التراث الجزائري يسع الطبوع الغنائية العالمية و يحتويها
اعتبر مغني الروك أصيل بأن التراث الجزائري قابل لاحتواء الطبوع الموسيقية العالمية ، لكن بشرط عدم فقدان الهوية الجزائرية في الأغنية نتيجة لهذا التلاقح. أمين بن عثمان، المعروف بأمين أصيل، ابن حي باب القنطرة بقسنطينة عرف في السنوات الأخيرة بأدائه لأغاني الروك بفرنسا ضمن فرقة متخصصة في هذه الموسيقي تسمى فرقة أصيل، التقته النصر على هامش إحياء هذه الفرقة لحفل بمدينة قسنطينة ضمن مهرجان «213 فاست» المنظم من قبل جمعية فنون وثقافة بلباقة،فأجرينا معه هذا الحوار .
. النصر :مرحبا أصيل، بأي لغة تفضل أن نجري حوارنا ؟
أمين أصيل: باللغة الجزائرية التي يفهمها الجزائريون والتي أحبها وأغني بها في المهرجانات الدولية المخصصة لموسيقى الروك.
. بزغ اسم أصيل كأهم الأسماء التي تؤدي موسيقى الروك و التي تنحدر من المنطقة المغاربية ما سر هذا الإسم؟
-حين توجهت لموسيقى الروك كمغن محترف، كان اهتمامي الأول هو إيصال الطابع الموسيقي الجزائري المتنوع والمتعدد من ناحية المشارب والثقافات ، لذلك كان همي الأول هو كيف يمكنني إيصال هذه الثقافة الموسيقية الأصيلة إلى العالم، فقررت أن أختار اسم أصيل ليذكرني دائما بجذوري الفنية والموسيقية التي تربيت عليها لذلك ستجد أنواعا عديدة من الطبوع الغنائية الجزائرية ضمن الأغاني التي أؤديها على غرار الصحراوي والشاوي و العيساوة.
. يبدو الأمر نوعا ما مفارقة، كيف لموسيقى الروك الغربية أن تكون فيها طبوع موسيقية جزائرية ؟
-الروك فن ليس جزائريا، لكن الروح التي تؤدي بها فرقة أصيل هذا الطابع هي روح جزائرية ،حيث حاولنا من خلال عملنا على التراث الجزائري أن نساهم ولو بنسبة معينة في إضفاء الجماليات و إدخال الآلات العالمية على هذا التراث وهو ما سيساهم بشكل كبير في استقطاب الشباب لتراثنا واستمرارية التواصل معه من خلال تجديده بشكل مستمر.
. ما هو الهدف من هذه الإضافات التي قد لا تعجب البعض ؟
-الموسيقى ليست ملزمة بأن تعجب الجميع، لذلك توجد عدة أنواع منها، فهناك من يحب الطرب وهناك من يحب الموسيقى السريعة، وهدف فرقة أصيل من التعامل مع التراث الجزائري ضمن موسيقى الروك، هو البحث عن مكانة عالمية بموسيقى عالمية لا تخلو من الروح الجزائرية فكل الأغاني التي تؤديها الفرقة هي أغان جزائرية ذات بعد وتوجه عالمين يمكن أن يستمع إليها الأمريكي والياباني والأسترالي ،وهذا هو هدفنا الحقيقي لأننا بكل صراحة نقوم بإحياء معظم حفلاتنا في الخارج وفي عواصم عالمية ،لذلك أحببنا أن نكون أحد أصوات الموسيقى الجزائرية.
-النصر حضرت حفلتكم وما أثار انتباهنا هو استعانتكم بقصائد معروفة ضمن العيساوة، تؤدونها بتوزيع موسيقي جديد يدخل ضمن طابع الروك، أليس ذلك غريبا نوعا ما ؟
-نحن في فرقتنا بعيدون كل البعد عن المذاهب الدينية و الإيديولوجيات، نؤدي الموسيقى و فقط ، وأنا أظن أن على الموسيقى أن تكون بعيدة عن السياسة والدين والإيديولوجيات، عليها أن تنتصر للإنسان ، وما تأديتنا لتلك الأشعار سوى لإيماننا بالثقافة الجزائرية ،وما أنتجته من موسيقى وكلمات .لقد حاولنا نقلها بطريقتنا الخاصة، و برؤية الشباب الجزائري الذي يعيش في هذا العصر . قدمت فرقة أصيل في ألبومها الأول تاريخ الحضارة العربية الإسلامية وأهم أفكارها وهذا ليس إيديولوجيا وإنما هو غناء يبرز الهوية الجزائرية ويحاول تثمينها من خلال تقديم مكوناتها وأبعادها المختلفة.
-هل لدى فرقتكم أعمالا فنية جديدة بعد نجاح الألبومين اللذين طرحتهما منذ سنوات؟
- نعم لدينا ألبوما جديدا سيكون عنوانه «افتر ماث» وهو بمثابة استحضار للتاريخ الجزائري غنائيا، حيث ستدور كل الأغاني حول تاريخنا العظيم من عصر القائد ماسينسا إلى الملكة تينهينان، وصولا إلى أبطال الثورة التحريرية، سنعيد لهم الاعتبار و كذا لكل الجزائريين الذين ساهموا بنضالهم من أجل الارتقاء بهذا الجيل الجديد الذي أنا منه.
- تجربتكم الفنية جديدة من حيث استعانتها بالتراث الجزائري ضمن ما يعرف بموسيقى الروك الشرقية ،ما تعليقكم؟
- هناك تجارب عديدة أصبحت تنهل من الثقافة الشرقية أو العربية، وحتى الإسلامية وهو ما جعل بعض نقاد الفن يسمونه بطابع «الميتال» الشرقي، لكن فرقة أصيل تحاول أن تتفرد من خلال اعتمادها على الثقافة الجزائرية ببعدها المغاربي و الأمازيغي وحتى الإفريقي، فالروك الشرقي جميل ولديه مميزاته العديدة ،لكن فرقة أصيل تريد أن تكون فرقة جزائرية بروح جزائرية، ولا تقلد المدارس و الفرق الأخرى الموجودة والمعروفة في الساحة العربية.
- هناك من يملك صورة غير جيدة عن موسيقى الروك في الجزائر هل ترغب في قول شيء معين لهم ؟
ـ فرقة أصيل وجدت طريقها في التعبير عن نفسها ،وسلكت طريق الروك لكنها لم تتخل عن هويتها الجزائرية والبعد الحضاري لهذه الهوية ، لذلك على من ينتقد أي نوع غنائي موسيقي أن يتعرف عليه بشكل أعمق ويستمع إليه قبل أن يحكم عليه. إننا بكل صراحة تلقينا تشجيعات من مهرجانات عديدة و تفاعل معنا الجمهور بشكل كبير، فكلما قمنا بإحياء حفلة فنية في الخارج نحاول أن نؤكد بأن هذا النجاح هو للثقافة الجزائرية قبل نجاح الفرقة.
حاوره: حمزة دايلي