سكــان بأعالــي تاكسنـــة يشقـون طرقـات بإمكانيتهـم الخاصـة
تسعى العديد من العائلات عبر إقليم بلدية تاكسنة بأعالي جيجل، إلى تحقيق حلم العودة إلى أراضي الأجداد، و بالرغم من الدعم الموجه لهم من قبل السلطات، إلا أن الرغبة في العودة عاجلا إلى مسقط الرأس، دفعت بسكان مشتة قاع الحوط ، الواقعة أسفل الطريق الولائي رقم 137 أ، بمحاذاة واد جن جن، إلى الإسراع في شق طريق مؤد إلى المنطقة، بإمكانيتهم الخاصة. النصر تنقلت إلى المشتة التي تقع على بعد 15 كلم من وسط مدينة تاكسنة،
و تحديدا بالطريق المؤدي إلى بلدية سلمى بن زيادة، حيث يستغرق الوصول إليها من وسط المدينة قرابة الساعة ، و يستمتع المار عبر الطريق الولائي رقم 137 أ، بجمال الطبيعة الخلاب هناك، لكن الرحلة تحفها مخاطر السير عبر طريق ضيق في عدة نقاط.
لدى وصولنا إلى المنطقة، شرعنا في النزول عبر منحدر صعب للغاية، وسط طريق ترابية، فأخبرنا مرافقنا، بأن الراغبين في العودة قاموا بفتح المسلك بوسائلهم الخاصة، فالطريق بالرغم من تهيئته إلى أنه يظل صعبا . و بعد مرور قرابة 10 دقائق شاهدنا مجموعة من السكان يقومون بتوجيه آلة الحفر، و كذا تهيئة حواف الطريق، كما لاحظنا العديد من السيارات مركونة في فضاء غابي، بسبب صعوبة التنقل بالسيارة.
هناك استقبلنا المواطنون المعروفون بكرمهم ، ببسمات عريضة و الكثير من الترحيب، و بعد أن عرفنا بأنفسنا، شرعوا في سرد الأحداث و الحوادث التي شهدتها المنطقة و التي دفعتهم إلى الإسراع في عملية شق الطريق.
صعوبة المسالك تتسبب في موت ضحايا الحوادث
ذكر عمي عمار بأن أحد أقربائه توفي منذ أيام، جراء تأخر نقله لتلقي الإسعافات بعد سقوطه ، قائلا” لقد توفي ابن عمي منذ يومين، لقد سقط بالمنزل، بعد عودته من جني الزيتون، ما جعل زوجته تحمله على ظهرها لمسافة طويلة بالرغم من وزنه الثقيل، و هي تصرخ بأعلى صوتها طالبة النجدة، الأمر الذي جعلنا نسرع لتقديم يد العون و الاتصال بالحماية المدنية، التي وجدت صعوبة في الوصول إلى المنطقة، لأن المسلك ترابي، و بذلنا جهدا كبيرا في نقله إلى سيارة الإسعاف، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلى العيادة المتعددة الخدمات”.
و ردد الحضور أن صعوبة المسلك، و بعد المسافة عبر الطريق الولائي، ساهما في تعجيل وفاته، كما ذكروا بأن المنطقة شهدت حوادث عديدة، على غرار سقوط نساء و رجال، ما تطلب نقلهم عن طريق السلالم إلى أعلى المنطقة، كما أن صعوبة جني الزيتون، و نقل الغلة لمسافة تقارب 4 كلم على الأقدام، دفعهم إلى اتخاذ قرار فتح الطريق و تسهيل تنقل الحركة.
و أوضح المعنيون بأنهم شرعوا منذ مدة في عملية ترميم منازل أجدادهم و آبائهم، و كلفتهم العملية مبالغ مالية معتبرة، لصعوبة نقل السلع و مواد البناء، مؤكدين بأن الإصرار على العودة، هو العامل الذي ساهم في رفع معنوياتهم. و ذكر أحد الحاضرين بأن المنطقة تعتبر فلاحية بامتياز، لتوفرها على عوامل طبيعية تساعد على الفلاحة العائلية، مشيرا أن جل الموجودين قاموا بزراعة مختلف الخضر و الفواكه، التي تكفيهم طوال السنة.
الريف الجيجلي الذي يعلم الصبر و المثابرة و الكفاح من أجل البقاء، دفع بالعائلات إلى جمع مبالغ مالية صغيرة ، من أجل شق الطريق المؤدي إلى المشتة، أين شرع القاطنون في تهيئة و فتح مسالك ترابية، على مسافة تقارب 4 كلم، وقاموا بتهيئة أجزاء كبيرة بسواعدهم ، و شق جزء من الجبل ، فتجدهم يعملون جميعا يدا واحدة.
الأشغال تنطلق في حدود الساعة السابعة صباحا خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيحج العشرات من أبناء المنطقة إلى مشتة قاع الحوط، بعد الاتفاق هاتفيا حول الموعد ، فتجدهم يعملون بنشاط مثل النحل، يجتمعون، و يتوزعون عبر المسلك الترابي، بعد تقاسم الأعمال، منهم من يتوجه إلى جني الزيتون، و منهم من تجده متجندا لفتح الطريق، و فق نظام متناسق، و يواصل المعنيون عملية فتح الطريق و تهيئة جوانبه، إلى حدود الساعة الخامسة مساءا، قبل آذان المغرب بدقائق.
و قد وجه المعنيون نداء للسلطات الولائية من أجل ربط المنطقة بالكهرباء ، و ذلك بعد أن وجهوا طلبات عديدة من أجل تزويد المنطقة بالطاقة الحيوية، موضحين بأن الأعمدة موجودة منذ سنوات، لكن قام مجهولون بسرقة الكوابل خلال العشرية السوداء، كما يناشدون السلطات تخصيص غلاف مالي لفتح الطريق نحو المشتى.
و قال عمي عمار بأنه يقطن رفقة زوجته بالمنطقة، لكنه يجد صعوبة كبيرة في التأقلم، جراء غياب الطاقة الكهربائية، فيعتمد على المازوت و الحطب، و غاز البوتان من أجل تزويد منزله بالطاقة الضرورية، معربا عن أمنيته بربط المنطقة في القريب العاجل بالطاقة الكهربائية .
كـ. طويل