نجحت المقاربة الأمنية التي تبنتها قيادة الجيش الوطني الشعبي، واستشراف قيادته العليا للتهديدات المحيطة، في ضمان ديمومة الأمن والاستقرار رغم الأزمات والانفلات الأمني الذي تعيشه دول الجوار من انقلابات وصراعات مسلحة، كما تمكن من إجهاض المحاولات العدائية المتكررة التي كانت تستهدف ضرب الأمن عبر إغراق الجزائر بالمهلوسات، بفضل الجاهزية التامة التي مكنته من لعب دور محوري في ضمان سيادة البلاد، وجعلته الحصن المنيع أمام كل المتربصين بأمن واستقرار البلاد.
تحيي الجزائر، اليوم الأحد، اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، المصادف للرابع أوت من كل سنة، والذي أقره رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، عرفانا للدور المحوري للمؤسسة العسكرية في مسيرة بناء الوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية والدفاع عن السيادة الوطنية.
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم الوطني، عرفانا بالدور المحوري لهذه المؤسسة العسكرية في مسيرة بناء الوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية والدفاع عن السيادة الوطنية، في فترة عرفت قيادة الجيش كيف تواجه التحديات المحيطة بالبلاد بعد سنوات من التجارب التي أكسبت الجيش خبرة ميدانية لاسيما في مكافحة الإرهاب والإرهاب الدولي والجريمة العابرة للحدود، موازاة مع تطوير القدرات الدفاعية الوطنية وجاهزيتها العملياتية مما جعلته شريكا محوريا وموثوقا قاريا ودوليا عبر مشاركته في عديد المنظمات الإقليمية والدولية.
وتاريخيا، ينفرد الجيش الوطني الشعبي عن بقية جيوش العالم بكونه لم يتأسس بمرسوم، وهذا من بين العوامل التي تفسر الدلالات العميقة للبعد الوطني والامتداد الشعبي لسليل جيش التحرير الوطني الذي ولد من رحم معاناة شعب تكبد الويلات وفجر واحدة من بين أعظم الثورات في التاريخ المعاصر.
وكما كان جيش التحرير الوطني مثالا للعديد من الدول وحركات التحرر خلال حرب التحرير، فإنّ الجيش الجزائري لا يزال مثالا للعديد من الدول في العالم، خاصّة بالنسبة لعمقه الإفريقي سواء من خلال تكوين ضباط من عديد الدول الإفريقية أو من خلال عمله الانساني بالوقوف مع هذه الدول الشقيقة عند الحاجة لاسيما أثناء الكوارث والأزمات مع احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية التزاما بالموقف المبدئي للجزائر في هذا الشأن.
وعلى المستوى الاستراتيجي يعد الجيش الوطني الشعبي الجامع بين مختلف مقومات الأمة، بالنظر إلى المهام الاستراتيجية التي أسندت له منذ سنة 1962 وهي الدفاع والأمن الوطنيين، إضافة إلى المساهمة في تحقيق التنمية والتضامن المجتمعي، وإطلاق برنامج عصرنة الجيش وتحسين التكوين وإطلاق مشاريع صناعية للمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد، وكانت هذه الجهود محل تقدير وعرفان من قبل رئيس الجمهورية الذي أشاد في كل مناسبة بالأدوار الريادية والمحورية للجيش الوطني الشعبي الذي يواصل مهامه في حماية الوطن، وفاء لرسالة الشهداء. وقد أكد رئيس الجمهورية في لقاء مع الصحافة الوطنية أن قوة الجيش تكمن في كونه «جيش-أمة» بحيث تمكن من تأسيس رابطة قوية مع الشعب الجزائري الفخور بمؤسسته العسكرية.
ولا يزال التلاحم بين الشعب الجزائري وقيادته الوطنية المخلصة ومؤسساته الدستورية ومن بينها المؤسسة العسكرية هو «الضمانة الوحيدة للحفاظ على أمن واستقرار البلاد»، مثلما شدد عليه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، في مناسبة سابقة أبرز خلالها «ما يفيض به وجدان الشعب الجزائري الواعي والأصيل من نبل الأحاسيس تجاه الوطن الذي يحتاج إلى جهد الجميع، جهد قوامه التعاون والتضامن، بل والالتزام الدائم والتام بحتمية خدمة الجزائر والمساهمة في صيانة أمنها واستقرارها وسيادتها الوطنية».
جيش قوي للحفاظ على الأمن والاستقلال
ويعرف الجيش الوطني الشعبي في السنوات الأخيرة طفرة مشهودة في عصرنة وتحديث قدرات قوام المعركة والاحترافية وتنمية وتأهيل العنصر البشري. وقد تمكن من تحقيق نتائج باهرة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة من باب الدفاع عن مبادئ الثورة المجيدة وصون سيادة وأمن الوطن وحماية الحدود وحرمة الأراضي ووحدة الشعب، إلى جانب مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية مدروسة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجيات السوق الوطنية وتطوير القاعدة الصناعية للبلاد. وقد دافع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، عن السياسات المنتهجة والرامية إلى تعزيز القدرات العسكرية للجيش وتدعيم وحداته بأحدث التقنيات وتعزيز ترسانته المسلحة، مؤكدا أن تقوية الجيش لا تستهدف أي بلد، ولكنها ترتبط باستحقاقات حماية أمن البلاد مما وصفه «المحيط الهائج» على حدودها. وقال رئيس الجمهورية في في كلمة ألقاها أمام قيادات الجيش: «ليس لنا أي عقدة من تسليح جيشنا وتقويته لأجل الحفاظ على أمننا واستقلالنا الذي نصونه بجيش قوي واقتصاد قوي. نحن نقوّي الجيش لكي ندافع عن ترابنا وليس للسيطرة على أي منطقة، ومنذ استقلال الجزائر لم تخرج عن الشرعية الدولية ولم تعتدِ على أي بلد». وأضاف الرئيس تبون أن الجزائر «تشعر بالقلق إزاء توترات متعددة في محيطها الجغرافي.. نسهر على جاهزية الجيش وتحضير مقومات المعركة، لأننا لسنا مطمئنين كوننا في محيط بمثابة بحر هائج وحدودنا كلها تحت المجهر، إضافة إلى تأثيرات ما يحدث في العالم، حيث إن الجميع يلاحظ انتشار الخيار العسكري في العالم، واللعبة الجيوسياسية الخطيرة التي بدأت تظهر بوادرها من أجل إعادة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط ولأفريقيا، هذه اللعبة لا نقبل بها». ونفى الرئيس تبون أن يكون تسليح الجيش الوطني الشعبي مرتبطا بأية نوايا عدائية من قبل الجزائر تجاه أي طرف إقليمي، وقال: «نحن لا نبحث عن الحرب ولا نحب الحرب، لأننا شعب يعرف ويلات الحرب، ولكن من يتعدى علينا فإن الأمر لن يتوقف، ومن تعدى على حدود الجزائر فقد ظلم نفسه»، مضيفا: «نحن دولة مسالمة لا نبحث عن المشاكل ولا نستعرض العضلات، ولا نمارس ضغطا على أي بلد، والجزائر لن تكون في خدمة أي طرف، ومن لديه أطماع لأن يجعل الجزائر في خدمته فهو واهم» . مشددا على رغبة الجزائر في إقامة علاقات طيبة مع محيطها الإقليمي والدولي.
ع سمير