أسال أمس المنتخب الوطني العرق البارد لمحبيه وتلاعب بأعصابهم على مدار تسعين دقيقة، من خلال جريه وراء النتيجة في ثلاث مناسبات، أمام منتخب إثيوبي هزمه بسباعية وكشف جميع عيوبه قبل ثلاثة أيام في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، ما جعل الجزائريين ومعهم المتتبعين يعتقدون بأن مباراة أمس مجرد "تأدية واجب رد الزيارة"، لتكشف حقيقة الميدان في أديس أبابا أن لكل مباراة خصوصياتها ولاعبيها.
تعادل الخضر أمس ليس مرده قوة المنتخب الإثيوبي الذي "تبهدل" سهرة الجمعة الماضي في تشاكر بسباعية، ولكن لتعنت الناخب الوطني في تطبيق فلسفة أثبتت عدم نجاعتها في الملاعب الإفريقية، على اعتبار أن نقطة أمس جلبها اللاعبون كما كان الحال في لوزوطو وتنزانيا وأديس أبابا، أين عاد الخضر في النتيجة بعد أن كانوا متأخرين أمام منافسين "متواضعين" أساء الناخب الوطني التعامل معهم، في ظروف يبدو أنه لم يتمكن لحد الآن من فك طلاسمها، وإلا كيف نفسر اعتماده أمس على تشكيلة هجومية في مواجهة منتخب جريح، تمكن مبكرا من ربح معركة وسط الميدان، وضاعف من متاعب براهيمي و رفاقه الذين بدوا تائهين فوق المستطيل الأخضر.
نجاة المنتخب الوطني من كمين إثيوبيا في أعقاب تسعين دقيقة من الإثارة والتشويق، سيناريو سبق و أن عاشه الجزائريون رفقة التقني الفرنسي كريستيان غوركوف الذي يضطر مرة أخرى المتتبعين للتساؤل عن جدوى الاعتماد على لاعبين مهاريين لا يمكنهم العطاء فوق ملاعب كالتي تبارى عليها الخضر أمس، فكل من تتبع مجريات لقاء أديس أبابا أدرك منذ الوهلة الأولى أن أرضية ميدان ملعب الاستقلال تفرض على اللاعبين حسن التعامل معها، من خلال اعتماد التسديد من خارج منطقة العمليات، وتفادي المراوغات والمبالغة في الاحتفاظ بالكرة، علاوة على التكتل وغلق المساحات والفراغات لتأمين القواعد الخلفية وربح معركة الوسط مع اعتماد أسلوب المرتدات، ورغم أن "منطق" الكرة يفرض عدم تغيير الفريق الذي يكسب، إلا أن لكل مباراة خصوصياتها و"رجالها"، فمحرز و براهيمي اللذين تعودا على الإمتاع وتقديم المستويات الراقية في الملاعب الأوروبية، أكدا في خرجات الخضر أن اللعب في إفريقيا مختلف تماما، وهو ما فهمه التقني الفرنسي هيرفي رونار الذي نجح في أول اختبار له مع المنتخب المغربي في برايا، أمام منتخب الرأس الأخضر الذي يعد أفضل منتخب إفريقي على لائحة الفيفا، ورغم أن المضيف دخل اللقاء بأفضلية العوامل الكلاسيكية وتسيده المجموعة، إلا أن "رونار" المتوج بلقبين قاريين، عرف كيف يروضه وينتزع منه فوزا في غاية الأهمية، دون أن يعتمد على نجم أسود الأطلس حكيم زياش، وصرح بعد اللقاء، أن زياش لاعب مهاري ذو إمكانيات عالية لكن هذا النوع من المباريات في الأدغال الإفريقية لا يتلاءم مع طريقة لعبه، مشيرا أنه متأكد من كون زياش سيكون حاسما في مباريات قادمة للفريق الوطني .
وعليه فإن غوركوف مطالب بإعادة النظر في الكثير من خياراته، خاصة وأن الخرجة القادمة ستقوده إلى السيشل، أين يحتاج منتخبنا إلى نقطة على الأقل لترسيم تأهله إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2017 بالغابون، علما وأن آخر مقابلتين خارج الديار شهدتا اهتزاز شباك مبولحي في خمس مناسبات، أمام منتخبين هزمناهما بالسبعة في عقر الدار.
نورالدين - ت