نفت أمس وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط أن تكون إدارتها قد اتخذت أي إجراء لفصل الأساتذة المضربين أو استخلافهم، وأعلنت بالمناسبة عن إجراءات سريعة من أجل تعويض الدروس الضائعة و إنقاذ ما تبقى من الموسم الدراسي عبر توزيع أقراص مضغوطة على تلاميذ الأقسام النهائية تحتوي على الدروس في مختلف الشعب إلى جانب تزويدهم بالرموز السرية للدخول إلى روابط الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد فضلا عن الاستعانة بمؤطرين لتقديم دروس الدعم لمترشحي البكالوريا، من خارج المؤسسات التربوية من أساتذة متقاعدين والطلبة الأساتذة من المدارس العليا.
وأوضحت بن غبريط في ندوة صحفية عقدتها في مقر الوزارة بالمرادية بأن الإجراء « القانوني « الوحيد الذي تم الشروع في تطبيقه في حق الأساتذة المضربين هو خصم أيام الإضراب من الأجور إلى جانب الخصم من منحة المردودية، وقالت في معرض ردها عن سؤال للنصر، حول ما تردد عن قرار طرد الأساتذة الذين قرروا مواصلة الإضراب « إن ما كتب وتردد بهذا الشأن لا أساس له من الصحة ونحن لا نطبق سوى ما ينص عليه القانون وهو خصم الأيام غير المؤداة من الأجور’’، داعية النقابة المضربة إلى ممارسة الإضراب في إطار احترام الحق الأساسي المكرس للتلميذ في التعليم، واتهمت ‘’ كنابيست ‘’ بالتعسف في استعمال حق الإضراب.
وحرصت الوزيرة على التأكيد بأن الأيام الضائعة التي لم يأخذ فيها التلاميذ دروسا، منذ شروع ‘’ كنابيست ‘’ في احتجاجاتها، لا تتعدى 10 أيام رغم بلوغ إضراب الأساتذة أسبوعه الرابع وذلك بحساب الأيام المخصصة للامتحانات والمداولات، وكشفت بن غبريط في هذا السياق، عن تقييم أجراه المفتشون خلال الفصل الأول والثاني من الموسم الدراسي الجاري، توصل – حسب ما ذكرت إلى أن التقدم في تنفيذ البرنامج قد بلغ نسبة تتراوح ما بين 70 و75 بالمائة وهي نسب قالت أنها تفوق تلك المسجلة في نفس الفترة من السنة الماضية والتي لم تتعد آنذاك – حسبها، 55 بالمائة، مرجعة ذلك إلى ما وصفته بالظروف التي تمت تهيئتها لذلك ومن بينها ‘’ قرارات الحكومة التي تضمنتها التعليمة رقم 04 والتعليمة المكملة رقم 11’’.
وعن الإجراءات التي تم اتخاذها لحماية حق التلميذ في التعليم مع تواصل الإضراب، أشارت الوزيرة إلى « إعطاء استقلالية أكبر في المؤسسة لتنظيم وتعديل وتيرة التقدم في الدروس بما تراه مناسبا إلى جانب إعطاء تعليمات لمديري التربية لوضع تحت تصرف التلميذ كل أجهزة الدعم والمرافقة المتوفرة حفاظا على مصلحة التلميذ.
وأعلنت المتحدثة في هذا الصدد بأنه سيتم ابتداء من اليوم توزيع أقراص مضغوطة تحتوي على دروس وامتحانات، ومدونات تعليمية، من تصميم الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد للاستفادة منها، كما سيتم – تضيف الوزيرة - منح كل التلاميذ الأرقام السرية الخاصة بالدخول إلى أرضية روابط الديوان المشار إليه للاستفادة من محتوياتها.
كما قررت الوزارة تضيف بن غبريط اللجوء إلى المتقاعدين وأولياء التلاميذ والطلبة الذين هم في آخر مرحلة من الدراسة والطلبة الأساتذة على مستوى المدارس العليا للأساتذة، من أجل مرافقة التلاميذ المتضررين من الإضراب، وتقديم دروس الدعم لهم في مدرجات الثانويات أو في غيرها من القاعات المتوفرة خارج الأقسام، مشيرة إلى أن إدارتها ستعمل على توفير كل الموارد المالية لمرافقة هذه العملية.
ودعت الوزيرة التلاميذ إلى الالتحاق بأقسامهم وأن يستغلوا أوقات فراغهم لمراجعة دروسهم وحل التمارين والتحضير للامتحانات، والاستفادة أيضا من دروس الدعم التي ستقدم لهم، داعية في نفس الوقت موظفي المؤسسات التربوية إلى « التحلي بقدر أكبر من الالتزام والوقوف إلى جانب التلاميذ وتوفير كل الوسائل المتاحة لضمان تحقيق الإجراءات المتخذة سيما ترك أبواب المؤسسات المدرسية مفتوحة لاحتضان كل المبادرات ذات الطابع البيداغوجي لفائدة التلاميذ المقبلين على البكالوريا، في إطار أفواج أو في إطار جماعي.
وفي ردها عن سؤال آخر للنصر عن حقيقة ما تردده النقابات عن " تراجع الوزارة عن الالتزام السابق المتعلق بالترقية الآلية للأساتذة إلى أستاذ رئيسي وأستاذ مكون "أكدت بن غبريط بأنه لا يوجد أي محضر يتضمن التزام بهذا الإجراء، وقالت إن هذا المطلب الذي تتمسك به "كنابيست " لتوقيف إضرابها " غير قانوني و غير منطقي، فيما طمأنت بان امتحانات نهاية السنة ستجرى في وقتها ولن يتم إلغاء البكالوريا التجريبية.
من جهة أخرى جددت وزيرة التربية الدعوة لنقابة كنابيست للتحلي بالحكمة والمسؤولية وأشادت " بحكمة " تكتل نقابات التربية لتعليقها الإضراب، فيما دعت الأساتذة المضربين إلى العودة إلى مناصب العمل ودعتهم إلى إجراء قراءات فردية متأنية لمحضر الاتفاق الذي تم إمضاءه بين الوزارة والنقابة ووعدت بتوزيع نسخة من المحضر على كل أستاذ. كما دعت التلاميذ والأولياء إلى تفادي الاهتمام بالكتابات التي تنشرها بعض الجرائد وما تقدمه بعض القنوات وعدم بناء قناعاتهم عليها لما تتضمنها من كتابات وتصريحات غير صحيحة و" إشاعات " تخلق الأجواء المتوترة، ودعت بالمقابل إلى الاهتمام فقط بما يصدر عن الوزارة ومديريات التربية. وشككت الوزيرة من جهة أخرى في مدى قدرة النقابات على الحوار والتفاوض ودعتها إلى التكوين في هذا المجال.
ع.أسابع
قرر اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ رفع رسالة احتجاج لدى رئاسة الجمهورية غدا الإثنين، تتضمن دعوة للتدخل من أجل إنقاذ الموسم الدراسي وإبعاد شبح السنة البيضاء، مع الشروع في تنظيم اعتصامات أمام مقرات مديريات التربية الأسبوع المقبل في حال عدم معالجة إشكالية الإضرابات في قطاع التربية. عقد اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ صبيحة أمس السبت، جمعية عامة لدراسة طبيعة الإجراءات التي يمكن اتخاذها في ظل استمرار إضراب نقابة الكنابست، وتم على إثرها اتخاذ إجراءات هامة وفق ما كشف عنه رئيس التنظيم خالد أحمد للنصر، من بينها إيداع رسالة شكوى لدى رئاسة الجمهورية يوم الإثنين، بغرض مناشدة رئيس الدولة من أجل التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من الموسم الدراسي، الذي يوشك على الانقضاء، وقرر المجتمعون الإبقاء على الدورة مفتوحة لمواجهة أي طارئ، وأمهل ممثلو أولياء التلاميذ السلطات المعنية إلى غاية بداية الأسبوع المقبل للشروع في تصعيد الاحتجاج، عن طريق تنظيم اعتصامات أمام مقرات مديريات التربية وكذا المؤسسات التعليمية، وأكد في هذا السياق خالد أحمد بأن العطلة الربيعية لن تعطل تنفيذ التهديدات التي رفعوها، باعتبار أن كافة المؤسسات ستكون مفتوحة خلال الأسبوع الأول، من أجل استقبال طلبة أقسام البكالوريا لتلقي الدروس التدعيمية، وتعد المرة الأولى التي يهدد فيها أولياء التلاميذ بالاعتصام، جراء الوضعية الصعبة التي يعيشها عدد هام من التلاميذ، خاصة المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، الذين ضيعوا فصلا كاملا تقريبا من الدراسة، في حين لم يعد يفصل عن هذا الامتحان المصيري سوى شهرين فقط. وقال خالد أحمد بأنهم يسعون من خلال رسالة الاحتجاج لاستعطاف القاضي الأول في البلاد، وكذا الاحتجاج على ما يعانيه أبناؤهم منذ عشر سنوات جراء الإضرابات التي هزت قطاع التربية الوطنية، فضلا عن تنبيه السلطات بأن الإضراب أضحى قضية وطنية ويهم كل الأجيال لذا يجب أخذه بعين الاعتبار، وفي ذات السياق أفاد المتحدث بأن تنظيمه يعكف على القيام بدور الوساطة ما بين وزارة التربية ونقابة الكنابست، بغرض إيجاد مخرج للمشاكل العالقة، مؤكدا بأن اتصالات مكثفة جرت هذه الأيام مع الأطراف المعنية، آملا في أن تكلل جهود تنظيمه بوقف الإضراب خلال هذا الأسبوع، موضحا بأن الرسالة التي وجهها اتحاد أولياء التلاميذ للوزير الأول عبد المالك سلال قبل أيام حققت نتائج إيجابية، بدليل استجابة الوزيرة نورية بن غبريط لـ 11 مطلبا رفعه التكتل النقابي، الذي قرر على إثرها تجميد الحركة الاحتجاجية بعد أن كان قد قرر شلّ المؤسسات لمدة ثلاثة أيام متجددة آليا، في حين أصر الكنابست على مواصلة الإضراب بدعوى عدم الاستجابة لعدد من المطالب، من بينها الترقية الآلية، ويعتقد خالد أحمد بأن أصل المشكل بين النقابة والوزارة هو مجرد سوء تفاهم فقط، وأن الهيئة الوصية أبدت ليونة في التعامل مع النقاط العالقة. وعلى الجهة المقابلة، تصر نقابة الكنابست على تحميل وزارة التربية الوطنية المسؤولية الكاملة فيما تعيشه العديد من المؤسسات التعليمية بسبب الإضراب المفتوح، ويعتقد الناطق باسم التنظيم مسعود بوديبة بأن الوزارة هي التي يجب أن تقلق بشأن مصير التلاميذ، وأن تعاملها بهذا الأسلوب مع الإضراب معناه أن الأمور وصلت إلى مرحلة الخطر، وقلل المتحدث من شأن تهديدات الهيئة الوصية بفصل المضربين، قائلا بأنهم كنقابة تجاوزوا هذه الأمور، وأن ما يهمهم هو الدفاع عن كرامة الأستاذ، مستبعدا أن تنفذ الوزارة تهديداتها، لأن ذلك سيكون قرارا وفق رأيه تعسفيا ومنافيا لقوانين الجمهورية، وفنّد مسعود بوديبة أن يكون سبب تمسكهم بالإضراب هو الترقية الآلية فقط، بل جملة من المطالب الأخرى، مبديا في ذات الوقت استعدادهم في حال التوصل إلى حل يرضي الطرفين لتدارك التأخر في الدروس، شريطة أن يتم ذلك في إطار تفاوضي جدي.
لطيفة بلحاج
أعلنت نقابة الكنابست في بيان أصدرته أمس، عن مواصلة الإضراب ليوم متجدد آليا، إلى غاية الاستجابة للمطالب المرفوعة، مع تنظيم اعتصامات أمام مديريات التربية غدا الإثنين على الساعة العاشرة صباحا، والإعداد لاعتصام وطني سيحدد تاريخه لاحقا، كما قرر التنظيم الإبقاء على دورة المجلس الوطني مفتوحة. وجاء في نص بيان النقابة الذي أعقب الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني ، بأن الحل لن يتأتى إلا بالاستجابة للمطالب المرفوعة، عن طريق مفاوضات جادة بعيدا عن سياسة الهروب إلى الأمام، ومحاولة تجاوز النقابة، عن طريق استعمال نقابات لتصرح عن رضاها عن تحقيق المطالب، مع الابتعاد عن استعمال التهديد والوعيد ضد الاساتذة، بدعوى أن ذلك سيزيدهم إصرارا على الإضراب، واعتبرت الكنابست بأن النقاط التي تضمنها المحضر الأخير مع الوزارة لم ترق إلى التطلعات، ولم تكن في مستوى تضحياتهم.
ل/ب