يحيل قرار الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بسحب تنظيم النسخة 35 من بطولة كأس إفريقيا للأمم من دولة غينيا وفتح باب الترشح أمام البلدان الراغبة في تنظيم الحدث القاري، إلى الحديث عن «أخطاء» الاتحاد القاري دون فتح النار أو توجيه اللوم للمكتب التنفيذي الحالي، على اعتبار أن ملفات الدورات الأخيرة وحتى المستقبلية إلى غاية 2025، تم حسمها في عهد عيسى حياتو (خليفته الملغاشي أحمد أحمد عدّل الرزنامة)، الذي هضم حق الجزائر عندما لعب دورا كبيرا في تغيير منحى دورات 2017 و2019 و2023.
واضطرت الكاف قبل اليوم، إلى تغيير هوية البلد الذي يستضيف نهائيات كأس إفريقيا للأمم في نسخ عديدة، حيث كانت البداية بدورة 2013، حين استنجد حياتو بجنوب إفريقيا لتعويض ليبيا ثم المغرب الذي تنازل عن احتضان دورة عام 2015، معللا قراره بتفشي داء إيبولا وهي الحجة التي سقطت وكشفت افتراءات النظام المخزني، بعد تمكن البلدان التي سجلت حالات من هذا الوباء (ليبيريا وسيراليون وغينيا) من احتواء الوضع سريعا، قبل أن تعمد الكاف بعدها إلى تغيير هوية البلد المنظم للنسخة 31، فبعدما أوكلت مرة أخرى إلى ليبيا مهمة جمع نخبة منتخبات القارة، قررت هيئة حياتو بتاريخ 8 أفريل من عام 2015، تغيير البوصلة واختيار الغابون لاستضافة عرس القارة، وهو نفس ما قام به الملغاشي أحمد أحمد، حين قرر بمعية أعضاء مكتبه (نوفمبر 2018)، سحب تنظيم النسخة 32 من الكاميرون، ومنحها لمصر أشهرا قليلة فقط قبل موعد إجرائها، مع إدخال تغييرات على رزنامة الدورات المقبلة، بخوض بطولة 2021، في الكاميرون عوضا عن كوت ديفوار التي أسندت إليها دورة 2023 (تم تغيير موعدها إلى جانفي 2024)، في حين تم «تعويض» غينيا المكلفة بتنظيم ذات الدورة، باستقبال نهائيات النسخة 35، وهو الأمر الذي بقي حبرا على ورق، لأن قرار هيئة موتسيبي المعلن بالجزائر، كان فيصلا لسجال دام قرابة السنة، وانتهى بدفع الغينيين لضريبة الوضع السياسي وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات، التي سبق وأن قطعتها الحكومة مع الهيئة القارية.
ويؤكد قرار الكونفدرالية الإفريقية المتخذ بخصوص تغيير هوية مستضيف نسخة عام 2025، بما لا يدعو للشك، ضرورة مناقشة هذا الملف والبحث عن حلول لمثل هذه «الأزمات» التي تسيء لصورة القارة والاتحاد عموما، المطالب مستقبلا بتجسيد وعود موتسيبي التي قطعها بإسناد «الأمر لأهله» مستقبلا، وتحديد معايير جديدة عند قبول ملفات الترشح، واتخاذ بالمقابل عقوبات في حق الدول التي توقع على دفتر الالتزامات ولا تلتزم بذلك، مثلما حدث عام 2015، لما وضعت المغرب الهيئة القارية في حرج لكن دون أن تلقى جزاء لفعلتها ! .
«التاريخ» فضح حياتو وزمرته
وفي هذا الخصوص، كان للنصر حديث مع الإطار السابق في الهيئة القارية طارق الذيب، حيث عزى هذا الأخير أسباب «التخبط» إلى عدة عوامل، أولها إسناد تنظيم البطولات في وقت سابق لدول لم يكن لديها حتى ملاعب مؤهلة، كمكافأة لهم على دعم مكتب حياتو، مستدلا بما حدث ذات يوم من شهر سبتمبر 2014، عندما تم اختيار 3 دول لتنظيم 3 نسخ متتالية في اجتماع واحد (اجتماع أديس أبابا)، واصفا ما حدث بـ "الاختيار غير الموضوعي".
أما ثاني العوامل حسب المدير السابق لدائرة التكنولوجيا بالكاف، فهو تسرع الهيئة القارية في زيادة أعداد المنتخبات المشاركة إلى 24، مما أضاف أعباء مالية وفنية كبيرة على الدولة المنظمة، كما أن عدد وحجم التجهيزات والملاعب المطلوبة في دفتر الشروط، قد لا يتوفر إلا لعدد قليل من الدول في إفريقيا، مختتما كلامه حول هذه النقطة بالحديث عن عامل أخر مهم، وهو امتناع الهيئة القارية عن مساعدة الدولة المنظمة سواء ماليا أو تنظيميا، حيث قال :»لتتمكن الدولة المعنية من ضمان التنظيم الجيد وجب على الكاف مساعدتها، وهو الأمر الذي يغيب دوما، بل إن الكونفدرالية تستولي على غالبية حصص التسويق والبث ولا تترك فرصا للدولة المنظمة للتسويق الذي يغطي تكاليف البطولة، حتى أن غالبية النسخ الماضية، كبدت الدول المنظمة خسائر مالية، عدا نسختي مصر 2006 وجنوب إفريقيا 2013، التي غطت أرباحها تكاليف التنظيم».
وإجمالا، وبعد نسخة «الكان» الأخيرة المنظمة بالكاميرون، بات واضحا أن البنى التحتية في معظم دول القارة لا يمكنها تنظيم البطولة بمشاركة 24 بلدا، باستثناء دول قليلة على غرار الجزائر ومصر وجنوب إفريقيا، وهي البلدان التي يمكنها أن تستجيب لدفتر الشروط، لتوفر العدد الكافي من الملاعب والفنادق المطارات وشبكة الطرق، وأيضا الخبرة في تنظيم الأحداث الكبيرة.
كريم كريد