بلماضـي كــان - محرز - جيلنـــا وما يفعله مع الخضر مذهل
سعد كثيرا الدولي السابق عمر بلباي باتصال النصر، وقال اللاعب غير المحظوظ، الذي طلق مؤقتا عالم المستديرة، إنه شعر بنوع من التهميش بعد الإصابة، التي قضت على مشواره سنة 2002، بمناسبة «كان» مالي، خاصة بعد لجوء إدارة مونبوليي لفسخ عقده، قبل أن يصدم عندما علم أن الفاف لم تؤمنه، مؤكدا أن مرور السنوات مسح مقته للمسؤول الأول على الاتحادية آنذاك محمد روراوة، ويصر على إبقاء الأشياء الجميلة فقط في مخيلته، منها مباريات الخضر ولقاء منتخب فرنسا ومعه زين الدين زيدان، ناهيك عن علاقته ببعض نجوم الماضي، وفي مقدمتهم الناخب الوطني الأول جمال بلماضي، وأمور أخرى...
* غبت عن الأنظار في السنوات الأخيرة، ماذا تفعل وما هو جديدك ؟
شكرا لكم على هذا الاهتمام، خاصة وأنه لم يسبق أن اتصل بي صحفيون من الجزائر، من أجل الاطمئنان عني والاستفسار عن آخر مستجداتي، وبخصوص سؤالكم، فأنا مبتعد عن عالم كرة القدم منذ عدة سنوات، أشتغل الآن في التجارة، رغم امتلاكي شهادة تدريب.
قلب زيدان كان يخفق للجزائر ولا أحد اتصل به
* لعبت للمنتخب الوطني في فترة جد صعبة، والنهاية كانت بإصابة خطيرة أنهت مشوارك الكروي، هل لك أن تعود بنا إلى حيثيات التحاقك بالخضر ؟
المنتخب الوطني يسري في دمي منذ كنت طفلا صغيرا، وزاد تعلقي بالخضر أكثر عند متابعتهم في مونديال إسبانيا، حيث شعرت بإحساس غريب أثناء تلك المباريات، ومنذ ذلك الحين قررت اللعب لبلدي الجزائر، ولبيت أول دعوة في صنف الأشبال، حيث شاركت في مباراتين رسميتين أمام موريتانيا إن لم تخُني الذاكرة، وعند عودتي إلى فريقي روان تعرضت للعقوبة، جراء تلبيتي الدعوة، لأنتظر بعدها إلى غاية سنة 2000، من أجل الانضمام إلى المنتخب الأول، وكان ذلك في عهد المدرب القدير جداوي، ولكن قبل ذلك كنت قد حظيت بأول استدعاء سنة 1998، لما أدرجني المدرب مزيان إيغيل ضمن قائمته، غير أن الحظ خانني أيضا، إذ أصبت مع فريقي قبل قدومي على مستوى الكتف، لأضيع بذلك فرصة الانضمام إلى المنتخب، وانتظرت بعدها لسنتين كاملتين للالتحاق بالكتيبة الوطنية.
* حدثنا عن مشوارك مع الخضر، والذي لم يتعد سنتين فقط ؟
كنت متألقا مع نادي نيم وكنت قريبا من الالتحاق بالخضر مبكرا، ولكن المكتوب أخر قدومي إلى سنة 2000، ورغم ذلك قضيت مع منتخب بلدي سنتين رائعتين، رغم ما حدث معي من مشاكل، والبداية بمشاركتي في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2002، وكذا التصفيات المؤهلة للمونديال لنفس السنة، قبل أن أخوض نهائيات «الكان» بمالي في 2002، وهناك تغيّر كل شيء معي، بعد تعرضي لإصابة خطيرة أنهت مشواري الاحترافي، وأنا الذي كنت قد التحقت بنادي مونبوليي حديثا، حيث اضطر فريقي لفسخ عقدي، كوني بقيت بعيدا عن أجواء المنافسة لـ18 شهرا، بعد إجراء عملية جراحية معقدة على مستوى الركبة، لأجبر على اللعب لفريق هاوي بفرنسا، وهناك أنهيت مسيرتي الكروية وفي قلبي غصة، كون الإصابة أتتني في أوج عطاءاتي.
اقترحت بن ناصر على أرسنال واستعجلت الفاف لخطفه من المغرب
* هل لك أن تروي لنا تفاصيل إصابتك في لقاء مالي وماذا جرى معك بعدها ؟
كنت حاضرا مع الخضر في نهائيات «الكان»، وخضت لقاء نيجيريا الأول، قبل أن أغيب أمام ليبيريا للإصابة، غير أنني حرصت على المشاركة في لقاء مالي، كونه كان حاسما بالنسبة لنا، وخلاله تعرضت لإصابة قوية بعد تدخل جد عنيف من لاعب ريال مدريد آنذاك مامادو ديارا، الذي تسبب في قطع الأربطة المعاكسة لركبتي، لتنقلب الأمور معي رأسا على عقب بعد عودتي إلى فرنسا، حيث كنت مضطرا لإجراء عملية جراحية جد مستعجلة، وهناك صدمت لعدم تأميني من طرف الفاف، غير أن ذلك لم يحز في نفسي أكثر مما حز فيها كيفية التخلي عني، وعدم محاولة الاتصال بي للاطمئنان على حالتي، إلى درجة جعلتني أذرف الدموع بالمستشفى عقب زيارة أحد المسؤولين، لقد انغلقت أمامي كافة الأبواب، سيما بعد قرار فريقي بالتخلص نهائيا من خدماتي.
* بعد كل ما حدث معك، هل ندمت على تلبية دعوة الخضر ؟
أبدا لم أندم، ولو نعود إلى الخلف مرة أخرى سألبي الدعوة بفرح وسرور، فالأمر يتعلق بالدفاع عن منتخب بلدي، ولن تكون معاملة المسؤولين السيئة سببا في تغيير نظرتي للخضر، فلعلمكم لعبنا للمنتخب في فترة جد صعبة، وكنا نقتني التذاكر من مالنا الخاص من أجل القدوم إلى الجزائر، على عكس ما هو الحال الآن، بعد ما وصلت إليه الفاف من تطور، حيث باتت الاتحادية تهتم بأدق التفاصيل، صحيح أنني أمتلك ذكرى جد سيئة مع الخضر بعد إصابتي اللعينة، وتوقف مشواري الكروي، وتخلي الجميع عني، ولكن لا يجب أن تنسوا محطاتي الجميلة أيضا، على غرار مشاركتي في بطولات رسمية، ولقاء فرنسا الشهير في 2001 بباريس، حيث واجهنا أبطال العالم تحت قيادة زين الدين زيدان.
* حدثنا عن هذه المواجهة ولقاء زيدان فوق أرضية الميدان ؟
لا أدري بالتحديد كم عدد مشاركتي مع المنتخب، ولكن حسب إحصائياتي لدي 29 لقاء بقميص الخضر، وكلها كانت رائعة وجميلة، في مقدمتها لقاء فرنسا بملعب سان دوني، فرغم الهزيمة برباعية كاملة، إلا أننا حاولنا تقديم كل ما نملك فوق أرضية الميدان، أمام فريق كان يعد الأفضل في العالم في تلك الفترة، خاصة وأنه كان يقوده زين الدين زيدان، الذي واجهته للمرة الثانية في مشواري.
* كنت قد صرحت بأن زيدان، الجزائري الوحيد الذي كان اختياره لفرنسا صائبا، لماذا ؟
لم أقل بأن اختيار زيدان للديكة صائبا، بل لمّحت إلى ما حققه الأخير مع فرنسا، حيث توّج معهم بألقاب عديدة، أبرزها المونديال وكأس أمم أوروبا، كما لا تنسوا بأن منتخبنا آنذاك كان في فترة جد عصيبة، ولم يكن سهلا على المغتربين آنذاك اختيار الخضر، حتى وإن كنت أمتلك معلومات بخصوص ميول زيدان للجزائر، غير أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي، ما تسبب في ضياع خدماته، وعن بقية المغتربين فأرى اختياراتهم لفرنسا لديها أهداف رياضية أكثر، ولو كنت لا أعترف بذلك، فاللعب لمنتخب ما يعود إلى خيار القلب، ونحن ممن نشأنا في فرنسا حظينا بتربية جزائرية، وكل شيء في حياتنا كان له صلة ببلدنا الأصلي، ولذلك لا يحق لنا أن ندير له ظهرنا عند الاتصال بنا.
الإصابة والتهميش لم ولن يؤثرا على حبي لبلدي الجزائر
* لعبت في المنتخب تحت إشراف عدة مدربين وزاملت عدة أسماء لامعة، ما تعليقك؟
السنتان كانتا كفيلتين باللعب تحت إشراف عدة مدربين كبار، على غرار جداوي وزوبا وماجر، كما زاملت عدة لاعبين من أمثال بلماضي وتاسفاوت وصايفي وبورحلي ومنيري، ولقد عشنا لحظات لا تنسى، حتى وإن خانتنا النتائج، إلا أن لا أحد كان يبخل بشيء فوق أرضية الميدان.
* ماذا يمكنك قوله عن زميلك السابق والناخب الحالي جمال بلماضي ؟
مهما أثنيت على جمال بلماضي لن أفيه حقه، والبداية كلاعب من طراز رفيع، حيث يعد نسخة طبق الأصل عن رياض محرز في وقته، نظرا لوزنه داخل التشكيلة، وتأثيره الإيجابي على الفريق ككل، وعن دوره كمدرب فقد فاجأني بكل صراحة، خاصة بعد تتويجه بالكان، فلا أحد كان ينتظر أن يجني الثمار بعد مرور أشهر قليلة، حتى وإن كنت أؤمن بمؤهلاته، لقد جعلنا نشعر بسعادة غامرة في مصر، عقب الصعود فوق منصة التتويج.
* تبدو معجبا بعمل بلماضي، أليس كذلك ؟
بطبيعة الحال، ما قدمه بلماضي مع الخضر خيالي، ولا يمكن تصديقه، حيث قادهم من القاع إلى القمة، ولم يكتف بذلك بل واصل حصد النتائج الإيجابية بعد الكان، بالوصول إلى اللقاء 22 دون هزيمة، مع الإطاحة بمنتخبات عالمية في شاكلة كولومبيا، أنا أستمتع بلقاءات الخضر نسخة بلماضي، كونهم يقدمون كرة عصرية، سواء من حيث الانضباط التكتيكي أو الفعالية أمام المرمى، فضلا عن الشراسة في اللعب، وهي أهم خاصية لهذا المدرب الشاب، الذي نتمنى له حظا موفقا في تصفيات المونديال، الذي إن تأهلنا له ستكون لنا فيها كلمة بحول الله.
* ماذا عن التعداد الحالي للخضر ؟
نملك أفضل تشكيلة في إفريقيا، والدليل إطاحتنا بكبار القارة في صورة نيجيريا وكوت ديفوار والسنغال، ولو أن المدرب لعب دورا كبيرا في تأطير هذه المجموعة الرائعة، حيث عرف كيف يستخرج منها ما يريد، وإن كنت أرى بأن الفرديات أيضا قد لعبت دورا فيما وصلنا إليه، فامتلاكنا أسماء لامعة، في شاكلة محرز وبن ناصر وفغولي وبراهيمي صنع الفارق، وجعلنا نبصم على كافة هذه النتائج الباهرة.
* كلمة حول قائد المنتخب رياض محرز ؟
أنتم تتحدثون عن أفضل لاعب في إفريقيا وأحسن لاعب في البريميرليغ عندما كان يرتدي زي ليستر سيتي، كما أنه ينشط في الوقت الحالي مع أفضل فريق في العالم مانشستر سيتي، وكلها أشياء تؤكد بأن الأمر يتعلق بلاعب من الطراز الرفيع، ولذلك أنا لست متفاجئا بما يبصم عليه مع الخضر، إذ بات أكثر حسما مع بلماضي، بدليل ما قدمه في الكان ومخالفته الرائعة التي قادتنا للنهائي ضد نيجيريا، فضلا عن أهدافه المذهلة مؤخرا، لا سيما هدفه في هراري، والذي جعل كل فرنسا تتحدث عنه، حيث لم تصدق كيفية ترويضه للكرة، ومراوغته للمدافع، قبل وضع الكرة بكل هدوء في المرمى.
* تابعت إذن لقاءي زيمبابوي ؟
صحيح أنني مرتبط بالعمل وانشغالاتي كثيرة، غير أنني لا أضيع مباريات المنتخب مهما يحدث، ولقد تابعت مقابلتي زيمبابوي، وكنا قد فزنا بأريحية في 5 جويلية، قبل أن نواجه بعض الصعوبات في هراري، وذلك كان متوقعا للظروف الصعبة في إفريقيا، غير أن ما يحسب للخضر مواصلتهم سلسلة اللاهزيمة، دون أن ننسى الهدفين الجميلين المسجلين من ديلور ومحرز.
* يقال بأنك كنت وراء قدوم إسماعيل بن ناصر إلى الخضر، ما صحة ذلك ؟
أجل أنا من جلب إسماعيل بن ناصر إلى المنتخب الوطني، حيث كانت تجمعني به علاقة صداقة، وقمت باقتراحه على مسؤولي نادي أرسنال الإنجليزي، حيث وافق المدرب آرسن فينغر على انتدابه، بعد متابعة بعض مبارياته مع أرل أفنيون، قبل أن أبعث ببريد إلكتروني إلى مسؤولي الفاف، حيث نصحتهم بالإسراع في ضم بن ناصر، كونه موهبة فريدة من نوعها، وقد يكون له شأن كبير في المستقبل، لقد كان ينشط مع المنتخب الفرنسي لأقل من 18 سنة آنذاك، وكان يحظى باهتمام مسؤولي الجامعة المغربية، غير أننا أقنعناه بعد إغرائه بالمنتخب الأول، على عكس المغاربة الذين أرادوه مع المنتخب الأولمبي، أنا فخور كوني وراء قدوم هذه الجوهرة التي باتت رقما صعبا مع الخضر، بدليل افتكاكه جائزة أفضل لاعب في مصر، ولم يكتف بذلك بل واصل بريقه مع ميلان، وبات الآن مطلب كبار أوروبا كالريال والسيتي وسان جيرمان.
سامحت روراوة رغم أنه تركني أعاني وحيدا
* كيف هي علاقتك برئيس الاتحادية السابق روراوة ؟
غضبت منه كثيرا بعد معاملته السيئة، وتركي بمفردي عقب إصابتي الخطيرة، ولم أحدثه على مدار كل تلك السنوات، ولكن أخيرا عفوت عنه، ولم يعد في قلبي أي ضغينة ضده.
* نختم معك من نهائي كأس فرنسا 1996 بين ناديك السابق نيم وأوكسير، ذكرنا به؟
كنت محظوظا بلعب نهائي كأس فرنسا حتى وإن كنا قد أخفقنا في الفوز، فأنا لا يمكنني أن أنسى تلك المغامرة، بعد إطاحتنا بعديد الفرق الكبيرة، لنصطدم في النهائي بنادي أوكسير تحت قيادة المدرب الشهير غيرو، حيث وفقنا المولى لتسجيل هدف فريقي، قبل أن يرجح رفقاء صايب الكفة لصالحهم عند الدقيقة 88، لقد قدمنا مباراة رائعة بشهادة الجميع، رغم فارق المستوى كوننا كنا ننشط في القسم الثالث، في وقت نادي أوكسير كان بطل الليغ 1، في ظل امتلاكه نجوما من الصف الأول يتقدمهم صايب وتاسفاوت، اللذين لعبت بجانبهما بعدها مع المنتخب الوطني، كما اتذكر أنني كنت محل اهتمام المدرب غيرو الذي طلب التعاقد معي بعدها، لكن مسيري نيم رفضوا تسريحي.
حاوره: مروان. ب