دخلت الحملة الانتخابية لرئاسيات 7 سبتمبر، أسبوعها الأخير والحاسم، والذي من المتوقع أن يشهد تعبئة أكبر للداعمين والمؤيدين لتكثيف الأنشطة الانتخابية الجوارية لاستمالة ولعب آخر الأوراق الرابحة ضمن مسعى استمالة الناخبين وإقناع المواطنين بالتصويت لصالح المترشحين الثلاثة والحسم لصالح أحد الخيارات المطروحة، وهي مواصلة الإنجازات كما يقترحه المترشح الحر عبد المجيد تبون، وإصلاح الاختلالات وفق المترشح حساني، والتغيير الإيجابي كما ينشده مرشح الأفافاس.
أدركت الحملة الانتخابية لرئاسيات السابع من سبتمبر المقبل أسبوعها الأخير، والتي من المتوقع أن يشتد فيها التنافس والحملات الجوارية من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين، حيث سيتم التركيز على «الكتلة الصامتة» من الناخبين التي غالبا ما تكون العامل الحاسم لترجيح الكفة الانتخابية إلى هذا المترشح أو ذاك، حيث يسعى كل مترشح إلى إقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي.
ولم يخرج الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية عن الهدوء الذي طبع الدعاية الانتخابية منذ انطلاقها منتصف أوت، حيث فضل المترشحون التركيز على البرامج والأفكار بعيدا عن الصراعات السياسية والخلافات الأيديولوجية، وشهد الأسبوع الثاني بروز بعض الشخصيات المحسوبة على التيار الإسلامي والتي نشطت الحملة لصالح مرشح «حمس» على غرار الوزير السابق عبد المجيد مناصرة الذي كان قد نافس حساني للفوز برئاسة الحركة إضافة إلى السيناتور أبو جرة سلطاني، فيما توسعت قاعدة المؤيدين للمترشح الحر عبد المجيد تبون مع التحاق منظمات وجمعيات وشخصيات فنية ورياضية والتي أعلنت دعمها لخيار مواصلة الإنجازات والاصلاحات.
وبرز في جوانب من خطابات المترشحين الثلاثة للرئاسيات الأيام المنقضية من الحملة الانتخابية التي انطلقت يوم 15 أوت الجاري، توافق حول العديد من الملفات على غرار أهمية هذا الاستحقاق وضرورة إقناع المواطنين لاسيما الشباب منهم للمشاركة بقوة لاختيار رئيس الجزائر المقبل، والتأكيد على الثوابت على غرار الاستمرار في دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية، وتعزيز السيادة والوحدة الوطنية وبناء جبهة داخلية للحفاظ على استقرار البلاد ومواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدفها.
كما كشف المترشحون في خطاباتهم عن التزامات في المجال الاجتماعي والاقتصادي قصد التكفل بانشغالات المواطن وتلبية تطلعات الشباب من استحداث مناصب الشغل ورفع قيمة منحة البطالة ورفع المنح والعلاوات لصالح الفئات الهشة، مع مراجعة القوانين الأساسية في عدة قطاعات، بالإضافة إلى التوزيع العادل للثروة والتنمية وتجسيد الإصلاح الإداري وترقية الجماعات المحلية وتنمية المناطق الحدودية وتعزيز الطابع الاجتماعي للدولة، إلى جانب إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني مع مراعاة مؤهلات كل منطقة، إرساء نظام اقتصادي متوازن، وتعزيز المكتسبات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية وضمان العيش الكريم للمواطن، والمضي في تطوير الصادرات خارج المحروقات والاهتمام أكثر بالمؤسسات الناشئة ومواصلة محاربة البيروقراطية المعرقلة للتنمية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية تنافسا انتخابيا بين المرشحين وممثليهم لشرح برامجهم الانتخابية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين لحسم اختيارهم في يوم الاقتراع، بين الخيارات التي رفعها المترشحون وأولها شعار «الاستمرارية» الذي رفعه المترشح الحر عبد المجيد تبون، الذي قال إن هدف برنامجه هو استكمال المشروع الذي بدأه قبل خمس سنوات، فيما يؤكد مرشح «الأفافاس» يوسف أوشيش، أنّ برنامجه الانتخابي يقدّم «مشروعاً تنموياً بديلاً للنهوض بالبلاد». بالمقابل يقدم حساني برنامجه الذي يهدف إلى «معالجة كل الاختلالات التي عاشتها البلاد، والتي حالت دون تحقيق الجزائريين لطموحاتهم وتطلعاتهم».
المشاركة القوية وإحباط التهديدات
واستحوذ موضوع الدعوة للمشاركة بقوة في هذه الانتخابات وضرورة تمتين الجبهة الداخلية، على النصيب الأكبر من خطابات المرشحين، وبهذا الخصوص دعا المترشح الحر عبد المجيد تبون، الناخبين للذهاب بقوة إلى صناديق الاقتراع يوم السابع سبتمبر القادم لتجديد الثقة في شخصه لمواصلة الانجازات التي ينتظرها الشعب.
بدوره اعتبر مترشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، أن المشاركة في هذا الاستحقاق تعد واجبا وطنيا، داعيا المواطنين إلى المشاركة بقوة في هذه الانتخابات واختيار البرنامج الذي يحافظ على المصالح العليا للبلاد. وقال أوشيش، إن هناك حاجة ماسة إلى «تعزيز مؤسسات الجمهورية والوقوف ضد كل المحاولات التي تستهدف السيادة الوطنية ووحدة البلاد واستقرارها، والسبيل الوحيد للتصدي لهذه المخاطر هو بناء جبهة داخلية متينة بانخراط الجميع». وشدد على ضرورة «بناء منظومة دفاعية حقيقية تصون الأمن القومي للبلاد».
وحرص أوشيش على التنبيه إلى ضرورة عدم الانسياق وراء «خطابات التيئيس»، داعياً المواطنين إلى الانخراط في العملية الانتخابية والتوجه إلى صناديق الاقتراع والمشاركة بقوة في هذه الرئاسيات، بغية «تمتين الجبهة الداخلية والوقوف أمام كل المحاولات التي تستهدف السيادة الوطنية واستقرار البلاد».
من جانبه، دعا رئيس حركة مجتمع السلم، المواطنين إلى «المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية القادمة التي أكد أنّها مفصلية وحاسمة، والتوجه نحو صناديق الاقتراع يوم السابع سبتمبر لدعمه بأصواتهم». مؤكدا بأن الانتخابات الرئاسية محطة مفصلية وإستراتيجية في تاريخ البلاد، ينبغي استغلال فرصتها للوصول إلى “جزائر صاعدة”.
ونبه المرشح عبد العالي حساني شريف في تجمع له بولاية أدرار إلى أن التحديات الأمنية على الحدود وعدم الاستقرار في دول الجوار الإفريقي والساحل الإفريقي يشكلون مخاطر على استقرار البلاد ووحدتها. وأشار حساني إلى أن الجزائر وجدت نفسها في قلب صراع دولي وإقليمي يهدف إلى زعزعة استقرارها وضرب استقرار المنطقة ككل. وانتقد بشدة ممارسات المخزن في الصحراء الغربية وتعاونه مع الكيان الصهيوني الذي يشكل تهديدا مباشرا للأمن الوطني.
وفي تمنراست، قال إبراهيم مرّاد، مدير حملة المترشح عبد المجيد تبون، في لقاء مع أمين عقال الأهقار ومنتخبي وأعيان المنطقة أن الأخير يولي في سياساته «اهتماما بالغا للجانب المتعلق بالأمن والدفاع عن استقرار البلاد». وتعهد بوضع خطة تنموية واعدة لولايات الجنوب، لاستدراك الاختلالات القائمة». وأكد، في تجمع انتخابي بتلمسان «تحصين الوطن من خلال الدعم المتواصل للأجهزة الأمنية في مقدمتها الجيش الوطني الشعبي التي تشكل بعون المواطنين الأوفياء الحصن المنيع للجزائر من مختلف التهديدات لاسيما مخططات إغراق المجتمع وشباب الجزائر بالمخدرات والمؤثرات العقلية».
برامج تنموية للنهوض بالجنوب الكبير
وبهذا الخصوص تقاطعت البرامج الانتخابية والخطابات السياسية طيلة أيام الحملة على ضرورة إطلاق برامج تنموية لصالح الولايات الجنوبية، لإعطائها المكانة التي تستحقها من حيث خلق الثروة وتنويع الاقتصاد، حيث وعد مرشح «حمس» شريف حساني في خطابه بتخصيص برامج تنموية للجنوب «بهدف إعمار هذه المناطق الشاسعة، وذلك عبر مقاربة اقتصادية واجتماعية مبنية على إنجاز الهياكل والمشاريع الكبرى وتشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات، لا سيما في قطاعي الفلاحة والصناعة التحويلية عبر دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي من شأنها توفير مناصب شغل».
وكشف عن خطة لإنجاز مليون وحدة سكنية، يوجه نصفها لأبناء المناطق الصحراوية، مع التركيز على دعم السكنات الفردية التي تلائم عادات هذه المناطق. وأعلن أنه سيولى أهمية للسياحة الدينية والزوايا التي تزخر بها المنطقة والصناعات التقليدية. كما أكد مرشح حركة مجتمع السلم أن برنامجه الانتخابي يولي اهتماما بالغا للتّكفّل بمناطق الجنوب، عبر تنمية المناطق الحدودية، لافتا أنّ الاهتمام بالجنوب نابع من رهانات متعدّدة وكذا المقوّمات التي يحوز عليها.
كما أكّد المترشح الحر لرئاسيات السابع سبتمبر القادم، عبد المجيد تبون التزامه بتوفير كل الإمكانيات لتجسيد المشاريع بمناطق الجنوب في كل المجالات، خاصةً مشاريع الشباب، في حال ما اذا منحه الشعب ثقته خلال هذا الاستحقاق. ولدى تنشيطه لتجمع شعبي بولاية جانت، قال المترشح تبون إنّ شباب الجنوب يجب أن يعيش في ظلّ الإطار الذي يضمن له العيش الكريم.
ودعا شباب جانت والجنوب عامةً إلى استحداث شركات ناشئة في مجالات الفلاحة والمواشي والسياحة والخدمات، متعهّداً بـ «دعمها من أجل تحقيق التنمية». مضيفاً أنه «يعرف كل مطالب وحاجيات سكان» هاته المنطقة التي يجب –كما قال – أن تعرف ديناميكية تنموية أكبر. وتعهّد تبون بـ «تطوير السياحة الصحراوية بصفة عامة وجانت بصفة خاصة من خلال تقديم العديد من التسهيلات»، مشيراً إلى أنّ جانت «لديها إمكانيات معتبرة للتنمية في قطاعات الفلاحة والسياحة والخدمات».
إنعاش اقتصادي واستقرار اجتماعي
إلى جانب قضايا الأمن والتنمية المحلية، ركز المترشحون في تجمعاتهم الانتخابية على قضايا التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي، وبذلك نالت الملفات الاجتماعية في علاقتها بالشغل والسكن والشباب والأجور والمنح الخاصة بالمتقاعدين، الحظ الأوفر من كلمات المرشحين أمام المواطنين.
وأكد المُترشح الحر عبد المجيد تبون، أنه سيسعى لتجسيد التزامه بإتمام معالم “الجزائر الجديدة” في حال فوزه بعهدة ثانية، من خلال تعزيز رؤية ترتكز على مجموعة من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز النهضة الاقتصادية بالمناطق الجنوبية كأولويات في العهدة الثانية وبمشاركة الشباب الذي سيستغل الفرص التي ستوفرها الدولة من أجل الاستثمار في مجالات الزراعة، الصناعة والخدمات.
وفي حديثه عن رؤيته للمستقبل، شدّد المترشح تبون على أنه لا يقدّم وعودا كاذبة، بل يلتزم بتعهدات مكتوبة يستطيع كل مواطن الاطلاع عليها، مؤكدا أنه عمل بجد على إعادة الجزائر إلى مسارها الصحيح، وهو ما بدأ يظهر من خلال النتائج الإيجابية التي تسجلها البلاد. كما أكد على استمراراه في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وذلك عبر استحداث 450 ألف منصب شغل، بالإضافة إلى بناء 2 مليون وحدة سكنية جديدة، مع رفع منحة البطالة إلى 20 ألف دينار، و«رفع مختلف المنح الخاصة بالمتقاعدين والمرأة الماكثة بالبيت والمعوزين والطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة لصون كرامتهم».
كما التزم المترشح الحرّ، عبد المجيد تبون، بأن يحصل كل شاب تجاوز سنّ الـ 27 سنة على سكن خاص، فيما تعهد ببناء آلاف السكنات ورفع المنح الخاصة بالشباب والطلبة والمتقاعدين أيضا. كما وعد تبون بمواصلة الحماية الاجتماعية تجاه جميع أفراد المجتمع، إضافة إلى تمكين الشباب من الوصول إلى مراتب عليا في دواليب المؤسسات، و«استحداث طبقة جديدة من الشباب المقاول».
من جانبه، قال المترشح يوسف أوشيش، إن البرنامج الذي طرحه «رؤية»، هو برنامج شامل ويرقى لأن يكون لكل الجزائريين، إذ يُشخّص حالة البلد، ويعطي الحلول والمقترحات للنهوض بالبلاد، لافتا إلى أنه «تشخيص حقيقي وواقعي للوضعية الحالية». والتزم مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية بإرساء «نظام اقتصادي متوازن»، مع منح الكفاءات الوطنية «الفرصة في المبادرة والاستثمار». واقترح أوشيش «تخصيص نسبة من الجباية البترولية لتمويل صندوق يتكفل بالاستثمار في المشاريع الكبرى من أجل خلق مناصب العمل».
في الشق الاجتماعي، تعهد مرشح جبهة القوى الاشتراكية بالعمل على «محاربة البطالة، لا سيما في أوساط الشباب»، مع الأخذ بعين الاعتبار «خصوصيات ومؤهلات كل منطقة» إلى جانب «مراجعة الأجور والرفع من قيمة المنح الموجهة للفئات الهشة». كما شدّد في هذا الإطار على أهمية إصلاح المنظومة الاجتماعية، وإعادة الاعتبار للطبقة الوسطى، فضلاً عن زيادة منحة دعم السكن، ودعم الشباب ومحاولة زرع الأمل في النّفوس في مكان حالة الإحباط واليأس.
كما كشف مرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، عن التدابير التي يقترحها لبعث الحركية الاقتصادية، وقال بأنه سيختار مجموعة من الولايات المعروفة بحركيتها الصناعية، الفلاحية والتجارية لجعلها مدناً اقتصادية كما هو معمول به عالمياً»، مضيفاً أنه سيقوم بـ «سنّ قوانين خاصة لدعم الاستثمار والاستيراد والتصدير، وإنشاء منطقة حرة للتبادل والمقايضة مع إفريقيا»، وشدّد على أهمية «العنصر البشري باتخاذ منهج المشاركة»، واستهداف «إرساء بيئة جاذبة للاستثمار ومنتجة للثروة».
وبخصوص الجانب الاجتماعي، التزم مرشح حمس في الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية، بـ «دعم القدرة الشرائية للمواطن والاهتمام بالفئات الهشة ومراجعة معاشات التقاعد مع اعتماد منظومة وطنية لتحديد مستويات وأشكال الدعم»، كما جاء في فقرة من فقرات برنامجه الرئاسي. كما تعهد بالعمل على تطوير آليات مرافقة السكن الريفي وبعث سوق إيجارية متنوعة تحفز على الاستثمار في مجال العقار»، بالإضافة إلى تنويع المنتج السكني لكافة شرائح المجتمع.
واعتبر حساني شريف أنّ برنامجه يعدّ «فرصة للشباب والنساء والتلاميذ والمتقاعدين والفلاحين وجميع فئات الشعب لأنه يعمل على تجسيد إصلاح شامل وعميق في جميع المجالات عبر تقليص مظاهر البيروقراطية والتعسف والمحسوبية ما من شأنه حماية الحقوق».
ع سمير