لساني الأمازيغي جعلني أتحدى بيئتي لأصدح بأشعاري
استطاعت الشاعرة زرفة صحراوي، ابنة جبل بوعريف بتاحمامات (المعذر حاليا) بأعالي الأوراس بولاية باتنة، أن تصدح بأشعارها في محافل ومناسبات وأن تقتحم مجال التنشيط الفني والثقافي بلسانها الأمازيغي، و أن تشتغل بالصحافة أيضا متحدية كل الظروف
و العقبات التي صادفتها في طريقها، و في مقدمتها بيئتها حسبما أكدته للـنصر.
الشاعرة زرفة صحراوي رفعت التحدي لتصدح بشعرها بلسانها الأمازيغي، قائلة بأن لسانها لا يطاوعها في عدم النطق بما يختلج في صدرها، ما جعلها تتحدى الصعاب، لتصدح بأشعارها التي استلهمتها في البداية من بيئتها بجبل بوعريف ومن الحياة الريفية التي تعيشها المرأة، و أضافت زرفة بأنها لطالما كانت تبحث عمَن يسمع أشعارها التي تتغنى فيها بمشاعر الحب والجمال وطبيعة الأوراس و الأمومة واليتم، وتروي في أشعارها أيضا، فصولا من حياة المرأة بالريف، وهو ما جعلها تبحث عن المكان والمناسبة منذ صغرها، حتى يعلو صوتها و تصدح حنجرتها بأشعارها.
وتؤكد الشاعرة زرفة صحراوي بأنها لكونها عاشت وترعرعت في الريف، فإن المرأة الريفية يصعب عليها اقتفاء آثار طموحها، بسبب أعراف البيئة التي كثيرا ما تقسو على المرأة و تجعلها حبيسة المكان بمبرر المحافظة، لذا فهي تعتبر نفسها المرأة الثائرة في وجه العادات والأعراف التي تقيد طموحات و أحلام المرأة، و ترى بأن الأعراف البيئية التي تحد من طموحات المرأة، لا تعني القفص بالنسبة إليها، لأنها على العكس من ذلك لها جانب إيجابي كونها استلهمت شعرها من جمال الأوراس الذي ترعرعت بين أحضانه.
الشاعرة زرفة صحراوي الغيورة على كل ما يرمز للهوية الأمازيغية، تخطت مسيرتها في العطاء إلى النضال و تبني قضايا شاركت خلالها في مسيرات ضمن نساء قلائل كن يخرجن للتعبير عن آرائهن في سنوات السبعينات و الثمانينات، كما خرجت للتنديد بالعنف والإرهاب إبان العشرية السوداء، و تشتغل اليوم زرفة بعد أن أصبحت أما و جدة على جمع أشعارها لإصدارها في مؤلفات بالإضافة لتربيتها لأحفادها و تلقينهم التراث الذي ورثته.
زرفة شاركت في إعداد حصص بالأمازيغية في إذاعة الأوراس منذ بداية تأسيسها، و اشتغلت مع أول مدير للإذاعة و هو لخضر السايح، حيث كانت تشرف على حصة بعنوان “أسفرو”، أي الشعر و حصة أخرى “مع الشعراء”، كما نشطت عدة لقاءات و مهرجانات، منها تنشيطها لأول طبعة لمهرجان عيسى لجرموني بأم البواقي، بالإضافة إلى مهرجانات أخرى، منها مهرجان الأغنية الشاوية بخنشلة، و كانت تحرص على اعتلاء المنصة في كل مرة بالملحفة الشاوية، و خاضت زرفة تجربة على خشبة ركح الفن الرابع، حيث أدت أول مونولوغ لها بالشاوية بعنوان “ثارجيت”، أي الحلم.
و تقول زرفة بأن الثقافة الأمازيغية تحتوي موروثا لاماديا متنوعا و شاسعا، يجب المحافظة عليه بتوثيقه و إبرازه حتى لا يندثر، مضيفة بأن المرأة الريفية التي لا تستطيع إبراز مواهبها، بسبب العادات و البيئة المحافظة، تجدها تغني موروثا تناقله الأجداد و هي ترعى الماشية في المراعي، و تسرد الحكايات المتداولة بين الجدات عندما تذهب لغسل الصوف على ضفاف الوادي أو تجلب الماء من البئر.
وتؤكد الشاعرة زرفة صحراوي، بأن الفضل يعود إلى المرحوم المفكر والمثقف الهاشمي سعيداني الذي كان مديرا لدار الثقافة محمد العيد آل خليفة بباتنة، لأنه ساعدها و رافقها في تفجير طاقاتها الشعرية، و تتمنى زرفة أن تواصل الأجيال الصاعدة الحفاظ على الموروث الأمازيغي و تطوره وفق القواعد المنهجية.
يـاسين عبوبو