على المنتجين اللجوء إلى القروض و الدولة ضخت أموالا ضخمة في أفلام بقيت في الأدراج
كشفت رئيسة الشبكة الجزائرية للنساء المهنيات في السينما و التليفزيون سميرة حاج جيلاني، بأن الشبكة التي أعلنت عن ميلادها في سبتمبر الفارط ببلادنا ، اكتسبت مؤخرا بعدا دوليا، بانضمام مهنيات من 12 دولة إليها، في انتظار توسيعها اكثر، مشيرة إلى أن "رابسيت" بدأت تجسد برنامجها الطموح، بإنشاء لجنة للتحضير للمهرجان الدولي لفيلم المرأة و إعداد دليل المهنيين في السينما و التليفزيون و تعتبر التأسيس لصناعة سينمائية جزائرية قوية محور أهدافها، لكنه لن يتجسد إلا إذا توفرت، على حد تعبيرها، إرادة سياسية واضحة.
حاورتها : إلهام طالب
. النصر: حدثينا عن مشروع إضفاء بعد متوسطي على الشبكة الجزائرية للنساء المهنيات في السينما و التليفزيون..
. سميرة حاج جيلاني: عدت مؤخرا من برشلونة ، حيث شاركت في مؤتمر دولي لسيدات الأعمال و النساء المهنيات، و التقيت بعدة مهنيات إسبانيات ومن بينهن السيدة أليكسيا مونيوس، نائبة رئيسة اتحاد النساء الأوروبيات مهنيات السمعي البصري، و تحدثنا معا عن الشبكة و أهدافها، ثم اتفقنا على توسيعها لتشمل البلدان المتوسطية و الأوروبية عموما، على أن تتكفل أليسيا بالمهمة، و هناك اقتراح لتوسيعها أكثر لتشمل البلدان الاسكندينافية، للاستفادة من خبراتها السينمائية الكبيرة خاصة في مجال التكوين. و قبل ذلك كانت لدي اتصالات مع زميلات مهنيات من المغرب و تونس و موريتانيا و ليبيا و مصر، و وافقن على الانضمام إلى الشبكة. أوضح هنا بأن السر في الإقبال على الشبكة، هو أنها أول هيئة تجمع بين كافة المهنيات في السينما و التليفزيون من منتجات و مخرجات و ممثلات و تقنيات، في حين أن باقي الجمعيات و التنظيمات العربية تركز على تخصص واحد دون غيره كجمعية المنتجات أو المخرجات... إلخ. و قد بلغ لحد الآن عدد الدول التي انخرطت مهنياتها في الشبكة 12 دولة، و سأواصل من جهتي توسيع دائرة الشبكة لتصل إلى لبنان و الأردن و سوريا و غيرها.
إنشاء مدينة إعلام سيخلق 300 ألف منصب شغل
. متى سنشاهد فعاليات المهرجان الدولي لفيلم المرأة؟
ـ لقد آن الأوان ليكون للجزائر مهرجانا دوليا لفيلم المرأة على غرار جيرانها و بقية دول العالم ، لهذا الغرض أنشأنا مؤخرا لجنة من أجل التحضيرات للمهرجان الذي سيكون ضخما و سنبذل قصارى جهدنا من أجل إنجاحه، ليشرف الجزائر و يعكس مكانتها المرموقة عربيا و دوليا ، و اخترنا كاتبة سيناريو مسلسل "الخاوة" سارة شهرزاد رتيمة، كعضوة مكلفة بالمهرجان، و من المنتظر أن نطرح قريبا ملف التظاهرة على وزير الثقافة و ندرسه من مختلف الجوانب، علما بأننا حصلنا على موافقته المبدئية في لقاء سابق لدى تأسيس الشبكة. لقد حددنا شهر أكتوبر 2018 لانطلاقها، حتى لا يتزامن الموعد مع مهرجانات أخرى.
. مرت ثلاثة أشهر تقريبا على ميلاد الشبكة ، هل شرعتن في تجسيد برنامجكن الفني و الثقافي ؟
ـ بالتأكيد... لقد برمجنا عرض فيلمين كل شهر، و كانت الانطلاقة بعرض الفيلم الوثائقي "الأمير عبد القادر"، و الشبكة كانت حاضرة في مؤتمري سيدات الأعمال في مصر و إسبانيا بتدخلاتها، كما شاركت في مهرجانات و ملتقيات عديدة داخل و خارج الوطن، آخرها لقاء القدس السينمائي . و نحن الآن بصدد إعداد "دليل المهنيين في السينما و التليفزيون" و لدينا مجموعة أخرى من النشاطات.
12دولة التحقت بالشبكة
. يتصور البعض بأن إضفاء تاء التأنيث على الشبكة يقصي الرجال من نشاطاتها ما تعليقك؟
ـ لا ... غير صحيح إننا نتعامل في كل نشاطاتنا و ننسقها مع زملائنا الرجال ، و قد شجعونا في كل خطواتنا. و نحن بصدد إنشاء "دليل المهنيين في السينما و التليفزيون" ، من الجنسين، و قد كانت الشبكة سباقة لتهنئة زميلينا حكيم دكار و مراد خان، إثر فوزهما في الانتخابات المحلية ، و أعربنا عن فرحتنا بتواجد فنانين في مركز القرار، لما لذلك من تأثير و دفع لقطاعنا . و أغتنم الفرصة لأدعو ، عبر جريدة النصر ، كل فناني و فنانات قسنطينة لإرسال سيرهم الذاتية، لكي نضمهم إلى الدليل.
كما أغتنم الفرصة لأرد على من يتهمني بإقصاء الرجال ،" شكلوا أنتم أيضا شبكة أو أي تنظيم آخر و سأكون معكم و أدعمكم" . و أود أن أشير إلى أن الدافع الأساسي الذي دفعني لتخصيص الشبكة للمهنيات، هو أن الاتجاه السائد في العالم هو الاهتمام بالنساء المحترفات في قطاع الثقافة و الفن و تسهيل حصولهن على التكوين في مختلف المجالات، و كذا من أجل تقديم الصورة الحقيقية للمرأة الجزائرية و التعبير عن اهتمامات الفنانات و إخراجهن إلى دائرة الضوء ، فلطالما أسندت أدوار البطولة في أفلامنا و مسلسلاتنا الثورية للرجل، رغم أن المرأة كانت ضابطة و مهندسة معارك ضد المستعمر، و ليست مجرد ممرضة.
. ما رأيك في غياب الأفلام الجزائرية عن رزنامة مهرجان القاهرة السينمائي؟
ـ كمهنية فضلت عدم مشاركة الجزائر ، بدل مشاركتها بعمل ليس في المستوى يرفع علمها أمامه، فالفيلم هو الصورة الأولى لأي بلد ، و مهرجان القاهرة من أضخم المهرجانات السينمائية العربية من حيث عدد الدول المشاركة و عدد و نوعية الأفلام، فقد شاركت فيه أكثر من 53 دولة ب 175 فيلما .
"أحمد باي" بمخرج إيراني و لغة ثالثة ليوزع دوليا
. لكن العديد من الأعمال الجزائرية شاركت في مهرجانات أخرى و توجت بجوائز؟
ـ لأن تلك الأعمال كانت ذات إنتاج مشترك، و ذات مستوى جيد، بهذا الخصوص أذكر فيلم "أوغسطونيوس... ابن دموعها" الجزائري ـ التونسي المشترك ، لقد عرض في الدورة 33 مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط في أكتوبر الفارط، باعتباره فيلم تونسي، و لا أحد ذكر اسم الجزائر، فتدخلت للتوضيح، لأنني كنت ضمن ضيوف التظاهرة. للأسف تحدث هذه الأمور ، لأننا نعمل و ننتج و لا نتابع أعمالنا .
. هل ستساهم الشبكة الجزائرية للنساء المهنيات في السينما و التليفزيون في تأسيس صناعة سينمائية في بلادنا؟
ـ هذا محور أهداف الشبكة، لقد أنجزت ملفا كاملا بهذا الخصوص و أرسلته إلى رئيس الحكومة، و شرحت فيه كيف يمكن لهذه الصناعة أن تدعم الاقتصاد الوطني ، بما يمكن أن تحققه من مداخيل معتبرة، كما أنها تشكل إحدى استراتيجيات الدولة. الانطلاقة تكون بإنشاء مدن سينمائية و إعلامية تكون أيضا ذات طابع سياحي، من أجل تجسيد أعمال جزائرية كبيرة و أخرى عالمية، و أيضا من أجل استقطاب السياح. و لا يفوتني هنا إلا أن أقدم كمثال أول مدينة وارزازات السينمائية المغربية التي تم تصوير أضخم الأفلام العالمية بها، و حققت أعلى المداخيل، عمدت مؤخرا إلى رفع سقف أسعارها كثيرا، أتدرون ماذا حدث؟ انتهزت إسبانيا الفرصة و خفضت الأسعار في مدينة بالما دي ماريوكا من أجل جذب السينمائيين و السياح، و لو كانت لدينا بالجزائر مدينة سينمائية لنافستها عن جدارة.
زرت أيضا مدينة أمرام في طهران و مسافتها 100هكتار ، و صورت بها أضخم الأعمال الإيرانية، و تستقطب المدينة أعدادا هائلة من السياح مقابل 5 إلى 10 دولارات لتذكرة الدخول. إن إنشاء مدينة سينمائية و إعلامية سياحية ببلادنا، لن يكلفنا الكثير ، و سيخلق 300 ألف منصب شغل مباشر. و سنتمكن من تصوير إنتاجاتنا او إنتاجات عالمية بها. و بلادنا تزخر بأروع المناظر الطبيعية ، فمدينة بوسعادة مثلا، تضم أستوديوهات مفتوحة بها، كل الصور الجمالية التي تحتاج إليها السينما. وزير الثقافة تحدث مؤخرا عن إنشاء استوديوهات للتصوير السينمائي في إليزي، لكن يجب أن تهتم الدولة أكثر بقطاع السينما ، لأنه مثمر فنيا و ماديا، كما يجعل الجزائر بلدا سياحيا، و يدعم إستراتيجية البلاد و لكي يتحقق كل ذلك، لا بد من توفر الإرادة الصادقة و نظرة سياسية واضحة و اتخاذ القرار على أعلى مستوى ، ثم دراسة كل الجوانب مع المهنيين ، من أجل التأسيس لسينما جزائرية قوية. علما بأن الشبكة بصدد تحضير يوم دراسي حول إشكالية السينما في الجزائر سيستقطب مختلف الوزارات.
البطولة في الأعمال الثورية تسند لرجال فقط
. و ماذا بخصوص التمويل ؟
ـ لا توجد سينما بالمجان، المنتجون الجزائريون هم الوحيدون في العالم الذين يركزون على الإنتاج و يأخذون قسطهم من الربح منه ، و يتركون أعمالهم جانبا، في حين يعتبر باقي المنتجين في الشرق و الغرب هدفهم الأساسي هو التوزيع لتغطية تكاليف العمل و تحقيق الإيرادات و الأرباح. الملاحظ أن الدولة ضخت مبالغ مالية كبيرة لإنتاج العديد من الأفلام، لكنها لم تتابع مسار تلك الأفلام، فبقيت رهينة الأدراج. لهذا و كما قلت سابقا، لابد أن نعيد فتح، مع المسؤولين و المهنيين، ملف السينما التي كانت مزدهرة في السبعينات، رغم نقص التمويل و الإمكانيات، و فرضت بعض الأعمال، التي أخرجها شباب، نفسها و توجت بجوائز في الثمانينات، ثم أصبحت أعمالنا دون المستوى و لا تستحق المشاركة في المهرجانات ، مقارنة بإنتاجات جيراننا المميزة.
هذا لا يعني بأنني مع الخطاب الذي يقول بأن الدولة ستتوقف عن تمويل الإنتاج السينمائي، بسبب سياسة التقشف، فبإمكانها تقديم مساعدات للمنتجين، لكن عليها أن تتابع مسار الإنتاج و تحرص على التوزيع، لتسترجع أموالها من الإيرادات . و في حالة عدم حصول المنتج على مساعدة الدولة، بإمكانه أن يلجأ إلى طلب قروض بنكية و يسددها بعد توزيع أعماله، و يمكنه أيضا تجسيد إنتاجات مشتركة كبيرة مع دول أخرى.
. ماذا تقول المنتجة سميرة حاج جيلاني لمن يعيبون عليها اختيارها لمخرجين مشارقة في أعمالها ؟
. أقول بصراحة و دون عقدة أعطوني مخرجا جزائريا كبيرا، أنجز بنجاح عملا كبيرا ، فلن أعتمد على غيره. عندما أحضرت قبل سنوات المخرج الأردني كمال اللحام ،تعرضت لموجة من الانتقادات، لكن بعد عرض فيلم و مسلسل "عيسات إيدير"، توصل المنتقدون لنفس النتيجة ، و استعانت به لاحقا وزارة الثقافة و المؤسسة الوطنية للتليفزيون. أنا إنسانة موضوعية و لن يعقدوني بالوطنية، فقد برهنت عليها . كلما أردت إنتاج فيلم أختار أحسن مخرج و أحسن سيناريو و أحسن تقنيات و أحسن ممثلين، و أتنقل بنفسي للبحث عنهم، أينما كانوا، و قد تمكنت من اكتشاف مواهب كبيرة.
شكلنا شبكة للنساء لنقدم صورة للعالم عن المرأة الجزائرية
. حدثينا عن مشروعك الجديد "أحمد باي"؟
ـ بعد أيام سأشرع في تحضيرات مكثفة لفيلمي الجديد "أحمد باي" في بوسعادة. و عندما يحضر مخرجه الإيراني جمال شورجة، و هو مخرج فيلم "النبي موسى" عليه السلام، و طاقمه، سننطلق في بداية جانفي في عملتين أو ثلاث عمليات كاستينغ عبر أرجاء الوطن، ربما سأكتشف شابا مناسبا لدور أحمد باي و شباب موهوبين آخرين.كذا
. و ماذا قررت بشأن لغة الفيلم؟
ـ سنقدمه باللغة الفصحى أو لغة ثالثة بين الفصحى و الدارجة، لنتمكن من بيعه و توزيعه على الصعيدين العربي و الدولي.
إ /ط