أكد أساتذة في الاقتصاد بأن الجزائر لديها من الخبراء والتقنيين القادرين على تجسيد مشاريع جديدة للربط بالسكك الحديدية بين مختلف أنحاء التراب الوطني، لاسيما بين مناطق الإنتاج والأسواق والموانئ، وشددوا على ضرورة تجميع القدرات الوطنية لتحقيق هذا البرنامج الواعد الذي يرمي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية.
وأفاد الأستاذ في الاقتصاد بجامعة الجزائر عبد القادر مشدال في تصريح «للنصر» بأن إنجاز مشاريع جديدة للسكك الحديدية تحمل جانبا من الخصوصية، كونها تتطلب الخبرة التقنية واستثمارات هامة لتجسيدها، مما يتطلب تجميع القدرات الوطنية لإنجاز سكك حديدية تحقق الأهداف المرجوة.
وأكد المصدر بأن تجسيد هذا البرنامج الهام سيعتمد بالدرجة الأولى على الخبرة الوطنية، إلى جانب التعاون الدولي مع شركاء الجزائر المعروفين أو التقليديين، من بينهم إيطاليا والصين، مؤكدا بأن الشركات الجزائرية لديها بدورها ما يكفي من الخبرة لرفع الرهان، وتشبيك أو ربط المناطق الصناعية وكذا مناطق الإنتاج بالأسواق.
وذكر المتدخل على سبيل المثال عملية نقل الفوسفاط من مناجم الونزة بتبسة و الذي سيتم بصورة مباشرة نحو ميناء عنابة، الذي سيعمل بدوره على فتح أسواق جديدة لتصدير هذا المورد الطبيعي الاستراتيجي، عبر نقل كميات ضخمة من مصادر الإنتاج إلى الموانئ لتسويق المنتوج، لاسيما وأن السكك الحديدية تسمح بنقل كميات معتبرة من البضائع والسلع وإيصالها في وقت سريع ومدروس.
وأوضح الأستاذ في الاقتصاد بأن مشاريع ضخمة في مجال السكك الحديدية قيد الدراسة حاليا، تحسبا لانطلاق عملية استغلال منجم غار جبيلات بتندوف، الذي يعد بدوره مشروعا ضخما بتكلفة عالية، وينتظر منه تحقيق المردودية المطلوبة، عبر تحويل المادة الخام، وتصديرها إلى الخارج عبر ميناء عنابة، في إطار التحكم في تكاليف الإنتاج، من خلال ربط مناطق الإنتاج ووحدات التحويل والتصنيع بشبكة السكك الحديدية.
الجزائر على وشك إنجاز شبكة هامة للسكك الحديدية
ويعد النقل بالسكك الحديدية بالنسبة لمختلف القطاعات على غرار الفلاحة والصناعة عنصرا حيويا، كما يؤدي دورا هاما في نقل الأشخاص بين المناطق الداخلية، ومن بين ركائز النشاط السياحي، كما يساهم النقل عبر السكك الحديدية في تقليص التكاليف، إلى جانب رفع مستوى الإنتاج الموجه إلى الأسواق الخارجية خاصة، فضلا عن دعم الخدمات السياحية عبر تنويع عروض النقل، وجعلها تستجيب لتطلعات الأفراد.ويضيف المتدخل بأن استحداث مجمع لإنجاز شبكة خطوط السكك الحديدية، سيعتمد على جمع الخبرات الوطنية مع إدماج الخبرات الدولية بما يسمح بالتحكم أكثر في عمليات الإنجاز، ويسمح للاقتصاد الوطني بالاستفادة من أنجع طرق النقل بالنسبة للسلع والبضائع والمواد الخام، وكذا نقل الأشخاص وتطوير السياحة، مع توفير خطوط نقل أكثر فعالية بالنسبة لتدفقات العمال والموظفين القادمين من مناطق بعيدة. وتعد السكك الحديدية وفق الأستاذ المختص في الاقتصاد مراد كواشي جزءا من خطة النقل في الجزائر التي تتمتع بمساحة شاسعة، وعديد المواقع الاقتصادية، من بينها المناجم إلى جانب المناطق التي تضم أنشطة صناعية وفلاحية وتتوزع عبر مختلف ربوع الوطن، موضحا في حديث معه، بأن نقل كميات هامة من المنتجات لا يمكن أن يتم عبر الشاحنات أو المركبات، و كذا بالنسبة لنقل المسافرين من الجنوب إلى الشمال.
وأضاف الخبير الاقتصادي بأن تنقل المواطنين بين مختلف أنحاء التراب الوطني لاسيما المناطق البعيدة عبر الخطوط الجوية قد لا يكون في متناول الجميع، بسبب سعر التذكرة عكس النقل البري عبر المركبات أو القطار، موضحا بأن تعزيز شبكة السكك الحديدية من شأنه أن يخفف العناء على المواطنين أثناء التنقل من ولاية إلى أخرى، ويجنبهم قطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى المكان المقصود.
كما تساعد خطوط السكك الحديدية وفق المصدر، على الربط بين المناطق الصناعية، ونقل السلع بأقل تكلفة، مشيرا إلى أهمية الاستراتيجية التي تبنتها الدولة في مجال تطوير النقل بالسكك الحديدية، في ظل التوجه إلى استغلال المناجم، وتوسيع مناطق النشاط الفلاحي عبر عدة ولايات، وربطها بالموانئ لتسهيل عملية التصدير.
وتعد السكك الحديدية من بين أهم وسائل النقل بالنسبة للأفراد وكذا الاقتصاد الوطني، لذلك تم تكثيف الجهود لإنجاز شبكة هامة وعصرية، وتم لهذا الغرض إطلاق وحدات لتصنيع العربات، ومراكز لتكوين الإطارات والعمال والسائقين، ويعتقد الأستاذ كواشي بأن الجزائر على وشك إنجاز شبكة حديثة للنقل بالسكك الحديدية في غضون بضع سنوات، بما يخفف الضغط على شبكة الطرقات والنقل الجوي.
لطيفة بلحاج
