انقضى الثلث الأول من بطولة الموسم الكروي للرابطة المحترفة في نسختها الحادية عشرة، بعد لعب 12 جولة، عرفت احتدام الصراع بين أندية راغبة في إحراز اللقب أظهرت نواياها مبكرا، في صورة وفاق سطيف وشباب بلوزداد واتحاد الجزائر ومولودية الجزائر، إلى جانب أولمبي المدية وجمعية عين مليلة، اللذين حتى وإن وصفا بمفاجأة «الفترة الأولى» من المنافسة، غير أن كليهما يرفضان دور الأرنب، وبالمقابل فقد سمحت الجولات الملعوبة لحد الآن، بتحديد هوية الفرق التي «تعقلت» في أهدافها وستكتفي بلعب ورقة البقاء وفقط.
ورغم صعوبة التكهن ببطل النسخة الحالية، على اعتبار أن 26 جولة كاملة لا تزال في الرزنامة، وسيناريو ما حدث الموسم الفارط (لم يكتمل بسبب الجائحة) يبقى في الأذهان، خاصة وأن متصدر البطولة حاليا وفاق سطيف، كان يتواجد مع ثلاثي المؤخرة بعد مرور نفس العدد من الجولات، وحصّل 11 نقطة فقط، قبل أن يستفيق ممثل عاصمة الهضاب وينهي الموسم بقوة، مستفيدا من «ديكليك» هندس له المدرب الحالي الكوكي، الذي نجح في البصم على سلسلة نتائج إيجابية مميزة.
والملاحظ بعد انتهاء الثلث الأول من الموسم، أن النتائج المسجلة أفرزت وعاءين، الأول يضم فرقا أبدت نيتها في المنافسة على «البوديوم»، وضمان مشاركة قارية الموسم القادم، ومجموعة ثانية تصارع لتفادي السقوط، خاصة وأن المعطيات ستكون مغايرة خلال الموسم الحالي، بعد تغيير صيغة وهرم البطولة وما تبعها من قرار سقوط أربعة أندية، وهو ما يوسع قائمة المهددين عن اقتراب موعد الجولة الأخيرة.
ثبات في مستوى البطل و«الوصيف» وما أوقفه «كورونا» تجدد !
يجني فريقا وفاق سطيف وشباب بلوزداد ثمار الاستقرار على مستوى الطاقم الفني والتركيبة البشرية، حيث حافظ أبناء مدينة عين الفوارة على المدرب التونسي نبيل الكوكي وطاقمه، والحال كذلك مع الشباب بالنسبة للفرنسي فرانك دوما وبقية مساعديه، إلى جانب عدم إبرام صفقات كثيرة في فترة الانتقالات الصيفية، أين اكتفى الوفاق بالتعاقد مع متوسط الميدان ميصالة مرباح والمدافع المغترب حليم مدور، قبل تدعيم التشكيلة في الميركاتو الاستثنائي بخدمات الغاني لوموتي، فيما تعاقد أبناء العقيبة مع الثنائي الأجنبي البلجيكي نغومبو مايكي فريد والبنيني كوكبو مارسيلان، وهو ما انعكس إيجابا على أداء الفريقين مع بداية الموسم، من خلال تقديم مستويات كبيرة باعتراف أهل الاختصاص، الذين يرشحون كل من الوفاق والشباب للتنافس بقوة على اللقب.
وقدم المدربان الكوكي ودوما درسا لجميع التقنيين المحليين، من خلال الاعتماد على سياسة مختلفة ترتكز على منح الفرصة للشبان، وهو ما سمح ببروز عدة مواهب في الوفاق في صورة عمورة وبقرار ودالي، وفي بلوزداد الثنائي بلخير ومريزيق، كما أعادت البداية الموفقة للناديين، مشاهد صراعهما الموسم المنقضي، قبل أن توقف الجائحة الموسم الكروي.
ومن بين العوامل المشتركة أيضا بين بطل الموسم المنقضي والوصيف، كونهما يسافران جيدا خارج الديار، حيث لم يتذوقا طعم الخسارة خارج أسوار ملعبيهما، ولو أن أبناء مدينة عين الفوارة خاضوا ست مباريات نجحوا في الفوز بخمس منها وتعادلوا مرة واحدة، ليبقون أفضل فريق خارج الديار برصيد 16 نقطة، وأما أبناء العقيبة فقد سافروا خمس مرات خارج القواعد، عادوا فيها بفوزين وثلاثة تعادلات، بحصيلة قدرها تسع نقاط، علما وأن الشباب يبقى الفريق الوحيد، الذي لم يتذوق طعم الخسارة إلى غاية الآن.
حجار مهندس بداية المدية المثالية
نجح المدرب الشريف حجار في قيادة أولمبي المدية إلى بداية مثالية، واحتلال الصف الثاني من الترتيب عن جدارة واستحقاق، وأثبت مقولة «من جد وجد ومن زرع حصد»، بالنظر إلى العمل الكبير الذي قام به في فترة التحضيرات الصيفية، حيث تمكن من تشكيل فريق قوي في غياب أسماء رنانة، لأنه ببساطة يعترف بحقيقة الميدان وفقط، مثلما أكده للنصر في حديث جانبي جمعنا به، على الرغم من المشاكل المادية الكبيرة التي يتخبط فيها أبناء التيطري، أين يدين رفقاء شرفاوي بمستحقات الموسم الفارط، دون أن ننسى ما حدث مؤخرا بعد، أن أتى حريق مهول على مقر الفريق حصد كل العتاد الرياضي، وهو ما زاد من متاعب إدارة الرئيس بوقلقال.
ويرفض الأولمبي لعب دور «الأرنب» في بطولة الموسم الحالي، حيث يريد الذهاب بعيدا والتنافس بقوة، والأرقام التي يبصم عليها أشبال المدرب حجار خير دليل على ذلك، خاصة خارج الديار، من خلال حصد 13 نقطة كاملة من أصل 18 متاحة، أين فاز أبناء التيطري بأربع مباريات وتعادلوا في مناسبة واحدة وانهزموا مرة واحدة.
الساورة والحمراوة الأفضل داخل الديار
بقيت شبيبة الساورة وفية لعاداتها، وتأكيد قوتها بملعب 20 أوت ببشار، حيث تملك رقما قياسيا من خلال الصمود لقرابة موسمين، حيث يبصم أشبال المدرب مزيان إيغيل على بداية متوازنة، من خلال التواجد في الصف الرابع ضمن الترتيب العام، والبقاء دائما أفضل فريق داخل الديار، من خلال حصد 16 نقطة، نظير الفوز في خمس مباريات والتعادل في مناسبة واحدة، يليه فريق مولودية وهران بـ 13 نقطة، من خمس مباريات داخل الديار وجمعية عين مليلة بـ 14 نقطة من 7 مباريات بملعب الشهيد خليفي.
ويرى أهل الاختصاص، بأن نسور الجنوب، تعودوا على البداية القوية في كل موسم، قبل التراجع في الجزء الثاني، مثلما هو الحال بالنسبة لعدة فرق، على غرار مولودية الجزائر التي بدأت البطولة بقوة، قبل أن تعرف تراجعا في الثلاث جولات الماضية، من خلال تعثرين داخل الديار وخسارة في تلمسان، عجلت برحيل المدرب نبيل نغيز، وتعويضه بعبد القادر عمراني، الذي باشر مهامه الجديدة.
ومن بين الفرق التي لم تقل بعد كلمتها، نجد اتحاد الجزائر، العائد بقوة في الجولات الأخيرة، حيث لم ينهزم أبناء سوسطارة في خمس جولات متتالية، منذ قدوم المدرب الجديد تيري فروجي، الذي نجح في إعادة الروح لرفقاء بلقاسمي، الذين ارتقوا إلى الصف الثامن في سلم الترتيب، بعد معاناة كبيرة مع بداية الموسم من خلال تسجيل هزيمتين داخل الديار أمام وفاق سطيف وأولمبي المدية.
نجم السنافر أفل ولاصام تحدّت الصعاب
لم تكن بداية النادي الرياضي القسنطيني عند مستوى طموحات الأنصار، وخلفت غضبا في معاقل السنافر، خاصة وأن الفريق وجد نفسه مع الرباعي المعني بالسقوط، بعد أن كان في الأمس القريب يضرب به المثل، عقب نجاحه في التتويج باللقب وتقديم مشوار مشرف في منافسة رابطة الأبطال، عندما أطاح رفقاء المغادر حسين بن عيادة، بالعملاق تي بي مازمبي بثلاثية تاريخية.
البداية الكارثية للسنافر، رغم الإمكانيات الكبيرة التي تضعها الشركة المالكة والأموال التي تصرف في كل موسم، جعلت الأنصار يطالبون بتغييرات جذرية، البداية كانت بتقديم مجوج استقالته، قبل تعيين بزاز لخلافته، ثم إعلان عمراني الرحيل، وتنصيب حمدي مسؤولا على العارضة الفنية.
وأما ممثل الجهة الشرقية الآخر، جمعية عين مليلة، فقد تحدى الصعاب والأزمة المالية الخانقة التي يعيشها النادي منذ صعوده إلى المحترف الأول، حيث كان آخر فريق يباشر التحضيرات، لكن الطاقم الفني الحالي بقيادة المدرب يعيش، عرف كيف يجد التوليفة المناسبة، التي نجحت في كسب الرهان، كما أنها ترفض الاستسلام، وعازمة على قول كلمتها، خاصة لو تتوفر الظروف الملائمة مستقبلا.
سكيكدة ومقرة والبرج فشلوا في مجاراة النسق
فشلت أندية كثيرة في مجاراة نسق البطولة، ووضعت نفسها مجبرة في المجموعة الثانية، المصارعة على ضمان البقاء، في صورة شبيبة سكيكدة وأهلي البرج وبدرجة أقل نجم مقرة، حيث يعتبر متذيل الترتيب «الكابا» أضعف فريق في البطولة داخل الديار، بجمعه نقطة وحيدة من تعادل وحيد، ما يؤكد حجم معاناة الأهلي، الذي ذهب ضحية المشاكل الإدارية الكبيرة، وعدم اتضاح الرؤية إلى غاية الآن، ما جعل الأنصار يطالبون بحل سريع وقدوم أهل الاختصاص، على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحتى أبناء روسيكادا يعانون كثيرا بملعب 20 أوت، حيث فازوا مرة واحدة وتعادلوا أربع مرات وانهزموا في مناسبتين من أصل سبع مباريات كاملة، ويعتبرون أضعف فريق خارج القواعد إلى جانب نجم مقرة، من خلال حصد نقطة وحيدة فقط، في جميع السفريات الماضية.
اللقب الغالي يحتاج لصاحب النفس الطويل
تحتاج بطولة الموسم الحالي إلى صاحب النفس الطويل، خاصة وأن أندية المحترف الأول ستخوض 39 مباراة على الأقل، ما بين البطولة وكأس الرابطة التي استحدثها المكتب الفدرالي مؤخرا لتعويض منافسة كأس الجزائر، دون أن ننسى الفرق المشاركة في المنافسات القارية، ويتعلق الأمر بشباب بلوزداد ومولودية الجزائر في رابطة الأبطال ووفاق سطيف وشبيبة القبائل في كأس الاتحاد الإفريقي، وهو ما سيكون له تأثير كبير، خاصة في ظل تراكم المباريات، بعد قرار الرابطة الأخير بتأجيل لقاءات الجولة 13.
حمزة. س
مدرب أولمبي المدية حجار للنصر
نلعب البطولة مباراة بمباراة والشبان سر التألق
اعتبر مدرب أولمبي المدية الشريف حجار، عامل «الشبان» إلى جانب الجدية في العمل، سر تألق أبناء التيطري مع بداية الموسم، وأهم العوامل التي جعلت فريقه يحتل وصافة الترتيب بعد انقضاء الثلث الأول من البطولة، رافضا في حديثه مع النصر فرض أي ضغط على اللاعبين، عندما قال:» سنلعب البطولة مباراة بمباراة، والحديث عن التنافس عن المراتب الأولى سابق لأوانه».
وأضاف:» لم نسرق النتائج المحققة إلى غاية الآن، وجاءت بفضل الجد في العمل ورغبة اللاعبين في تقديم موسم مميز، إلى جانب وجود روح مجموعة، والاعتماد على الشبان».
ح.س
رئيس جمعية عين مليلة بن صيد للنصر
لو تتوفر الأموال يمكننا التنافس على الأدوار الأولى
أكد رئيس جمعية عين مليلة شداد بن صيد، بأن فريقه قادر على التنافس على المراتب الأولى في البطولة، لكن الإشكال الوحيد يبقى من الناحية المادية، خاصة في ظل الوضعية الصعبة التي يتخبط فيها النادي، مشيرا في حديثه مع النصر، إلى أنه لم يتفاجأ من البداية الجيدة لأشبال يعيش، حيث قال:» لم أشكك ولو للحظة في قدرات فريقي، بل العكس تماما، لدي ثقة كبيرة في أننا نملك تشكيلة بإمكانها التنافس على الأدوار الأولى، في حال توفر الظروف المادية، لأن الأموال تبقى العائق الأكبر».
وأضاف:» كما تعلمون كلما نحقق نتائج إيجابية كلما يكبر الطموح وكلما تزيد المصاريف، حيث نكون كإدارة أمام حتمية تسوية منح إضافية، لكن في غياب الدعم، يصعب علينا الوصول إلى مبتغانا».
وختم:» البطولة هذا الموسم مختلفة نوعا ما، ويصعب التكهن بنتائج مبارياتها، خاصة في ظل المعطيات التي يعرفها العام والخاص».
ح.س