صنفت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي الضجة التي أثارها للمرة الثانية نواب حزب العمال ضدها، في خانة الجو التفاعلي الذي يسود البرلمانات الديمقراطية، وردت على اتهامها بصرف 17 مليار سنتيم على سمفونية، بأنها كانت هدية لرئيس الجمهورية على إرسائه الوئام والسلم المدنيين، وأن ذلك هو أقل عرفان له.
وظهرت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي أمس، خلال جلسة المصادقة على مشروع قانون سوق الكتاب بمعنويات مرتفعة، ولم تبد أي انزعاج من الانتقادات اللاذعة التي صوبها ضدها نواب حزب العمال، وهم يرفعون وثائق مستنسخة عن ملفات «فساد» يقولون بأنها طالت قطاع الثقافة منذ أن تولته الوزيرة الحالية، مهددين برفع الحصانة البرلمانية وإحالة تلك الملفات على العدالة للنظر فيها، وما ساعد نادية لعبيدي في التغلب على خصومها داخل قبة البرلمان، وقوف نواب الأغلبية إلى جانبها، فقد طالب رئيس الكتلة النيابية للأفلان طاهر خاوة بنقطة نظام ليرد بالثقيل على نواب حزب العمال، قائلا « إن دور النواب وفق ما ينصّ عليه الدستور هو التشريع والرقابة، وليس الضبطية القضائية لإهانة إطارات الدولة باتهامات خطيرة تمس باستقرار البلاد»، مما أثار غضب خصوم الوزيرة محاولين إثارة ضجة داخل قاعة الجلسات، وسط تضامن كبير من باقي النواب مع الوزيرة، من بينهم نواب المعارضة، معتقدين بأن الأمر يتعلق بحملة متعمدة.
وجاء ردّ النائب عن الأفلان عقيلة رابحي جد صادم بالنسبة لنواب حزب العمال، عندما دعتهم إلى محاسبة الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الثقافة، قائلة « لماذا تحاسبوا نادية لعبيدي ولا تتكلموا عن خليدة تومي التي وزعت الأموال على أصحابها، فإما أن نحاسب الجميع أو نسكت عنهم جميعا»، وعقّب عليها رئيس المجموعة النيابية لحزب العمال جلول جودي قائلا بانهم ليسوا في عهد الحزب الواحد، وأنهم من المدافعين عن السيادة الوطنية والاستقرار، مثيرا مجددا قضية الفيلم الذي أنتجته مؤسسة « بروم إنترناسيونال» مقابل أزيد من 12 مليار سنتيم لفائدة عاصمة الثقافة العربية، وهو ما نفته الوزيرة جملة وتفصيلا، ودعوا إلى فتح تحقيقات قضائية في ما يخص هذه التجاوزات، من بينها منح الموسيقار «أمين قويدر» 17 مليار سنتيم مقابل إنجاز سمفونية.
و عبرت وزيرة الثقافة عن امتنانها وشكرها على تمرير مشروع القانون، الذي صوت لصالحه معظم النواب بمن فيهم التابعون لحزب العمال، مقابل امتناع نواب جبهة العدالة التنمية ورفضه من طرف نواب الأفافاس. وبرّر حزب العمال موقفه بكون أن الفضل في سن القانون يعود إلى الوزيرة السابقة خليدة تومي، قبل ست سنوات مضت، رافضين الطعن في نزاهتها، ورد عليهم مصطفى كحيليش نائب آخر من الأفلان، بدعوتهم إلى التوجه إلى العدالة إن كانت لديهم الأدلة الكافية.
واكتفت الوزيرة في كلمة ارتجالية بتوجيه الشكر للنواب على النقاش الحاد، متعهدة بأخذ الملاحظات بعين الاعتبار، قائلة بأنها تلقت كل الملاحظات بصدر رحب، خاصة التي قدمها نواب حزب العمال، الذين أضفوا وفق تقديرها جوا تفاعليا داخل قبة البرلمان، على غرار البرلمانات التعددية، كاشفة بأن السمفونية التي حملت عنوان» الوئام» كانت هدية خاصة من وزارة الثقافة لرئيس الجمهورية نظير الجهود التي قدمها منذ توليه الحكم في سبيل إرساء الوئام والسلم المدنيين، « أحب من أحب وكره من كره»، وهي اعتراف له بما قام به لصالح البلاد، آملة بأن يحترم كل واحد الرأي الآخر، وأن يتم التعامل بأسلوب ثقافي في طرح الإنشغالات والمواقف، والالتزام بالاحترام المتبادل.
ولم يطرأ على مشروع قانون سوق الكتاب أي تعديلات جوهرية، رغم اقتراح النواب أزيد من 40 تعديلا فضلا عن إدراج مواد جديدة، فقد رفضت لجنة الثقافة تبني كافة الاقتراحات، من بينها إلغاء الأحكام المتعلقة باحترام الديانات الأخرى عند ممارسة الأنشطة المتعلقة بالكتاب، وكذا إلغاء التنصيص على الترخيص لتنظيم التظاهرات الخاصة بهذا المجال.
لطيفة بلحاج