إنفصلـــت عن صالح أوقـــروت لأثبت قدرتي على إضحـــاك الجزائريين
غاب عن جمهوره لسنتين متتاليتين ، وهو الذي عودنا على التواجد بقوة من خلال أعمال ناجحة كل رمضان على الخصوص . يتحدث الفنان الكوميدي كمال بوعكاز في هذا الحوار الذي خص به النصر ، عن سبب شح أعماله التلفزيونية و غيابه عن الشاشات في رمضان الماضي . كما يوضح طبيعة علاقته بالفنان صالح أوقروت و سبب تراجع ظهورهما في أعمال كوميدية مشتركة بعد النجاح الذي حققاه معا طيلة 11 سنة.
ـ كمال بوعكاز: يمكن القول بأنه غياب اختياري . هو قرار نابع من قناعتي . فالفنان كأي شخص آخر، يصل إلى مرحلة معينة يصبح خلالها مسؤولا أمام جمهوره عن نوعية الأعمال التي يقدمها . عن نفسي أصبحت أفضل الغياب عن المشاركة في أعمال دون المستوى تعرض علي ليلة الشك ، أو الظهور في أعمال قليلة كهذه السنة مثلا . حيث اقتصرت مشاركتي على عملين عرضا في إحدى القنوات الخاصة ، من بينهما كوميديا مشتركة بيني و بين حميد عاشوري .
من جهة ثانية ، يمكن القول بأن ما يعرضه المنتجون لا يمكن القبول به . فبعضهم، و أشير هنا إلى الدخلاء على المجال ، حولوا الفن إلى تجارة مربحة . يتعاملون مع الفنانين على أنهم دواجن تبيض ذهبا . يأتيك بفكرة غير واضحة المعالم ، و يطلب منك الارتجال و تحويلها إلى مشروع عمل كوميدي ... وفي النهاية يستحوذ على حق الإنتاج و كتابة النص و الإخراج ، و يطبع اسمه في كل مراحل انجاز العمل ، ليظهر مبدعا على حساب الفنان.
عن نفسي أحترم فني و أفضل غربلة خياراتي جيدا قبل اتخاذها ، كي لا أتورط في أعمال دون المستوى ، تفقدني جمهورا إكتسبت حبه بفضل سنوات من العمل الجاد.
.كانت لي مشاركة في عمل درامي قبل سنوات . و أعتقد بأنها كانت جيدة . صحيح أن غالبية أعمالي كوميدية ، لكن ذلك لا يعني مطلقا بأنني لا أجيد السباحة عكس هذا التيار، فأنا خريج معهد الفنون الدرامية دفعة 1987 . أما السبب وراء اختياري للكوميديا ، فهو أنني إنسان مرح بطبعي ، ابن حي شعبي ، أملك رصيدا لغويا كبيرا يسمح لي بالوصول إلى مختلف طبقات المجتمع .
لست ضد فكرة المشاركة في أعمال درامية ، شريطة أن يكون العمل والمشرف عليه في المستوى ، حتى لا تنعكس رداءة العمل على مكانة الممثل . في النهاية لا أحد ينكر بأن ثمة القليل جدا من المخرجين الجزائريين القادرين على صناعة عمل درامي جيد . مؤخرا أنجبت الساحة الفنية الجزائرية وجوها تلفزيونية شابة ، اعتبرها مكسبا حقيقا ، لكنني أشك في أن أحدهم يستطيع صقلها و تكوينها بالشكل اللازم ، أو منحها الأعمال الدرامية التي تبرز موهبتها الحقيقة
صالح أوقروت فنان عبقري ومبدع كفء . هو صديقي قبل أن يكون زميلي . عملنا معا لمدة 11 سنة تقريبا . قدمنا خلالها مجموعة من الأعمال الناجحة ، حتى أن الجميع كان يؤكد بأننا الثنائي الوحيد الذي إستطاع البروز و النجاح بعد « لابرانتي و المفتش الطاهر».
خلال سنوات عملنا معا ، كنا نعتمد على أنفسنا في كتابة النصوص ، و إخراج بعض الأعمال . تطلب منا ذلك مجهودا كبيرا. عن نفسي فضلت التركيز على العمل الفردي لأبرز قدرتي على الإبداع و إمكانياتي الكوميدية . أردت التأكيد بأنه بإستطاعتي إضحاك الجزائريين من خلال أعمال فردية و هكذا انفصلنا فنيا . صالح أيضا كان مرتبطا بالتزامات مهنية خاصة . ولم نجد إلى غاية الآن شخصا قادرا على مدنا بنص أو فكرة عمل ثنائي جديد في مستوى ما قدمناه من قبل . مع ذلك فأنا أحترمه و أتطلع للعمل معه مجددا . مؤخرا أبدع كعادته من خلال أدائه في السلسلة الفكاهية « عاشور العاشر» . بالنسبة لي كان هو أساسها . لم أتلق دعوة للمشاركة في العمل الذي عرض خلال رمضان، لكنني تابعت ما قدمه صالح بإهتمام .
آخر المترشحين « وان مان شو» للمؤلف سعيد حمودي ، يروي قصة شاب «ضائع» يعيش على وقع الغرور و أحلام اليقظة . أراد أن يعتلي في يوم من الأيام منصب رئيس الجمهورية ، محتقرا باقي المهن و مصاعب الحياة . و ظل الشاب على درب الأحلام سائرا غير مبال بحجم المسؤوليات التي تشترط في هكذا منصب و مستهترا بالواقع إلى أن صدم بعوائقه لقد حاولت من خلال هذا العمل تسليط الضوء على تفاصيل يوميات الجزائري ، و إبراز جانبه السلبي . حيث أنه يبرع في الإنتقاد و يتخيل بأنه كان ليقدم الأفضل لو حل محل غيره.
المونولوغ حقق نجاحا معتبرا . وقد قدمته في العديد من الولايات . أما سر نجاحه فهو طبعا خليط الفن و السياسة الذي يهواه الجزائريون ، لأنني حاولت تناول السياسة و تناقضاتها بطريقة سلسلة و فكاهية ، بما يسمح لي بتمرير رسالة تثقيفية هادفة ، دون الخوض في أمور لا طائل منها ، لأنني مقتنع بأن الفنان فنان وفقط . ومن أراد امتهان السياسية عليه أن ينخرط في حزب.
‘‘مكي وزكية ‘’ نص تونسي شهير للمخرج المسرحي الأمين النهدي ، قدمناه في افتتاح مهرجان الحمامات الدولي سنة 1992 . وتواصل عرض المسرحية لأكثر من ست سنوات ، شاركت فيها من خلال أدائي لشخصية مكي الجزائري الذي يتزوج من زكية التونسية وكل ما يحدث بعد ذلك من مواقف طريفة تعكس الواقع المعيش ، فيما يخص الحب والزواج والطلاق في بلادنا .
أما عن الفرق بين الفن الرابع في الجزائر و تونس، فهو موجود فعلا . في تونس هناك على الأقل خمسة قاعات تمتلئ عن آخرها نهاية الأسبوع لحضور عرض مسرحي . فالتونسيون يملكون ما نسميه بسياسة دعم المسرح . حيث تعمل إدارة المسرح على توفير كل الشروط اللازمة والظروف الملائمة للجمهور ، من حيث أوقات العرض و سعر التذاكر بغرض تشجيع ثقافة التردد على المسارح على عكس الجزائر.
حاليا أنا بصدد قراءة و إعادة كتابة نص « وان مان شو» جديد ، بعنوان « كونتر باص»، هو عمل مقتبس عن نص رواية ألمانية ، قام بترجمته محمد بوكراز، على أن يقوم بإخراجه أحمد العقون . يروي قصة عازف على آلة الباص ، يعتمد على مظهره الخارجي للترويج لفنه ، هو عبارة عن نقد لواقع الشباب و تناقضات حياتهم . أما رزنامة مشاريعي التلفزيونية فهي شاغرة حاليا .