المديح الصحراوي علاج روحاني أشفى أوروبيين من أمراض عصبية ونفسية
تحمل الفنانة المغتربة سعاد عسلة مشعل الأغنية الصحراوية، لأنها تتلمذت على يد الشيخة حسناء البشارية. و هي اليوم تقدم أغاني تراثية أضفت عليها لمسة العصرنة، كما تتميز بمظهر (لوك) خاص بها. «النصر» التقت بها خلال مهرجان جميلة العربي، أين نجحت في استقطاب اهتمام و إعجاب الجمهور الذي أبهرته بطلتها على ركح «كويكول» من خلال الموسيقى التي قدمتها و الاستعراض الغنائي الذي قدمته.
حاورها : رمزي تيوري
-النصر:من هي الفنانة سعاد عسلة؟
-سعاد عسلة:مغنية وكاتبة أغاني، أنحدر من مدينة بشار، أقيم حاليا بفرنسا، أصدرت ألبوم قبل 5 سنوات بفرنسا، حاليا لدي ألبوم جديد في الأسواق أطلقته بالجزائر، سابقا كنت عازفة ضمن الفرقة الموسيقية للمغنية الكبيرة حسناء البشارية، و انطلقت مؤخرا في مسيرتي الفنية الخاصة.
- هل بإمكانك تزويد القراء بتفاصيل أخرى عن الألبوم؟
-عنوانه «جوال» ويضم عدة أغاني من مختلف الطبوع، خاصة الصحراوي والقناوي النابع من إفريقيا السوداء، كما مزجته بطبوع غنائية غربية مثل «الصالصا» و»الجاز».. الأغاني من أدائي وأغلبها من تأليفي.
-هل وجد رواجا لدى المستمعين؟
- لقد فاجأني الرواج الكبير للألبوم، و صراحة أضاف لي الكثير في مسيرتي الفنية، بحيث أصبحت أشارك في المهرجانات والحفلات باستمرار، كما أحبه الجمهور كثيرا، لأنني تطرّقت إلى مواضيع متنوّعة على غرار السلام، ما يدور حاليا في الوطن العربي، قدمت أغنية عن الفقراء بعنوان «زوالي» وأخرى عن الهجرة السرية وظاهرة العبودية بعنوان «جابونا من السودان» تحكي على تهجير الأفارقة من جزيرة «القردة» بالسنغال إلى مختلف أنحاء العالم، بالمناسبة من هناك انتشرت موسيقى «القناوة» المعروفة.
-إذن تحاولين تسليط الضوء على ظواهر اجتماعية عن طريق الفن؟
- نعم أحاول أن أحلل بعض الظواهر التي تلفت انتباهي في قالب موسيقى، حيث قدمت أغنية بعنوان «الوالي» و هي تحكي عن ظاهرة الغربة وصعوبتها، لأنني مغتربة منذ 25 سنة بفرنسا، كما قدمت أغنية «marchandise» التي تعبر عن معاناة الفنانين وتحوّل الفن إلى بضاعة، أحاول أن أقاوم العنصرية.
- نتحدث الآن عن تفاعل و رواج الفن الجزائري والصحراوي بصفة عامة بأوروبا، ما تفسيرك؟
- الأوروبيون بطبعهم الفضولي، يرغبون في الإطلاع على مختلف الثقافات، شخصيا لقد قمت بفتح ورشات لتلقين مبادئ الغناء الصحراوي قصد إطلاعهم على ثقافتنا، عادتنا، تقاليدنا والآلات الموسيقية من تراثنا. هذه الورشات تعرف صدى وإقبالا منقطع النظير من الأوروبيات من 19 جنسية مختلفة، حتى أن القناة الفرنسية الثالثة أجرت روبورتاج خاص عني وتحدثت مع أعضاء الورشة، عبروا خلالها عن شغفهم بهذا الغناء الذي سكن روحهم.
- ماذا تلقنينه لهم بالضبط في هذه الورشات؟
- ألقنهم الغناء الصحراوي، خاصة المديح مثل «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وأقول لهم بأنها عبارات التوحيد يقولها المسلمون، لها دلالات روحية عميقة، تعبّر عن الانتماء للإسلام، لكنهم يرددونها بصدر رحب، لقد اتصلوا بي من أجل تقديم العلاج للمرضى نفسيا أو يعانون من اضطرابات عصبية في المستشفيات..تمكنت من تخفيف مرضهم وعلاجهم بفضل المديح والموسيقى الصحراوية الروحانية، التي تشفي وتغذي النفس وترفع المعنويات.
- تتميّز فرقتك الموسيقية بتنوع الجنسيات والثقافات، كيف تمكنت من جمعهم؟
- الموسيقى لغة عالمية يفهمها الجميع، تضم فرقتي أعضاء من مختلف جنسيات فرنسيين، بلجيكيين، كنديين، لكنهم يحسون بالموسيقى الصحراوية وأضفوا عليها طابع العالمية، يغنون ويرددون مدائح وأغاني بالعربية.
- هل تعتمدين على آلات تقليدية؟
- أعتمد على آلتي «البندير» و»الدربوكة» التقليدية وأنا بصدد تعلم الغناء على آلة «القنبري» الصحراوية التقليدية.
-هل قمت بجولات فنية عالمية؟
- نعم قمت بالعديد من الجولات في عدة بلدان على غرار المكسيك، فرنسا، بلجيكا، السينغال، كندا، أحاول تبليغ رسائل مختلفة أينما كنت.
- يشتكي الفنانون في الجزائر من صعوبات ومشاكل في العمل، هل تعانون نفس الأمر في فرنسا؟
- في فرنسا الظروف أفضل، يوجد هناك متعهدي الحفلات، يقومون بالعمل بشكل مباشر مع الفنان، وفي حالة لم يتمكن الفنان بتقديم الحد الأدنى من الحفلات يتم منحه مبلغ من المال، توجد حقوق أخرى، لكن بدأت الأمور تتطور إلى الأحسن في الجزائر مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف والقائمين على الفن بصفة عامة.
- كلمة أخيرة.
- أتمنى أن تصل الرسائل التي نقدمها عبر الفن، ليعم السلام والحب في العالم ويعيش الجميع في حرية وسعادة.