صنع فريق مولودية بريكة الحدث في نهاية الموسم، رغم أنه جمعية رياضية حديثة النشأة، حيث يعود تاريخ تأسيس الفريق إلى عام 2014 فقط، لكن إصرار أسرته من مسيّرين ولاعبين وأطقم فنية، جعلته يتسلّق سلم المنافسة بسرعة حتى بلغ جهوي باتنة الأول بعد النجاح في تحقيق الصعود في خمسة مواسم كاملة، قبل أن يتبعهم بإنجاز سادس ارتقى بهم إلى قسم ما بين الرابطات.
روبورتاج: محمد مداني
ودخلت المولودية المنافسة في المواسم الأولى باحتشام، قبل أن تخطف تشكيلتها الأضواء، متحدية غياب الإمكانات المادية والتشجيع والدعم المالي الضروري، إلى درجة أنه وفي ظرف وجيز تحققت نتائج جيدة.
وتمكن النادي الممثل لمدينة بريكة، من تخطي الكثير من العقبات بخزائن خاوية، ومسيرين ولاعبين زادهم الوحيد الغيرة على ألوان الفريق، حتى بلوغه هذا الموسم قسم ما بين الجهات، بعد تتويجه بلقب المجموعة الثانية لبطولة الجهوي الأول لرابطة باتنة، برصيد 42 نقطة، نتاج 12 انتصارا و6 تعادلات وهزيمتين.
وما زاد من قيمة المكسب المحقق، نجاح أبناء بريكة في تحدي الضائقة المالية، وتشكيل قوة ضاربة في البطولة، ما مكنهم من صنع الحدث واقتطاع ورقة الصعود، على حساب فرق لها باع من الخبرة وتفوقهم إمكانيات، على غرار أمل مروانة ونجم بوجلبانة، وهو إنجاز، حتى وإن جعل الأنصار يفجرون أفراحهم ويصنعون طقوسا احتفالية، إلا أن مسيري الفريق يرونه بأنه مر مرور الكرام، بل «لا حدث» بالنسبة للسلطات المحلية، التي تجاهلته في نظرهم، ولم تكلف نفسها تشجيع وتحفيز صانعيه.
ويجمع اللاعبون وأعضاء المكتب المسير، على أن المشوار لم يكن مفروشا بالورود، بل تحقق بفضل التجنيد الواسع وسواعد الرجال، خاصة وأن الفريق دخل البطولة مثقل بالهموم ووسط مشاكل متعددة الجوانب، أبرزها الضائقة المالية، وعدم استقرار التعداد بعد مغادرة بعض اللاعبين نهاية مرحلة الذهاب، بالإضافة إلى رحيل المدرب منير عمران في الجولة الثانية، ليعوضه لزهر سلاوي في المحطة الموالية.
كما رفع المسيرون قبعة الاعتراف لبعض رجال أعمال المنطقة، والأنصار وكذا بعض نواب دائرة بريكة في البرلمان، الذين يعود لهم برأيهم الفضل في ضمان تسيير الفريق وتجنبه رفع الراية البيضاء منتصف الطريق. وبالموازاة مع ذلك، ترفض أسرة مولودية بريكة السقوط في أخطاء الماضي، وتكرار سيناريو موسم 2019 ـ 2020، أين صعد الفريق لذات القسم، لكنه سرعان ما عاد لجهوي باتنة الأول، بسبب توقف المنافسة آنذاك بفعل تداعيات جائحة كورونا، وغياب الدعم المالي. وانطلاقا من هذه التخوفات، لم تتوان الإدارة في توجيه رسالة للجهات المسؤولة للتكفل باحتياجات الفريق وإعطائه الدعم المالي اللازم، إدراكا منها، بحجم متطلبات الموسم القادم، الذي يأمل فيه «البريكية» رفع عارضة الطموحات إن توفرت الأموال، التي بدونها يبقى الفريق في ممر ضيق إلى إشعار آخر، حسب الاعتقاد السائد وسط أنصاره ومحبيه. م ـ م
تعداد الفريق لموسم 2021 ـ 2022
الحراس: سيدي عثمان ـ حساني
المدافعون: سالم ـ شيحة ـ معيريف ـ سي محمد ـ بوعلاق ـ مخلوفي ـ حارك.
وسط الميدان: بلوصيف ـ خليفي ـ بوعلاق هشام ـ دبة ـ خوجة ـ فيراز.
المهاجمون: بيشة ـ بوصندل ـ حساني ـ زواوي ـ طبيب ـ ميدون.
المدرب لزهر سلاوي: تـــــــــــــسلّـــــحنا بالإرادة والنــــيـــــــف
* المستـــــــــــــوى تأثر باخـتـــــلال موازيــــن القوى بيــــن النـــوادي
ماذا يمثل لك هذا الإنجاز ؟
شخصيا، أنا جد سعيد بهذا المكسب الذي اعتبره إضافة لرصيدي الشخصي، حتى وإن لم يكن سهلا في ظل المنافسة الكبيرة التي فرضتها بعض الفرق الطموحة، لذلك، أرى بأن حلاوة التتويج بلقب المجموعة والصعود، تكمن في الصعوبة التي وجدها الفريق الذي تحدى كل المشاكل سيما المالية، وأبى إلا أن يسعد أنصاره وجماهيره بإمكانيات منعدمة.
هل كنت متفائلا بالصعود؟
بعد أن تسلمت المشعل بداية من الجولة الثالثة، خلفا لمنير عمران، كنت أدرك صعوبة المهمة، وحجم التحديات المنتظرة، نظرا لغياب الإمكانيات وعدم حصول اللاعبين على مستحقاتهم، لكن مع مرور الجولات، شعرت بوجود حالة من الوعي والإدراك، لكسر كل الحواجز وبلوغ الهدف المسطر، حيث استطاع الفريق تحقيق نتائج إيجابية داخل وخارج القواعد، إلى درجة أنه لم يبارح «البوديوم»، منذ انطلاق البطولة إلى غاية الظفر بلقبها.
من أين استمدت المولودية قوتها؟
قوة فريقي كانت تكمن في إرادة وعزيمة اللاعبين، والروح الجماعية والثقة بالنفس، بغض النظر عن سهر الإدارة وتضحيات بعض الأطراف التي ساعدت الفريق، على مواصلة مشواره وكذا دعم الأنصار.
معنى هذا أن الصعود كان الهدف الأسمى؟
أكيد، أن الإدارة كانت تهدف منذ الانطلاقة للعودة إلى قسم ما بين الجهات، الذي غادره الفريق مكرها قبل موسمين من الآن، وهذا رغم قلة الإمكانيات، وقد عملنا على إعادة شحن البطاريات وإعداد العدة مع الإيمان بقدراتنا، ولو أننا صراحة وجدنا مزاحمة كبيرة حتى أننا انتظرنا الأنفاس الأخيرة للحسم في ورقة الصعود، وأثبتنا بأننا نستحق نيل هذا المكسب.
كيف كان المستوى العام لبطولة جهوي باتنة؟
مجموعتنا كانت سمتها عدم التوازن، في ظل اختلال موازين القوة بوجود أندية طموحة وقوية، سبق لها تنشيط بطولة ما بين الجهات على غرار أمل مروانة ونجم بوجلبانة وشباب برج غدير، وأخرى لم تقو على المقاومة في غياب الإمكانيات الضرورية كجامعة باتنة وشباب الحمادية، الأمر الذي جعل جل المباريات لا ترقى إلى المستوى المطلوب. كما أنني لاحظت بحث جميع الفرق عن النتيجة الفنية بأي طريقة كانت، وهو ما يعكس المستوى المتوسط للبطولة.
ما هو تصورك لمستقبل الفريق في القسم الثالث؟
انتظر مرحلة صعبة وشاقة، على اعتبار أن بطولة ما بين الجهات، تتطلب تركيبة بشرية ثرية وإمكانيات مضاعفة، وهو ما لا يتوفر عليه الفريق حاليا. لذلك، أخشى على مستقبل فريقي إذا ما ظلت أحواله المادية على هذه الشاكلة، والتي صراحة لا تسمح بالصمود. وبخصوص بقائي، فإنه من السابق لأوانه الحسم في هذا الأمر.
رئيس الفريق سمير حليتيم: 1.6 مليــــــــار كلفــــــــة الصعــــــــود
* الهاجــــــس الأكبــــر عــــــدم اعـــــــــتماد الملعــــــــــــب
ما هي قراءتك لصعود فريقك؟
بكل تأكيد هو انجاز كبير ومستحق، بالنظر للمشوار الاستثنائي لفريقي، ناهيك عن مجهودات اللاعبين والطاقم الفني وتضحيات المسيرين رغم التهميش والتسيب والغياب الكلي للدعم المالي.
صحيح أن الإدارة رفعت التحدي وتخطت كل العوائق، لكن صراحة الفضل يعود لبعض رجال الخفاء من أنصار ورجال أعمال، كانوا السند القوي للفريق، من خلال مرافقته في حله وترحاله وتقديم التحفيز المطلوب للاعبين، ورغم هذا فإن ما حز في نفسي، التجاهل التام للسلطات المحلية لقيمة هذا الانجاز، إلى درجة أن الصعود مر مرور الكرام دون أن تلتفت إليه البلدية أو أي مسؤول آخر، فلا تكريم ولا تحفيز ولا حتى مشاركة الفريق أفراحه بتهنئته على مكسبه الذي أخرج مدينة بريكة من دائرة الظل. لذلك، نحن محبطون حتى أننا شعرنا بأن ما حققته المولودية، يعد في نظر المسؤولين المحليين ضربة سيف في الماء ولا حدث.
ألا تخشى أن تتحوّل حلاوة ونعمة الصعود إلى نقمة في ظل سردك لهذا الكم من المشاكل؟
فعلا، هو الشعور الذي ينتابنا، لأن الواقع أثبت بأن المولودية تعاني أزمة مالية خانقة ومخيفة، فرغم تحقيق سادس صعود منذ تأسيس الفريق عام 2014، إلا أن خزينة النادي ظلت خاوية دون أي مساعدة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، ولولا تبرعات المحسنين ومساهمة بعض رجال أعمال المنطقة، وتضحيات المسيرين، لأصبح الفريق في خبر كان.
كم كلّف الصعود السادس خزينة الفريق؟
الأمر الذي لا يختلف فيه اثنان، هو أن الصعود حققناه عن جدارة واستحقاق، وبفضل تضافر الجهود، وقد كلف خزينة النادي 1.6 مليار، وكلها مصنفة في خانة الديون، طالما أننا لن نستفد من أي إعانة مالية من السلطات العمومية، وهو ما جعل الإدارة تدق ناقوس الخطر، خاصة وأنها وجدت نفسها عاجزة عن مكافأة اللاعبين عن هذا المكسب، كعربون اعتراف للمجهودات المبذولة.
في ظل هذه الأوضاع، كيف ستواجه الإدارة متطلبات الموسم القادم؟
أعتقد بأن الحديث عن احتياجات الموسم المقبل في بطولة ما بين الجهات، يجب أن يكون محل مناقشة في جمعية عامة لمناقشة الأمر، حتى وإن كانت متاعب هذا الموسم تجبرنا على مطالبة السلطات المحلية بتغيير نظرتها حيال الفريق، لأن الموسم القادم، يختلف عن سابقيه من شتى الجوانب، ويستوجب الكثير من الأموال، كوننا عانينا كثيرا من هذا الجانب دون الاستجابة، لنداءات الاستغاثة التي أطلقناها.
برأيك، هل الأزمة المالية كانت وحدها انشغال فريقك؟
إضافة إلى الضائقة المالية، هناك نقطة هامة وهي الحالة الكارثية لملعب الشهيد غالمي، التي تتطلب الإسراع في تهيئة أرضيته ببساط اصطناعي جديد. شخصيا، لا أعتقد اعتماد هذا الملعب في وضعيته الحالية، وهو ما سيشكل عائقا آخر في طريق الفريق.
قالوا عن الصعود
لطفي زواوي (قائد الفريق)
أثبتنــــا أنـــنا الأقــــــــوى
«أعتقد بأن ما تحقق يحمل طابعا خاصا، كون الإنجاز يعد السادس في ظرف وجيز، ولم يكن هدية بقدر ما تطلب الكثير من العمل والتضحية. وقد أكدت حقيقة الميدان بأننا كنا الأقوى، ما تعكسه الأرقام وحصيلة التشكيلة، ولو أننا صراحة وجدنا الكثير من الصعوبات، ومنافسة قوية من بعض الفرق. علينا التلذذ بحلاوة هذا الصعود، والتفكير من الآن في الموسم القادم».
محمود حساني (هداف الفريق)
فخــــور بأهــــدافي وإنجـــازي
«جد سعيد بهذا الصعود الذي لم نسرقه، لأنه ببساطة كان مستحقا، ونتيجة حتمية لعمل متواصل وتضافر الجهود، وقد ساهمت في هذا الإنجاز من خلال توقيعي 17 هدفا من أصل 37 هدفا لفريقي، وهذا بفضل مساعدة بقية زملائي، وهو ما سيعزز من رصيدي الشخصي، خاصة وأنني اعتليت صدارة لائحة هدافي المجموعة».
عادل بيشة (مهاجم)
الموسـم استثنائي والختام مسك
«اعتبر حملي ألوان مولودية بريكة هذا الموسم، تجربة ناجحة بكل المقاييس، سيما وأنها كللت بالصعود. لقد قضيت موسما اعتبره من أحسن الفترات في مساري الكروي منذ تخرجي من مدرسة أمل مروانة، رغم الصعوبات، التي واجهتنا في تحقيق الصعود الذي أهديه للأنصار».