شبان الخضر بمشوار استثنائي يجسدون السيطرة
جسّد المنتخب الوطني لفئة أقل من 17 سنة، بتتويجه بلقب النسخة الرابعة لكأس العرب للناشئين، الطرح القاضي باحترام هذه المنافسة لعامل الأرض، والإبقاء على اللقب في البلد الذي يستضيف الدورة، لأن هذا الأمر ظل ساري المفعول في كل الطبعات المنظمة، وقد تكرر للمرة الرابعة، ولو من باب الصدف، لأن حقيقة الميدان أثبتت أحقية شبان «الخضر» في اعتلاء منصة التتويج، بعدما أكدوا علو كعبهم، وقدموا مردودا ميدانيا كان كافيا لتنصيبهم في خانة أبطال العرب.
طبعة 2022 بوهران، تزامنت مع بعث الاتحاد العربي لهذه المنافسة من جديد، بعد تعليق امتد على مدار 8 سنوات، لأن آخر نسخة من كأس الناشئين لهذه الشريحة كانت في سنة 2014 بالعراق، ومنذ ذلك الحين تقرر تجميد هذه التظاهرة، لكن تفعيل النشاط كان من بوابة وهران في سبتمبر 2022، في دورة كانت الأنجح من جميع الجوانب، سيما وأن المشاركة كانت قياسية، بتواجد 16 منتخبا، وهو رقم لم يسبق للاتحاد العربي أن سجله، بدليل أن المنافسة كانت قد انطلقت في سنة 2011 من السعودية، بمشاركة 8 منتخبات، قبل أن يرتفع عدد المشاركين إلى 10 منتخبات في طبعة تونس 2011، إلا أن انخفاض نسبة المشاركة إلى أدنى المستويات، بتواجد 7 منتخبات في دورة العراق 2014 كان السبب الرئيسي في تجميد المنافسة مؤقتا.
ارتفاع عدد المشاركين إلى 16 منتخبا، نتج عن تسجيل حضور 4 منتخبات لأول مرة، ويتعلق الأمر بكل من مصر، لبنان، الإمارات المتحدة وجزر القمر، مقابل عودة 6 منتخبات أخرى كانت قد غابت عن طبعة 2014، في صورة المنتخب الجزائري، وكذا تونس، المغرب، ليبيا، عمان واليمن، الأمر الذي جعل الاتحاد العربي يعمد إلى تنظيم منافسة من 4 أدوار، قبل بلوغ منصة التتويج، على اعتبار أن الدور الأول عرف توزيع المنتخبات المشاركة على 4 أفواج، مع برمجة 3 أدوار للحسم المباشر بين الغالب والمغلوب، انطلاقا من ربع النهائي، وهو «سيناريو» يبقى تاريخيا في سجل المنافسة.
أما بخصوص سير التظاهرة، فإن المنتخب الجزائري تصدر المجموعة الأولى بتقدير ممتاز، عقب فوزه في جميع اللقاءات، على حساب فلسطين، الإمارات المتحدة والسودان، مع النجاح في هز شباك المنافسين في 10 مناسبات، بينما نجح الحارس ماستياس حماش في المحافظة على عذرية شباكه طيلة هذا الدور، وعلى مدار 270 دقيقة.
المشوار المميز الذي أدته تشكيلة المدرب أرزقي رمان في الدور الأول، فتح باب التفاؤل على مصراعيه، وساهم بشكل مباشر في الرفع من عارضة الطموحات، لكن الحلم كبر أكثر عقب النجاح في تجاوز عقبة المنتخب التونسي في ربع النهائي، ولو بركلات الترجيح، لأن «التوانسة» دخلوا هذه الدورة في ثوب أكبر المرشحين لاعتلاء منصة التتويج، رغم أنهم كانوا قد تأهلوا عن المجموعة الثانية بفضل حسابات اللعب النظيف، بعد التساوي في النقاط وحتى في الأهداف مع ليبيا، في فوج كان الأقوى «ميدانيا»، وتصدره المنتخب اليمني بأفضلية فارق الأهداف، ليضرب بعدها شبان «الخضر» موعدا في المربع الذهبي مع المنتخب السعودي، والذي عرف تكرار نفس «السيناريو»، وذلك بالتأهل بفضل ضربات الترجيح.
نجاح النخبة الوطنية في بلوغ النهائي، كان بعد مشوار استثنائي تخطت خلاله منتخبين سبق لهما التتويج باللقب، ويتعلق الأمر ببطل النسخة الأولى منتخب السعودية، وخليفته على المنصة في الطبعة الثانية منتخب تونس، مما جعل النظر إلى التاج طموحا مشروعا، فكان النهائي مع المنتخب المغربي بنكهة خاصة، لكن «الفيزيونومية» الميدانية سارت على وقعت «سيناريوهات» أبقت العديد من المعطيات السابقة سارية المفعول، على اعتبار أن التشكيلة الجزائرية اضطرت للدور الثالث تواليا إلى الاحتكام إلى ضربات الترجيح، والنتيجة جاءت مطابقة للمغامرتين الفارطتين، كما أن هذا التتويج رسخ الطرح الذي يرجح كفة مستضيف الدورة للإبقاء على اللقب في بلده، وهذا أمر يحدث لرابع مرة، في رابع نسخة من هذه المنافسة.
تربع الكرة الجزائرية على العرش العربي لفئة أقل من 17 سنة، جاء بعد أقل من 10 أشهر من تتويج كبار «الخضر» باللقب في كأس العرب للمنتخبات، والتي جرت بقطر، في شكل «مونديال العرب»، تحت إشراف الفيفا، ولو أن الملفت للانتباه أن دورة الناشئين كانت محطة هامة لاكتشاف الكثير من المواهب التي تعد بمستقبل زاهر، لأن النخبة الوطنية وزيادة على اعتلائها المنصة، نالت تقدير المتتبعين بفضل المردود الميداني الذي قدمته، خاصة وأن الدفاع لم يتلق سوى هدفين في 6 مباريات، بينما كان الهجوم فعالا في الدور الأول، بتوقيع 10 أهداف، ثم تراجع حصاده في الأدوار المتقدمة، بتسجيل هدفين «حاسمين» أمام تونس والمغرب، عبدا الطريق إلى المنصة، خاصة الهدف الذي سجله شحيمة في النهائي بطريقة «خرافية»، والذي كان وزنه تاج عربي، لأنه الوحيد لهذا اللاعب في هذه الدورة، لكنه مكن الجزائر من انتزاع اللقب، ليبصم شبان «الخضر» على إنجاز تاريخي في هذه المنافسة، على اعتبار أن أفضل مشاركة في سابق الدورات كانت في النسخة الأولى بالسعودية، عند بلوغ نصف النهائي، والاكتفاء بالصف الرابع، عقب خسارة اللقاء الترتيبي بنتيجة (2 / 1)، في حين كان الإقصاء من الدور الأول المصير الحتمي في طبعة تونس 2012، قبل الاعتذار عن المشاركة في دورة العراق 2014، والعودة كانت بعد غياب دام عشرية من الزمن، وثمار ذلك كانت تاج عربي. ص / فرطاس