأساتذة مختصين في التاريخ وطلبة جامعيين.
عبد الحكيم أسابع