الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

مجاز عمار بقالمة: مدينـــة لا تنـــام عنــد ملتقـــى النهرين

قبل سنوات مضت، لم يكن سكان مدينة مجاز عمار، البلدة الصغيرة الواقعة عند ملتقى النهرين، بوحمدان و الشارف مكونان سيبوس الكبير غربي قالمة، يدركون أهمية الطريق الوطني 20 العابر للمدينة كأحد مقومات الاقتصاد المحلي و مصدر معيشة للسكان الذين عمروا المنطقة منذ عقود طويلة، قادمين من مناطق بعيدة للعمل بمزارع الزيتون و القمح، فلم تكن هناك محال تجارية و مرافق تقدم الخدمات للمسافرين عبر أحد أهم الطرقات الوطنية بشرق البلاد، لكن الوضع تغيّر اليوم و صارت مجاز عمار مدينة لا تنام على مدار العام، و تزداد بهجة و نشاطا كلما حل فصل الصيف و زادت حركة السير كثافة على الوطني 20 الذي صار مصدر عيش للمدن و القرى التي يعبرها من بوشقوف شرقا إلى عين رقادة بأقصى الغرب.

في مجاز عمار كما في عين تاحميمين على الوطني 16، تستريح قوافل المسافرين و التجار أكثر من أي مكان آخر بقالمة، هنا خدمات الهاتف و المخابز و المقاهى و المطاعم و الصيدليات و المسجد و المياه و ساحة واسعة تتسع للجميع، هنا حيث لا يتوقف الناس عن العمل ليلا و نهارا لخدمة زوار المدينة الذين يضطرون للتوقف بعد مسيرة طويلة قد تمتد مئات الأميال انطلاق من الولايات الصناعية الساحلية الواقعة شمالا كعنابة و سكيكدة، و مناطق التبادل الواقعة جنوبا كقسنطينة و أم البواقي و غيرها من الولايات الداخلية الأخرى التي يستعمل سكانها الطريق الوطني 20 لنقل السلع و السياح المتوجهين الى موانئ شواطئ عنابة و الطارف و سكيكدة.

 

شواء و شاي ومثلجات حتى مطلع الفجر
قبل حلول ساعات الليل يبدأ نور الدين و الآخرين من أصحاب المطاعم و المقاهي و المثلجات في الاستعداد لاستقبال الزوار الذين سيحلون بالساحة الكبرى بعد شمس المغيب، عمل لا يتوقف لإعداد الشواء و ما لذ و طاب من الأطباق و المثلجات و العصائر و المياه المعدنية المنعشة.

يقول صاحب مقهى و مطعم بالساحة الكبرى لمدينة مجاز عمار "نحن نعمل بلا توقف، و على مدار الساعة، لكل فريق توقيت محدد في الليل و النهار، يجب أن لا تنقطع الخدمات المقدمة للزوار، و كلما حل الصيف تنتعش المدينة أكثر و تزدهر التجارة، تأتينا قوافل السياح و التجار لتستريح هنا آمنة مطمئنة، منهم من ينام قبل مواصلة السير و منهم من يتناول ما أراد من المأكولات و المشروبات ثم يغادر نحو مقصده قبل أن تدركه زحمة و السير و شمس الصيف الحارة".
من البحر إلى مجاز عمار
كل مساء و قبل حلول الظلام تمتلئ ساحة مجاز عمار بحافلات الطيوطا اليابانية قادمة من البحر لتأخذ استراحة قصيرة قبل مواصلة المسير باتجاه الولايات الواقعة جنوب قالمة، و يترجل جمع غفير من الناس لتناول وجبات سريعة و أكواب من القهوة و الشاي، و المثلجات و المياه المعدنية، و تزدحم المحال التجارية و تبلغ ذروة نشاطها كما كل أيام موسم الاصطياف.
و يغتنم أصحاب الحافلات فرصة التوقف بمجاز عمار لمراقبة مركباتهم استعدادا للرحلة الطويلة التي تنتهي في ساعة متأخرة من الليل، لكنها ستكون رحلة ممتعة تحت ضوء القمر و نسيم الليل المنعش.
من البحر إلى مجاز عمار، مسيرة الأربعين ميلا المليئة بالمتاعب وسط زحمة السير و حرارة الأمسيات الصيفية التي تبدأ في الارتفاع كلما ابتعدت قوافل السياح عن شواطئ عنابة و الطارف و سكيكدة، قبل الوصول الى مجاز عمار للاستراحة ثم مواصلة رحلة العودة إلى الديار.
و تزدحم حركة السير وسط البلدة الصغيرة مع شمس المغيب عندما تصل القوافل القادمة من البحر لتأتي على ما تبقى من أكل و مشروبات و مياه معدنية و مثلجات، قبل أن تطلب المحال التجارية المزيد من الإمدادات الغذائية لمواصلة النشاط بفرق المناوبة الليلية التي تواصل عملها حتى ساعات الصباح.
و عندما يترجل الأطفال بلباس البحر تسود الفوضى و يكثر الزحام و كأنك ببلدة ساحلية، حتى أن بعض التجار هنا صاروا يبيعون معدات السباحة للقوافل التي تتوقف هنا في ساعة مبكرة من الصباح لتناول وجبة الإفطار.
قوافل التبن .. زوار الليل و النهار

يعد الطريق الوطني 20 ممرا رئيسيا لقوافل التبن التي لا تنقطع طيلة الصيف، و لن تجد أمامها أحسن من مجاز عمار للاستراحة و مراقبة الحمولة قبل صعود مرتفعات سلاوة عنونة و رأس العقبة، باتجاه الأسواق الداخلية التي تستقبل هذه القوافل طيلة موسم الحصاد.
في مجاز عمار تترجل قوافل التبن للأكل و الشرب و إبرام صفقات جديدة مع المزارعين الذين يقصدون مجاز عمار بحثا عن تجار يشترون حزم التبن و الكلأ المكدسة بالحقول الزراعية عرضة لمخاطر الحريق و التقلبات المناخية.
و تعد هذه القوافل التجارية مصدر دخل للمحال التجارية بمجاز عمار، من مخابز و مطاعم و مقاهي و صيدليات و ورشات إصلاح العجلات و بيع قطع الغيار، و كلما حل الصيف تمتلئ الساحة المركزية بشاحنات التبن التي تقضي بعض الوقت بمجاز عمار قبل مواصلة الرحلة الشاقة نحو الأسواق الداخلية، و يتحول المكان إلى فضاء يجمع بين التجارة و الزراعة و السياحة و ليالي السمر التي لا تنقطع حتى مطلع الفجر.
يقول أحد تجار مجاز عمار بأنه عندما تنام المدن و القرى المجاورة يأتي الناس إلى مجاز عمار للسمر و تناول الشواء و المثلجات و شرب القهوة و الشاي.
و الرجل على حق فحتى مدينة حمام دباغ السياحة التي تقع على بعد 3 أميال غالبا ما يغشاها الليل سريعا و يدخل أهلها في سبات عندما يغادر هواة السمر بعد منتصف الليل، و تغلق المطاعم و المقاهي أبوابها فاسحة المجال للبلدة الصغيرة مجاز عمار لترعى قوافل السياح و التجارة على مدار الساعة و في الشتاء و الصيف.
الطريق الاجتنابي الجديد لن يؤثر على صيفيات مجاز عمار
يعتقد سكان و تجار مدينة مجاز عمار بأن الطريق الاجتنابي الذي يجري انجازه لنقل الحركة خارج المدينة و القضاء على زحمة السير، لن يكون له الأثر الكبير على النشاط التجاري، و يرون بأن قوافل السياح و التجار ستبقى تمر على مجاز عمار عبر الطريق الوطني القديم الأقصر مسافة و الأكثر أمانا خلال ساعات الليل، مؤكدين بأن المقطع الاجتنابي يمر بمنطقة جبلية لا تتوفر على الخدمات التي يحتاجها المسافرون، كالمطاعم و المقاهي و ورشات إصلاح العجلات و الصيدليات، و خدمات الهاتف.
و ينظر تجار مجاز عمار إلى مشروع الطريق الاجتنابي بنوع من القلق لكنهم يبدون أكثر عزما على تطوير الخدمات و خفض الأسعار و توفير كل أسباب الراحة للزوار حتى يقصدوا الساحة الكبرى كلما دعتهم الحاجة الى الاستراحة من المسار الطويل عند ملتقى النهرين، الموقع التاريخي الذي شهد واحدة من أكبر معارك التصدي لقوات الاحتلال الفرنسي الزاحفة نحو قسنطينة عندما حاول أحمد باي إعاقة طلائع القوات الفرنسية عند ملتقى النهرين بمجاز عمار سنة 1837.
فريد.غ

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com