• الخبير محمد حميدوش: اجتماع الجزائر سيرسم إستراتيجية نفطية جديدة والأسعار سترتفع قبل نهاية العام
تتجه أنظار الدول المنتجة للنفط، وكبار الشركات البترولية، صوب الجزائر التي ستحتضن المنتدى الدولي للطاقة، يتخلله اجتماع غير رسمي لدول «أوبك» للخروج باتفاق يسمح بوقف انهيار الأسعار، وفي الوقت الذي يستبعد فيه الخبراء إمكانية اتخاذ قرار بخفض الإنتاج، إلا أنهم يرون أن فرصة التوصل إلى اتفاق بتثبيت الإنتاج وارد، ما يسمح باستقرار الأسعار ما بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل العام المقبل، ويحذر الخبراء من أن أي فشل معناه انهيار جديد للأسعار.
تستضيف الجزائر، بداية من اليوم الاثنين ، أشغال الاجتماع الوزاري الـ15 للمنتدى الدولي للطاقة، بمشاركة 54 بلدا و أزيد من 440 مندوبا، وكبار الشركات النفطية، لمناقشة أوضاع السوق النفطية، ويعقد على هامش الندوة، اجتماع غير رسمي لدول «أوبك» وصفه البعض بأنه «اجتماع الفرصة الأخيرة» لوقف انهيار الأسعار ويجمع المحللون بأن لقاء الجزائر قد ينهي خلافا بين الدول المنتجة استمر لأكثر من عامين، وسيرسم بشكل أو بآخر توجهات السوق النفطية لسنوات قادمة.
وفيما يستبعد خبراء إمكانية التوصل إلى اتفاق بخفض الإنتاج في الوقت الحالي، بسبب الخلافات التي لا تزال تهيمن على مواقف الدول العضوة في المنظمة، يؤكد المحللون بأن فرص التوصل إلى قرار بتثبيت الإنتاج في المستويات التي سيحددها أعضاء المنظمة يبقى ممكنا، وفي وقت لاحق الاتفاق على خفض الإنتاج، بسبب الخسائر التي تتكبدها دول المنظمة من تراجع الأسعار والمقدرة بـ 500 مليون دولار يوميا. كما يحذّر الخبراء بأن أي فشل قد يؤدى إلى تراجع الأسعار لمستويات جد متدنية إلى غاية نهاية السنة.
وانتهجت العربية السعودية مدعومة بدول الخليج منذ بداية الأزمة النفطية سياسة «كسر العظام» مع منتجي الغاز الصخري الأمريكي والكندي وفضلت اعتماد إستراتيجية إغراق السوق، لإنهاك المنتجين في الولايات المتحدة الأمريكية، من جهة، ومن جهة أخرى تجنب فقدان حصص إنتاجية في السوق، وهي الإستراتيجية التي أثرت على إيرادات الكثير من الدول ومنها المملكة نفسها التي تعرف اكبر عجز تجاري في تاريخها.
وتسعى معظم الدول إلى تجنب تكرار سيناريو اجتماع الدوحة في أفريل الماضي، حين أخفق كبار المنتجين بالتوصل إلى قرار ملزم بتثبيت الإنتاج عند مستويات جانفي الماضي بسبب خلافات على عدم وجود إيران في الاجتماع. كما فشلت دول منظمة (أوبك) في التوصل خلال اجتماعها في فيينا مطلع جوان الفائت، إلى اتفاق بشأن تغيير سياسة المنظمة في مجال إنتاج النفط، ولم تتمكن من تحديد سقف جديد لحجم إنتاج النفط.
وقادت الجزائر مدعومة بعدة دول منها فنزويلا والإكوادور ودول أخرى داخل المنظمة، اتصالات ومشاورات مع بقية الدول المنتجة، في محاولة لتقريب وجهات النظر خاصة بين السعودية وإيران، والخروج بقرار مشترك خلال الاجتماع التشاوري بغية إنعاش سعر البرميل. ونجحت تلك المساعي بافتكاك موافقة روسيا التي أعلنت دعمها لأي قرار ايجابي يصدر عن قمة الجزائر ولم يخفِ وزير الطاقة نور الدين بوطرفة تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق بخصوص مستويات الإنتاج مؤكدا بأن قمة الجزائر لن تفشل، وهي تصريحات ساهمت في رفع أسعار النفط في التداولات أمس بنحو 1 بالمائة، لتصل إلى 46 دولار للبرميل لمزيج برنت.
وكشفت مصادر إعلامية بريطانية تفاصيل العرض الذي ستتقدم به السعودية خلال الاجتماع، وقالت بأن المملكة ستعرض خفض إنتاجها إلى 1 مليون برميل يوميا بشرط موافقة إيران على عدم زيادة معدلات إنتاجها وإبقائها عند مستويات أوت، أي عند 3.6 مليون برميل يوميا، وهو ما قد يشكل حجر عثرة أمام المفاوضات حيث ترغب طهران بالعودة إلى مستويات ما قبل العقوبات الدولية عليها، أي عند مستوى إنتاج 4 ملايين برميل يوميا.
وتشهد أسعار النفط هبوطا منذ جوان 2014 حين هوت بأكثر من النصف مع زيادة الإنتاج والتصدير مقابل طلب ضعيف على الخام. ويقدر فائض العرض في السوق النفطية بنحو مليوني برميل يوميا، حتى مع غياب قدر من النفط النيجيري بسبب الاضطرابات في دلتا النيجر وغياب أغلب النفط الليبي عن السوق.
ودفع تراجع إيرادات الدول النفطية بسبب انهيار الأسعار، تلك الدول إلى إقرار سياسات تقشفية، حيث قامت عدة دول ومنها الجزائر ودول الخليج برفع سعر الوقود في السوق المحلية في محاولة لكبح مستوى الإنفاق العمومي، ويدرك المجتمعون في الجزائر أن عودة أكثر من نصف مليون برميل يوميا من نفط نيجيريا إلى السوق واحتمالات عودة إنتاج وتصدير النفط الليبي تدريجيا يمكن أن يزيد من فائض العرض بما يهوي أكثر بالأسعار في ظل عدم نمو الطلب العالي بشكل جيد.
و أشار مراقبون إلى أن اجتماع الجزائر لا يحتمل فشلاً جديداً، لأن ذلك سيهوي بأسعار النفط إلى أقل من 43 دولاراً حتى نهاية العام الجاري على الأقل، في الوقت الذي يعاني فيه المنتجون بما فيهم الكبار، من انخفاض الأسعار. و يشير الخبراء بأن الاجتماع الذي ستحتضنه الجزائر سيحدد سعر متوسط برميل النفط خلال الشهور المقبلة، «وأي فشل في التوافق على خطوات إعادة الاستقرار، ستهوي بالأسعار دون 43 دولاراً».
ويقول خبراء، بأن المخاوف من تفكك «أوبك « غير واقعية، وذكر مدير شركة «في جي إندستري» الألمانية، إن منظمة «أوبك» قوية وقد استطاعت اجتياز فترات عديدة صعبة عبر تاريخها الطويل الذي بلغ 56 عاما، مضيفا أن وجود الخلافات أمر طبيعي في كل المنظمات الدولية، موضحا أن «أوبك» تستعيد دورها المحوري في السوق خاصة مع خفوت ما يسمى بثورة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة والعودة إلى المنتجين التقليديين لتلبية احتياجات الطاقة الواسعة التي ستتنامى بشكل أكبر في السنوات المقبلة بفعل النمو السكاني الواسع وزيادة جهود التنمية
وبلغ إنتاج الدول الأعضاء في (أوبك) من النفط خلال أوت الماضي، نحو 33.237 مليون برميل يومياً، منها نحو 10.6 مليون برميل يومياً من السعودية وحدها، بينما بلغ حجم الإنتاج العالمي في ذات الشهر 95.4 مليون برميل
يومياً.
أنيس نواري
الخبير الاقتصادي محمد حميدوش للنصر
اجتماع الجزائر سيرسم إستراتيجية نفطية جديدة والأسعار سترتفع قبل نهاية العام
• الأزمة أعادت نفط أوبك إلى الواجهة وأبعدت المنتجين الجدد
أكد الخبير الاقتصادي لدى المؤسسات المالية الدولية، محمد حميدوش، بأن اجتماع الدول المنتجة للنفط بالجزائر «يكتسي أهمية كبيرة» كونه سيجمع كبار المنتجين والفاعلين في السوق لرسم إستراتيجية نفطية جديدة ستظهر بشكل أوضح خلال الاجتماع العادي لدول «أوبك» في فيينا أواخر نوفمبر المقبل، وتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى حدود 50 إلى 55 دولار للبرميل نهاية السنة، على أن تصل إلى حدود 70 دولار خلال فصل الصيف المقبل
قال الخبير الاقتصادي لدى البنك العالمي، محمد حميدوش، بأن تحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار الأسواق هو الهدف الأسمى الذي يجب أن يلتف حوله المنتجون ويتعاونوا على تحقيقه وأن يتم الانطلاق بشكل قوي نحو تحقيق هذه الغاية من خلال اجتماع المنتجين في الجزائر.
وأوضح حميدوش في تصريح للنصر بأن الهدف الأساسي من اجتماع الجزائر هو جمع كبار المنتجين والفاعلين في السوق النفطية حول طاولة واحدة.
وأوضح المتحدث، أنه مهما كان القرار الذي سيخرج به الاجتماع، فإن النجاح الأول للقمة، هو جمع كبار المنتجين حول هدف واحد يتمثل في رسم إستراتيجية جديدة للتعامل مع أوضاع سوق النفط، استعدادا للاجتماع العادي لمنظمة «أوبك» المقررة في 29 نوفمبر المقبل، موضحا بأن التوجهات الحالية تشير إلى إمكانية ارتفاع الأسعار إلى حدود 50 أو 55 دولار للبرميل أواخر العام الجاري، على أن تصل الأسعار إلى حدود 60 دولارا مع نهاية السداسي الأول 2017، لتصل بعدها إلى حدود 70 أو 75 دولارا في فصل الصيف. وأكد المتحدث وجود رغبة جزائرية قوية في إنجاح الاجتماع وتضييق هوة الخلافات بين أعضاء «أوبك»، مشيرا إلى أن السوق متفائلة بشكل عام بالاجتماع وبقدرته على إحراز تقدم خاصة في ظل المشاركة الواسعة التي يحظى بها سواء من جميع الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» أو الدول غير الأعضاء وعلى رأسها روسيا.
وأشار في السياق ذاته، إلى أن الاجتماع قد لا يخرج بقرار نهائي، ولكن الأهم في اللقاء هو الاتفاق حول سياسة مستقبلية بين الدول المنتجة تسمح بإعادة الاستقرار إلى السوق، موضحا بأن المتعاملين في السوق لديهم دراية بالتوجه العام الذي يسبق الاجتماع من خلال التصريحات التي صدرت على لسان أكثر من مسؤول، وعلى رأسهم المسؤولين في السعودية وروسيا وإيران، وهي تصريحات تترك الانطباع بأن القرار قد يترسم في الجزائر ويتخذ بشكل رسمي وعلني خلال قمة أوبك المقبلة. وقلل الخبير الاقتصادي، من شأن المخاوف التي تتحدث عن احتمال انهيار الأسعار، في حال فشل الاجتماع أو عدم اتخاذ قرار رسمي، مضيفا بأن السوق النفطية قد تعرف اضطرابات لفترة قد تدوم يومين أو ثلاثة، لكنها ستستقر فيما بعد وقد تشهد بعد ذلك الأسعار ارتفاعا كما كان الأمر عليه عقب فشل اجتماع الدوحة، حيث تراجعت الأسعار بعد فشل اللقاء، ثم استعادت السوق توازنها فيما بعد موضحا بأن المتعاملين في السوق لديهم مؤشرات يبنون عليها تعاملاتهم وهي إستراتيجية طويلة وليست ظرفية.
وبخصوص وضع السوق النفطية قال المتحدث بأن الإستراتيجية التي وضعتها «أوبك» وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بسيطة وتتمثل في ضخ كميات إضافية من النفط لاسترجاع ما تخسره في القيمة وذلك بغية استبعاد بعض الفاعلين والمنتجين الذين لديهم كلفة كبيرة على غرار كندا ونفط بحر الشمال والنفط الصخري الأمريكي، كون تكلفة استخراج النفط بها في حدود 40 دولار للبرميل، بينما تكلفة دول الخليج ما بين 9 إلى 13 دولار للبرميل، أما الجزائر فتقدر التكلفة بـ 15 دولارا للبرميل.
أنيس نواري