دراما البيئة الشامية روجت للتراث الغنائي السوري و وثقته بشكل كبير
أكد الفنان السوري بدر رامي، بأن التراث الموسيقي العربي بموشحاته و قدوده و مقاماته يملك جمهورا واسعا في دول الغرب و بالأخص أوروبا، ، كما تحدث ابن مدينة حلب السورية، في حوار خص به النصر، على هامش مشاركته في فعاليات الطبعة التاسعة للمهرجان الدولي للمالوف، عن الدور البارز الذي لعبته الدراما التلفزيونية السورية في الترويج للتراث الموسيقي المحلي و توثيقه ، و كشف كذلك عن سر علاقته بالعملاق السوري صباح فخري، وعن أوجه الاختلاف و التشابه بين المالوف و القدود الحلبية.
حاروته: نور الهدى طابي
ـ النصر: ماذا يحمل الفنان بدر رامي في جعبته لقسنطينة عاصمة الثقافة العربية؟
ـ بدر رامي: أحمل مجموعة متنوعة من الأغاني من التراث السوري و تحديدا التراث الحلبي، باعتباري ابنا لهذه المدينة، بالرغم من أنني ولدت و عشت لسنوات عديدة في المغرب، فقد اخترت أن أضفي تنوعا على برنامجي في مهرجان قسنطينة الدولي للمالوف الذي سمح لي بزيارة هذا البلد المضياف، فضبطت قائمة من أشهر الأغاني السورية القديمة، سوف أقدمها مع مزيج من القدود الحلبية من ألحان الشيخ سيد درويش و أغان لصباح فخري.
ـ قلت بأنك ولدت و عشت في المغرب لسنوات، هل سمح لك التقارب الجغرافي بالتعرف على الموسيقى الجزائرية، وهل سبق لك أداء مقاطع منها؟
ـ بالطبع فالتشابه الثقافي و الموسيقي بين البلدين كبير للغاية، وقد سمح لي عيشي في المغرب بالتعرف على الفن الجزائري ،و ترديد أغاني بعض أعلامه كرابح درياسة و الشيخ العنقى، وهنا تحديدا أود الإشارة إلى أن الشعبي الجزائري، فن جد متميز و راق بأنغامه و قصائده الطافحة بالبلاغة، صحيح أنني لم أتعامل مسبقا مع فنانين جزائريين و لم أؤدي أية أغنية جزائرية في حفلاتي، لكنني كثيرا ما أدندن أغنية « يا رايح وين مسافر» لدحمان الحراشي.
ـ أين تكمن أوجه التشابه بين موسيقى المالوف و القدود الحلبية؟
ـ كلاهما وليد منبع واحد وهو الأندلس ملتقى المشرق و المغرب، لذلك فإن مختلف القصائد و الموشحات التي يؤديها فنانو المالوف في المغرب العربي تغنى بأوزان و ألحان أخرى في المشرق، مع اختلاف بسيط في الكلمات، خلاصة القول هو موروث مشترك عاد به العرب و المغاربة من الأندلس بعد سقوطها و تفككها، وكل قام بتطويره على طريقته، و حسب معطيات بيئته الخاصة، يمكنني أن أضرب مثلا بقصيدة جاء في مطلعها:
« جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل في الأندلس».
ـ أنت القادم من مدينة حلب الجريحة، كيف تصف حال الفن في سوريا الآن؟
ـ ليس مشرقا الحرب طبعا غيرت كل شيء و شوهت كل جميل، مع ذلك لا يزال الفنان السوري صامدا و أنا خير دليل، فنحن مؤمنون بأن الفن رسالة محبة و سلام، صحيح أن كثيرا منا اضطروا للهجرة خارج سوريا، لكن أصواتنا لا تزال تغرد بلغتها ،و تشدو بألحان تراثها.
ـ لماذا هذه الهجرة الجماعية للفنانين العرب إلى الخارج، و هل صحيح أن الموسيقى الكلاسيكية لم تعد تسمع إلا في المهرجانات؟
ـ أولا بسبب الأوضاع الأمنية في بعض الدول و الأوضاع الاقتصادية لمعظم الدول الأخرى، كثيرون باتوا يفضلون الهجرة إلى الخارج للبحث عن فرص أفضل، و مناخ أنسب للعمل، إضافة إلى ذلك فإن الأذواق تغيرت، و القليل فقط من شباب اليوم يتذوقون الفن الراقي كالمالوف و القدود، عكس ذلك في الخارج و تحديدا في بلدان أوروبا و أمريكا الشمالية.هناك تملك هذه الطبوع الموسيقية الكلاسيكية قاعدة جماهيرية واسعة، لدرجة أن الصالات تمتلئ عن آخرها في دول كفرنسا و كندا و ألمانيا و بلجيكا، خلال تنظيم حفلات من هذا النوع. علما بأن الجمهور لا يقتصر فقط على المهاجرين العرب من الجزائر وسوريا و المغرب و لبنان، بل أيضا هناك عدد كبير من الأوروبيين، يحضرون و يستمتعون بالأداء و يعبرون عن حبهم لرقي التراث العربي.
ـ في رأيك إلى أي مدى ساهمت دراما البيئة الشامية القديمة في رواج التراث الغنائي السوري؟
ـ بالفعل المسلسلات التلفزيونية السورية التي صورت البيئة الشامية القديمة،أعادت التراث الغنائي الشعبي إلى الواجهة، و قدمت صورة مشرفة عنه، كما ساهمت بدرجة كبيرة في رواجه.
أيضا يمكن القول بأن هذه الأعمال ساهمت في توثيق عدد معتبر من الأغاني السورية و القدود الحلبية، التي يؤديها حاليا فنانون شباب لإبراز مواهبهم في برامج اكتشاف المواهب العربية على غرار «ستار أكاديمي» و «ذا فويس».
ـ طالما ارتبط اسمك بالفنان الكبير صباح فخري، ما نوع العلاقة بينكما ؟
ـ (يضحك) هو بمثابة عرابي، فيوم ولدت بالمغرب كان الفنان الكبير صباح فخري ،وهو صديق لعائلتي ،هناك لإحياء حفل فني، فعرج على منزل الأسرة و كان أول من أذن في أذني. عراقة الصداقة التي جمعته بوالدي جعلتني قريبا منه و قد أحببت الفن من خلاله، و تعلمت منه الكثير، حتى ابنه أنس صديق لي و للعائلة وهو فنان متكامل و يتمتع بموهبة تستحق الاحترام.