برَّأ قاضي محكمة الجنايات بمجلس قضاء قسنطينة، أمس، ساحة "ب.ع.رؤوف" 40 عاما، قاتل والدته طعنا،
العام الفارط، بعين سمارة، بعدما أظهرت الخبرة الطبية أنه يعاني من اضطراب نفسي لا يتحمل بموجبه
المسؤولية الجزائية.
القضية التي تطرقت إليها النصر وقت وقوعها، تعود إلى 20 أفريل من سنة 2018، عندما تلقَّت مصالح الحماية المدنية اتصالا بخصوص الضحية "ب.نضيرة" في العقد السادس من العمر، والقاطنة بحي "فلتان"، بالقرب من محطة المسافرين بعين اسمارة، حيث تعرَّضت لقرابة 20 طعنة في أنحاء متفرقة من الجسم، ليتمَّ نقلها على جناح السرعة حوالي الساعة الثالثة والنصف زوالا نحو إحدى العيادات المحليّة، حيث فارقت الحياة رغم محاولات إسعافها، وفتح تحقيق أمني في القضية مباشرة، خُصوصا بعد الاستماع لمقربي المرحومة، وتسليم الجاني لنفسه لمصالح الدَّرك الوطني بالجهة، و يتعلق الأمر بابنها "ب.ع.رؤوف".
وحال الاستماع للمتهم أفاد أنَّه قام بقتل والدته نظرا لوجود قوى خارقة لا ترى بالعين المجرَّدة أمرته بهذا الفعل، مرارا، حيث أكَّد لدى سماعه أمام قاضي جلسة الجنايات سماعه صوتا من السماء، يقول له "أقتل عائلتك"، وخاصّة والدته، ليقوم بإحضار سكين من المطبخ، ويخفاه، ثم انتظر مغادرة خاله الذي نزل ضيفا لديهم بالبيت العائلي بعين سمارة، وتوجَّه إلى أمِّه، وطعنها عدَّة مرات، ولدى سماع صراخها، حاولت شقيقته وأبوه ثنيه بضربه، إلا أنَّه لم يتوقف، وحاول طعنهم أيضا، ثمَّ لاذ بالفرار.
المعني أجاب ردًّا على سؤال القاضي بشأن الدافع وراء قتله أمَّه، بأنَّه لا يعرف، و صرح بأنه نفّذ التعليمات التي أتته من السماء، مبديا ندمه على هذا الفعل، كونه يعاني من اضطرابات نفسية وليس مريضا عقليا، حسبه، إذ يتناول الدواء بانتظام منذ العام 1997، بعدما فشل في الحصول على شهادة البكالوريا، ما أثَّر على نفسيته، مطالبا بالبراءة.
و ظهر خلال المحاكمة، أن الابن الذي بدا نحيفا و أكبر من سنه، يعاني من اختلال في الأفكار، و من صدمة نفسيّة لعدم الحصول على شهادة البكالوريا، والإحساس بالدُّونية والنقص، وبأنَّه عالة على والدته التي أحسنت معاملته، حيث قال أنَّها كانت تسجنه ولا تدعه يخرج ولا يقتني لوازم البيت، وعاش في ظلِّ العبودية معها، وهو ما يتناقض مع شهادات أقربائه، الذين غابوا أمس، وكذا مع البحث الاجتماعي الذي أشار لهدوئه وممارسته الصلاة في المسجد، وعمله عون أمن في المدرسة والمكتبة.
كما أشارت خبرة عقلية معدٌّة بخصوص "ب.ع. رؤوف" إلى إصابته بالشرود وعدم التمييز، خصوصا بعدما سافر مرارا لمفرده دون أن يعلِم أهله، كما أن آخر حادثة أثارت الانتباه كانت اقتحامه لمهبط الطائرات بمطار هواري بومدين الدولي و توقيف هناك، و هو ما برره حينها بمحاولته السفر إلى السعودية.
النائب العام طالب في مرافعته تطبيق القانون، في الأصل، واحتياطيا إعادة إجراء الخبرة العقلية للنظر في مدى تحمُّل الجاني للمسؤولية الجزائية عن أفعاله، وكانت طلبات دفاعه مختصرة في الإقرار بإدانته ولكن عدم عقابه بعقوبة سالبة لحرية، وإنَّما توجيهه نحو مستشفى الأمراض العقلية ومراقبته.
فاتح/ خ