أكد رئيس الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين الدكتور معاذ تبينات، أمس، بأن الشراكة بين قطاعي التعليم العالي والصناعة والإنتاج الصيدلاني في مجال تصنيع الأدوية سيفتح أفاقا واسعة لتحقيق الأمن الصحي وتوفير الأدوية المبتكرة بأسعار منخفضة لصالح المرضى، بما يساهم في تقليص تكاليف العلاج.
وثمن المتدخل في تصريح «للنصر» اتفاق الشراكة المبرم أول أمس بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والإنتاج الصيدلاني، الرامي إلى تعزيز وتكثيف التعاون بين القطاعين من خلال وضع برنامج للبحث والتطوير والابتكار بهدف الحصول على أدوية جزائرية بنسبة مائة بالمائة من التطوير والتصنيع.
وأكد الدكتور تبينات بأن مجال التعاون بين التعليم العالي والصناعة واسع في إطار من التكامل والانسجام باستغلال الإمكانات والوسائل المتوفرة لدى القطاعين، من مخابر ومراكز لتطوير البحث، من بينها مركز البحث في العلوم الصيدلانية بالخروب ولاية قسنطينة، وكذا مركز تطوير الصناعة الصيدلانية التابع لكلية الصيدلة.
وأفاد المصدر بأن تكاتف وتوحيد الجهود في قطاع الصناعة الصيدلانية متشعب ويشمل عدة ميادين من بينها صناعة الأدوية المبتكرة أو الحديثة التي يسعى القطاعان لتطويرها محليا لجعلها في متناول المرضى بالنظر إلى غلاء أسعارها، من بينها الأدوية الموجهة لعلاج مرضى السرطان.
ويرى رئيس الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين بأن التنسيق والشراكة بين التعليم العالي و وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني أضحى أكثر من ضروري، سيما وأن قطاع الجامعات لديه ما يكفي من الإمكانيات لاستغلالها في مجالات البحث لتطوير الصناعة الصيدلانية، وذكر من بينها المراكز الخاصة بالبحث في العلوم الصيدلانية المتواجدة على مستوى المؤسسات الاستشفائية الجامعية.
ويعد تطوير صناعة البدائل البيولوجية المعتمدة في إنتاج عديد الأصناف من الأدوية، في إطار التقيد بمعايير الجودة والنوعية، من ضمن أهم محاور اتفاق الشراكة والتعاون الذي تم إرساؤه بين قطاعي التعليم العالي والإنتاج الصيدلانية وفق المصدر، سيما وأن الأدوية التي سيتم إنتاجها انطلاقا من البدائل الحيوية سيوجه نسبة هامة منها لعلاج أمراض السرطان والمناعة الذاتية إلى جانب العلاجات الهرمونية.
ويحتاج هذا التخصص الجديد وفق الدكتور تبينات إلى مراكز لتطوير البحث، فضلا عن الاستشفائيين الجامعيين الذين يتبعون لقطاعي الصحة والتعليم العالي، لأجل تدعيم الجهود القائمة بين القطاعات المعنية لتطوير صناعة الأدوية وتحقيق الأمن الصحي، وكذا لتطوير الأبحاث السريرية التي تؤكد مدى نجاعة الأدوية المنتجة محليا.
كما يمكن أن يطال مجال التعاون في ميدان تصنيع الأدوية ما يعرف لدى الأخصائيين بالتكافؤ الحيوي، الذي يعد بدوره وسيلة ضرورية ومحورية للتأكد من الفعالية العلاجية لدواء ما قبل طرحه في السوق، سيما وأن الجزائر تطمح إلى اقتحام الأسواق العالمية وتوجيه المنتوج الوطني من الأدوية إلى التصدير، خاصة نحو القارة الإفريقية، مما يتطلب ضرورة تكثيف الأبحاث السريرية التي تبين نجاعة الأدوية وفعاليتها في تحقيق الشفاء للمرضى.
وتحوز وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني عدة مراكز للبحث تقع تحت وصايتها، من خلال مجموعة الهياكل والمؤسسات البحثية لاستغلالها في تطوير صناعة الأدوية وتكوين طلبة الصيدلة واستقبالهم لإجراء التربصات، على غرار مركز التكافؤ الحيوي الجزائري الذي أجرى مؤخرا أول دراسة له لإبراز الفعالية العلاجية لمضاد حيوي جنيس من إنتاج المجمع العمومي صيدال.
كما تعد مصانع الأدوية التي تقع تحت وصاية وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني فضاءات مناسبة لاستقطاب المتربصين من طلبة تخصص الصيدلة لأجل توسيع معارفهم وثمين ما تلقوه من دروس نظرية، ويقول الدكتور تبينات معاذ في هذا السياق بأن فرص التعاون والشراكة بين القطاعات المعنية عديدة لتطوير الأدوية محليا وتحقيق الأمن الصحي في إطار خطة أو استراتيجية وطنية متكاملة لتطوير الصناعة الصيدلانية.
وتعد بدورها نقابات الصيادلة، من بينها الجمعية الوطنية للصيادية الجزائريين طرفا فاعلا في تجسيد الأهداف التي تطمح إليها السلطات العمومية في مجال تطوير صناعة الأدوية، خاصة منها الأدوية المبتكرة، وقد سبق للتنظيم وأن أبرم اتفاقية مع كلية الصيدلة بجامعة العلوم الطبية بالعاصمة لربط الجامعة بمجال الصناعة الصيدلانية وبمحيطها الاقتصادي والاجتماعي.
وتتضمن الاتفاقية تمكين طلبة الصيدلة من إجراء تربصات على مستوى الوحدات الإنتاجية للأدوية، لأجل تطوير الأعمال البحثية، مع السماح لنقابة الصيادلة بالمساهمة في توفير الإطار المناسب للتعاون والتنسيق لصالح النهوض بالصحة العمومية عبر توفير الأدوية بمعايير ومواصفات عالمية.
ويتوقع أن تحقق اتفاقات الشراكة في مجال تصنيع الأدوية عدة أهداف على المدى المتوسط، يؤكد الدكتور معاذ تبينات، من خلال توفير العلاجات المناسبة للأمراض المستعصية والصعبة، عن طريق إنتاج الأدوية المبتكرة والحديثة التي لم يتم إدراجها بعد في السوق، إلى جانب تطوير المواد التي تدخل في صناعتها محليا بخبرات جزائرية، بدل استيرادها بالعملة الصعبة وبأموال باهظة.
وينتظر أن تساهم الجهود القائمة في تقريب العلاج من المرضى، واقتناء الأدوية بأسعار معقولة، وإعادة بعث الأمل للمصابين بالأمراض المستعصية بضمان التكفل الطبي والعلاجي في ظروف ملائمة وفي الوقت المناسب.
لطيفة بلحاج