انعقد بقالمة أمس السبت أول ملتقى وطني حول تعدد الزوجات في الجزائر، نظمته الجمعية الوطنية الوفاء للتضامن الوطني و شارك فيه خبراء و باحثون و أئمة دعوا إلى تحرك فعال لمواجهة ما وصفوه بخطر العنوسة المهدد لاستقرار المجتمعات عبر العديد من دول العالم، من بينها الجزائر التي تعرف عزوفا كبيرا عن الزواج و تفاقم ظاهرة الطلاق و التفكك الأسري و الانحراف الأخلاقي الذي بلغ مرحلة مهددة للاستقرار. تناول المتدخلون جوانب قانونية و اجتماعية و دينية تتعلق بتعدد الزوجات و أكدوا بأن قانون الأسرة الجزائري يشجع على الزواج بأكثر من امرأة واحدة و هو مستمد من الشريعة الإسلامية، لكن تطبيقه على أرض الواقع لا يزال بعيدا، فتعدد الزوجات في الجزائر يشكل طابوها اجتماعيا متجذرا و غير قابل للنقاش. و تعالت الأصوات من داخل الملتقى، مطالبة بفتح نقاش وطني واسع و فتح المجال أمام تعدد الزوجات و تشجيع النساء و الرجال على خوض ما وصف ب"المعركة الشريفة لقهر العنوسة" و إنقاذ ملايين النساء اللائي ينتظرن زوجا و يبدين استعدادا للعيش مع زوجة ثانية تحت سقف واحد. و ذكر بأن ما لا يقل عن 12 مليون امرأة في الجزائر بلغت سن الزواج و لم تتزوج و هو رقم مخيف و غير مقبول وسط مجتمع تسود روح التضامن و التآزر بين أفراده، و دعا الأئمة المتدخلون للعودة إلى تعاليم الدين الإسلامي و تشجيع الرجال على الزواج من ثانية و حتى ثالثة و رابعة، لستر المرأة العانس و التخفيف من مظاهر الانحراف الآخذة في التصاعد بين سنة و أخرى كما حثوا المرأة المتزوجة على تبديد الخوف من الضرة و تشجيع زوجها على الزواج من ثانية، تساعدها على مواجهة تحديات الحياة اليومية في تربية الأطفال و بناء بيت سعيد تسوده روح التفاهم و المحبة و الأخوة. و حسب المشاركين في الملتقى، فإن الخوف لدى الرجال و الرفض المتواصل و الصريح للضرة و مشاكل العمل و السكن، تعد من بين أسباب ارتفاع مؤشر العنوسة وسط النساء و العزوف عن الزواج وسط الرجال الذين أصبحوا ينظرون إلى الزواج كمشكلة اجتماعية غير مرغوب فيها، حتى إذا تعلق الأمر بزوجة واحدة. و قال رئيس الجمعية الوطنية الوفاء للتضامن الوطني المنظمة للملتقى، زدام نوار، بأن تنظيم هذه المبادرة جاء بطلب من آلاف الأسر الجزائرية و الجمعيات النشطة في مجال القضايا الاجتماعية و الأسرة و الطفل و أضاف في تصريح للصحافيين بأن العنوسة في الجزائر أصبحت أمرا مقلقا و مؤثرا على التنمية و الاستقرار و تماسك المجتمع. و تعتزم الجمعية تنظيم ملتقيات أخرى عبر مختلف مناطق الوطن للتحسيس بخطورة الوضع و إقناع المجتمع، بقبول فكرة تعدد الزوجات و تشجيع الرجال و النساء على قبول الآخر و التعايش معه في كنف الاحترام و التفاهم و التضامن و تبديد عقدة الخوف من الزوجة الثانية و تغيير الصورة النمطية لحق تعدد الزوجات المنصوص عليه في الشريعة الإسلامية و قانون الأسرة الجزائري.
و قد أطلق المشاركون في الملتقى حملة تضامن واسعة مع المرأة المطلقة و الأرملة و العاملة و ربة البيت المتزوجة التي كانت محور المداخلات باعتبارها حجر الزاوية في إنجاح مسعى التعدد لأن الرجل قد يستجيب بسرعة لنداء تعدد الزوجات، لكنه يتخوف من ردود فعل الزوجة الأولى التي لا تقبل أن تشاركها أخرى و تدافع عن مملكتها الصغيرة بقوة و بعنف و لا تريد ضرة تزاحمها و تنغص عنها حياتها، كما جاء في بعض المتدخلات.
فريد.غ