الدول الكبرى تنتهج سياسة الكيل بمكيالين في معالجة النزاعات داخل الأمم المتحدة أكد الأستاذ و الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، لمين عصماني على الدور الهام الذي تقوم به الجزائر في إطار هيئة الأمم المتحدة، في مسار حل النزاعات الدولية، وسعيها من أجل إعادة النظر في تشكيلة مجلس الأمن، لضمان مكانة لائقة بدول الجنوب، موضحا في حديث للنصر، بأن مسار هذه الهيئة منذ إنشائها، يبزر من خلال تمكنها من تخفيف حدة الحروب والنزاعات الدولية، وكذا إرساء قواعد الأمن والاستقرار في مناطق عدة من العالم.
منذ تأسيس الأمم المتحدة برزت مساعٍ لحل النزاعات بالطرق السلمية بعيدا عن الحروب، هل تمكنت هذه الهيئة بالفعل من تحقيق هذا الهدف ؟
لقد كان إنشاء منظمة الأمم المتحدة من أجل تحقيق الأمن والسلم العالميين، وبرز ذلك بوضوح من خلال تراجع حدة النزاعات بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث فكر العالم في إرساء قواعد السلم في أرجاء المعمورة، باستحداث هذه المؤسسة الأممية، بغرض معالجة النزاعات والتوترات استعانة بالطرق الدبلوماسية، وإن اقتضى الأمر الاستعانة بالقوات الأممية لحفظ السلام، ولتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وأؤكد بأن القفزة النوعية التي حققتها الهيئة الأممية كانت في عهد وزير الخارجية الشيلي «بيريز ديكولار»، الذي تمكن بنجاح من حل النزاعات الدولية في تلك الحقبة، كما حقق الأمينان العامان السابقان لمنظمة الأمم المتحدة المنحدران من القارة الإفريقية، بطرس غالي وكوفي عنان قفزة أخرى، من خلال مساعيهما بترسيخ دور القارة السمراء، التي تعد أكبر مجمع قاري في العالم، حيث نجح بطرس غالي في فتح نقاش بخصوص إصلاح المنظمة الأممية.
ما هي خلاصة جهود البلدان 3 زائد واحد لتمكين القارة الإفريقية من مقعد في مجلس الأمن؟
ميلاد هذه المبادرة يعود لأزيد من 10 سنوات خلت، وهي تضم كلا من الجزائر ومصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وفحواها تمكين القارة السمراء التي تضم 54 دولة، وهي أكبر تجمع قاري في العالم، من مقعد في مجلس الأمن، وقد عمل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جاهدا على تحقيق هذا الهدف، ويواصل وزير الخارجية رمطان لعمامرة هذه المساعي، من خلال دفع مبادرة الحوار جنوب جنوب، للخروج بموقف موحد بشأن موقع الدول النامية في هيئة الأمم المتحدة، ويقاسم هذا الرأي أيضا مجموعة من دول الجنوب، على غرار الهند وإيران والبرازيل.
هل يمكن تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة بكيفية تضمن موقعا ملائما لدول الجنوب؟
أعتقد بأن أهم ما يمكن إعادة النظر فيه بخصوص منظمة الأمم المتحدة، منح صفة الإلزامية للقرارات التي تصدرها، للحد من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها مجلس الأمن بفعل حق الفيتو، حتى يتحول القرار إلى الأغلبية بدل الأقلية، وبالتالي تكريس روح العدالة والمساواة التي تعد من المبادئ السامية للهيئة الأممية، وأتأسف في هذا السياق لأساليب التعامل مع بعض النزاعات والتوترات الحاصلة في العالم، بسبب خصوعها لمبدأ الكيل بمكيالين، إذ غالبا ما يتم الأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الكبرى عند معالجة النزاعات.
ما مدى تمكن المنظمة الأممية من تقليص حدة النزاعات؟
معالجة النزاعات بالأساليب السلمية والدبلوماسية من المبادئ الأخلاقية لمنظمة الأمم المتحدة، ونذكر على سبيل المثال القضية الصحراوية، ولا يمكن دائما تحميل هذه المؤسسة فشل المبادرات، لأن تعنت مواقف أطراف النزاع يجعل من فرض الحلول السلمية أمرا شبه مستحيل. كما أنني اعتقد بأن حل نزاع مثل قضية الصحراء الغربية يحتاج إلى قرار شجاع من المجتمع الدولي، علما أن شعوب عديد الدول تؤيد القضية، وعلينا نحن البلدان العربية أن نحرك الأمور، بإيصال هذه القناعة إلى قادة تلك الشعوب، من خلال إبراز الحقائق المرتبطة بهذا الملف.
هل حان الوقت للحديث عن إصلاح فعلي للأمم المتحدة؟
تعد الجزائر من البلدان السباقة التي دعت لإعادة تشكيل مجلس الأمن، إلى جانب مصر، وهي تعتمد كثيرا على دعم الاتحاد الإفريقي بالنظر إلى الدعم الذي تحظى به بداخله، ويعود هذا المسعى إلى 15 سنة خلت، كما جدد رمطان لعمامرة إحياء هذه الخطوة، بغرض تمكين إفريقيا من مقعد دائم في الهيئة الأممية، علما أن الجزائر كان لها دور محوري في حل النزاعات بفضل الدبلوماسية العالية التي يتمتع بها وزراء خارجيتها، وأذكر على سبيل المثال دورها في إرساء السلم في مالي وإريتيريا و بين إيران والعراق.
لطيفة بلحاج