يعتقد جازما المدرب الجزائري نور الدين ولد علي أن انجلاء الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية، التي سببها انتشار فيروس كورونا، سيغير الكثير من المعطيات ويعيد ترتيب الأولويات، من خلال منح الثناء والنجومية لمن يستحقها بعدما كانت حكرا على لاعبي كرة القدم والفنانين، وقال مدرب منتخب فلسطين في حوار للنصر، إن طبيعة المنظومة الصحية في الجزائر، تتطلب وعيا من المواطن لمساعدة السلطات العمومية على تقويض هذا الوباء، معرجا في حديثه على الضجة التي أثيرت بخصوص مقترحات البروفيسور ديدي راوولت، مؤكدا أن البروفيسور ذهب ضحية «لوبي» باريسي متعصب. !
u أين تتواجد الآن وكيف تعيش هذه الفترة العصيبة، عقب تفشي فيروس كورونا في مختف بلدان العالم؟
لحسن حظي أنني رفقة عائلتي بمسقط رأسي بمدينة مارسيليا، خاصة وأن هذا الظرف الصعب والحساس، يتطلب تواجد أفراد الأسرة الواحدة جنبا إلى جنب، من أجل مجابهة هذا الوباء الذي أثار حالة من الهلع والرعب لدى الجميع، كونه فيروس قاتل وتسبب في تسجيل عديد الضحايا في مختلف بلدان العالم، نحن نعيش فترة استثنائية، كونها المرة الأولى التي يعاني فيها الجميع سواء بلدان متقدمة أو متخلفة، ولم يسبق أن عانت البشرية من عدو مماثل، قد يكون وراء تسجيل خسائر مادية وبشرية كبيرة، لو تستمر الأوضاع على ما هي عليه مؤخرا.
u مؤشر الإصابات في فرنسا يثير الخوف والهلع، بماذا تتسلحون للتغلب على هذا الوباء؟
لا أعتقد بأن فرنسا البلد الوحيد المتضرر من هذا الوباء، فبلدان مثل إسبانيا وايطاليا وأمريكا وضعها أسوأ بكثير، غير أن هذا لا يعني بأنه لا توجد حالة من الهلع والرعب في فرنسا، بل على العكس تماما هناك تخوفات كبيرة، بالنظر إلى الكم الهائل من المصابين، إضافة إلى عدد الوفيات الذي وصل رقم 3500، (الحوار أجري سهرة الأحد الماضي)، وبالتالي نحاول أن نتقيد بالتعليمات المقدمة من طرف السلطات العمومية لتفادي الأسوأ، حيث نلازم بيوتنا منذ أسبوعين كاملين، وكافة المعطيات تشير إلى بقائنا بها أسبوعين آخرين، لأن الدراسات والتجارب أثبت بأنه لا يمكن التغلب على كورونا سوى بالحجر الصحي، في ظل غياب دواء ناجع، باستثناء عقار «الكلوروكين» الذي كان مخصصا لمرض الملاريا، قبل أن يتفق حوله المختصون والأطباء، لمعالجة المصابين بفيروس كوفيد 19 .
u مارسيليا مدينة تعج بالجزائريين والحراقة على وجه الخصوص، كيف يواجهون هذه المعضلة ؟
كما تعلمون مارسيليا مدينة مليئة بالجالية الجزائرية وبالحراقة على وجه الخصوص، وهؤلاء يجنون قوتهم يومهم من بيع السجائر والمتاجرة ببعض الأشياء البسيطة، وبالتالي وجدوا أنفسهم بعد انتشار هذا الوباء مضطرين للبقاء في المنازل، ما حرمهم من كسب قوت يومهم، وبالتالي باتوا في وضع حرج، غير أن الجمعيات الخيرية الموجودة عبر مختلف أحياء مارسيليا، والتي يترأسها جزائريون وعرب تحاول أن تقف إلى جانب هؤلاء الأشخاص في هذه الفترة العصيبة، من خلال تزويدهم بمختلف المواد الغذائية، في انتظار أن يرفع عنا المولى عزوجل الوباء، ويعود الجميع لحياتهم الطبيعية، لقد تسبب هذا الفيروس في تغيير عدة مفاهيم، وسيكون سببا بعد زواله في تغير عديد الأشياء عبر العالم.
u ماذا تقصد..
كان الجميع يضع لاعبي كرة القدم والفنانين ومختلف المشاهير في المقدمة، وتجاهلنا بذلك فئات معينة تستحق منا كل التقدير على غرار الأطباء والممرضين، ممن يتواجدون الآن في الصفوف الأولى لمكافحة هذا الفيروس، الذي أودى بحياة البعض منهم، لقد حان الوقت لنعيد كل شخص لمكانه الطبيعي، وأنا على يقين بأن هذه الفئة التي كانت بالأمس القريب مهمشة، ستحظى بالاهتمام الذي تستحقه، نظير التضحيات التي قدمتها لحد الآن، وأنا هنا أدعو لكافة الأطباء بالخير وأن يعوضهم الله عنا وعن البشرية جمعاء خيرا.
u تتابع أخبار الجزائر وماذا يفعل هذا الفيروس بها، كيف تقيم الوضع الحالي؟
الجزائر من وجهة نظري استفادت مما حدث في بعض البلدان الأوروبية، وقامت باتخاذ عدة تدابير لازمة، غير أن ذلك لم يُمكنها من التحكم في هذا الوباء، بدليل الأرقام المسجلة يوميا، في انتظار اتضاح الرؤى أكثر بداية من الأسبوع المقبل، أنا أتمنى كل الخير لبلدي، خاصة وأننا لا نملك كافة إمكانات إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك بات لزاما على المواطنين التحلي بروح المسؤولية لمد يد العون للسلطات العمومية، التي لم تبخل على شعبها لحد الآن، ويكفي أننا البلد الوحيد الذي أجلى جل رعاياه في العام، كما وضعهم في ظروف رائعة بالحجر الصحي، من خلال توجيههم لأفخم الفنادق والمنتجعات، علينا أن نتقيد بالتعليمات المقدمة، لأنه لا سبيل لنا لمكافحة الفيروس أو العدو الخفي كما أسميه، سوى بالحجر المنزلي الذي طبقته الصين ونجحت فيه بامتياز.
u ما رأيك في التهويل الحاصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ؟
مجابهة التهويل والتخويف من مهام المواطن والدولة، كونها مطلعة على كافة المستجدات، ومن يقوم بهذا الأمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أراه يهدم أكثر مما يحاول أن يبني، فلنترك لكل اختصاصه، ونهتم بالتقيد بالتعليمات لا أكثر ولا أقل، فلا أرى داعي لمواطن عاد أن يتحدث عن تداعيات الفيروس والإجراءات الواجب اتخاذها، فالأطباء الأحق بذلك، وأرى بأن سلطاتنا تأخذ برأيهم في الوقت الحالي وإن رأوا حاجة لحجر صحي شامل، فلا أظن بأنهم سيتأخرون في ذلك، رغم قسوة الإجراء.
u بحكم تواجدك في مارسيليا، ماذا حصل مع البروفيسور ديديي راوولت والضجة التي أثيرت بخصوص مقترح استخدام الكلوروكين في المعالجة؟
هذا الطبيب كان صاحب فكرة المعالجة بدواء الكلوروكين المخصص لضحايا مرض الملاريا، غير أن خرجته صاحبتها انتقادات لاذعة من باريس ومختلف المدن السياسية والاقتصادية بفرنسا، ما أعاد إلى الأذهان صراع الشمال والجنوب في ميدان كرة القدم، حيث شكلوا ضده «لوبي»، كونهم غير راضين بأن يتصدر أحد من مدينة مارسيليا المشهد في هذا الظرف، وأنا متأكد بأن الاقتراح لو كان من أخصائي باريسي لتفاعل معه الجميع بشكل مغاير، هذا الطبيب معروف باحترافيته ولقد بات مقصد الجميع مؤخرا.
حاوره: مروان. ب