كشف والي برج بوعريريج، محمد بن مالك، عن تزويد مستشفيات الولاية بعتاد طبي متطور بقيمة 73 مليارا لمواجهة وباء كورونا، وأكد في حوار خصّ به النصر تصحيح الاختلالات الإدارية التي ظهرت مع ظهور الوباء بما في ذلك توقيف مسؤولين. وطمأن الوالي مواطني الولاية بخصوص توفر السلع والمواد الغذائية في رمضان كما كشف عن إعداد قاعدة بيانات للأشخاص المعوزين لضمان وصول إعانات الدولة على مستحقيها.
- أجرى الحوار : عثمان بوعبد الله
- بداية ما هو تقييمكم لآخر المستجدات حول وباء كورونا و ما هي آخر القرارات المتخذة للإحاطة بالأزمة؟
في الحقيقة على مستوى الولاية باشرنا إجراءات الوقاية و مواجهة الأزمة، منذ تاريخ 12 مارس 2020، بالتنسيق والتشاور وانطلقنا في مخطط عمل خاص بمتابعة و محاربة الوباء، حيث تم تكليف كل القطاعات كل في ما يخصه و وضع الترتيبات، خصوصا ما تعلق منها بالبيئة و التعقيم و النظافة وقطاع الصحة والتكفل بالمرضى والمصابين والعلاج والطواقم الطبية و الحالات المشتبه فيها و المتطوعين و التضامن، دون نسيان التكافل الاجتماعي، حيث تم تنصيب خلية للتكفل بكل عمليات التضامن، بما فيها الإعانات للمحتاجين و المعاقين و تحيين القوائم .
و بالموازة مع ذلك، شرعنا في عملية التحسيس، منها بث ومضات تحسيسية عبر وسائل الإعلام و مواقع التواصل و عن طريق الحماية المدنية، كما نصبنا لجنة خاصة بمتابعة و مراقبة حركة السوق و المواد الغذائية على مستوى مديرية التجارة، بالتنسيق مع مصالح الأمن و انطلقنا في عمليات أخرى لتوفير و صنع وسائل الوقاية و الكمامات لعمال الصحة و الحماية و الأمن .
- حدث مع بداية ظهور أولى الحالات ارتباك على مستوى قطاع الصحة و من ذلك خروج الطواقم الطبية في احتجاجات على ما وصفوه بسوء التسيير و العجز عن توفير ألبسة الوقاية و مواد التعقيم، ما هو ردكم على هذه الانشغالات و ما هي القرارات المتخذة لإعادة القطاع إلى السكة؟
نحن من هذا المنبر نحيي جميع عمال الصحة، بمن فيهم الأطباء و الممرضون و العمال و الحراس، التقنيون و غيرهم، فهم مرابطون في الصفوف الأولى لمحاربة هذا الوباء و يقومون بدور هام باحترافية و شجاعة، تبقى بعض الاضطرابات تعود إلى كون الوباء مستجد و غير معروف و سجل عالميا و مس جميع الهياكل، يمكن أن يكون فيه سوء تسيير أو في المعاملة و لكن على مستوى الولاية اتخذنا كل الترتيبات اللازمة و صححنا الأخطاء الإدارية، حيث اتخذنا قرارات صارمة بما فيها توقيف مدراء و أجرينا تعديلات، من خلال تسطير برنامج جديد، حيث خصصنا مستشفى بوزيدي 240 سريرا لوباء كورونا حصرا، بعدما كانت على مستوى كل الدوائر و البلديات و بالمؤسسات الاستشفائية و فتحنا المجال للأطباء المتطوعين و شبه الطبيين وشهدناإقبالا كبيرا من قبل أصحاب المؤسسات الخاصة، الذين ساهموا و فتحوا عياداتهم من أجل المرضى و من دون مقابل و بالنظر إلى اطلاعنا على إهمال جانب التنسيق و التواصل ما بين الطواقم الطبية و الإدارية، اتخذنا إجراءات صارمة و سنأخذ في الحسبان كل المعطيات و المقاييس المستجدة.
- هل ننتظر إجراءات أكثـر صرامة مستقبلا للتحكم في تسيير هذه الأزمة و لا يخفى عليكم أن الولاية سجلت نسبة وفيات أكبر نسبيا من النسبة الوطنية، فهل لنا أن نعرف أهم الأسباب وراء هذه النسبة بناء على التقارير التي تصلكم ؟
في ما يخص متابعة الأزمة و تسييرها فهي متحكم فيها و الدليل أن الطواقم الطبية أعدت برنامجا جديدا و صادقت عليه على مستوى المجلس الطبي بمستشفى بوزيدي لخضر و دعمناهم بجميع الوسائل الضرورية من أجهزة و عتاد طبي متطور، فضلا عن فتح الجناح الأرضي بالمؤسسة الاستشفائية للاستعجالات الطبية الجراحية (مستشفى العظام سابقا) و دعمناه بجميع التجهيزات و بأحدث التقنيات، كما قمنا مؤخرا باقتناء جميع التجهيزات و عقد صفقات في هذا الجانب من السكانير و الإيارام و أجهزة الأشعة و مخطط القلب و أجهزة الإنعاش، التي فاقت قيمتها الإجمالية مبلغ 73 مليار سنتيم و في نفس الوقت، سجلنا مساهمة للمستثمرين و المحسنين بحوالي 4 ملايير و 700 مليون سنتيم و نوجه لهم الشكر على مساهمتهم في تجهيز و ترتيب هذا المستشفى للتكفل خاصة بمرضى الفيروس المستجد و لا يخفى أن هذا المجال لا يمكن التدخل فيه أو تقييمه، لأنه خاص بالمصالح الطبية، فهم على دراية بتوقيت دخول المريض و متى يوضع في الإنعاش و متى يخضعونه لبروتوكول العلاج، بناء على نتائج التحاليل بالتنسيق مع معهد باستور، بالاستعانة بأجهزة الكشف السريع و بجهاز السكانير و لنا كل الثقة و التقدير للطواقم الطبية.
في إطار الحديث و الاعتراف بمجهود الطواقم الطبية، تهاطلت رسائل الامتنان و الشكر عليهم لتواجدهم في الصفوف الأولى لمكافحة هذا الوباء، لكن هناك أيضا شكاوى من طرف أهالي مرضى متوفين، يتحدثون عن تخلي بعض الأطباء و الممرضين عن مهامهم .. فهل بلغتكم تقارير حول هذه التجاوزات و هل اتخذتم قرارات في هذا الجانب ؟
الأطباء يؤدون مهامهم على أكمل وجه، لكن توجد في بعض الأحيان معلومات مغلوطة نفندها و نكذبها لأننا على ثقة تامة بالطواقم الطبية و هذا وباء خطير و عالمي نواجهه بكل ما أوتينا من قوة لنتحكم في الوضعية و نأمل في الوصول إلى التنسيق التام بين الطواقم الطبية و الطاقم الإداري و الطواقم المشتركة على النقل و التنسيق في هذا المجال و ما نؤكده، هو أن الوباء في تراجع بالولاية و الحقيقة لدينا أطباء مختصون في الإنعاش على قدر المسؤولية و لدينا أجهزة بتقنيات عالية.
- لدينا معلومات حول وجود أسرة إنعاش كانت غير مستغلة على مستوى مستشفى بوزيدي و هناك استياء من تغيب أطباء مختصين خصوصا أطباء الإنعاش، فكيف تعاملتم مع هذه الحالات ؟
في الحقيقة الأسرة كانت موجودة لكنها غير مجهزة بوسائل الإنعاش و أمام هذا الوضع أخذنا قرارا بتزويد مستشفى بوزيدي بالأشعة و أجهزة إنعاش متطورة و حل المشكل نهائيا، تبقى قضية الأطباء لدينا مجلس طبي نضع فيه .
- ولاية البرج، تعتبر لحد الآن من بين الولايات الرائدة في مجال التضامن و العمل التطوعي و أعطت أحسن مثال في التكاثف خلال الأزمات، كيف استقبلتم هذه الهبات التضامنية؟
ولاية البرج من بين الولايات التي قام فيها المحسنون و المتطوعون بدور كبير، سجلنا عدة إعانات من المحسنين و أخرى مسخرة من الولاية و وزارة التضامن، كانت على شكل مواد غذائية، حيث سطرنا برنامجا و انطلقنا في العملية، كما شرعنا في توزيعها على مستوى مناطق الظل و في نفس الوقت، وجهنا قوافل تضامنية و إعانات إلى ولاية البليدة و سنوزع 10 آلاف قفة، كما باشرنا عملية ضبط قوائم التضامن الخاصة بشهر رمضان و تحيين القوائم و ضبط شبكة توزيع على مستوى الأحياء و القرى و المداشر، فالولاية جبلية و بها عدة مناطق ظل، ما يحتم علينا إيصال الأمانة إلى مستحقيها.
- في هذا السياق، اتخذتم قرارا بتوحيد قوائم الأشخاص المستفيدين من الإعانات فلماذا؟
تجنبا لتكرار الاستفادة و لتعميمها على العائلات المحتاجة و توصيلها للمواطن في الستر حفاظا على كرامته و لتكون هذه الإعانة عملية تضامنية محضة، ليس لها أي طابع آخر من غير طابع التضامن بين الجزائريين، و بالتالي قمنا بتعيين خلية تضم أناسا أكفاء و إطارات من الولاية، كما قمنا بتعيين لجنة على مستوى الدوائر و خلايا على مستوى البلديات و أعددنا شبكة للتوزيع بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي و الخلايا الجوارية، من أجل ضبط و التحقيق و التأكد من القوائم التي تصلنا من الأحياء و البلديات، ليتم تطهيرها من المستفيدين غير المستحقين و تعميم الاستفادة على أكبر عدد ممكن من العائلات المعوزة المحتاجة خاصة و أن الظروف يتزامن مع فترة الوباء و الحجر الصحي و قدوم شهر رمضان .
- هل نفهم من كلامكم أن القرار يهدف إلى قطع الطريق أمام المتاجرين بهذه الإعانات و تنظيمها و إبعادها عن حالة الفوضى التي طغت عليها خلال السنوات الفارطة أين كانت تستعمل لأغراض سياسية من طرف البعض ؟
أكيد و هذا تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية في سياق الجزائر الجديدة، فالتسيير أصبح عقلاني و منظم و لوجيستيكي مرقمن، فعلى سبيل المثال أعددنا قاعدة بيانات للأشخاص المعوزين و نستقبل القوائم الجديدة من لجان الأحياء، لمطابقتها مع البطاقية الولائية، فيما نقوم بتطهير القوائم من الأشخاص غير المستحقين لهذه الإعانات.
- سخاء المحسنين و رجال الأعمال بالولاية ربما غطى على جهود الدولة و أعطى صورة و كأن مديرية الصحة مغيبة، خاصة و أن المؤسسات الاستشفائية كانت غير قادرة على توفير مواد التعقيم و الألبسة الواقية و كانت فيه مبادرات لتوفيرها، فهلا وضعتنا في الصورة الحقيقية ؟
الصورة الحقيقية هي أن الدولة حاضرة و في كل المجالات و بكل قوة و لكن سخاء المحسنين إضافة على كون الولاية معروفة بسخاء أبنائها الذين عادة ما يقدمون دروسا في وقت الشدة و هذا من شيم الجزائري، و لا يخفى أن كل الأمور مضبوطة و لدينا سجلات لكل ما قدمه المحسنون و الإعانات المرصودة من طرف الدولة و إعانات وزارة التضامن، جميعها تحفظ و تحصى وشكلنا عدة خلايا لإحصاء الإعانات في المخازن و مراقبتها، لتوجه في وضعية جيدة و صحية و مراقبة من حيث الجودة و تاريخ الصلاحية و القيمة الغذائية ... نقوم بتنظيمها في إطار محكم و المحسنون ملتزمون و ينسقون معنا في ورقة الطريق المسطرة من طرف اللجنة الولائية للتضامن التي أشرف عليها شخصيا .
- منذ تسجيل أول حالة مؤكدة بفيروس كورونا، كانت في الأول إجراءات الحجر مطبقة بصرامة، لكن مع مرور الوقت يلاحظ أن الأحياء و شوارع المدن الكبرى بالولاية، استعادت حركيتها، في هذا الإطار تم تطبيق الحجر الجزئي ابتداء من الساعة السابعة مساء، هل سجلتم تجاوزات و ما هي التدابير المتخذة لإنجاح هذا المطلب الملح لتجاوز الأزمة بسلام ؟
نشكر جميع المواطنين النزهاء المخلصين الذين التزموا التزاما تاما بالحجر الصحي و أيضا ... شرعنا في تطبيق قرارات الحجر الجزئي، حيث سجلنا بعض المخالفات و التجاوزات أغلبها استثنائية ...و سوف نطبق على أصحابها الإجراءات القانونية المعمول بها، حيث قامت المصالح المختصة بحجز المركبات و الدرجات النارية للمخالفين .
- في عز هذه الأزمة و قبل أيام من دخول شهر رمضان المعظم، ربما تتبادر إلى ذهن المواطن أسئِلة كثيرة، خصوصا في ظل غلق الأسواق اليومية للخضر و الفواكه، هل بادرتم بفتح فضاءات تجارية بديلة للمواطنين و ما هي الإجراءات المتخذة لتموين السوق بالمواد الغذائية و الاستهلاكية، بما فيها مادة السميد على وجه التحديد؟
نؤكد مرة أخرى و نطمئن المواطن على مستوى للولاية، بأن كل المواد الغذائية و الاستهلاكية متوفرة، كما تحرص مديرية التجارة على المراقبة اليومية الصارمة و الدائمة بالتنسيق مع مصالح الأمن و مكتب حفظ الصحة للبلديات، أما في ما يخص مادة السميد، فقد سجل تذبذب في التوزيع في الأيام السابقة، بسبب خروقات من بعض المطاحن، لكن قمنا بتشكيل خلية لذات الغرض و ضبطنا برنامجا لتلبية احتياجات جميع البلديات للقضاء على التذبذب في التوزيع.
و بخصوص الخضر و الفواكه، فإن سوق الجملة ينشط بشكل عادي و تموين المواطنين سيتم عن طريق الشاحنات المتنقلة، فقد سطرنا برنامجا على مستوى الدوائر و البلديات، بتوفير شاحنة أو شاحنتين متنقلتين للخضر و الفواكه في كل حي، لكي يجد المواطن نقاط البيع بالقرب من مسكنه و خصصناها خلال فترة الحجر، لأن الأسواق مغلوقة و لا بد من توفير بدائل و قمنا بتخصيص أماكن لذات الغرض، لتجنب الزحام و التقارب، لأن الوقاية و الحماية من الوباء أهم مطلب.
و في نفس الوقت، تبقى محلات البقالة و المواد الغذائية مفتوحة و تعمل بصفة عادية و أطلقنا عملية تحسيس مع جمعية و منظمة حماية المستهلك، حتى يحترم الزبائن المسافة و عدم لمس المواد الغذائية و كيفية التعامل من طرف أصحاب المحلات، بتوفير وسائل الحماية و الوقاية و الاعتناء بنظافة المحلات و التعقيم .
- ما هي الرسالة التي توجهها للمواطن البرايجي في ختام هذا الحوار؟
أحييهم على إخلاصهم و التزامهم بروح المسؤولية التي تحلوا بها خلال فترة الحجر الصحي و أنصح كل الفئات بالتزام البيوت و التقيد بالإجراءات الصحية و الأخذ بالنصائح التي يقدمها المختصون و الحرص على أخذ المعلومة من مصادرها الحقيقية، لتجنب الوقوع في المغالطات.
ع/ بوعبد الله