ووريت، أمس، جثامين أم و بناتها الأربع الثرى بمقبرة العين البيضاء بوهران، بعد وفاتهن اختناقا بغاز أحادي الكربون داخل مسكنهن و قد حضر الجنازة جمع غفير من المواطنين جاؤوا لمواساة الزوج و أب الضحايا. و تعد هذه أول حادثة لتسرب الغاز منذ بداية السنة الجارية 2021 بوهران.
حيث تفاجأ سكان العين البيضاء، مساء السبت المنصرم، بانتشار خبر اختناق سيدة و بناتها في حي 200 مسكن اجتماعي و توافد الكثير منهم لعين المكان أين صدموا بصحة الخبر، فيما سارع آخرون لنشر معلومات عن الحادثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
« انتظرت عودة زوجتي من زيارة مريض، فأخذت بناتي ورحلن»
لم يستطع رب العائلة «حبيب» أن يتمالك نفسه حتى و هو جالس فوق كرسي يتلقى التعازي في ساحة الحي و لكنه استجمع قواه و تحدث معنا عن اكتشافه للفاجعة و صدمته لفقدان أفراد أسرته، قال بأنه و حوالي السادسة و15 د مساء بدأ يتصل بزوجته كي يعود معها رفقة بناتهما الأربع للمنزل بعد انتهاء عمله كسائق طاكسي و كان من المفروض أن الزوجة ذهبت مع بناتها لمنطقة عين الترك لتزور زوج أختها الذي كان وضعه الصحي مقلقا و كان مقبلا على عملية جراحية، مضيفا بأنه وضع عدة احتمالات عندما لم ترد زوجته على اتصالاته التي لم تتوقف لمدة قاربت ساعة من الزمن، فما كان عليه سوى العودة لبيته و بمجرد أن فتح الباب صدم بزوجته و بناته ملقيات أرضا و فاقدات للوعي، فبدأ يصرخ و يستنجد بالجيران، ثم أخذ قارورة عطر و بدأ في رش زوجته و بناته بها ظنا منه أنهن أحياء و أغمي عليهن فقط و لكن لم تستفق ولا واحدة منهن، مما جعل صدمته أقوى لدرجة أنه لم ينتبه إلى أن ابنته الصغرى البالغة 3 سنوات، لازالت تتنفس و لم يتوقف تنفسها إلا في الطريق إلى المستشفى.
«تسرب الغاز كان من مدفأة تعمل بغاز البوتان»
و أوضحت بعض الجارات، بأن الأم كانت تستحم رفقة بناتها في غرفة المطبخ، لأن حمام الشقة كان قيد الإصلاح و لجأت الأم لتسخين الماء في جهاز الطبخ، بعد أن أغلقت كل المنافذ خوفا أن تصاب بناتها بنزلات برد و لهذا السبب أيضا كانت تلجأ لإحدى الغرف لارتداء الملابس أمام مدفأة تعمل بقارورة غاز البوتان و من هنا كان يتسرب «القاتل الصامت» أحادي أكسيد الكربون و يصيب الضحايا الواحدة تلوى الأخرى، لدرجة أن الزوج عندما فتح باب شقته، وجد حنفية الماء مفتوحة و أواني تسخين الماء مازالت فوق النار و البخار كثيف جدا في المنزل و قالت إحدى الجارات، بأنها انتبهت لهذا الأمر فلجأت لغلق صنبور الغاز و الماء و قارورة البوتان التي كانت متصلة بالمدفأة.
كما قالت إحداهن، بأنها عندما دخلت بيت جارتها الذي كان بابه مفتوحا، وجدتها ملقاة أرضا في إحدى الغرف رفقة بناتها الثلاثة، بينما كانت الرابعة في غرفة أخرى و قالت لنا جارة أخرى «لقد أسرعنا و تفقدنا هن و لكن كن قد فارقن الحياة، كانت شرايينهن تكاد تنفجر و أجسامهن صلبة و جامدة، ما عدا الطفلة الصغيرة التي كانت تتنفس».
النقيب بلالة عبد القادر من الحماية المدنية
الأخطار تُصيب الجهازين التنفسي و العصبي حتى لدى الناجين
من جهته، أوضح النقيب بلالة عبد القادر المكلف بالإعلام بالمديرية الولائية للحماية المدنية بوهران، أن خطر أحادي أكسيد الكربون ليس فقط في أنه قاتل، بل حتى و إن تم إنقاذ المصابين و إسترجاعهم لحياتهم بشكل عادي، فإن أعراضه تبقى بالجسم و قد تسبب عدة مشاكل صحية، سواء على مستوى الرئتين و الجهاز التنفسي، أو الدماغ أو الجهاز العصبي، كما أن الشخص الذي يفتح باب الغرفة التي فيها ضحايا غاز الكربون دون أن يضع جهازا واقيا أو يغلق أنفه، سيصاب إما بأعراض متوسطة أو طويلة المدى، أو ممكن أن يتوفى إذا استنشق كمية كبيرة من هذا «القاتل الصامت»، الذي يكون محتبسا في الغرفة أو الشقة أو مكان الحادث.
وأضاف محدثنا، بأنه تم إنقاذ 18 شخصا من موت محقق إثر استنشاقهم لغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من سخانات المياه أو من أجهزة التدفئة، كما تم تسجيل 5 وفيات و الحادثة تتعلق بالضحايا «الأم و بناتها» و ذلك منذ جانفي الفارط.
بن ودان خيرة