مازال سكان مشاتي أولاد شيحة الواقعة غربي بلدية نشماية بقالمة، يواجهون المعاناة و ظروف الحياة القاسية، في واحدة من أصعب الأقاليم الجبلية بالمنطقة، حيث تعيش المئات من العائلات التي قاومت الطبيعة و الأوضاع الأمنية المتردية منتصف التسعينات و فضلت الصمود فوق الأرض تنتظر التفاتة من المسؤولين المتعاقبين على الولاية و بلدية نشماية، لتحسين الوضع المعيشي بأولاد شيحة و تمكين السكان من أسباب الحياة الكريمة.
و قال سكان مشاتي أولاد شيحة للنصر، بأن العزلة و نقص مياه الشرب، يعدان من أكبر المشاكل المطروحة بالمنطقة منذ عدة سنوات و هو ما وقفنا عليه مؤخرا عندما زرنا أولاد شيحة، حيث البناءات الريفية المترامية عند سفح الجبل الكبير و على امتداد الطريق البلدي المعبد بين نشماية و القرية السياحية حمام أولاد علي على مسافة تتجاوز 10 كلم و يعد هذا الطريق شريان الحياة الاقتصادية و الاجتماعية بأولاد شيحة و عندما تخرج منه تبدأ المعاناة عبر مسالك ترابية موحلة و ممرات صخرية تتطلب إمكانات كبيرة لفتحها و تهيئتها لربط المساكن المعزولة بالطريق المعبد.
و مقارنة بسنوات التسعينيات، فإن الحياة بهذه المشاتي النائية، قد تحسنت بعد وصول خطوط الإمداد بالطاقة الكهربائية و وحدات البناء الريفي و برامج التنمية الريفية التي تشرف عليها قطاعات الفلاحة و الغابات و الشؤون الاجتماعية، لكن تبقى العزلة و نقص مياه الشرب، بمثابة التحدي الأكبر الذي يعيق جهود التطوير و تحسين ظروف المعيشة لأهالي أولاد شيحة، الذين يتطلعون إلى برنامج مناطق الظل الذي أطقته الحكومة للقضاء على معاناة سكان الريف الجزائري، الذي يعول عليه كثيرا لدعم جهود بناء الاقتصاد المستديم و تشجيع العودة إلى الأقاليم الريفية المهجورة و تخفيف الضغط عن المدن الكبرى التي تضررت كثيرا من موجات النزوح الكبرى لسكان الأقاليم الريفية على مدى سنوات طويلة.
هنا تتوقف السيارات بعيدا عن منازل إحدى مشاتي أولاد شيحة بقالمة/صورة النصر يوم 20 نوفمبر 2020
و طالب سكان أولاد شيحة بفتح مسالك باتجاه المنازل الريفية المعزولة و بناء خزانات مياه قادرة على تلبية حاجيات السكان الذين مازالوا يعتمدون على المنابع البعيدة للحصول على مياه الشرب، مؤكدين على أن معاناتهم تتفاقم أكثر في الصيف عندما تقل مياه المنابع و في الشتاء عندما تحدث أزمة أسطوانات الغاز، توحل المسالك الترابية و تقطع حركة السيارات باتجاه تلك الربوع المترامية الأطراف.
و قال نبيل مراح نائب رئيس بلدية نشماية للنصر، بأن مشاتي أولاد شيحة مسجلة ضمن نظام جديد يعتمد على بطارية من 6 قارورات غاز البوتان ذات الحجم الكبير لكل منزل، حيث يتم تشغيل 3 قارورات و عندما تنفذ توضع القارورات الاحتياطية، في حين تقوم شركة نفطال بتعبئة البطارية الفارغة حتى تضمن التموين الدائم بهذه المادة الحيوية.
أما بخصوص أزمة العطش، فقال نائب رئيس بلدية نشماية، بأنه سيتم بناء خزان بمنطقة أولاد شيحة و ربط السكان بشبكة توزيع تنهي المعاناة الطويلة مع مياه الشرب، مضيفا بأن برنامجا لفك العزلة عن المنازل البعيدة عن الطريق البلدي المعبد سيجل قريبا و أن مشروع بناء شبكة للصرف الصحي سينطلق قريبا رغم صعوبة المهمة، لأن بعض سكنات أولاد شيحة متباعدة عن بعضها البعض.
و تعتزم بلدية نشماية، منح المزيد من إعانات البناء الريفي لمشاتي أولاد شيحة رغم ضعف الحصة السنوية و كان آخر برنامج للبناء الريفي لا يتجاوز 40 وحدة سكنية، في حين وصل الطلب إلى نحو 1700 مواطن يطالبون بهذا النوع من السكن الملائم للطبيعة الريفية للمنطقة.
فريد.غ