يعد علي فرقاني رمز من رموز الكرة الجزائرية، ومفخرة العرب والقارة في الروح الرياضية، والأخلاق العالية. اللاعب الدولي السابق المعروف، وأحد المشاركين في ملحمة خيخون 82، والمدرب الوطني السابق المعروف، ولاعب نصر حسين داي وشبيبة القبائل خلال الثمانينات والتسعينات، والمتواجد حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس، لقضاء شهر الصيام رفقة أسرته. اتصلنا به هاتفيا دون سابق موعد، ومع ذلك قبل الدعوة بصدر رحب وبكل روح رياضية، حيث خصنا بحوار حصري كان الحديث فيه ممتعا، حيث تطرق إلى الماضي الذهبي للكرة الجزائرية، سواء على مستوى الأندية أو الفريق الوطني، كما تحدث بإسهاب عن تدني مستوى لاعبينا وتأثيرهم على فرقهم وكذا على المنتخب الوطني، بالإضافة إلى ويومياته في شهر رمضان، وانضمامه إلى مجموع «انقاذ الجيسكا» المعارضة لرئيسها شريف حناشي...
أنا متواجد مع عائلتي في باريس، لأقضي بعض الأيام في هذه المدينة الساحرة، خاصة خلال شهر رمضان، ولو أنني أظل على صلة بالوطن الأم، وهذا من خلال متابعتي للبرامج الوطنية كل مساء على القنوات الفضائية، سواء كانت سياسية أو رياضية أو ثقافية، لأنني ابن الجزائر وارتباطي معها أكثر من ضروري.
هناك فرق كبير. ففي خارج الوطن تصوم وتؤدي واجباتك الدينية، أما في الجزائر تصوم وتتمتع بنكهة الصيام، خاصة قبل آذان الإفطار، فتجد نفسك تتوغل بين الأسواق، وهنا تكمن «بنة» الصيام في الجزائر، ناهيك عن السهرات العائلية ولقاء الأصدقاء. فصيام رمضان أحلى في الجزائر.
بالعكس أنا في رمضان أكثر هدوءا كما تجدني في قمة السعادة. أنا جد مرح خلال هذا الشهر، وأنا من يضفي هذه الأجواء على زملائي، وأقضي أيام رمضان بصورة عادية، مع احترام قواعد الصيام.
لقد سبق لي وأن أفطرت في مباراة معسكر، وهذا خلال الثمانينات، وهذا نظرا لدرجة الحرارة وأهمية المباراة.
كنا سنة 96 في جنوب إفريقيا، وكانت في تلك الفترة تنتظرنا مباراة كبيرة أمام المنتخب المحلي، برسم الدور الثاني لمنافسة كأس أمم إفريقيا ويجب أن نستعد لها أكثر، لكن قبل إجرائها اتصل وزير الشباب والرياضة سابقا عزيز درواز بأحد الأئمة، وطلب منه فتوى حول وضعيتنا في رمضان، فأكد له الإمام بأنه يحق لنا الإفطار، فأفطرت المجموعة وخسرنا المباراة (2-1)، وللتأكيد أكثر اتصلنا بكمال قاسي السعيد الذي كان يلعب سنة 96 مع نادي الزمالك المصري، وطلبنا منه فتوى من أئمة بمصر، وقد أفتى له أحد أئمة الأزهر بأنه مسموح لهم بالإفطار (مع عدة أيام آخر).
النتيجة العريضة على السيشل لا تحجب الرؤية عن الكثير من السلبيات، على اعتبار أن أغلب اللاعبين تراجع مستواهم، فضلا عن غياب الروح الجماعية التي كنا نراها لدى اللاعبين المتقاعدين، على غرار بوقرة والآخرين من تشكيلة الخضر.
المنتخب الآن في مجموعة ضعيفة، رغم أن كرة القدم لا تعترف بهذه الكلمة، لكن القرعة هي التي تتحدث عن المجموعة، وعليه فإن غوركوف لم يكشف عن إمكانياته بعد كتقني مع المنتخب الوطني، وللتأكيد على إمكانياته الحقيقية، فما عليه سوى تأهيل الخضر إلى النهائيات القادمة لمنافسة «كان 2017».
كما قلت فرحة النتائج هي التي تجلب الجماهير، وأعتقد بأن اللقاء الأخير أمام السيشل، فإن الجمهور كان محدودا نظرا لضعف المنافس، وتواجد الخضر في حالة تحضير أمام منتخب ليست له تقاليد وخبرة في المنافسة القارية.
مجموعة مستواها أقل من المتوسط، ماعدا فريق إثيوبيا الذي ربما سيكون عنيدا، وبإمكانه أن يقلق منتخبنا الوطني، ولذلك فإن التأهل إلى نهائيات «كان 2017» يعتبر مضمونا من الآن، وإذا لم نتأهل على هذه المجموعة يجب علينا أن نبقى في بيوتنا.
لكل مدرب طريقته الخاصة. فغوركوف الذي أخفق في نهائيات «كان 2015»، كان من المفروض أن يقال، ولكن رئيس الفاف منحه فرصة البقاء، وهو يعمل بهدوء ولازال يبحث عن التشكيلة المثالية.
أما حليلوزيتش فكان عمله مع اللاعبين يمتاز بالصرامة وعدم التسامح فوق الميدان، غير أن غوركوف مطالب بعمل أكثر واختيار اللاعبين الذين يعطون الإضافة مما هو متوفر بين يديه حاليا، ونتائج عمله سيقف عليها الجميع في نهائيات «كان 2017»، الذي يعتبر المحك الحقيقي لمدرب الخضر وأشباله، خاصة وأن الإمكانيات موضوعة تحت تصرفه وبقية أعضاء طاقمه الفني.
إذا أردت أن تفوز في أدغال إفريقيا يجب أن تكون لك مجموعة من اللاعبين الذين يتحملون مشقة إفريقيا، وعليه فإن الناخب ومساعديه ومسؤولي الفاف يعلمون بهذا، ولذلك فإن الدورة القادمة للكان، هي الامتحان الحقيقي لجيل اليوم والناخب الوطني في كان 2017.
حقيقة مشاركتنا في كأس العالم 82 كانت خلال شهر رمضان، ما عدا المقابلة الأولى أمام ألمانيا التي لعبت قبيل أيام الصيام، أما المقابلة الثانية أمام النمسا والشيلي فكانتا خلال شهر رمضان، لكن قبل إجرائهما كانت هناك استشارة إمام الجمهورية، فرخص للجميع بالإفطار، على أساس أننا كنا في مهمة وطنية، ولو أن الإفطار كان عن قناعة شخصية لكل لاعب، وقد قضينا اليومين اللذين أفطرنا فيهما عند عودتنا إلى أرض الوطني.
كل الفرق كانت متقاربة المستوى والنتائج، والدليل أن بطل الجزائر الوفاق لم يتعد رصيده 48 نقطة، والفارق بينه وبين الملاحق ضئيل جدا، ما يعني أن البطولة لم تكن في المستوى، لأن في البطولات الأخرى البطل لابد عليه أن ينهي المشوار بمجموع 60 نقطة على الأقل، فشبيبة القبائل مثلا فازت باللقب سنة 1981بفارق 18 نقطة عن الملاحق المباشر.
أنا واحد من الذين خرجوا مع المجموعة مطالبين بنتيجة حناشي، وإبعاده عن الفريق بصفة نهائية، ولذلك فما على حناشي إلا الرحيل اليوم قبل الغد، لأن (23) سنة بركات يا حناشي.
شيء طبيعي أن أكون من المساندين للجنة الإنقاذ، ومدافعا على فريق الألقاب وصاحب المناسبات الكبرى.
أين هو اللاعب المحلي أين تجده، مادامت تلعب في بطولة ضعيفة، فكيف تكتشف لاعبا متميزا عن الآخرين. هناك من يقول بأن اللاعب شنيحي ودوخة، ولكن هذا لا يكفي في الوقت الراهن، لأنك مقبل على منافسات قارية وإقليمية، ويجب أن تكون بين يديك توليفة جاهزة وهذا غير موجود.
لهم مسؤولية كبيرة في المتابعة والتكوين، واختيار العناصر التي يمكنها أن تقدم للفريق الأول الإضافة، ونبحث عن الاختيارات العشوائية التي أوقعتنا في مطب الانهزام في سنوات خلت، وأعتقد أن الجميع واع بمسؤولياته.
الاحتراف مهم ومفيد للفرق المحلية، لكن اليوم نرى بأنه يطبق بعقليات متحجرة، لا تفقه في الاحتراف شيئا، لأن الجميع يلهث وراء المال وتبذيره، والخاسر الأكبر الكرة الجزائرية.
نلاحظ حاليا حصول اللاعبين على أموال خيالية، ومردوده ضعيف جدا فوق الميدان، وعليه حان الوقت لمراجعة الأمور، لأن الاحتراف يعتمد أساسا على إدارة محترفة، ومركز طبي ومؤطرين محترفين، وملعب تتوفر فيه جميع شروط المنافسة. إذا استطعنا أن نوفر هذه المعطيات يمكننا القول بأننا نسير في الطريق الصحيح، دون أن ننسى الذهنيات.
هناك ثلاث مناسبات عزيزة على الفوز مع النصرية بكأس الجمهورية سنة 1979 أمام شبيبة القبائل، وكنت أنت يا سي فؤاد واحدا من الذين علقوا على تلك المباراة.
كما لدي ذكرى أخرى مع شبيبة القبائل، وهي الفوز بالثنائية سنة 1986 بفارق 18 نقطة عن الثاني، والفوز بكأس إفريقيا 1981 مع شبيبة القبائل.
يوم اتصل كمال قاسي السعيد (لاعب سابق في الزمالك) بأحد الأئمة ونحن في جنوب افريقيا في رمضان لطلب فتوى هل سنصوم أم لا؟ فكانت النتيجة بالموافقة.
شيء ايجابي ومهم للكرة الجزائرية، خاصة وأن الفرق الثلاث لها مكانتها، وقد أثبثت خلال التصفيات، وأعتقد أن فريقين من الجزائر سيكونان في نصف النهائي، أما النهائي فكل شيء ممكن لأن في كرة القدم كل شيء وارد.
هناك اتصالات مع فرق من الرابطة المحترفة الأولى والثانية، لكنني لم أعط موافقتي، كما لدي اتصالات في الخليج، وبالضبط مع أندية سعودية، كل هذا متوقف على دراسة كل الأمور التي تهم مهنتي، سواء كان مع فرق جزائرية أو خليجية.
حسب معرفتي ببورصة اللاعبين، لما يجري في هذا السوق البشري، أرى بأن هذه الصفقات خيالية، وهذا أمر غريب ميز السنوات الأخيرة، حيث أن آخر لاعب في القسم الأول يتقاضى 150 مليون سنتيم، والحد الأقصى لدى بعض الفرق توقف عند 450 مليون، بينما وحسب ما نراه فوق البساط الأخضر، لا يوجد أي لاعب يستحق هذه المبالغ، وفي هذه النقطة وحسب رأيي الخاص، فالرؤساء والمسؤولين المباشرين يتحملون المسؤولية، وهم مطالبون بمراجعة أوراقهم، والحد من هذه التلاعبات التي لا تخدم منظومتنا الكروية.
أتمنى من أعماق قلبي، أن أرى الخضر يوما ما يتوجون بكأس أمم إفريقيا بعيدا عن الديار، وهذا ليس مستحيلا بالنظر لإمكانيات الجزائر ولاعبيها. وبالمناسبة أقول للشعب الجزائري والأمة الإسلامية، صياما مقبولا.
حاوره: فؤاد بن طالب