الثلاثاء 15 أفريل 2025 الموافق لـ 16 شوال 1446
Accueil Top Pub

الجزائر قدمت الكثير لشعوب المنطقة: عقود من المساعدات و حسن الجوار تقابل بجحود من الانقلابيين

حرصت الجزائر منذ استقلالها قبل أكثر من خمسة عقود، على بناء علاقات سليمة مع عمقها الإفريقي وبخاصة منه دول الساحل، انطلاقا من عقيدتها السياسية و من المبادئ التي حكمت سياستها الخارجية، وانطلاقا أيضا من طبيعة الروابط المشتركة على أكثر من صعيد.
وكان قوام هذه العلاقات الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار في الساحل الإفريقي، وتقديم يد المساعدة في مختلف المجالات.
وظلت الجزائر على هذا النهج وهذه العقيدة إلى اليوم، فلم يسبق لها أن تدخلت في الشؤون الداخلية لدول الساحل التي تجاورها جغرافيا، والتي تتقاسم معها الجزائر حدودا برية طويلة تقدر بآلاف الكيلومترات، وتشترك معها أيضا في الدم بحكم وجود اختلاط سكاني ديمغرافي مع هذه البلدان.
ولطالما رافعت الجزائر في المحافل الدولية من أجل الحقوق المشروعة لشعوب المنطقة، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي والتقني وغيرها، و دافعت عنها في أكثر من مناسبة وفي ظروف عديدة.
ولم تكن للجزائر أي أطماع في تراب بلدان الساحل ولا في مواردها الطبيعية كما تفعل العديد من الدول التي تأخذ اللب وتترك النفايات الضارة لشعوب دول الساحل، والأمثلة على ذلك واضحة وكثيرة ولا تحتاج إلى التذكير بها، بل على العكس من ذلك فقد عملت الجزائر وعلى مدى عقود من الزمن على تقديم المساعدات الاقتصادية لأشقائها في هذه الدول، مساعدات تجسدت أكثر من مرة في طائرات تحمل الأطنان من المواد الغذائية والخيام والأدوية وغيرها، وتجلت أيضا في مساعدات مالية مباشرة سواء عبر مسح ديون هذه الدول أو عبر تخصيص أغلفة مالية خصيصا لدعم التنمية في المنطقة، وآخرها مبلغ المليار دولار الذي خصصته الجزائر لمساعدة الدول الإفريقية في مجال التنمية ومنها بطبيعة الحال دول الساحل المجاورة.
ولم تكتف الجزائر بذلك فقط فهي التي تستقبل سنويا آلاف الطلبة من الدول الإفريقية وتخصص لهم منحا دراسية ، كما تستقبل العديد من ضباط جيوش دول الساحل من أجل التكوين والتدريب في المدارس العسكرية الجزائرية التي تخرج منها المئات منذ الاستقلال إلى اليوم وعادوا إلى بلدانهم محملين بتكوين عسكري صلب ساعدهم في بناء جيوش بلدانهم والدفاع على سيادتها.
وفوق هذا تتحمل الجزائر عبئا ثقيلا وخطيرا يتمثل في حشود من المهاجرين غير النظاميين الذين يجتازون الحدود سنويا قاصدين الجزائر، وبخاصة من النيجر ومالي، بما يمثل ذلك من تهديد واضح وصريح على الأمن الوطني، وهم يلقون الترحيب والمساعدة التي لا توصف من قبل الجزائريين في مختلف المدن، عكس البعض من الدول التي طاردتهم بطائرات الهيلوكوبتر.
وبحكم الجيرة والتلامس الجغرافي والديمغرافي فإن المنطق يقتضي أن تعمل الجزائر من جهتها على ضمان الأمن في المنطقة ونفس الشيء يتوجب على دول الساحل القيام به من جانبها، لأن أمن الجزائر من أمن هذه البلدان والعكس صحيح حسب المنطق وحسب ما هو متعامل به في كل العالم.
ومن هذا المنطلق تبقى الجزائر الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعمل دون نفاق أو تدليس على رفض أي تدخل خارجي في دول الساحل، لإدراكها جيدا أن التدخلات الخارجية لن تجلب لدول المنطقة سوى الخراب والفتنة والدمار وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وكذا الصراعات ونهب الثروات والموارد الطبيعية، والجزائر هي الدولة الوحيدة التي لا تزال تدافع عن هذا المبدأ وتعمل على تجسيده، وقد كان موقفها صائبا في ما يتعلق بالأزمة الليبية بهذا الخصوص، و قد أنصفتها العديد من الدول الكبرى على هذا الموقف بعد سنوات على اندلاع الأزمة الليبية.
ومن كل ما سبق ذكره بادرت الجزائر في مرات عدة لطرح وساطتها على الفرقاء في مالي من أجل الوصول إلى اتفاق ومصالحة وطنية تنهي الصراع الذي ظل قائما بين الحكومة المركزية في بماكو وبين حركات الأزواد في الشمال، بحكم عدة عوامل سياسية واجتماعية وأمنية واقتصادية.
وقد أفضت هذه المبادرات والوساطات المتكررة لوقف نزيف الدم المالي، إلى التوقيع على اتفاق الجزائر لسنة 2015 بين الحكومة المركزية في بماكو وبين حركات الأزواد، وظل الاتفاق ساريا وقائما إلى أن تراجعت عنه الحكومة الانتقالية الانقلابية العام الماضي.
لكن أمام كل هذه المساعدات والجهود والعلاقات الايجابية، قوبلت الجزائر بجحود كبير و نكران في السنوات القليلة الأخيرة من قبل مجموعات انقلابية من العسكر استولت على السلطة في مالي والنيجر وبوركينافاسو، وأدارت ظهرها للجزائر في لحظات ما معتقدة أن العالم سيفتح أبوابه على مصراعيه أمامها.
وفي الواقع فإن هؤلاء الانقلابيين الذين اتخذوا خطوات عدائية ضد الجزائر و صرحوا بخطابات مشينة اتجاهها، لم ينقلبوا على طبيعة العلاقات التي تحكم بلدانهم بالجزائر منذ عقود فقط، بل انقلبوا على بلدانهم وعلى مصالح شعوبهم، وزجوا بها في متاهات لا يعلم أحد لحد الآن إلى أين ستنتهي بهم.
وراح البعض يختلق المسببات والأعذار لتبرير السلوكات غير الطبيعية والعدائية التي يقومون بها اتجاه الجزائر مصطفين في ذلك مع قوى أجنبية إقليمية ودولية لها مآرب مشبوهة في المنطقة ولا يهمها أمن واستقرار دول الساحل على الإطلاق.
وفي الوقت الحالي وبالنظر لما تعرفه الأحداث من تطورات فإن المجموعات الانقلابية في دول الساحل المجاورة وبخاصة الطغمة العسكرية في مالي، تعمل على جعل الساحل منطقة صراع وتجاذبات دولية وإقليمية، وهي السياسة التي لطالما حذرت منها الجزائر والتي ستحرق المنطقة وتجلب عدم الاستقرار الأمني والسياسي و الاجتماعي لها في المستقبل، وتدخلها في دوامة جهنمية من التدخلات الخارجية السافرة.
إن الخطر اليوم على دول الساحل هو فتح الأبواب لقوى خارجية من أجل التدخل في المنطقة وخلق الفتنة وتعميق الخلافات بين دول المنطقة، والأخطر من ذلك هو انسياق بعض الحكومات الانقلابية وراء هذه الأطروحات وانخراطها في مخططات من هذا النوع، انخراط يغذيه الطمع و الوعود الوردية التي تقدمها قوى إقليمية ودولية بفتح جنة أمام بعض الانقلابين، بينما هي تقودهم في الواقع نحو الجحيم.
إلياس -ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com