لا تزال الأندية الجزائرية على الرغم من مرور أكثر من 14 عاما على دخول عالم الاحتراف، تُعاني من عدم الاستقرار الفني، حيث أضحى تغيير المدربين ممارسة اعتيادية باتت تهدد تطور كرة القدم الجزائرية، وتجسّد آخر فصول هذه الظاهرة في رحيل فؤاد بوعلي عن العارضة الفنية لنجم مقرة، ليصل العدد الإجمالي للمدربين المقالين أو المستقيلين إلى 21 تقنيا، في مؤشر خطير ينذر بمستقبل ضبابي للأندية الجزائرية.
ظاهرة متنامية تهدّد الاستقرار
مع بقاء أكثر من شهرين على نهاية الموسم، تبدو حصيلة تغيير المدربين مرتفعة بشكل غير مسبوق، وسط توقعات بارتفاع العدد أكثر مع استمرار الضغط الجماهيري وسوء النتائج الذي يعجل برحيل أي مدرب لا يحقق تطلعات الإدارة والأنصار، ويعيد هذا الواقع إلى الواجهة الإشكاليات العميقة التي تواجه الكرة الجزائرية، حيث أن الاحتراف يفرض الاستقرار، لكن ما يحدث يناقض ذلك تماما.
إجراءات تنظيمية لم تُحقق المطلوب
على الرغم من أن الاتحادية والرابطة المحترفة حاولتا الحد من الظاهرة من خلال سن قانون يمنع أي مدرب من العمل في أكثر من ناديين، خلال موسم واحد، إلا أن ذلك لم يكن كافيا للحد من التغييرات المتكررة، وحالت هذه القوانين دون التحاق بعض الأسماء بفرق جديدة، كما حدث مع عزيز عباس والشريف حجار، اللذين لم يتمكنا من التوقيع مع نجم مقرة، بسبب استنفادهما للإجازتين المسموح بهما.
المدربون بين مقصلة الإقالات وضغط الجماهير
وتؤكد الإحصائيات أن 18 مدربا أقيلوا بسبب سوء النتائج وضغط الشارع الرياضي، بينما اضطر ثلاثة آخرون إلى تقديم استقالاتهم، بسبب الظروف المحيطة بفرقهم، ومن بين الأسماء التي غادرت العارضة الفنية للأندية نجد عبد الحق بن شيخة (شبيبة القبائل)، إيريك شيل (مولودية وهران)، وعبد القادر عمراني (شباب بلوزداد)، الذين قرروا الرحيل طواعية بسبب الضغوطات.
أما الإقالات، فقد شملت أسماء كل من سي الطاهر شريف الوزاني (شبيبة الساورة) والمرحوم يوسف بوزيدي (مولودية وهران) وكورنتين مارتينز (شباب بلوزداد) وحاتم الميساوي (اتحاد خنشلة) وراضي الجعايدي ( أتلتيك بارادو) وفؤاد بوعلي (مولودية البيض) والشريف حجار ( ترجي مستغانم) ومعز بوعكاز (أولمبيك أقبو ) ومنير زغدود (اتحاد بسكرة ) وباتريس أمير بوميل (مولودية الجزائر) ومنير زغدود (أولمبيك أقبو) ورحو سليمان ( ترجي مستغانم ) وسي طاهر شريف الوزاني ( اتحاد بسكرة) وليامين بوغرارة (نجم مقرة) ورضا بن دريس ( وفاق سطيف ) ونبيل معلول (اتحاد الجزائر) وشريف حجار (اتحاد خنشلة ) وأخيرا فؤاد بوعلي (نجم شباب مقرة).
بالمقابل، نجد بعض المدربين، مثل فؤاد بوعلي وشريف الوزاني ومنير زغدود والشريف حجار، استنفدوا فرصهم، ولن يكون بإمكانهم تدريب أي فريق آخر هذا الموسم.
النادي الرياضي القسنطيني وجمعية الشلف.. استثناء يُثبت القاعدة
ووسط هذا المشهد الفوضوي، برز فريقان فقط تمسكا باستقرار طاقمهما الفني منذ بداية الموسم، وهما النادي الرياضي القسنطيني وجمعية الشلف، فقد رفض مسؤولو الناديين الرضوخ لضغوطات الشارع وفضلوا منح مدربيهما، خير الدين مضوي وسمير زاوي، الفرصة الكاملة لمواصلة العمل، حتى في الفترات الصعبة التي مر بها الفريقان. ومما لا شك فيه، هو أن ظاهرة تغيير المدربين بشكل متكرر تعبر عن غياب رؤية واضحة لدى مسؤولي الأندية الجزائرية، حيث تُدار الأمور بعقلية آنية تعتمد على النتائج السريعة دون استثمار في الاستقرار الفني، ولو أن الاحتراف الحقيقي لا يقتصر على العقود والرخص، بل يشمل التخطيط الاستراتيجي والتمسك بمشروع طويل المدى، وهو ما يجب أن تسعى إليه الأندية إذا أرادت مواكبة كرة القدم الحديثة.
سمير. ك