اعتبر اللاعب الدولي السابق و صاحب الكعب الذهبي رابح ماجر غياب اللاعبين المحليين عن تعداد المنتخب في الوقت الراهن بمثابة تهميش، و أرجع سبب ذلك إلى عدم وضع الثقة في العناصر المحلية و منحها الفرصة اللازمة لإثبات وجودها، ولو أن محدثنا برر هذا الطرح بتتويج وفاق سطيف بدوري أبطال إفريقيا، وهو الإنجاز الذي اعتبره دليلا ميدانيا قاطعا على سرعة تأقلم اللاعبين المحليين مع الظروف المناخية الإستثنائية السائدة في أدغال القارة السمراء، و بالتالي تحدي كل الصعوبات و الإصرار بروح الإرادة على كتابة تاريخ الكرة الجزائرية.
ماجر فتح قلبه للنصر في حوار تحدث فيه عن الوضع الراهن للكرة الجزائرية وأكد بأن الحلم بالتتويج باللقب القاري طموح مشروع، إلا أن تجسيده ميدانيا يتطلب تحضيرا استثنائيا من جميع الجوانب، كما تحدث عن مسيرته مع الخضر و مشواره الاحترافي الناجح و قضايا أخرى.
تعييني على رأس اللجنة العليا للرياضة واكتشاف المواهب الشابة في الجزائر كان بقرار من الوزارة الوصية ولا علاقة له بأي هيئة كروية، لذا فإنني أؤكد على أن الكثير من وسائل الإعلام بادرت إلى إثارة قضية خلافي مع مسؤولي الفاف بمجرد تكليفي بهذه المهمة، وكأن عمل اللجنة سيكون تحت تأطير الاتحادية، إلى درجة أن العديد من الصحف تحدثت عن عدم قدرتي على مباشرة مهامي بسبب عراقيل إعترضتني من الفاف، لكن الحقيقة أن اللجنة المختصة تعمل في الميدان بطريقة عادية وفق برنامج مسطر، حيث يتواجد 30 تقنيا في الملاعب لمعاينة مباريات الأصناف الشبانية وحتى الدورات الكروية التي تنظم لفائدة المتمدرسين، بعيدا عن برنامج المديرية الفنية الوطنية، لأننا نسعى لتجسيد برنامج التكوين و ترسيخ ثقافة الاهتمام بالشبان .
شخصيا ليست لدي مشكلة مع الفاف ومسؤوليها، لكن مواقفي تبقى ثابتة، وبصفتي واحد من أبناء هذا الوطن فإنني أبقى مطالبا بالدفاع عن مصلحة الكرة الجزائرية، ولو أن حديثي في تحاليلي عن بعض السلبيات يصنفه المتتبعون في خانة «الانتقادات»، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما، بل محاولة المساهمة في كشف بعض النقائص على أمل معالجتها، وهنا بودي أن أؤكد على أن موقفي ثابت وصريح منذ أزيد من 13 سنة، ولا يمكن أن يتغير بين عشية و ضحاها.
بالنسبة لي تلك القضية أصبحت من الماضي، وأفضل دوما تجنب الحديث عنها لكنني أجد نفسي مجبرا على توضيح الرؤية و تنوير الرأي العام، لأن الكثير أصبح يراني متكبرا على الجزائر من خلال تلك الحادثة، في ظل تأكيد بعض الأطراف على أنني مزقت عقدي على المباشر في إحدى الحصص الرياضية للتلفزيون الجزائري، إلا أن الحقيقة تختلف عن ذلك تماما، حيث كنت فعلا ضيف تلك الحصة، بعد المباراة الودية التي لعبناها ضد بلجيكا في بروكسل في ماي 2002، و كانت بعض الأمور الداخلية قد حدثت أثناء و بعد تلك المواجهة، غير أنني فضلت التستر عليها، وبعد نقاش ساخن مع الصحفي أخرجت من جيبي نسخة من العقد الذي كان يربطني مع الفاف وقمت بطيها بين يدي تعبيرا مني عن غضبي الشديد تجاه الوضع السائد في المنظومة الكروية الوطنية، وأعلنت حينها عن قرار انسحابي من تدريب المنتخب، من دون تمزيق العقد، لأنني ابن الجزائر وأعرف جيدا قيمة المنصب الذي كنت أشغله، والذي لا يختلف عن قائد فيلق في الجيش أثناء معركة، ولعلمكم فإن منشط الحصة لم يكن على علم بأنني أحضرت العقد معي، و بالتالي فإنني أؤكد بأنني لم أمزق إطلاقا عقدي مع الفاف، و ما نسب إلي من أفعال بعد تلك الحادثة ما هو سوى مجرد «سيناريو» في محاولة لتشويه سمعتي.
التباين في وجهات النظر بين الأشخاص أمر منطقي، من دون أن يكون لي خلاف شخصي مع أحد، لأن كل طرف يسعى للمساهمة في خدمة مصلحة الكرة الجزائرية على طريقته وفق سياسة معينة، وفكرة ترشحي لرئاسة الاتحادية كانت مستمدة من قناعتي بإمكانية تقديم إضافة في مرحلة ما، لكنها أصبحت الآن من الماضي، وقد وضعت في طي النسيان بسبب ارتباطاتي و التزاماتي الكثيرة، ولو أن تواجدي في إستديوهات التحليل و كذا ترأسي اللجنة العليا للرياضة يبقيني على صلة دائمة بعالم الكرة، على أمل المساهمة في تطويرها، رغم أن الأغلبية لا تتقبل الطريقة التي نتحدث بها و تصنفها في خانة الانتقادات .
هذا الجيل كتب صفحة جديدة في تاريخ الكرة الجزائرية بعد نجاحه في التأهل إلى الدور الثاني في مونديال البرازيل، وهو إنجاز يستحق الإشادة و التنويه، لكن لا يجب التوقف عند هذا المكسب والعيش لسنوات طويلة على مونديال البرازيل، بل أننا مطالبون بالاستثمار في المواهب الشابة بحثا عن تتويجات قارية، لأن القاطرة لا بد أن تسير.
لقد لاحظ الجميع بأن مستوى المنتخب تراجع نسبيا بعد مونديال البرازيل، وذلك في نظري أمر عادي، ويحدث لكل المنتخبات العالمية، كما أن فترة ما بعد المونديال عرفت تغيير الطاقم الفني الوطني، وهو ما أدخل العناصر الوطنية في ظروف جديدة مع مدرب جديد له طريقة عمل مختلفة عن سابقه، ولو أن تزامن ذلك مع التصفيات المؤهلة إلى «الكان» لم يؤثر كثيرا على النتائج الميدانية، بعد التواجد في مجموعة سهلة، لكن الأداء الجماعي تراجع، كما أنني شخصيا من المقتنعين بأن صيغة تصفيات كأس أمم إفريقيا لا يمكن أن تكون المعيار لقياس قوة المنتخب، في ظل عدم وجود منافسين أقوياء في المجموعات، مما يجعل تأهل الخضر أمر شبه مؤكد حتى قبل انطلاق المباريات التصفوية، لأنه من غير المنطقي العجز عن التأهل أمام منتخبات مغمورة أمثال اللوزوطو و السيشل الغائبة تماما عن الساحة الكروية القارية، لكن الوضع يختلف تماما في النهائيات، أين يظهر «كبار القارة» بوجههم الحقيقي، رغم أنني أصر على أن التتويج باللقب في أدغال القارة السمراء أصبح يتطلب الكثير من التضحيات، و يستوجب تحضيرا استثنائيا على جميع الأصعدة.
قبيل انطلاق دورة «كان 2015» أبدينا كجزائريين الكثير من التفاؤل بخصوص قدرة منتخبنا على التتويج باللقب، كما أن المتتبعين رشحوا الجزائر لاعتلاء منصة التتويج، من منطلق المستوى الذي ظهرت به التشكيلة في مونديال البرازيل، لكن ما أن دقت ساعة الحقيقة حتى اصطدمنا بواقع مختلف، حيث عانى اللاعبون من عدم القدرة على التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة من حرارة ورطوبة و مشكل أرضية الميدان، وهي أمور جد حساسة في مثل هذه المواعيد، ويجب أن يتعود عليها اللاعب في فترة التحضير، و ضم المنتخب الجزائري لعدد معتبر من العناصر التي تنشط في دوريات أوروبية جعل كامل المجموعة تعاني من مشكل المناخ، مما أثر بصورة مباشرة على الأداء الفردي والجماعي، وتسبب في تراجع العطاء البدني، خاصة في لقاء ربع النهائي ضد كوت ديفوار، ولو أننا مررنا بنفس المرحلة في الثمانينيات، حيث كنا قادرين على التتويج باللقب الإفريقي في الكثير من الدورات، إلا أن بعض الظروف الخارجية حرمتنا من ذلك، خاصة في دورتي 1882 بليبيا و 1984 بكوت ديفوار، لأن دورات «الكان» في إفريقيا السوداء تحتفظ بالكثير من الخصوصيات، و الحلم باعتلاء المنصة يتطلب التحضير الشامل، مع السعي لاستخلاص العبر من التجارب السابقة، و دورة غينيا الإستوائية يجب أن تكون درسا للمستقبل.
ما يثير الاستغراب تلك الحملة الشرسة التي تستهدف اللاعبين المحليين، خاصة فيما يتعلق بالأموال التي يتقاضونها، رغم أن عالم الكرة تغير في جميع أقطار المعمورة، وتحول إلى أموال وتجارة، ومن حق اللاعبين في وطننا مسايرة هذا الركب، مادام أن الجميع في بلدان العالم يشهد لهم بالمهارات الفنية الفردية العالية، وعليه فإنني شخصيا من المدافعين عن اللاعب المحلي وحقوقه، مادام الدليل الميداني متوفر، لأن تتويج وفاق سطيف بدوري أبطال إفريقيا تحقق بلاعبين من إنتاج البطولة الوطنية، وبمدرب محلي، ومسيرة هذا الفريق نحو منصة التتويج كانت بعد معاناة كبيرة لعناصره في أدغال القارة لمواجهة ظروف مناخية صعبة، لكنهم تغلبوا عليها بفضل سلاح الإرادة، وعليه فإن قناعتي أن اللاعبين المحليين مهمشين في المنتخب، بحرمانهم من فرصة الدفاع عن الألوان الوطنية، لأن أي عنصر بحاجة فقط إلى المزيد من الثقة في النفس، ولو تمت المراهنة على تعداد غالبيته من المحليين في دورات «الكان» قد تكون النتائج أفضل.
تلك الذكريات لا يمكن أن تنسى، و أفتخر بأن أكون قد شرفت الجزائر بكتابة صفحة بأحرف من ذهب في تاريخ أغلى منافسة أوروبية، لأن تلك الحقبة تبقى في نظري الأعز عالميا، بوجود الكثير من النجوم و بروز عديد الأندية أمثال ليفربول، جوفنتوس، بايرن ميونيخ، النجم الأحمر لبلغراد و ريال مدريد، في حين أن الصراع حاليا أصبح مقتصرا بين «البارصا» و الريال، حيث أن تاريخ 27 ماي 1987 يحتفظ بواحدة من أغلى ذكرياتي، بعد التتويج مع بورتو باللقب، و هدفي الأسطوري كان تجسيدا لمهارات اللاعب الجزائري، على إعتبار أنني تلقيت تمريرة في الظهر من زميلي البرازيلي جواري، و شاهدت في تلك الأثناء وجود الحارس بفاف أمامي، لكنني كنت متيقنا بأن ترويضي للكرة لن يسمح لي بالقدرة على التحكم فيها و تسجيل الهدف، في وجود مدافع خلفي، فما كان علي سوى المغامرة بمحاولة لعب الكرة بمؤخرة القدم، فكانت النتيجة هدف تاريخي ببصمة فنية جزائرية خالصة، و هنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
حقيقة أن هذا الهدف أدخلني التاريخ، لكن ذلك لا يحجب الرؤية عن أهداف أخرى تبقى راسخة في ذهني، منها الهدف الذي سجلته في مرمى نيجيريا بقسنطينة سنة 1981، و الذي ضمن لنا التأهل إلى مونديال إسبانيا، إضافة إلى هدفي ضد ألمانيا في «ملحمة خيخون»، لأكون بذلك اللاعب الذي سجل أول هدف للجزائر في تاريخ نهائيات كأس العالم، بصرف النظر عن المشوار المميز الذي أديته مع نادي بورتو، حيث كنت و لا أزال أحظى بإحترام الجميع، و بخصوص شهر رمضان فإنني أشير إلى أنه و طيلة تواجدي في هذا الفريق لم أتلق أية ضغوطات من أجل إرغامي على الإفطار، و لو أننا كنا نتدرب مرتين في اليوم، لكن إحترام الشعائر الدينية مكنني من صيام رمضان بكل أريحية، مع تحمل التدريبات الشاقة.
كلا.. النوادي الأوروبية تعمل بطرق محترفة، و عملية الاستقدام تكون بعد معاينة للاعب، كما أن براهيمي ظهر بمستوى فني رائع في مونديال البرازيل، وجاء تكملة لما قدمه في الدوري الإسباني، الأمر الذي عبد له الطريق نحو بورتو، إضافة إلى أنني لم أتحدث معه إطلاقا بخصوص هذه الصفقة، وكل ما تم تداوله إعلاميا يبقى مجرد إشاعات، ولو أنني شخصيا متفائل بمستقبل هذا اللاعب، بالنظر إلى ما يمتلكه من مؤهلات، وهو مطالب بالجدية في العمل لتطويرها بحثا عن عقد في أكبر النوادي الأوروبية.
ما يحز في نفسي هو سعي بعض الأطراف إلى إجراء مقارنة بين المنتخب الحالي و جيلنا، رغم أنني أصر على أن منتخب الثمانينات كتب التاريخ ويجب وضع سجله في المتحف، لأنه ضم لاعبين من ثمار سياسة الإصلاح الرياضي و تحدوا جميع الصعوبات، ولو أن تتويجنا بالكأس الإفريقية الوحيدة لا يقلل من قيمة المنتخب الحالي، القادر على إضافة نجمة ثانية إلى القميص، كما أؤكد بأنني تلقيت العديد من العروض للتدريب في أندية جزائرية لكنني رفضت بسبب كثرة ارتباطاتي المهنية، فضلا عن قناعتي بعدم العمل كمدرب في الجزائر لأسباب شخصية، من دون أن يكون ذلك سببا في عدم وضع خبرتي في خدمة كرة القدم ببلادنا .