تميزت الطبعة الثالثة من قمة التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، التي تختتم يوم السبت بالجزائر العاصمة، ببروز مؤسسات ناشئة تساير التطور الميداني السريع للتجارة الإلكترونية في الجزائر، من خلال الحلول المبتكرة التي توفرها، في ظل الدعم الكبير الذي توليه الدولة لتطوير هذا المجال.
ويبدو جليا، من خلال زيارة قادت (وأج) لمختلف أجنحة المعرض، المنظم على هامش القمة، التطور الذي أصبحت تعرفه منتجات وخدمات المؤسسات الناشئة فيما يخص التجارة الإلكترونية. فبعد أن كانت في السابق تركز على التوصيل بشكل أساسي، أصبحت اليوم توفر حلولا أكثر تقدما وشمولا وابتكارا.
ففي إحدى زوايا المعرض المقام بالمركز الثقافي لجامع الجزائر، يقف أربعة من الشباب للتعريف بـ "فيف" (Feef)، منصة جزائرية تتيح إنشاء متاجر إلكترونية بالكامل، حتى دون معرفة بالبرمجة.
وأوضح نوح بن زينة، ممثل الشركة الناشئة، أن هذه المنصة "تغني التاجر عن الاشتراك في الخدمات الأجنبية باهظة الثمن، وهو ما جعلها تكسب عددا من الزبائن رغم اطلاقها منذ شهرين فقط".
وتتيح المنصة، حسب المتحدث، الربط بمختلف خدمات التوصيل الجزائرية، وإدارة المنتجات والمخزونات، "كما توفر ميزات حسب الطلب، يمكن للزبون أن يطلبها من فريق العمل، مثل ميزة الدفع الإلكتروني، باعتبارها ميزة نادرة ما تستعمل، حيث يلجأ الجزائريون عادة للدفع عند الاستلام".
وعلى بعد خطوات، تعرض شركة "مهني" الناشئة منصتها "ويوي" (Weewee) المخصصة لخدمات التوصيل، والتي أطلقت في 2021، لكنها أصبحت توفر ميزة جديدة في السوق الجزائري مؤخرا.
ويتعلق الأمر، حسب شهاب الدين إدريسي، مسؤول التسويق لدى الشركة، بميزة (E-COD)، أي الدفع الإلكتروني عند الاستلام، والتي من شأنها أن "توفر السرعة في تسليم الأموال للتاجر الإلكتروني من جهة، كما تقضي على مشكل الثقة عند الزبون من جهة أخرى، حيث أصبح بإمكانه من خلال هذه الميزة أن يرى السلعة أمامه ويجربها قبل أن يدفع إلكترونيا وبسرعة".
ويوفر التطبيق للتاجر عددا من الميزات الأساسية، مثل متابعة الطرود وإنشاء وإدارة محفظته الإلكترونية، فضلا عن تعدد طرق التسليم، كالتوصيل إلى المنازل أو إلى مكاتب الشركة عبر الولايات أو التسليم إلى نقاط التتابع (Point relai).
وفي المعرض نفسه، خصصت الوكالة الوطنية لترقية الحضائر التكنولوجية وتطويرها جناحا يجمع عددا من الشركات الناشئة التي تستفيد من برنامج حاضنتها، منها شركة سراج التي قدمت منصتها "سلسبيل" (SellSabeel)، وهي نظام سحابي (cloud) متعدد القنوات لمختلف عمليات البيع.
ويتيح هذا البرنامج، حسب منصف سعدي، مسؤول المبيعات لدى المؤسسة، ميزات مختلفة، منها إنشاء المتاجر الإلكترونية وإنشاء ومتابعة بطاقات الوفاء وإدارة المخازن ومتابعة حركة الأموال، مع ضمان التواصل مع مندوبي المبيعات.
وتوفر المؤسسة البرنامج كحل حسب الطلب، يقدم لكل شركة حسب احتياجاتها، بهدف تقليل التكاليف، مقابل اشتراك شهري، بحسب المتحدث نفسه.
أما منصة "ديليفر إيز" (DeliverEase) التي قدمها مؤسسها ضياء الدين حارتي، والمستفيدة من برنامج حاضنة الوكالة الوطنية لترقية الحضائر التكنولوجية، فقد تحصلت على وسم مشروع مبتكر، في انتظار الحصول على وسم مؤسسة ناشئة لكي تطلق رسميا للاستخدام. وهي تعرض نظاما موجها للشركات التي تتعامل مع سائقين لتوصيل المنتجات.
وتتمثل الخدمة، حسب السيد حارتي، في نظام إدارة للسائقين يمكن من خلاله "التواصل معهم وتكليفهم بالمهمات، عبر مسارات محددة، مع متابعتهم عبر الطرق في الوقت الحقيقي، كما توفر نظاما للمراسلة الفورية بين الشركة والسائقين".
وأجمع العارضون الذين التقتهم (وأج) على ضرورة توفر الدفع الإلكتروني وتعميمه على نطاق واسع وتذليل العقبات أمام إدماجه، لكي تتمكن التجارة الإلكترونية من التطور بالشكل اللائق، بعد أن عرفت نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، رغم الاعتماد على الدفع عند الاستلام.
وعرف افتتاح القمة، الخميس الماضي، الإعلان عن تحولات قادمة ستسهم في دفع التجارة الإلكترونية في الجزائر، حيث أكد وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، نور الدين واضح، أن الوقت قد آن لتحيين الإطار القانوني لهذا النشاط، مضيفا أن وزارته في مشاورات مع كل من وزارتي التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، بهدف إضافة مواد جديدة تواكب التطورات الميدانية، مؤكدا أن مصالحه في الاستماع إلى مقترحات كل المتعاملين الناشطين في الميدان.
وحيا الوزير "التطور السريع" الذي يعرفه المجال، مؤكدا أن مصالحه تعمل مع بنك الجزائر وكافة المؤسسات المالية لتسريع إصدار النصوص القانونية الخاصة بوسائط الدفع الإلكتروني، لكي تصبح سنة 2025 "سنة التكنولوجيا المالية".
وتعرف الطبعة الثالثة من التظاهرة مشاركة خبراء ورواد أعمال ومستثمرين، لمناقشة القضايا الرئيسية في مجال التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، من خلال ندوات وورشات عمل وجلسات للتشبيك الاحترافي.
ونظمت التظاهرة من طرف مؤسسة "غيديني" (Guiddini) الناشئة، تحت رعاية كل من وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، ووزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، والمحافظة السامية للرقمنة.
وأج