حافظت ولاية ميلة على الريادة وطنيا في إنتاج مادة الثوم، التي باتت علامة مسجلة باسم بلديات الجنوب على غرار التلاغمة، وادي سقان ووادي العثمانية وقد وصلت معدلات الإنتاج هذه السنة، إلى أرقام قياسية تجاوزت مليون و600 ألف قنطار، ما يؤهلها لتغطية السوق الوطنية وقد تتعداها إلى التصدير، في وقت يطرح فيه منتجون عائق غياب أسعار مرجعية لتأمين مسارهم الفلاحي في مواصلة النشاط بهذه الشعبة .
روبورتاج: مكي بوغابة
وتحولت المنطقة الجنوبية بولاية ميلة خلال السنوات الأخيرة، إلى قطب وطني بامتياز في إنتاج الخضروات، خصوصا مادة الثوم التي أصبحت العلامة المميزة بالمنطقة، حيث توجه أغلب فلاحيها للانخراط في هذه الشعبة التي تضم أزيد من 400 فلاح، لاسيما بعد دخول محيط السقي الذي يتربع على أكثر من 4 آلاف هكتار حيز الخدمة، بالإضافة إلى التراخيص المقدمة من طرف الدولة، على غرار تراخيص حفر التنقيبات المائية، ما أدى إلى توجه ساكنة المنطقة إلى الزراعة وتطوير المحاصيل، منها الثوم، من خلال تحقيق إنتاج وفير يضمن تأمين الاكتفاء الذاتي ولما لا التوجه نحو التصدير في الخارج، لاسيما النوعية الجيدة التي يتميز بها ثوم ولاية ميلة، سواء من ناحية الحجم أو الذوق مقارنة مع باقي الأنواع الأخرى .
تحصيل 500 قنطار في الهكتار الواحد
وتحتل ولاية ميلة الريادة وطنيا في إنتاج مادة الثوم، على الرغم من تمركز زراعتها في المنطقة الجنوبية بالولاية فقط والتي تحتوي على حقول شاسعة ممتدة على مئات الهكتارات وتشير إحصائيات مديرية المصالح الفلاحية لولاية ميلة، إلى تحقيق إنتاج تجاوز مليون قنطار من هذه المادة على مدار العامين الماضيين، كما سجل هذه السنة إنتاجا قياسيا، قدر بمليون و 610 آلاف قنطار، حسب ما أفاد به رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني بذات المديرية، محمد بن قويطن، موضحا أن هذه الحصيلة النهائية هي الأعلى من نوعها في تاريخ الولاية مقارنة بنتائج سابقة حينما تم تحقيق أزيد من مليون و 200 ألف قنطار .
وبحسب إحصائيات المصالح الفلاحية، فقد تم خلال هذا الموسم، بلوغ الهدف المسطر وإنتاج أزيد من مليون و600 ألف قنطار، من المساحة الإجمالية المزروعة المقدرة بـ 3.024 هكتارا من الأراضي الفلاحية المخصصة لهذه الزراعة والتي تتمركز غالبيتها في مناطق الجهة الجنوبية للولاية التي تتوفر على المورد المائي، منها محيط السقي التلاغمة الذي يتربع على مساحة 4.447 هكتارا، الذي بدأ تشغيله سنة 2018، في إطار تجسيد التحويلات الكبرى لمياه سد بني هارون أكبر سد في الجزائر، بغية تعزيز واقع الفلاحة في المنطقة الجنوبية بعد طول معاناة مع تراجع منسوب المياه الجوفية.
وبلغ مردود المتوسط في الهكتار الواحد إثر حملة الجني التي انطلقت أواخر شهر أفريل إلى غاية شهر جويلية الجاري، حسب ما أكده رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني بذات المصالح، 500 قنطار من المساحة الإجمالية المزروعة لهذه السنة والتي شهدت زيادة في المساحات مقارنة مع الموسم الفلاحي الماضي 2022 2023 الذي تمت خلاله زراعة 2.553 هكتارا من الأراضي حققت إنتاجا في حدود مليون و 290 ألف قنطار.
زراعة الثوم في ولاية ميلة، أصبحت من بين عادات وتقاليد ساكنة المنطقة وبالأخص جنوبها، حيث بدأها الأجداد قبل سنوات عديدة مرت وأصبحت حدثا هاما، بالنظر لأهميته الاقتصادية في الإنتاج والتسويق، ناهيك عن توفير مناصب شغل لشباب وعائلات من داخل الولاية وخارجها، وهو ما شهدناه خلال زيارتنا لجنوب الولاية وبالتحديد بلديات التلاغمة، وادي سقان ووادي العثمانية.
واشتكىصاحب حقل لزراعة الثوم والبطاطا من بلدية التلاغمة، من تراجع اليد العاملة المحلية نتيجة لعدة أسباب، منها كثرة الطلب على العاملين لغرس وجني الثوم، بالإضافة إلى رفض فئة منهم العمل بسبب الأجرة رغم أنها تصل يوميا إلى ما بين 4000 دج و5000 دج، حسب الكمية التي يقومون بجنيها.
ويمنح جني الثوم الفرصة لمئات الشباب لكسب مورد مالي إضافي لبرهة من الزمن، حيث تعرف المنطقة إقبال عدد هام من العمالة من مختلف مناطق الوطن، إلى جانب الشبان المحليين، طيلة انطلاق موسم الجني، وحسب ما عرفناه من أحد فلاحي منطقة التلاغمة، فقد قام، مؤخرا، باستقطاب عاملين من ولاية مستغانم، من أجل متابعة محصول الثوم والقيام بسقيه إلى غاية نضج المحصول، مؤكدا أنه خصص لهم أجرة شهرية تقدر بسبعة ملايين سنتيم.
أسعار ما بين 50 دج و160 دج
وتميز حلول موسم جني مادة الثوم، بتوافد تجار من مختلف مناطق الوطن، أين تم تسويق كميات معتبرة من هذه الحصيلة نحو مختلف مناطق البلاد، بصفة مباشرة انطلاقا من المساحات المخصصة له، بالإضافة إلى سوق الجملة للثوم ببلدية التلاغمة، الذي يقصده الفلاحون من عدة بلديات لعرض منتوجهم، مباشرة بعد الشروع في عملية الجني بداية بالثوم الأخضر إلى غاية الثوم الجاف وقد أكد أحد الفلاحين، أن أسعار الثوم هذه السنة تراوحت بين 40 و50 دينارا جزائريا بالنسبة للثوم الأخضر و150 دج و160 دج، معتبرا إياها بالأسعار المنخفضة ولا تكاد تغطي تكاليف الإنتاج، داعيا لتحرك السلطات العمومية من أجل ضبط سوق مادة الثوم.
* رئيس جمعية منتجي الثوم والبصل بولاية ميلة «محمد جازي»
نطالب بتحديد سعر مرجعي
قال رئيس جمعية منتجي الثوم والبصل بولاية ميلة، محمد جازي، إن نشاط إنتاج الثوم في الولاية، عرف انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بين الفلاحين الذين تجاوز عددهم 400 فلاح، حيث توجه معظمهم إلى زراعة هذه المادة وبالأخص بالمنطقة الجنوبية، على غرار التلاغمة وادي سقان ووادي العثمانية، مؤكدا أن الموسم الفلاحي الجاري شهد ارتفاعا في الإنتاج نتيجة للزيادة في عدد المساحات المزروعة، ناهيك عن التساقطات المطرية التي شهدتها المنطقة، بالإضافة إلى الثلوج ما أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية مقارنة مع المواسم الماضية التي شهدت شحا في التساقط، ما أدى إلى التراجع في المنتوج.
وأشار ذات المتحدث، إلى أن الوفرة في الإنتاج هذا الموسم يقابلها انخفاض في الأسعار بالسوق، ما أصبح يهدد تواصل هذا النشاط، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الثوم الأخضر إلى 40 دج و 150 دج و 160 دج بالنسبة للثوم الجاف بسوق الجملة، معتبرا إياها بالأثمان الزهيدة لا تكاد تغطي تكاليف الإنتاج، كما أوضح أن العائق الأكبر لا يتمثل في التسويق وإنما في تسقيف سعر البيع، لأن الفلاحين أصبحوا يتكبدون خسائر كبيرة.
وأكد رئيس منتجي الثوم والبصل، أن الحل يكمن في تسقيف الأسعار من قبل الدولة، ودعم الفلاحين من أجل مواصلة هذه الشعبة التي عرفت انتشارا واسعا في ولاية ميلة، لاسيما بعد دخول محيط السقي حيز الخدمة وهو ما أدى إلى تطور زراعة الخضروات ككل وليس الثوم فقط في المنطقة الجنوبية، مؤكدا أن الإنتاج المحلي للثوم يكفي لتغطية السوق الوطنية و لما لا التوجه نحو التصدير، لأن حسبه كل الإمكانيات متوفرة لتحقيق نتائج أكبر من هذه المادة وتصديره للخارج، لو تم ضبط إستراتيجية واضحة لتنظيم هذه الشعبة .
* رئيس مصلحة الإنتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية «محمد بن قويطن»
برمجة تخزين أزيد من 17 ألف قنطار
تسعى المصالح الفلاحية لولاية ميلة، إلى تخزين أزيد من 17 ألف قنطار من إنتاج مادة الثوم للموسم الفلاحي 2023 /2024، وذلك في إطار البرنامج الوطني لتخزين الثوم الذي تشرف عليه مصالح الديوان الوطني المهني المشترك للخضر واللحوم «أونيلاف»، بغية التكفل بفائض إنتاج الثوم وتحويله للتخزين في غرف التبريد لضبط السوق وضمان الوفرة على مدار السنة، حسب ما أفاد به رئيس مصلحة الإنتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية، محمد بن قويطن.
وحسب ذات المصدر، فإن مصالحه قامت مؤخرا، بعقد اجتماع مع عدد من المتعاملين الاقتصاديين المحليين الراغبين في الانخراط في برنامج هذه المادة التي أدرجت من المنتوج الوطني الموجه للاستهلاك ضمن المواد الذي يستفيد العاملون على تخزينها وتبريدها من الدعم المالي، وينالون بذلك منحة تقدر بـ 5 دج عن كل 1 كلغ من الثوم في الشهر، طيلة فترة التخزين التي تصل إلى ستة أشهر ابتداء من عملية القلع، مشيرا إلى أن الموسم الماضي تم تخصيص 29 غرفة تبريد موزعة على عبر إقليم الولاية، تم تخزين فيها 17 ألف قنطار من طرف 11 متعاملا اقتصاديا وهو ما أدى إلى وفرة المنتوج طيلة أيام السنة وبأسعار معقولة.
ويسعى القائمون على المصالح الفلاحية، إلى زيادة الكمية الموجهة للتخزين خلال الموسم الجاري، حسب ما أكده محدثنا، وذلك لعدة عوامل الإنتاج المهم من الثوم هذه السنة والذي تجاوز أكثر من مليون و 600 ألف قنطار، إلى جانب تجاوب المتعاملين الاقتصاديين في برنامج تخزين هذه المادة، حيث قامت المصالح الفلاحية المحلية، وفق ذات المصدر، بتحويل 11 ملفا أبدوا استعدادهم للانخراط في برنامج تخزين الثوم لسنة 2024، إلى مصالح «أونيلاف»، بسعة إجمالية تفوق 8000 متر مكعب من أصل 28 غرفة تبريد، إلى غاية 24 جويلية الجاري، والعملية مستمرة لاستقبال الراغبين في الانخراط.
م.ب