لا وجـــود لأزمــة عطــش و التذبــذب سببــه المنــاخ
يتحدث مدير وكـالة الحـوض الهـيدروغرافي لقسنطينة «سيبوس ملاق»، السيد بوشجة عبد الله، في هذا الحوار مع النصر، عن برنامج التحويلات الكبرى التضامنية للمياه فيما بين الولايات الذي أقرته الوزارة من أجل سد حاجيات المناطق التي يعاني سكانها، من نقص في التزود بهذه المادة الحيوية،وأرجع الإختلالات المسجلة، إلى أسباب مناخية محضة نافيا وجود أي أزمة مسجلة، مؤكدا بأن الدولة استثمرت منذ سنة 1999 أزيد من 50 مليار دولار في إنجاز السدود ومد الشبكات، لكن يبقى بحسبه التبذير وعدم الإستغلال العقلاني للماء، فضلا عن عدم دفع الفواتير من أكبر المشاكل التي يجب القضاء عليها، لتحقيق إكتفاء ذاتي وطني.
حاوره : لقمان قوادري
الجزائر استثمرت 50 مليار دولار في مجال المياه
النصر: عرفت بعض المناطق بالولايات الشرقية أزمة في التزود بالمياه كيف تفسرون ذلك؟
عبد الله بوشجة: أولا لا يمكننا الحديث عن وجود أزمة حقيقية، بل يمكن أن نصف الوضعية بالنقص أو التذبذب أحيانا في التزود بالمياه، والسبب كما يعلم العام والخاص في الشرق الجزائري، هو المناخ والتساقط الذي جاء مخالفا لما هو معتاد، فالمنطقة تعد هي الأعلى نسبة في التساقط في الجزائر، لكن ما حدث هذا العام هو انخفاض كبير وهو ما تسبب في تراجع منسوب السدود باستثناء بني هارون، الذي ما زال يحافظ على منسوب المليار متر مكعب، أما سد عين دالية بسوق أهراس و كدية مدور في باتنة فقد انخفض منسوبهما بشكل ملحوظ، وهو الأمر الذي أدى إلى مضاعفة نسبة المياه المحولة من سد بني هارون إليها، تحت إشراف لجنة لجنة مختصة من وزارة الموارد المائية والتي تقوم بمنح المقررات، الآبار أيضا تراجع مستوى منسوبها.
أطلقت الوزارة برنامجا تضامنيا فيما بين الولايات لتزويد المناطق المتضررة من الجفاف؟ ما هي أهم الإجراءات المتخذة؟
الوزارة بذلت ومازلت تبذل مجهودات جبارة لتوفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين عبر مختلف الولايات الشرقية، حيث أنه تم عقد خرجات ميدانية لمختلف الفاعلين والتنقل إلى الولايات والوقوف على الأوضاع بمختلف البلديات واكتشاف المناطق التي تعاني من عجز في المياه ومشاكل التسيير ، وأنا كمدير للوكالة وطيلة هذه الفترة الأخيرة أصبحت دائم التنقل من منطقة إلى منطقة مع عقد اجتماعات دورية، لإيجاد حلول وتقديم اقتراحات لجميع الإشكاليات المطروحة.
البرنامج التضامني أو التحويلات الكبرى، بين الولايات، ينطلق من سد بني هارون الذي يمون ولايات أم البواقي قسنطينة ميلة خنشلة و باتنة في المستقبل القريب سيصل إلى بسكرة، وجميع الولايات المذكورة على نفس المستوى بحاجة للمياه، فهو يمون ، على سبيل المثال سد عين دالية سوق أهراس والذي يزود بدوره ولايتي تبسة وأم البواقي ، في حين أن ولاية الطارف تمون من ولاية عنابة لامتلاكها لأربعة سدود، وفي المستقبل القريب ستتطور الأمور وتصبح عملية التضامن والتحويلات المائية فيما بين البلديات وكذا تحويلات ولائية، عن طريق شبكات ربط وتزويد، لأن الماء يعتبر ملكية وحق للجميع ولا يقتصر وجوده على منطقة دون أخرى.
ما هي الولايات الأكثـر تضررا في المنطقة الشرقية و فيما تتمثل الحلول الإستعجالية المقترحة ؟
الولايات التي تعرف نقصا في المياه هي خنشلة أم البواقي و تبسة، فأم البواقي نسبة مياه الأمطار بها ومستوى الآبار تراجع بشكل ملحوظ ونسبة العجز تقدر بـ 20 ألف متر مكعب يوميا ، وسد أروكيس توقفت فيه الأشغال حاليا بسبب إفلاس الشركة الإسبانية، حيث من المنتظر بعد إنجاز شبكات الضخ والمعالجة أن تنتهي المشكلة تماما، نظرا لطاقته الإستعابية المعتبرة بـ 60 مليون متر مكعب وتمويله لعدة بلديات منها عاصمة الولاية، الوالي تعهد بحل المشكلة قبل استلام المشروع في غضون سنة 2018 وإنهاء الإختلالات بشكل نهائي.
تحقيق هدف التموين على مدار 24 ساعة سيقضي على التبذير
أم البواقي تشرب من سد عين دالية بسوق أهراس الذي يمونها بـ 20 ألف متر مكعب يوميا ونفس الرقم لتبسة، فيما تخصص 40 ألف متر لحاجيات سكان الولاية، حيث أن طاقته الإستعابية تقدر53 مليون متر مكعب والآن تراجع منسوبه بحوالي 60 بالمائة في حدود 20 مليون فقط ، وهو الأمر الذي دفع بنا إلى تكثيف عمليات التحسيس والاستعمال الرشيد للمياه، نحن لم نقل لمواطنين لا تشربوا بل استهلكوا ما يكفيكم فقط بدل التبذير، من أجل الحفاظ على الثروة وعملية التحسيس انطلقت منذ 1 جويلية عبر مختلف المدن والمحطات الجهوية للإذاعة.
أما وضعية سد كدية مدور بباتنة، الذي تصل طاقته 87 مليون متر مكعب، فقد كان يزود ولاية خنشلة بـ 25 ألف متر مكعب يوميا وتم تقليص الحصة إلى 16 ألف متر مكعب، بسبب تراجع منسوب مياهه بشكل ملحوظ ، خنشلة تعاني من مشكلة ، باعتبار أن سد بابار في طور الإنجاز لكنه الآن في مرحلة التجارب.
خرج سكان عدة مناطق إلى الشارع إحتجاجا على جفاف الحنفيات و تذبذب في عملية التزويد؟ كيف تفسرون ذلك؟
صحيح، يوجد من يتزود مرة كل ثلاثة أيام أو في كل يومين، لكن هذا لا يعكس مستوى المجهودات المبذولة، فالأرقام تظهر تحسنا كبيرا في كل عام والبلدية أو المنطقة التي كانت في العام الماضي تشرب بنظام1/3 أصبحت خلال السنة الحالية تتزود يوميا، وأسمح لي أن أقدم لك أرقاما توضيحية على الأقل لولايتين ليطلع عليها الرأي العام.
تفضل..
أم البواقي تتكون من 29 بلدية 14 مسيرة من الجزائرية للمياه و 15 من طرف البلديات، وتعاني من عجز بـ 20 الف متر مكعب يوميا ، حيث أنها تتطلب تزويدا بـ 110 الف في حين أن إنتاجها لا يتجاوز 90 ألف يوميا وهذا العجز يتم تغطتيه من طرف ولاية سوق اهراس، 3 بالمائة من سكانها يتزودون 24/24 ساعة، 41 بالمائة يوميا، بمعدل 5 ساعات في اليوم، و 40 بالمائة من سكان بلدية أم البواقي مرة كل اليومين، أما سكان عين البيضاء فيشربون مرة كل ثلاثة أيام بمعدل 14 ساعة، و الأرقام في تحسن مستمر ومن الممكن أن تتحسن خلال سنة كأقصى تقدير، حيث سيتم تموينهم على الأقل بصفة يومية إلى غاية الوصول إلى الذروة بتزويد 24/ 24 ساعة ، باعتبار أن الوصول إلى هذا الهدف يقضي على التبذير والملء العشوائي للقارورات والإسراف في وضع الخزانات المائية في البيوت.
البلديات غير متحكمة في تسيير المياه لعدم الاختصاص
بالنسبة لخنشلة فمن مجموع 21 بلدية 8 بلديات مسيرة من الجزائرية للمياه والباقي من طرف البلدية، حاجيتها تقدر بـ 76 ألف متر مكعب يوميا و الإنتاج لا يتجاوز 66 ألف و 400 متر مكعب، ونسبة العجز تقدر بـ 10 آلاف، 3 بالمائة من السكان يتزودون 24/24 و 33 بالمائة يوميا، وقد تراجعت هذه النسبة بين 2015 و 2016 وتحسنت بشكل كبير رغم تراجع منسوب المياه، حيث أنه وفي في سنة 2015 كان 40 بالمائة يشربون وفقا لبرنامج مرة كل ثلاثة أيام و تراجعت إلى 20 بالمائة، ومن المنتظر أن تنتهي نهائيا في غضون 2018 بعد استلام سد بابار، .. جيمع الفاعلين يبذلون مجهودات جبارة، و الوزارة تطلع على الأرقام والنتائج المحققة بصفة دورية.
هل ترى بأن عدد السدود كاف لتلبية الإحتياجات من المياه؟
في الجزائر ليس لدينا أي مشكل في عدد السدود نمتلك 75 سد كبيرا ومتوسطا، وجل التجهيزات متوفرة، لكن المشكلة الأساسية التي نعاني منها هي، التبذير و الفوترة الجزافية وعدم امتلاك المواطنين لعدادات مائية، فالوزارة تسعى إلى تمليك كل مواطن أو صناعي لعداد خاص به و لابد من القضاء على هذه الظواهر للحفاظ على الثروة والقضاء على التسربات التي تتسبب في خسائر مادية ضخمة، مع الاستغلال الرشيد لمياه ومحاربة سرقة المياه والتوصيلات العشوائية، حاليا توجد ستة سدود كبيرة ومتوسطة في طور الإنجاز، وأود أن ألفت إلى نقطة مهمة ، وهي أن الدولة سخرت إمكانية ضخمة في مجال تسيير المياه، فمنذ سنة 1999 ، وصل حجم الإستثمارات العمومية إلى 50 مليار دولار استغلت في بناء السدود ومد الشبكات، وهو رقم يتجاوز ميزاينات دول بأكملها، الوزارة مازلت تجسد إلى حد الآن برنامجا إلى غاية 2035، من خلال برنامج ومخطط وطني للمياه، وكذا المخطط التوجيهي لتسيير الموارد المائية، يشرف عليها لجان الأحواض لكل منطقة وعددها خمسة عبر التراب الوطني،
ولاية قسنطينة على سبيل المثال، تخلصت من جميع النقاط السوداء، باستثناء بعض المواقع بالأحياء الفوضوية، فقد أصبح أزيد من 77 بالمائة من سكان الولاية يشربون 24 /24 ساعة، بما يعادل 850 ألف نسمة، فضلا عن 103 آلاف نسمة لأكثر من 8 ساعات يوميا ، وواحد بالمائة فقط يتزودون ما بين 4 و 8 ساعات يوميا بما يعادل 88 ألف نسمة.
لا يوجد نقص في السدود بالجزائر
توجد ست محطات لمعالجة مياه في طور الإنجاز، باستثناء محطة الشط التي لم تنطلق بها الأشغال، كما تعد محطة المقطع اكبر محطة تحلية مياه في العالم 500 ألف متر مكعب يوميا بولاية وهران، وهي تمول وهران و مستغانم، وقد التي قضت على جميع التذبذبات في التوزيع بالولايات الغربية.
ماهي أهم الإجراءات المتخذة في المخطط التوجيهي للمياه؟
المخطط التوجيهي، فهو يتعلق بتسيير المياه وفقا للطلب، بدلا للعرض، حيث أن متوسط الإستهلاك الحالي للفرد يقدر بـ 150 لترا وهو رقم مرتفع جدا، أكثر من نصفه يذهب التسربات المائية، ونحن نسعى إلى تخفيضه، في إطار الحفاظ على المياه كما توجد خلية خاصة بالوزارة وعبر مختلف مديريات الموارد المائية، للحد من التسربات.
ألا ترون بأن مشكلة التسيير تسببت أيضا في هذه الإختلالات المطروحة؟
صحيح، الجزائرية للمياه تقوم بعملها وحتى البلديات أيضا، لكن هذه الأخيرة تعاني من مشاكل لعدم اختصاص مسيريها، كما أن غالبية المواطنين لا يسددون الفواتير، ولا يمتلكون حتى عدادات وقليل منهم من يدفع المستحقات بطريقة جزافية، وهي السياسة التي تسعى أيضا الوزارة إلى الحد منها من خلال إسناد تسيير جميع البلديات إلى الجزائرية للمياه، ووضع عداد لكل منزل للحد من هذه الظاهرة السلبية، توجد حاليا قرابة 400 بلدية تم إدماجها.
نصف المياه الموزعة تتسرب وهناك مشكل تبذير
عدم تسديد فواتير المياه تسبب في عجز مالي للبلديات، والعديد من المواطنين لا يدفعون الفواتير رغم انخفاض التسعيرة المقدرة بـ 0.06 أورو لألف لتر في حين أن تتراوح في أوروبا ما بين 3 و 4 أورو للمتر مكعب، في وقت يقوم فيه الآلاف من الجزائريين بالتبذير ودفع الفاتورة جزافيا بقيمة مالية تترواح فيما بين 500 و 600 دينار، لذلك كل ما هو مجاني يدفع إلى التبذير.
ل ق