إعادة الهدوء للرياضة الجزائرية يمر عبر احتواء مشاكل كل الفيدراليات
أكد الأمين العام للجنة الأولمبية الجزائرية، رابح بوعريفي، بأن إحداث ثورة على النصوص القانونية التي تسير وفقها المنظومة الرياضية الوطنية أصبحت ضرورية، وذلك من خلال إدخال تعديلات على القوانين الأساسية لجميع الاتحاديات، مع محاولة فتح الأبواب أمام رجال الميدان لتولي المناصب في الفيدراليات.
حــاوره: صالح فرطــاس
بوعريفي، الذي يشغل في نفس الوقت منصب رئاسة اتحادية كرة السلة، أوضح في حوار مع النصر، بأن الكرة تبقى في مرمى وزارة الشباب والرياضة، لإعداد نظرة استشرافية بخصوص هذه القضية، مضيفا بأن المشاكل التي تعيش على وقعها العديد من الفيدراليات يبقى مصدرها الرئيسي الثغرات القانونية، مع طغيان الحسابات الضيقة المبنية على المصالح الشخصية، واستدل في ذلك بالصراعات التي كانت قد هزت اللجنة الأولمبية الجزائرية لفترة دامت قرابة عهدة كاملة، والتي كانت لها انعكاسات سلبية على الرياضة الجزائرية، لتصل الأمور حد التراشق بالتهم الخطيرة بعد انتخابات تجديد اللجنة الأولمبية، والتي بلغت أروقة المحاكم.
كيف تنظرون إلى وضعية الاتحاديات من الناحية القانونية، عشية انطلاق انتخابات التجديد، تحسبا لعهدة أولمبية جديدة لجميع الفيدراليات الرياضية؟
هذه المرحلة جد حساسة، سيما وأننا مقبلون على عملية تنظيم الجمعيات الانتخابية لمختلف الهيئات الرياضية على الصعيد الوطني، انطلاقا من الرابطات، مرورا بالاتحادات الوطنية، وصولا إلى اللجنة الأولمبية، وذلك بعد إعطاء وزارة الشباب والرياضة الضوء الأخضر للشروع في تجديد المكاتب التنفيذية تحسبا للعهدة التي ستمتد إلى غاية سنة 2024، وعملية التجديد تبقى خطوة ضرورية وفقا للرزنامة المعمول بها عالميا، مادامت الفترة القانونية للعهدة الأولمبية تقدر بـ 4 سنوات، وتأخير موعد أولمبياد طوكيو بسبب جائحة كورونا لا يعني بالضرورة تمديد عهدة الهيئات الرياضية والنوادي، وتوفر الظروف الكفيلة بتنظيم الدورات الانتخابية جعل وزارة الشباب والرياضة الجزائرية ترفع الحظر الذي كانت قد أقرته بسبب الوضعية الوبائية، وتقرر بالتالي تجديد كل الاتحادات بجميع الرابطات المنضوية تحت لوائها قبل الثلاثي الأول من السنة القادمة.
مشروع تغيير القوانين من الأولويات التي وضعتها اللجنة الأولمبية
لكن بعض الفيدراليات الوطنية، كانت تتخبط في دوامة من المشاكل الداخلية، فكيف ستتعامل اللجنة الأولمبية مع مثل هذه القضايا لضمان تنظيم الانتخابات؟
الحديث عن المشاكل التي تعيش على وقعها بعض الاتحاديات، يدفعنا إلى السعي لإجراء عملية تشريح بحثا عن الأسباب التي تكون وراء طفو هذه القضايا على السطح، والمكتب الجديد للجنة الأولمبية الجزائرية الذي يرأسه عبد الرحمان حماد منذ أكتوبر الماضي، عمد إلى رسم خارطة طريق تحسبا للمرحلة المقبلة، لأن إعادة الهدوء للرياضة الجزائرية، يمر عبر النجاح في احتواء كل المشاكل المسجلة على مستوى الفيدراليات، وذلك لن يتجسد ميدانيا إلا بالتفكير بجدية في تغيير القوانين التي تحكم كل الاتحاديات، لأن السبب الرئيسي يكمن في الصراعات المبنية على المصالح الشخصية، والتجربة الميدانية التي نمتلكها أعطتنا نظرة أولية حول هذه القضية، وعليه فإننا حاولنا نقل هذا الانشغال إلى الوصاية، من خلال جلسة العمل التي كانت قد جمعت أعضاء المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الجزائرية بالوزير سيد علي خالدي، كما أن المسؤول الأول عن القطاع كان قد بادر إلى تنظيم اجتماعات دورية مع رؤساء كل الاتحاديات، الأمر الذي سمح للوزارة بأخذ صورة واضحة وشاملة عن حقيقة المشاكل التي تعيشها بعض الفيدراليات.
تأخير أولمبياد طوكيو لا يعني بالضرورة تمديد عهدة الهيئات والنوادي
نلمس في هذا الكلام، وجود نوايا في إدخال تعديلات على قوانين تنظيم الانتخابات، أليس كذلك؟
مشروع تغيير القوانين يبقى من الأولويات التي وضعتها اللجنة الأولمبية في برنامج العمل الذي سطرته على المدى القصير، وذلك بالسعي لاستغلال فرصة تجديد العهدة لتنظيم ورشات كفيلة بكشف الثغرات التي ما فتئت تتسبب في طفو مشاكل داخل العديد من الفيدراليات، ولو أننا كمسؤولين في الاتحاديات حاولنا تقديم بعض المقترحات الأولية، لأن النصوص الحالية تبقى مصدر كل المشاكل، كونها لا تتماشى والواقع الميداني الذي نعيشه، والفجوات التي تسجل فيها تفتح الباب لتشكيل جناح معارض داخل أي فيدرالية، مما ينعكس بالسلب على نشاطات المكاتب الفيدرالية، وينصب الرياضة الجزائرية في خانة الخاسر الأكبر، لأن الانشغال يتحول من خدمة الرياضة والرياضيين إلى السعي لاحتواء المشاكل الداخلية، وعلى سبيل المثال فإن القوانين الأساسية الحالية لكل الاتحاديات الرياضية الجزائرية لا تكفي لتوفير الهدوء لأي مكتب، والدليل على ذلك أن مخطط سحب الثقة منصوص عليه في القانون الأساسي، الأمر الذي يتسبب دوما في فرض ضغط على الرئيس من طرف أعضاء لم يتمكنوا من تحقيق أغراضهم ومصالحهم، وهذه الثغرات لا بد من سدها، من خلال القيام بثورة على النصوص القانونية، وفتح استشارة واسعة من مسؤولي مختلف الاتحاديات، لأن ترسيم تعديل القوانين يبقى من صلاحيات الوزارة، والخلاص من هذه الإشكاليات يستوجب فتح المجال أمام رجال الميدان، وتعديل شروط الترشح، لأن هناك مسؤولين في الكثير من الفيدراليات الوطنية لم يسبق لهم ممارسة أي نشاط رياضي، ومع ذلك فإنهم استغلوا الثغرات القانونية للحصول على مناصب في أعلى مستوى.
اللجوء إلى العدالة كان بنية الوقوف على مدى حقيقة ما تم تداوله
والانتخابات الأخيرة للجنة الأولمبية الجزائرية، كانت قد عرفت تراشق بعض الأطراف بتهم من العيار الثقيل، ومع ذلك فإن الوزارة لم تفكر في تعديل القوانين؟
تعديل القوانين لن يكون بين عشية وضحاها، سيما وأن الوصاية كانت قد أصدرت في جوان الفارط تعليمة تلزم جميع الفيدراليات بعدم إدخال أي تعديل على النصوص التي تسير على وقعها المنظومة الرياضية الوطنية بصفة عامة، وعليه فإن المرور إلى مرحلة التطبيق بخصوص هذه النقطة يتطلب تشريحا معمقا ودقيقا للوضعية الراهنة، مع السعي لاستخلاص الدروس والعبر من تجارب السنوات الماضية، لأن الكثير من الاتحاديات كانت قد عاشت أزمات داخلية، مكنت من الوقوف على ثغرات في القوانين، وما حدث خلال انتخابات اللجنة الأولمبية يكشف بأن الحسابات الشخصية تتغلب على مصلحة الرياضة الجزائرية، لأن الوصول إلى اتهام المجموعة بالعصابة التي اعتادت على اقتسام الغنائم أمر لا يمكن السكوت عليه، وهذه التهم مساس بسمعة أبطال سابقين ومسؤولين بارزين في هيئات رياضية وطنية، وعليه فقد تم اللجوء إلى العدالة ليس بنية تهديد من تجرأ على الحديث عن هذه القضايا، وإنما للوقوف على مدى حقيقة ما تم تداوله، مادامت هذه التهم كانت على لسان أطراف كانت تتواجد في الميدان، والمهم بالنسبة لنا لم يمكن البحث عن مناصب، بل إعادة الهدوء لأعلى هيئة رياضية على الصعيد الوطني، لأن اللجنة الأولمبية تضم تحت لوائها كل الفيدراليات، وتبقى ملكا لجميع الرياضيين، والأزمة التي عاشتها على مدار آخر 4 سنوات تسببت في طفو الكثير من المشاكل الناتجة عن الصراعات الشخصية، وانتخاب مكتب تنفيذي جديد برئاسة عبد الرحمان حماد كان كافيا لضمان الاستقرار على مستوى هذه الهيئة، من الناحية الإدارية، مع استعادة العلاقة التي كانت متوترة مع العديد من الفيدراليات الوطنية، لأن ذلك أثر بصورة مباشرة على تحضيرات رياضيينا للمحطة الهامة، والمتمثلة في أولمبياد طوكيو، سواء بالنسبة للرياضيين الذين اقتطعوا تأشيرات التأهل أو أولئك الذين مازالوا معنيين بخوض دورات تصفوية بحثا عن تذاكر إضافية ترفع من حصة تمثيل الرياضة الجزائرية في هذا المحفل الرياضي العالمي، وهذا هو أهم مكسب من انتخابات تجديد اللجنة الأولمبية. ص / ف