لجأت السلطات الولائية ببرج بوعريريج، إلى حتمية رفع التجميد عن رخص حفر الآبار والأنقاب المائية الموجهة إلى الاستغلال في النشاطات الفلاحية والزراعية، لإنقاذ الموسم من شبح الجفاف، في ظل تضرر عشرات الهكتارات من الأراضي المزروعة بالحبوب وتحولها إلى مراع، ناهيك عن الصعوبات التي يواجهها المزارعون في توفير المياه لقطعان الأبقار والمواشي ومستودعات تربية الدواجن.
وأكد مدير المصالح الفلاحية بولاية برج بوعريريج للنصر، اعتماد مخطط مستعجل لمنح تراخيص جديدة لحفر الآبار والانقاب، بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية، كحل حتمي لإنقاذ الموسم الفلاحي، مشيرا إلى منح ما يزيد عن 900 رخصة في المجمل، بعد رفع التجميد منذ مدة تقارب العامين، بالإضافة إلى دق ناقوس الخطر من التبعية المناخية لقطاع الفلاحة، والتركيز على المديين المتوسط والبعيد على تجسيد الرؤية والمقاربة الوطنية المعتمدة من قبل رئيس الجمهورية، لتطوير القطاع وإبعاده عن كابوس الجفاف المدمر للأراضي الزراعية، من خلال مشاريع التحويلات الكبرى وتحلية مياه البحر الموجهة للمناطق الداخلية التي تعاني من موجة الجفاف ونقص الموارد المائية، أين أصبحت تواجه صعوبات في توفير المياه للمواطنين.
وأمام هذه الوضعية، تعاني الولاية من نقص كبير في مساحة الأراضي المسقية، إذ لا تتعدى الألفي هكتار بالنسبة لزراعة الحبوب، ما جعل أغلب الفلاحين والمزارعين يعتمدون على التبعية المناخية، الأمر الذي انعكس بالسلب على كميات الانتاج، خصوصا خلال الموسم الفلاحي الجاري الذي شهد شحا كبيرا في التساقط خلال فترة نمو المحاصيل من شهر مارس إلى غاية أفريل، ما تسبب في تضرر أغلب المساحات المزروعة بالحبوب، بما في ذلك حقول القمح والشعير، وتوقع تسجيل انخفاض غير مسبوق في المنتوج خلال موسم الحصاد والدرس.
ويشتكي أغلب الفلاحين، على غرار صاحب المستثمرة النموذجية ببلدية الحمادية، الذي كان لنا لقاء معه على هامش يوم دراسي حول أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الفلاحة بجامعة محمد البشير الابراهيمي، من النقص المسجل في مساحة الأراضي المسقية، منبها إلى وجود عجز في موارد المياه، مؤكدا وجوب عدم التعويل على المياه الجوفية التي تعرف هي الأخرى تضاؤلا في منسوبها، حيث لم تعد الآبار تكفي لتغطية احتياجات مستودعات تربية المواشي والأبقار والدواجن، وأصبحت استعمالاتها جد محدودة في النشاط الزراعي.
كما أشار بعض الفلاحين إلى أن كابوس الجفاف أصبح يهدد نشاطاتهم الفلاحية، في ظل تضاؤل منتوجهم، وعدم جدوى اللجوء إلى المياه الجوفية، في ظل اصطدام الكثير منهم بغور مياه الآبار، وعدم الجدوى من حفرها رغم حصولهم على التراخيص بسبب جفافها، حيث منهم من قام بحفر أنقاب تتجاوز 150 مترا دون الوصول لمنبع، كما جفت لدى البعض الأخر الآبار والأنقاب القديمة، ما يتطلب استئناف أشغال الحفر والتنقيب على عمق يزيد عن 300 متر.
وقال الفلاحون إن هذا الأمر يتطلب زيادة في التكاليف واستثمارات قد تكون غير مجدية في ظل تواصل موجة الجفاف، وغياب سياسة واضحة في قطاع الفلاحة، وتخطيط برامج عمل واستراتيجية مبنية على استغلال مياه الأودية والمجمعات والأحواض المائية ومحطات معالجة المياه في عملية السقي، في وقت يبقى الاعتماد في العموم على ما تدره السماء من مياه لإنجاح الموسم الفلاحي، رغم توفر الولاية على مؤهلات كبيرة في المجال الزراعي من أراض خصبة ومجمعات مائية غير مستغلة، و 6 حواجز مائية للسقي أغلبها غير مستغل، بمناطق لشبور تكستار، تيقودين، موقري، الحمادية و وادي الشعير بسيدي أمبارك، في حين كانت تستعمل مياهها قبل سنوات في سقي مساحة قدرها 800 هكتار.
ويُضاف إلى ذلك محطات لتصفية ومعالجة المياه المستعملة التي أنجزت بهدف الرفع من مساحة الأراضي المسقية واستغلالها في النشاط الفلاحي، غير أنها لا تزال غير مستغلة، على غرار محطة التصفية بالبرج التي من المفروض أن توفر كميات من المياه تكفي لسقي مساحة 150 هكتارا من الأراضي الزراعية، فضلا عن أخرى متواجدة ببلدية عين تاغروت ومحطة معالجة المياه المستعملة بعين تسيرة.
وبخصوص هذه المحطات والمجمعات المائية التي تبقى مهملة، أكد مدير المصالح الفلاحية، على التنسيق مع مديرية الموارد المائية، لإنهاء العوائق التي تحول دون استغلالها، في حين أشار إلى أن أغلب أحواض السقي والمجمعات المائية أنجزت من قبل محافظة تطوير السهوب، وبقيت مهجورة لسنوات بسبب غياب أشغال الصيانة وتنقيتها من الأوحال، ناهيك عن جفافها هي الأخرى في ظل نقص معدلات التساقط الفصلية، بما في ذلك خلال فترة الشتاء.
ع/بوعبدالله