قال مدير ديوان الترقية و التسيير العقاري لولاية قالمة، بأنه من غير الممكن توزيع السكنات الاجتماعية المنتهية بالمدينة الجديدة عبد الحميد مهري، الواقعة في منطقة جبل العنصل بوادي الزناتي، مؤكدا في شروحات قدمها لوالي الولاية خلال زيارته إلى القطب العمراني الجديد، أول أمس الاثنين، على أن تعثر مشاريع الربط بالشبكات الحيوية و التهيئة الخارجية، يحول دون إطلاق عملية الإسكان لمئات العائلات التي تعاني أزمة سكن خانقة بمدينة وادي الزناتي، ثاني كبرى مدن ولاية قالمة.
و بدا والي الولاية منزعجا للغاية و هو يستمع لسيل من الشروحات التقنية المقدمة من عدة قطاعات و هيئات معنية بمشروع بناء النواة الأولى لمدينة المستقبل التي تتسع لنحو 30 ألف نسمة، عندما تكتمل و تتجاوز العقبات التقنية و الإدارية التي واجهتها منذ البداية، عندما انطلق مشروع بناء 820 وحدة سكنية اجتماعية و نحو 600 وحدة سكنية للبيع بالإيجار.
و تناوبت مكاتب الدراسات و مديريات الموارد المائية و الكهرباء و الغاز و التعمير و الهندسة و التجهيزات العمومية و ديوان الترقية العقاري، على تقديم كم هائل من المبررات و المعطيات الميدانية التي حالت دون ربط المدينة الجديدة بشبكات المياه و الكهرباء و الغاز و الصرف الصحي و بناء الشوارع و الساحات العامة و مرافق الخدمات.
و قال ذكر ممثل شركة الكهرباء و الغاز، أن قنوات الغاز و خطوط الإمداد بالكهرباء قد وصلت إلى المدينة الجديدة، لكن الشبكة الداخلية لم تنجز، مطالبا بمزيد من الأموال لإنهاء المشروع، مؤكدا على أن تكلفة ربط الأحياء السكنية المنتهية و الجاري بها العمل في المدينة الجديدة عبد الحميد مهري بالكهرباء و الغاز، تقدر بنحو 23 مليار سنتيم، لكن الشركة لم تحصل إلا على 50 بالمائة من هذا الغلاف المالي و هي تنتظر مزيدا من الأموال لإنهاء مشروع الربط المتوقف. و مازالت الشركات المكلفة ببناء الطرقات و الأرصفة هي الأخرى متوقفة، تنتظر تمرير أنابيب الغاز و كوابل الكهرباء و لم يتم تحديد موعد لتسديد مستحقات شركة الكهرباء و الغاز و إزالة العقبات الميدانية التي حالت دون تحقيق حلم السكان، الذين التفوا حول والي الولاية وسط مدينة وادي الزناتي، للمطالبة بالترحيل و إنهاء أزمة سكن خانقة بالمدينة التاريخية العريقة.
و بدت العمارات الجميلة مكتملة تحت سفح جبل العنصل، لكنها مازالت موحشة تنتظر قدوم المرحلين من أحياء الصفيح و المستودعات و البيوت التي ضاقت بأهلها و لن يكون بمقدور هؤلاء المحرومين من السكن دخول مساكنهم الجديد قبل نهاية 2021 و ربما قد تمضي أشهرا أخرى من العام القادم دون تحقيق هذا الحلم.
مشروع المياه و إجراءات فسخ الصفقات قد تعقد الوضع
مشاكل مدينة عبد الحميد مهري بجبل العنصل ليست الكهرباء و الغاز و الطر قات و الساحات العامة و مرافق الخدمات فقط، فهناك أيضا مشكل جلب مياه الشرب، حيث مازال مشروع بناء الخزانات و مد القنوات يراوح مكانه، فقد استهلكت إحدى المقاولات الخاصة 99 بالمائة من المجال الزمني المحدد لبناء حوض بجبل العنصل، بقدرة 5 آلاف متر مكعب من مياه الشرب، لكن الأشغال لم تتجاوز 35 بالمائة و قد حاول المقاول تقديم مبررات مقنعة للنجاة من عقوبة الفسخ و ما يترتب عنها من تبعات مالية و إدارية، مؤكدا على أن موقع المشروع كان معزولا و أنه اضطر لفتح مسلك وسط مستثمرة فلاحية فردية لتمرير الآليات و إيصال مواد البناء، مضيفا بأن الظروف المناخية أيضا قد حالت دون تقدم العمل.
و بدا والي الولاية غير مقتنع بهذه المبررات و أصر على تقديم آخر إعذار للمقاولة في غضون الساعات القليلة القادمة، قبل مباشرة إجراءات الفسخ و البحث عن مقاولة أخرى، مما يعني مزيدا من الوقت لبناء أكبر حوض لاستقبال مياه الشرب عبر محطات ضخ و قنوات جر يجري العمل بها على طول المسار بين جبل العنصل و مدينة وادي الزناتي و تعرف هذه المحطات أيضا بعض التأخر، لكن العمل بها يحرز مزيدا من التقدم.
تغييرات هندسية تعيد نظام الصرف إلى نقطة الصفر
مشكل آخر يواجه مشروع بناء المدينة الجديدة عبد الحميد مهري، هو إنجاز نظام الصرف الصحي من جبل العنصل إلى مدينة وادي الزناتي، حيث صرحت إحدى المهندسات العاملة هناك، بأن الوضع الهندسي و الطبوغرافي للعمارات السكنية، قد تغير بأحياء عدل و أحياء السكن الاجتماعي و أصبحت كل الدراسات السابقة بدون جدوى، مؤكدة على أن شركة الإنجاز متوقفة منذ 2019، في انتظار إنجاز دراسة هندسية جديدة تتلاءم مع الوضع الطبوغرافي الجديد للمدينة.
و مازالت بعض مرافق الخدمات الحيوية مثل الصحة و التعليم و الأمن في مرحلة الدراسة، بعد أن تم تحويلها من ديوان الترقية و التسيير العقاري إلى مديرية التجهيزات العمومية منذ أشهر قليلة و يتوقع أن تستغرق عملية تعيين مكاتب الدراسات و بعدها شركات الإنجاز ثم عملية البناء، وقتا طويلا قد يمتد إلى نهاية 2022. و أمام هذا السيل المتدفق من الشروحات و المبررات و العقبات التقنية الميدانية، بدا حلم المدينة الجديدة عبد الحميد مهري مؤجلا إلى ما بعد 2021 و ربما إلى نهاية العام القادم، في مشهد يختصر الوضع المتردي الذي تعيشه ولاية قالمة في مجال السكن و الإعمار منذ عدة سنوات.
فريد.غ