تراجعت وزارة التربية الوطنية عن خصم وجبة يوم الثلاثاء من المطاعم المدرسية، بعد شكاوى رفعها أولياء تلاميذ المناطق النائية والمعزولة، في وقت تطالب فيه النقابات بوضع إطار قانوني واضح لتسيير هذه المطاعم المدرسية على مستوى الابتدائيات، التي تستهلك سنويا 20 مليار سنتيم.
أصدرت مديرية الأنشطة الثقافية والرياضة والاجتماعية بوزارة التربية الوطنية، تعليمة تدعو مدراء المدارس الابتدائية إلى إيفادها بجداول توزيع المستفيدين من المطاعم قبل 21 جانفي، بغرض صبّ الاعتمادات المالية، محددة عدد الأيام التي تشتغل فيها المطاعم المدرسية خلال الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي، بـ 53 يوما، بمعدل 5 أيام في الأسبوع، أي من يوم الأحد إلى الخميس، مع الإبقاء على سعر الوجبة بـ 55 دج في الولايات الجنوبية، و 45 دج في الشمال، مما يعني تراجع الوزارة عن قرار إلغاء وجبة يوم الثلاثاء الذي تم اتخاذه خلال الفصل الأول، بحجة ترشيد النفقات، و باعتبار أن أطفال المدارس الابتدائية يتجهون إلى بيوتهم فور انتهاء الفترة الصباحية من الدراسة، وأغلبهم لا يتناولون وجبة الغذاء بالمطاعم المدرسية، لذلك ارتأت الوزارة إلغاءها تماما، عوض أن يكون مصيرها سلة المهملات، بهدف اقتصاد الأموال في ظل سياسة ترشيد النفقات التي تنتهجها الحكومة، وهو القرار الذي احتج عليه بقوة الأولياء وكذا النقابات، بحجة أنه كان مجحفا في حق تلاميذ المناطق النائية، الذين يضطرون لانتظار النقل المدرسي إلى غاية الساعة الرابعة والنصف مساء، ليعيدهم إلى مناطق سكناهم.
وبحسب مصادر نقابية، فإن تسيير المطاعم المدرسية على مستوى الابتدائيات يواجه فراغا قانونيا واضحا، بسبب خضوعه إلى المنشور الوزاري الحامل رقم 333 والصادر سنة 2010 الذي يتضمن مجموعة من التوصيات غير الملزمة، منها التنصيص على تنصيب مجلسين لتسيير المطاعم المدرسية بالابتدائيات، ويتعلق الأمر بالمجلس الإداري ومجلس التسيير، ويرأس الأول رئيس المجلس الشعبي البلدي، ويضم مدير المتوسطة والمقتصد ومستشار التغذية وطبيب عام مختص في الطب المدرسي، وتكمن مهامه في إجراء الاستشارة المالية لتحديد مموني المطاعم، في حين تقوم وزارة التربية بصبّ الأموال الضرورية على مستوى مديريات التربية، ونظرا لغياب إطار قانوني واضح يتحاشى رؤساء البلديات إجراء الاستشارة المالية، باعتبارهم لا يتبعون وزارة التربية بل وزارة الداخلية، لذلك لا يمكنهم التصرف في أموال ليست تابعة للوصاية التي يخضعون لها، خصوصا وأن المنشور لا يفرض على الأميار إجراء تلك الاستشارة.
ووفق تأكيد ذات المصادر، فإن مدراء الابتدائيات يضطرون لتحمل المسؤولية دون توفر غطاء قانوني يحميهم، إذ يلزمون بفتح المطاعم مع بداية كل دخول مدرسي تحت ضغط السلطات المحلية، ويقومون باختيار الممونين خارج الإطار القانوني، علما أن المدارس الابتدائية تستهلك سنويا 20 مليار سنتيم، كما يضطر مدراء الابتدائيات لتحديد القوائم الاسمية للتلاميذ الذين يستفيدون من الإطعام، وكذا تحديد نوعية الوجبات، في حين أن المنشور رقم 333 يوكل هذه المهمة لمجلس التسيير، الذي يرأسه مدير المتوسطة، ويضم المقتصد ومستشار التغذية ومفتش المقاطعة ومدير الابتدائية.
وتعد إشكالية إعادة النظر في تسيير المطاعم المدرسية التي تتبع الابتدائيات من المطالب الملحة للأولياء وكذا التنظيمات النقابية، وفق تأكيد العضو القيادي في النقابة الوطنية لعمال التربية قويدر يحياوي، بهدف رفع الحرج القانوني عن مدراء المؤسسات الابتدائية وحمايتهم، وكذا تحسين نوعية الوجبات على غرار ما تقدمه المطاعم الموجودة على مستوى المتوسطات والثانويات، التي يخضع تسييرها لمديريات التربية، فضلا عن تجهيز فضاءات ملائمة لفتح المطاعم وكذا توظيف عمال مختصين، علما أن الكثير من الابتدائيات اضطرت إلى استعمال قاعات عادية لا تتوفر على العتاد اللازم، كما تستعين بعمال الشبكة الاجتماعية الذين توظفهم البلديات، وأغلبهم ليست لهم الخبرة الكافية بشأن تحضير الوجبات، مما قد يعرض صحة التلاميذ إلى مشاكل، خصوصا في ظل اضطرار بعض المدراء إلى تقديم وجبات باردة والتي يمنعها القانون منعا باتا، بسبب عدم توفر الظروف والشروط الضرورية.
لطيفة/ب