يكشف سفيان عبيدات عضو الطاقم الفني لشباب قسنطينة سابقا، في حوار مع النصر، أسباب مغادرته لمنصبه كمساعد للمدرب لافان آنذاك، مؤكدا أنه ذهب ضحية المسؤولين الجدد، مستحضرا قصة «الديبلوم» ومؤكدا أنه يملك من الشهادات ما يسمح له بالعمل في الجزائر، غير أن أطرافا أرادت إبعاده، كونه لا يتماشي ومخططاتها.
حاوره: مروان. ب
- أين تتواجد الآن ؟
متواجد رفقة عائلتي الصغيرة بمدينة تولون الفرنسية، التي عدت لها بعد نهاية تجربتي مع شباب قسنطينة، وملتزم بالحجر الصحي منذ 16 مارس الماضي، ولا أغادر المنزل سوى للضرورة القصوى.
- كيف هي الأوضاع بمدينة تولون ؟
سأفاجئكم إن قلت أنه لا توجد أي إصابة بفيروس كورونا في مدينة تولون، رغم موقعها بالقرب من الحدود الإيطالية، وهذا راجع لاتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب، لنتفادى سيناريوهات كارثية حدثت في مناطق أخرى، على غرار العاصمة ومدن الشمال، ولو أن هذا لم يمنعنا من مواصلة التقيد بإجراءات الحجر الصحي، لأن الأوضاع لا تزال معقدة بفرنسا.
- كيف تقضي يومياتك في الحجر الصحي، المتزامنة مع أيام الشهر الفضيل ؟
فرنسا طبقت حظر التجوال منذ عدة أسابيع، ولا يحق لأي كان مغادرة المنزل دون ترخيص، ولذلك أنا أقوم بكافة التدابير قبل الخروج لاقتناء بعض الحاجيات أو القيام بحصة ركض لمدة ساعة كما هو مسموح لنا، وعن يومياتي فأنا استيقظ باكرا، رغم حلول شهر رمضان لأكون إلى جانب أبنائي الثلاث، المرتبطون بدروسهم عبر الانترنيت، على أن أقضي ما تبقى من يومي في تلاوة القرآن وتسوية بعض الانشغالات العائلية، فيما نحاول أداء صلاة التراويح جماعة بالمنزل، خاصة بعد قرار غلق كافة المساجد.
- هل تحبذ أطباقا محددة في شهر رمضان ؟
مائدتي في شهر رمضان لا تخلو من الأطباق التقليدية الجزائرية، ولكنني حريص على ضرورة تواجد البوراك والشربة بشكل يومي، والحمد لله الزوجة الكريمة تجيد إعداد كل شيء، وأنا لا أفتقد سوى لتواجد الوالدين الكريمين، حيث كنت أفكر في جلبهما للصيام معنا، ولكن بعد تفشي وباء كورونا، وتعليق كافة الرحلات تغير البرنامج، على أن أزورها في أول فرصة مناسبة.
- ماذا عن الأوضاع في الجزائر، وهل أنت متابع لكافة المستجدات ؟
بطبيعة الحال، أنا متابع لكل كبيرة وصغيرة تخص بلدي الجزائر، فعائلتي هناك، وحتى أصدقائي وأقربائي موزعون عبر كافة القطر الوطني، وأنا أحاول الاطمئنان عليهم يوميا، خاصة وأن عدد الإصابات في الجزائر في تزايد مستمر، ولو أن الأوضاع تبدو غير مقلقة، مقارنة ببلدان أخرى، على غرار فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وثقتنا كبيرة في مسؤولينا من أجل الخروج بسلام من هذه الأزمة، ولكن شريطة الحصول على دعم المواطنين، فلا يعقل أن نظل نتجول بالشارع دون سبب، كما لا يمكن أن ننجو من الكارثة، إذا لم نتحل بالوعي، وهنا أستنكر تلك التجمعات التي أرى صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإن ظلت هذه الممارسات قد نصل إلى ما لا يحمد عقباه، الوطنية ليست شعارات فقط نرددها، بل هي ممارسات، وحان الوقت لنؤكد مدى تعلقنا ببلدنا بالاستجابة لتعليمات السلطات العمومية.
- لنتحدث الآن عن تجربتك مع السنافر، هل لك أن تعود بنا لكيفية قدومك ؟
راجت الكثير من الإشاعات بخصوص كيفية قدومي إلى الشباب، لعل أبرزها أن المدرب الأسبق دينيس لافان من كان وراء جلبي، ولكن هذا الأمر عار من الصحة، لقد التحقت بالسنافر، بعد أن عرض أحد المناجرة سيرتي الذاتية على الإدارة والتقني الفرنسي، وبعد أن درس الأخير كافة معلوماتي بدقة، وقع اختياره علي، وبعدها اتصل بي المناجير العام بوخدنة، وضرب لي موعدا للقدوم إلى قسنطينة لإمضاء العقد، غير أنني أجلت ذلك إلى غاية العودة من تربص تونس، كون ذلك سيسمح لي وللمدرب لافان بأخذ فكرة عن بعضنا البعض وإن بالإمكان أن نعمل معا، وخلال تلك الفترة اقتنع التقني الفرنسي بمؤهلاتي، وطلب من الإدارة إنهاء إجراءات ضمي، غير أن ظهور إشكال أجل عملية التوقيع مرة أخرى.
- ماذا حدث بالضبط حتى تأخر إمضاؤك للعقد ؟
اشترط مسؤولو الشباب شهادة كاف “أ” أو شهادات معادلة قبل إمضاء عقدي، وهنا طلبت منحي بعض الوقت، كون شهادتي التي تحصلت عليها من الاتحادية الفرنسية لكرة القدم لم تُسلم لي بعد، ولقد تفهم المدير الفني الوطني الأمر، ومنحني مهلة إلى غاية شهر سبتمبر، ولكن حدثت بعدها عديد المستجدات عكرت صفو العمل، وجعلت بقائي مع الشباب لا يتعدى الأربعة أشهر فقط، وبالتالي أؤكد لكم بأن كل ما قيل عن عدم امتلاكي الشهادات المطلوبة كذب وافتراء، لفقته بعض الأطراف لدفعي نحو الرحيل من الشباب، خاصة وأنني لا أتماشى ومخططات البعض.
ماذا تقصد بأنك لا تتماشى مع مخططات البعض ؟
تجربتي مع شباب قسنطينة لم تدم طويلا، وقرار مغادرتي اتخذته بعد اقتناعي بعدم رغبة المسؤولين الجدد في تواجدي معهم، وهو ما لمسته خلال تصريح أحد المسيرين بالإذاعة الوطنية، حينما قال بأن المدرب المساعد لا يمتلك الشهادات التي تسمح له بالعمل في الجزائر، وهناك طلبت ملاقاة رجراج ومجوج لتبرئة ذمتي، وقدمت لهما كافة الوثائق التي تؤكد عكس ذلك، كما أريتهما الرسائل النصية التي جمعتني بالمدير الفني الوطني، والتي تؤكد عدم وجود أي إشكال، وهناك منحتهما ملفي لإيداعه واستخراج إجازتي، لأكتشف فيما بعد بأنهما أبقيا عليه بمقر الفريق، في خطوة تؤكد بأنهما لا يرغبان في استمراري مع الشباب.
- من وجهة نظرك، السبب الحقيقي وراء عدم إيداع ملفك، يعود لجلب مساعد آخر ونعني كريم خودة أم ماذا حدث بالضبط ؟
هناك محطات لم يسبق لي الحديث عنها منذ رحيلي، ولقد حان الوقت لإماطة اللثام عنها، والبداية بالضغوطات التي عشتها بعد لقاء أهلي البرج لحساب مرحلة الذهاب، وهنا بدأت علاقتي تتوتر مع أسرة الشباب، كما أن سفرية البحرين القطرة التي أفاضت الكأس بعد الفضائح التي حدثت هناك، عقب الإقصاء من الكأس العربية، ولذلك قررت بعد عودتي تقديم استقالتي، غير أن بوخدنة والمدرب لافان وحتى ملاك الفريق رفضوا المصادقة عليها، وتمسكوا بخدماتي، قناعة منهم بمقدرتي على جلب الإضافة، خاصة وأنني كنت أعمل في عدة مجالات، فإلى جانب مساهمتي في الإعداد للحصص التدريبية، كنت حريصا على معاينة المنافسين وجلب مبارياتهم، وكلها أشياء رفعت أسهمي لدى المدرب لافان، الذي لم يكن يبالي بقصة الديبلوم، التي ابتكره فيما بعد المسؤولون الجدد، وإلا كيف نفسر محاولة إجباري على عدم التنقل رفقة الفريق إلى الشلف، وغيرها من الأشياء التي اضطرتني للذهاب إلى مكتب المدير العام، وهناك تكلمت معه بلهجة شديدة، كوني كنت في قمة الغضب، لأجد نفسي قد وصلت إلى طريق مسدود ولا جدوى لبقائي مع أشخاص لا يرغبون في وجودي، كل ما في الأمر أنني لا أتواجد ضمن مخططاتهم، ولذلك لفقوا لي حكاية عدم امتلاكي الشهادات التي تسمح لي بالتدريب، وهنا أعود بكم إلى ما حدث مؤخرا مع مدرب شبيبة القبائل التونسي الزلفاني، حيث رفضوا منحه الإجازة لعدم حيازته على كاف أ، ورغم ذلك ظل بمنصبه، في ظل ما لقيه من دعم من رئيس الشبيبة.
- وماذا تقول عن لافان وما حدث معه في نهاية مغامرته مع الشباب ؟
لن أزكي لافان، ولكنه لم يكن يستحق ما حدث معه، ويكفي العودة لسيرته الذاتية لمعرفة مؤهلاته، فمدرب أشرف على منتخب بحجم الكاميرون بإمكانه تدريب أي نادي جزائري بأريحية، كل ما في الأمر أنه لم يكن ضمن مخطط عمل الإدارة الجديدة وأكتفي بهذا.
- هل ندمت على تجربتك بالجزائر وشباب قسنطينة بالتحديد ؟
لم أندم على قرار اتخذته وعلى تجربة خضتها، وسأظل أحتفظ بالأشياء الجميلة فقط، خاصة وأن ذلك المرور السريع بالبطولة الجزائرية مكنني من معرفة الرجال، كما أن مثل المحطات الصعبة تزيد من قوتي، ورغبتي في النجاح.
ألا تفكر في العودة للتدريب في الوقت الحالي ؟
كنت قد رفضت عرضا من أحد الفرق العمانية، كما اعتذرت على العمل مع نادي عاصمي، بسبب انشغالي ببعض الإجراءات الإدارية بفرنسا، غير أنني سأعود للتدريب بداية من الموسم المقبل، خصوصا وأنني أمتلك بعض المقترحات الجيدة.
- عملت في مجال الإعلام أيضا، أليس كذلك ؟
أجل، كانت لي تجربة في مجال الإعلام سنة 2009، بالموازاة مع كوني لاعب كرة قدم، حيث عملت براديو غزال بمارسيليا، وهو معروف لدى الجالية العربية والمغاربية بالحديث عن “لوام” وبعض البطولات المغاربية، وكانت لي الفرصة أن حاورت عدة نجوم جزائريين، وأتذكر أن أول مقابلة صحفية لي، كانت مع الدولي السابق ياسين بزاز الذي كان يعالج هناك، إلى جانب عملي مع عدة رياضيين مهمين، على غرار الناخب الوطني آنذاك عبد الحق بن شيخة والمايسترو مراد مغني، إلى جانب الحوار الذي أجريناه مع الناخب الحالي جمال بلماضي.
- الحديث عن بلماضي يُجرنا لمكانته في مدينة مارسيليا، هل لك أن تحدثنا عن ذلك؟
ليست لي أي صداقة مع بلماضي، ولكنني تابعته عن قرب، خلال الفترة التي لعب فيها لنادي “لوام”، حيث ترك انطباعا رائعا لدى الجماهير وأسرة الفريق ككل، بدليل أنها كرمته الشتاء الماضي بملعب الفيلودروم، بعد أن قاد المنتخب الوطني للفوز بكأس أمم إفريقيا، هو شخصية جد محترمة، ويكفي ما قاله لي الدولي الفرنسي السابق دافيد جينولا الذي زامله في باريس سان جيرمان، أين أكثر مديحه، متوقعا له مستقبلا كبيرا في عالم التدريب، لما يمتلكه من شخصية قيادية منذ كان لاعبا.
- ما رأيك في قرار إلغاء الدوري الفرنسي ؟
أجل، هناك عدة جهات فاعلة في فرنسا أكدت إلغاء الدوري هذا الموسم، في ظل استحالة المغامرة بحياة الأشخاص، بالموازاة مع عدم القضاء على وباء كورونا، ولو أن هناك اعتراض شديد من رئيس نادي ليون جون أولاس، على اعتبار أن رابطة الليغ 1 ستعتمد الترتيب الحالي في تحديد هوية المتأهلين إلى المسابقات الأوروبية، ما يعني غياب أولمبيك ليون عن المنافسات الأوروبية العام المقبل، ما سيكبد خزينة النادي خسائر كبيرة.
- بالحديث عن ليون الذي يضم في صفوفه حسام عوار، هل أنت متفائل باختياره الخضر ؟
كل مدرب يحلم بامتلاكه لاعبا بمواصفات حسام عوار، الذي أتوقع انتقاله لأحد عمالقة أوروبا قريبا، ولكن لا يمكن لأحد أن يملي على جمال بلماضي ما يفعله، فأنا أؤيد إستراتجيته التي أثبتت نجاعتها، وأرى بأنه لا جدوى لاقتراح أي اسم عليه، وهنا أقصد الصحافة الجزائرية التي تعودت ممارسة الضغوط على الطواقم الفنية للخضر، حيث تُكثر الحديث عن الأسماء بمجرد تألقها في مبارتين أو ثلاث، ولكن الأمور مختلفة مع بلماضي، الذي لا يعير أي اهتمام سوى لفلسفته.
- في الأخير هل هناك مواهب جزائرية بفرنسا قادرة على تمثيل الخضر مستقبلا؟
عدنا للحديث عن نفس الشيء، هناك عدة أسماء، ومراكز التكوين بفرنسا تعج بالمواهب، ولكن لا يحق لأي كان أن يقترح أي اسم، ويكفي إعطاء مثال بسيط بمدينتي تولون، التي يمتلك فريقها سبورتينغ موهبة من أصل جزائري سيكون له شأن كبير مستقبلا، حيث يتواجد محل اهتمام عدة نوادي كبيرة في أوروبا.
م/ب