أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق المالي في الجزائر، تهدفان بشكل كبير إلى تطوير بيئة السوق المالي.
وجاء ذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي الثاني للسوق المالي الجزائري، المنظم من قبل «كوسوب» برعاية وزير المالية، لعزيز فايد، تحت شعار «آفاق جديدة لتمويل الاقتصاد الوطني من خلال السوق المالي»، والذي شهد حضور مسؤولين وخبراء دوليين في مجال السوق المالي.
وفي كلمة له، أوضح رئيس لجنة تنظيم عمليات البورصة، يوسف بوزنادة، بأن البوابة الإلكترونية للسوق المالي ستسمح للراغبين في ممارسة مهن السوق والشركات الراغبة في الإدراج في البورصة بتقديم طلباتهم بشكل رقمي، وهو الأمر الذي سيساهم في تسهيل الإجراءات وتحسين مستوى الخدمات المقدمة من قبل «كوسوب».
كما ستوفر للمستثمرين خاصية الاطلاع على كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بنشاط السوق المالي، من خلال التعاون المستقبلي مع شركة تسيير بورصة القيم، يضيف المسؤول ذاته، مؤكدا أن هذه المنصة تأتي في إطار توجيهات السلطات العمومية الرامية إلى تجسيد التحول الرقمي الشامل.
أما بخصوص النافذة الموحدة للسوق المالي في الجزائر التي تم اطلاقها بالمناسبة، أوضح السيد بوزنادة أنها تهدف إلى تجميع كافة الأطراف الفاعلة في السوق تحت مظلة واحدة، وبالتالي تبسيط الإجراءات للشركات الراغبة في الإدراج في البورصة، وتحقيق التكامل المالي وكذا تعزيز عمق السوق وتحسين جاذبيته.
وتجمع هذه النافذة فاعلين أساسيين في السوق المالي في الجزائر، ويتعلق الأمر، بالاضافة إلى «كوسوب»، شركة تسيير بورصة القيم، القرض الشعبي الجزائري، شركة الجزائر للتسوية، شركة «تال ماركت» و «انفست ماركت»، إضافة إلى مؤسسة «غرانت تونتون» بصفتها مؤسسة مقيمة للشركات الراغبة في دخول البورصة، والذين وقعوا اتفاقية لهذا الغرض.
وفي هذا السياق، أبرمت «كوسوب» اتفاقية تعاون هامة مع الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، تهدف إلى توجيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنخرطة بالغرفة نحو هذه النافذة الموحدة وتعريفها بآليات التمويل البديلة عبر السوق المالي، مما سيساهم في توسيع نطاق استفادتها من الفرص التمويلية المتاحة.
وبمناسبة هذا الحدث، تم أيضا تنصيب المجلس العلمي للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، والذي يضم 12 خبيرا تم اختيارهم استنادا إلى كفاءاتهم الأكاديمية، وخبراتهم المهنية الواسعة في مجالات المالية والاقتصاد، والذين سيقومون بمساعدة اللجنة في صياغة الرؤية الاستراتيجية للسوق المالي الجزائري، وتقديم المقترحات والحلول المبتكرة لتعزيز أدائه وتنافسيته، كما سيعملون على تبادل الأفكار والمعارف مع مختلف الأطراف المعنية بهدف تطوير بيئة سوق مالي تتسم بالفعالية والديناميكية.
أما في إطار تعزيز التعاون الإقليمي، تم التوقيع على ملحق لاتفاقية تعاون تجمع لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها و هيئة السوق المالية التونسية، بهدف تنظيم دورة تدريبية متخصصة على مستوى هيئات السوق المالي التونسي، بغرض تنمية مهارات المتعاملين في السوق المالي الجزائري، بحيث تأتي هذه الدورة تتويجا لبرنامج «شهادة محترفي السوق المالي» الذي تنظمه لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سنويا بالتعاون مع معهد التكوين المصرفي.
مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة
أعلن رئيس لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها (كوسوب)، يوسف بوزنادة، أن مشروع قانون السوق المالي الجديد يوجد حاليا قيد الدراسة على مستوى وزارة المالية، مشيرا إلى أن النص سيساهم في تحسين هذه السوق والرفع من جاذبيتها.
وفي تصريح لـ/وأج، على هامش فعاليات المؤتمر السنوي الثاني للسوق المالي بالجزائر، أوضح السيد بوزنادة أن «مشروع قانون السوق المالي الجديد هو قيد الدراسة على مستوى وزارة المالية» مؤكدا أنه «سيشمل إصلاحات هامة لاسيما في مجال الصكوك الاسلامية و إدراج المالية الخضراء وتكريس شركات التأمين كوسطاء في عمليات البورصة»، وبالتالي سيساهم في «تحسين السوق المالي في الجزائر و الرفع من جاذبيته».
ويتعلق الأمر بمراجعة المرسوم التشريعي رقم 93-10، المؤرخ في 23 ماي سنة 1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، وتحويله إلى قانون جديد.
وبالمناسبة، ذكر المسؤول بأن سوق البورصة في الجزائر يشهد حاليا «قفزة نوعية» كالتي شهدها عند إنشائها، وهذا راجع إلى «الإرادة السياسية الرشيدة للسلطات العليا»، حيث تم تحقيق نمو كبير لاسيما بعد دخول القرض الشعبي الجزائري البورصة، وبعد التحفيزات العديدة التي تضمنها النظام الجديد المسير ل»كوسوب».
وتعمل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها حاليا، حسب رئيسها، على تعزيز الثقافة المالية والاستثمار في البورصة لدى المواطنين والشركات، خاصة وأن البورصة تعد مفهوما جديدا نسبيا على الجزائريين.
ويهدف المؤتمر، المنظم من طرف اللجنة برعاية وزير المالية، إلى استكشاف أفاق جديدة لتمويل الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز دور السوق المالي، حيث جمع نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجال المالي من الجزائر ومنطقة الشرق الأوسط و افريقيا وكذا من صندوق النقد العربي، لمناقشة أحدث التطورات والتحديات التي تواجه الأسواق المالية، وتبادل الخبرات والمعارف.
وشهد الحدث مجموعة ثرية من الأنشطة والعروض و الجلسات المستديرة والمداخلات، بمشاركة خبراء من الجزائر وتونس وسلطنة عمان ومصر ولجنة الرقابة على السوق المالي لدول وسط افريقيا وصندوق النقد العربي.
صندوق النقد العربي: بورصة الجزائر تعرف تطورات إيجابية جد هامة
وخلال جلسة مستديرة حول «تحديات الهيئات التنظيمية لبناء سوق مالي ديناميكي وشامل»، تطرق علي بن الضب، ممثل صندوق النقد العربي، في مداخلة له، إلى أهمية السيولة في دفع نشاط البورصات عموما، مؤكدا أن بورصة الجزائر تعرف «تطورات إيجابية هامة جدا»، داعيا إلى ضرورة إدراج المزيد من المتدخلين في السوق وتوسيعه.
وقال بهذا الخصوص «لا بد لبورصة الجزائر أن توسع من حجمها سواء بالنسبة للشركات المدرجة أو الأفراد المستثمرين في الأسهم مع تعزيز المرونة و فورية التعاملات و الإجراءات»، لافتا إلى أن العنصر الأساسي لدعم سيولة الأسواق المالية بشكل عام و بورصة الجزائر بشكل خاص يتمثل في الرقمنة و سهولة الاجراءات داخل السوق المالي.
وأضاف ممثل صندوق النقد العربي أن الأمر يتعلق كذلك بتعزيز وتحسين البيئة التشريعية والتنظيمية واستغلال كافة الامكانات التي تتيحها التكنولوجيات المالية و كذا تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المالية.
من جهته، استعرض رئيس لجنة سوق المال التونسي، صالح السايل، آفاق تطوير سوق الأوراق المالية التونسي الذي تم اطلاقه بموجب إصلاحات مالية تمت سنة 1995 و الذي تبلغ قيمته السوقية حاليا نحو 26 مليار دينار تونسي، لافتا إلى أن السلطات المالية في تونس تعكف على تحديث الإطار التشريعي للبورصة لا سيما من خلال توسيع نشاط وسطاء البورصة ما سيمكن هؤلاء من ممارسة نشاطات أكبر كتقديم خدمات الاستثمار.