بتعيين عبد المجيد تبون على رأس الوزارة الأولى، يكون الرئيس بوتفليقة، قد منح الوزير السابق للسكن و وزير التجارة بالنيابة، الورقة البيضاء لتنفيذ خارطة طريق جديدة تتناسب مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد، وأولها تنظيم قطاع الاستيراد بغرض وقف نزيف العملة الصعبة وهي مهمة سبق لنزيل قصر الدكتور سعدان أن خاض من اجلها معركة عند حمله لحقيبة التجارة في فترة قصيرة .
لم يكن تعيين عبد المجيد تبون على رأس الوزارة الأولى مفاجئا للكثيرين، خاصة وان اسمه كان مطروحا منذ فترة، وذلك قبل الانتخابات التشريعية، وعاد مجددا بعد الانتخابات الأخيرة، وكان اسم تبون مطروحا لخلافة عبد المالك سلال على رأس الوزارة، وهو تعيين يعكس رغبة الرئيس بوتفليقة في إصلاح بعض الاختلالات التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
فقبل أسبوعين انفجر غضب الوزير الأول الجديد، بسبب «تعطيل» المشاريع السكنية بفعل نقص التمويل، وكان واضحا أن البيان الذي أصدره وزير السكن السابق، والذي حمل كلا من وزارة المالية والقرض الشعبي الجزائري مسؤولية تأخر تسليم المشاريع السكنية من صيغة البيع بالإيجار والترقوي العمومي، لعدم التزامهما بتمويل الأشغال النهائية للمشاريع، يعد بمثابة «صرخة» لتحريك الوضع.
وسبق للوزير أن خاض معركة من أجل إنهاء فوضى الاستيراد وكسر شوكة لوبيات بلغ بها الجشع إلى حد استيراد التراب، حين أوكلت له وزارة بالنيابة بعد وفاة الوزير السابق بختي بلعايب، حيث وجد الوزير الأول الجديد، نفسه في مواجهة مفتوحة مع بارونات الاستيراد التي عششت في كل الجهات، وأصبح نفوذها يشكل خطرا على خزينة الدولة، بل في بعض الأحيان لجأت إلى تزوير وثائق رسمية، كما وقع مع المرحوم بختي بلعايب، لادخال سلع غير مطابقة ومغشوشة للسوق الوطنية.
وكان تبون قد أعلن عن رغبته في خفض قيمة الواردات هذه السنة ما بين 10 إلى 15 مليار دولار، وهو قرار يمر حتما عبر ضبط قيمة وكميات السلع المستوردة، حيث أكد بان «عهد استيراد الحاويات وبيعها في الميناء قد انتهى»، وهو تصريح كان موجه لبعض المستوردين الذين استنزفوا لسنوات خزينة الدولة ومارسوا نشاطهم بأموال البنوك العمومية.
السياسة التي أعلن عنها تبون، أثارت قلق الكثير من الأطراف التي عاثت في قطاع التجارة الخارجية فسادا بسبب فوضى الاستيراد والمضاربة، وعكس ما يعتقده البعض، فان الشكاوى لم تصدر من الجانب الأوروبي رغم المخاوف التي أبداها الأوروبيون، بل جاءت من متعاملين جزائريين يعملون لصالح دول وشركات أوروبية، وأكد تبون بهذا الخصوص انه تحادث مع مسؤولين أوروبيين، وان معظم انشغالاتهم كانت منصبة على مبدأ الشفافية في وضع التدابير القانونية لتنظيم الاستيراد، وقال أن جل الشكاوى والاحتجاجات جاءت من أطراف جزائرية تعمل لصالح الأوروبيين.
ع سمير